التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بين المظاهر والواقع: طرابلس كمرآة لمدننا وأحلامنا

 

صورة لأحد شوارع مدينة طرابلس في يوم ماطر

جمال الهمالي اللافي

الدخول في التفاصيل يكشف لنا ما خفي من الأشياء التي تبدو لنا من بعيد رائعة وجميلة. المناظر العامة لمدينة طرابلس التي يلتقطها المصورون المبدعون، علمتني أن لا أنخدع وانبهر بمظاهر الأشياء. فهذه مدينة أعلم جيداً كم هي بائسة ومثقلة بالقبح المعماري لمبانيها وفوضى العمران وتهالك البنية التحتية وتدني الخدمات والمرافق في كل تفاصيلها، ومع ذلك تظهر جميلة جداً في تلك الصور. فما بالكم بمدن وأشخاص وأشياء لا نعلم عنها شيئاً غير ما نراه في الصور الفوتوغرافية لمصورين يحترفون انتقاء الزوايا الجميلة."

صورة لآحد مناطق العاصمة في يوم ماطر

وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى ظاهرة مشابهة تُعرف بـ "متلازمة باريس[1]". تصيب هذه الحالة غالب السياح اليابانيين الذين يزورون باريس، حيث يشعرون بصدمة نفسية وخيبة أمل كبيرة عندما يجدون أن المدينة تختلف كثيراً عن الصورة الرومانسية المثالية التي كانوا يحملونها عنها. يشمل الواقع ازدحام الشوارع، التصرفات غير المتوقعة من بعض السكان، والتوترات اليومية في المدينة.

علينا أن نتذكر أن الجمال الحقيقي يكمن في التفاصيل، في الروح الحية للأماكن والناس في رقي الخدمات وسلامة البنية التحية للمدن. الصور الفوتوغرافية قد تعكس جمالًاً ظاهرياً، ولكنها نادراً ما تستطيع نقل الحقيقة الكاملة. لذلك، دعونا نتعلم أن نقرأ بين السطور، ونبحث عن العمق والجمال الحقيقي فيما نراه ونعيشه، لا في أوهام الصور.



[1]- "متلازمة باريس" تعكس بوضوح التناقض بين المظاهر والواقع، وتعزز الفكرة أن الصور المثالية التي نراها قد تكون بعيدة كل البعد عن الحقيقة. كذلك يمكن أن تكون تصوراتنا عن الأماكن مبنية على الصور والأفلام والروايات المثالية، بينما يكشف الواقع تفاصيل أخرى مختلفة.  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...