أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الأحد، ديسمبر 29، 2024

بين المظاهر والواقع: طرابلس كمرآة لمدننا وأحلامنا

 

صورة لأحد شوارع مدينة طرابلس في يوم ماطر

جمال الهمالي اللافي

الدخول في التفاصيل يكشف لنا ما خفي من الأشياء التي تبدو لنا من بعيد رائعة وجميلة. المناظر العامة لمدينة طرابلس التي يلتقطها المصورون المبدعون، علمتني أن لا أنخدع وانبهر بمظاهر الأشياء. فهذه مدينة أعلم جيداً كم هي بائسة ومثقلة بالقبح المعماري لمبانيها وفوضى العمران وتهالك البنية التحتية وتدني الخدمات والمرافق في كل تفاصيلها، ومع ذلك تظهر جميلة جداً في تلك الصور. فما بالكم بمدن وأشخاص وأشياء لا نعلم عنها شيئاً غير ما نراه في الصور الفوتوغرافية لمصورين يحترفون انتقاء الزوايا الجميلة."

صورة لآحد مناطق العاصمة في يوم ماطر

وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى ظاهرة مشابهة تُعرف بـ "متلازمة باريس[1]". تصيب هذه الحالة غالب السياح اليابانيين الذين يزورون باريس، حيث يشعرون بصدمة نفسية وخيبة أمل كبيرة عندما يجدون أن المدينة تختلف كثيراً عن الصورة الرومانسية المثالية التي كانوا يحملونها عنها. يشمل الواقع ازدحام الشوارع، التصرفات غير المتوقعة من بعض السكان، والتوترات اليومية في المدينة.

علينا أن نتذكر أن الجمال الحقيقي يكمن في التفاصيل، في الروح الحية للأماكن والناس في رقي الخدمات وسلامة البنية التحية للمدن. الصور الفوتوغرافية قد تعكس جمالًاً ظاهرياً، ولكنها نادراً ما تستطيع نقل الحقيقة الكاملة. لذلك، دعونا نتعلم أن نقرأ بين السطور، ونبحث عن العمق والجمال الحقيقي فيما نراه ونعيشه، لا في أوهام الصور.



[1]- "متلازمة باريس" تعكس بوضوح التناقض بين المظاهر والواقع، وتعزز الفكرة أن الصور المثالية التي نراها قد تكون بعيدة كل البعد عن الحقيقة. كذلك يمكن أن تكون تصوراتنا عن الأماكن مبنية على الصور والأفلام والروايات المثالية، بينما يكشف الواقع تفاصيل أخرى مختلفة.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية