أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الجمعة، مايو 16، 2025

عمارتنا الليبية التقليدية: فخر لنا، لا مجال للتشويه!

معالم من المعمار الليبي

جمال الهمالي اللافي

تخيل أن تسمع أحدهم يُرجع تاريخ أجدادك وحضارتهم إلى مكان آخر. هذا بالضبط ما نشعر به نحن الليبيين عندما تُنسب عمارة مدننا التقليدية، بكل ما فيها من إبداع وتفرد وقيمة فنية فريدة، إلى ثقافات بعيدة. هل يعقل أن تُنسب بيوت الحفر في غريان إلى مطماطة التونسية أو الصين؟ أو أن تُقارن عمارة غدامس ببيوت اليمن أو نجد أو مالي؟ أو أن تُعتبر بيوتنا الجبلية مجرد نسخ من العمارة الجبلية في اليونان أو إيطاليا؟ هذا المقال يناقش هذا التجاهل المؤسف لتراثنا المعماري الليبي ويدعو إلى وقفة جادة لحماية هويتنا.

يا أهلنا الكرام في ليبيا، كم يؤلمنا ويُثير غضبنا أن نسمع أو نقرأ يوميًا من ينسب عمارة مدننا التقليدية، بكل ما تحمله من أصالة وعبقرية وجمال، إلى ثقافات وحضارات أخرى. من غريان وبيوتها الحفرية الفريدة، مرورًا بغدامس وتصميمها المعماري المتكيف مع الصحراء، وصولًا إلى مدننا الجبلية وبيوتها الشامخة، تراث معماري عريق يُحاول البعض طمس هويته ونسبته زورًا. هذا المقال هو صرخة غيرة على هذا الإرث الحضاري الذي يمثل جزءًا أصيلًا من هويتنا الليبية.

بالنسبة لأهلنا في غريان: من غير المقبول بتاتًا أن يُنسب فن حفر البيوت في باطن الأرض، هذا الإبداع الهندسي الذي نشأ وترعرع في أرضكم ليناسب طبيعتها ومناخها، إلى أي مكان آخر. بيوت الحفر في غريان ليست مجرد مساكن، بل هي شاهد حي على ذكاء أجدادكم وقدرتهم على التكيف مع البيئة. إنها جزء أصيل من تاريخكم وثقافتكم.

وبالنسبة لأهلنا في غدامس: عمارتكم الفريدة، بتصميمها المتراص وشوارعها المسقوفة التي تحمي من حرارة الصحراء، هي بصمة خاصة بكم. لقد استلهم أجدادكم هذه التصاميم من بيئتهم وحاجاتهم، وهي تعكس عبقرية في استغلال الموارد المتاحة. من المؤسف حقًا محاولة ربط هذه العمارة المتميزة بأي نمط آخر.

وأمّا أهلنا في المدن الجبلية: فتلك البيوت الشامخة التي تتحدى وعورة التضاريس، والتي بُنيت بحجارة جبالكم الصلبة، هي دليل على قوة إرادتكم وعمق ارتباطكم بأرضكم. إنها تعكس فهمًا عميقًا لطبيعة المكان وانسجامًا فريدًا معه.

ولنا جميعًا كليبيين: من المحزن والمؤسف أن نرى هذا التجاهل لتراثنا المعماري الغني والمتنوع. إن عمارة مدننا التقليدية ليست مجرد مبانٍ قديمة، بل هي جزء من ذاكرتنا الجماعية، وتحمل في طياتها قصصًا وحِكمًا وتعبيرًا عن هويتنا الليبية المتفردة.

إن هذا التداول الخاطئ للمعلومات، سواء كان ناتجًا عن جهل أو إهمال، يستدعي منا جميعًا وقفة جادة. علينا أن نعمل على نشر الوعي بقيمة هذا التراث وأصالته، وأن نُعرّف الأجيال القادمة بجماله وأهميته. يجب أن نفخر بعمارتنا التقليدية ونعتبرها جزءًا لا يتجزأ من هويتنا الوطنية.

فلنتكاتف جميعًا لحماية هذا الإرث الثقافي العظيم وتوريثه للأجيال القادمة بكل فخر واعتزاز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية