التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حديث حول الجمال المفقود


جمال الهمالي اللافي

أتذكر الجملة الوحيدة التي احتفظت بها للأستاذ فؤاد الكعبازي (رحمه الله) خلال فترة عملنا بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس، حيث قال: "إن الإنسان عندما يتآلف مع القبح نتيجة المعايشة اليومية، يصبح في عينه جميلاً".

لهذا السبب تداوم وسائل الإعلام المختلفة، خاصةً تلك المسيسة، على تكرار العديد من المشاهد القبيحة التي تمجها النفس وتنفر منها العين، بسبب شناعتها ووضاعتها وشذوذها. الهدف من هذا التكرار هو أن تتعود عليها العيون وتتآلف معها النفوس، فيصبح بعدها المرفوض مقبولاً والممجوج مستساغاً والمستقبح بهاءً والمنكر حسناً.

التوثيق والدراسات

تدعم الأبحاث هذا الطرح، فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، بركلي، أن الإعلانات التي تظهر في وسائل الإعلام تؤثر بشكل كبير على تصورات الأفراد حول الجمال والقبح. وأظهرت دراسة أخرى من جامعة ستانفورد أن الأفراد الذين يستمتعون بمشاهدة الأفلام والمسلسلات التي تتضمن مواضيع جمالية وقبحية يظهرون تأثيرات ملحوظة في تصوراتهم حول الجمال والقبح. كما بينت دراسة أجرتها جامعة أوكسفورد أن الإعلانات التي تعرض في وسائل الإعلام تسهم بشكل كبير في تشكيل تصورات الأفراد حول الجمال والقبح.

ومع مرور الأيام والمداومة على المشاهدة، تتحول النفوس والعقول إلى حالة التماهي مع هذا القبح، لدرجة أنه يبدو في عيونهم كحق ضائع انتصفت له العدالة من ظالميه، وجمالاً كان محتجباً عن الأنظار فكشفت عنه الأستار لناظريه.

السؤال الأساسي

والسؤال الذي يطرح نفسه علينا بإلحاح: لماذا تتفق كل وسائل الإعلام في أخبارها، ومؤسسات التعليم في مناهجها، ودور الثقافة في مناشطها على الترويج للقبح وترسيخه في نفوس المتلقين؟

 في النهاية، يجب أن نتساءل عن دورنا كأفراد في مواجهة هذا التغيير السلبي في تصورات الجمال والقبح. هل نختار أن نكون مجرد متلقين للمحتوى الذي يُعرض علينا، أم نختار أن نكون ناقدين ومدركين لتأثيره علينا؟

قد يكون الوقت قد حان لإعادة تقييم ما نراه ونقبله كجميل أو قبيح، واستعادة المعايير التي تعكس القيم الحقيقية لجمال الحياة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...