الأربعاء، أبريل 01، 2020

المسكن الغدامسي المعاصر



جمال اللافي

      هذه واحدة من المحاولات المتكررة لتلمس ملامح لمساكن مدينة غدامس المعاصرة من وحي المسكن الغدامسي التقليدي، حيث كانت البداية في العام 1993 م. ، عندما جاء إلى مكتبنا الهندسي (الميراث) مواطن من مدينة غدامس وطلب من الزميل المعماري عزت خيري تصميم بيت له على قطعة أرض بمدينة غدامس، فتشاركنا معا المحاولة الأولى.

      في بداية هذا الشهر(مارس 2020)، بدأت معاودة المحاولة في تصميم آخر بعيدا كل البعد عن التصميم السابق، وأفلحت النتيجة بعض الشيء، مع وجود قصور يتعلق بعدد بالنقص في حجرات النوم. وقبل نهاية الشهر والذي يوافق هذا اليوم الثلاثاء 31 مارس 2020 م. وفقني الله سبحانه وتعالى إلى الوصول إلى محاولة جديدة وثالثة، أراها تقترب أكثر من مرحلة التأصيل للبيت الغدامسي المعاصر.

  

      المتمعن في المسكن الغدامسي التقليدي سيجد عدة ملامح تميزه عن مثيلاته في المدن والمناطق الأخرى، يمكن تلخيصها في النقاط التالية، مع التذكير أن هذه النقاط ستكون سبيلنا لوضع تصور لهذا المسكن المعاصر.
        يتكون المسكن الغدامسي التقليدي من ثلاث طبقات رئيسية وهي:
1.                 الطابق الأرضي ويضم: مدخل وسقيفة البيت/ مخزن الغلال/ السلالم المؤدية للطابق الأول.
2.       الطابق الأول ويضم عدة مستويات: المستوى الأول فراغ المعيشة. المستوى الثاني يتوزع على جهتين أحدهما يضم غرفة النوم الرئيسية والآخر غرفة نوم الأبناء.
3.       الطابق الثالث: يتم الوصول إليه عبر غرفة المعيشة من خلال سلالم يقسم على مرحلتين الأولى تؤدي إلى إحدى غرفتي النوم، ثم يتواصل السلالم في ارتفاعه ليصل إلى السطح.
4.       الطابق الأخير وهو سطح البيت ويضم المطبخ ومساحة مفتوحة لاستقبال النساء الضيوف من الجارات واللاتي يصلن إليه عبر ممرات تربط أسطح البيوت بعضها ببعض.

يلاحظ في المسكن الغدامسي التقليدي أن المعيشة تتوسط غرف النوم وتأخذ إضاءتها غير المباشرة من كوّة في السقف لا تزيد ابعادها عن 60 سم.× 60 سم.
كما يلاحظ أن المطبخ في جميع البيوت الغدامسية موجود في سطح البيت، مشكّلاً معه فراغا لاستقبال النساء اللاتي يصلن إليه كما أسلفت عبر ممرات ناتجة عن (دروة البيوت المتلاصقة). حيث كانت النساء تتواصل بهذه الطريقة ولا تواصل عبر شوارع وأزقة المدينة، المخصصة جميعها لحركة الرجال والجلوس للتسامر على ركاباتها.

بالنظر إلى تغير النسيج الاجتماعي للمجتمع الغدامسي المعاصر في بعض جوانبه بعد انتقالهم للعيش خارج المدينة القديمة إلى أحياء ذات مخططات معاصرة وبيوت منفصلة وشوارع واسعة لا تصلح إلاّ لحركة السيارات والمارة وعابري السبيل من جهة إلى أخرى مشكّلة بذلك انعداما للخصوصية ولكل مقومات الحياة التقليدية المتعارف عليها عبر أجيال سابقة، منها خروج المرأة إلى الشوارع وانتفاء حركتها وتنقلاتها إلى بيوت عائلتها وجاراتها عبر دروب سطوح المنازل. وبذلك ينتهي النموذج التقليدي للبيت الغدامسي، ليحل بدلا عنه نموذجا متكررا معاصرا لا يختلف في شيئ عن مثيلاته في جميع المدن الليبية الأخرى. مع الفارث المتعلق بوضع تلك المثلثات في دروات سطوح المنازل أو طلاء البيوت باللون الترابي.

عليه اتجه نمط التفكير إلى منحى آخر في التعاطي مع البيت الغدامسي المعاصرة، بحيث يأخذ في اعتباره شيئين متلازمين دائما في تصميم أي مسكن وهو التوفيق بين الشكل والمضمون، فللبيت الغدامسي خصوصيتين متلازمتين عن نظيراتهما في البيوت التقليدية في باقي المدن الليبية وهما الطراز المعماري والتوزيع الفراغي المعتمد على الارتفاع الرأسي وتقسيم فراغات البيت على أكثر من منسوب تتفاوت في الارتفاعات. حيث تم تقسيم البيت الغدامسي على هذا الأساس:
1.                 الطابق الأرضي ويضم:
                     مدخل وبهو البيت.
                     سلالم يؤدي إلى الطابق الأول.
                     صالة استقبال الرجال+ حمام للضيوف+ ميضأة.
                     مخزن للغلال وحضيرة للمواشي.
                     بستان.



2.                 الطابق الأول ويضم:
                     المستوى الأول: فراغ المعيشة.
         المستوى الثاني: بفارق 5 درجات عن المعيشة نجد حجرة النوم الرئيسية + حمام. يلاصقها حجرتي نوم الأبناء + حمام مشترك.
         المستوى الثالث يمثل امتدادا للسلالم بفرق منسوب درجتين ويضم المطبخ + شرفة (كتعويض عن العلاقة بين المطبخ وسطح البيت).




ستبقى هذه مجرد محاولة أخرى قابلة للتعديل من خلال مشاركة أصدقاء الصفحة من أبناء مدينة غدامس في إثراء التصميم بآرائهم القيّمة.


الخميس، فبراير 27، 2020

فقر العمارة





جمال اللافي

العمارة الفقيرة، هي تلك التي تخلو من الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة المتجانسة، التي تضفي على المكان حيويته، فتبعث في النفس شعوراً بالبهجة، لا يُعرف سره ولا مصدره. وكلما تكرر وجودنا في هذا المكان راودتنا تلك المشاعر من جديد، حتى نُقر بأنه مصدرها الوحيد ولا شيء آخر.

والمعماري القادر على إثراء المكان بتلك التفاصيل المُبهجة، لابد أنه عايشها يوماً ما في طفولته، فهي لا تأتي من مطالعة الكتب ولا من كثرة الترحال بين البلدان والمدن. إنما تنبع من الأعماق، من مخزون الذاكرة، من بيت الجد.

ما نخشاه اليوم، هو خلو عمارتنا المعاصرة من هذه التفاصيل الباعثة على البهجة، التي تستدعي العين للتأمل فيها، فتُمكّن للذاكرة أن تستوعبها وبالتالي تختزنها. وما نراه فقط هو مصفوفة من الحوائط الصماء مختلطة الألوان، الباعثة على الملل. والمثقلة بالحاجيات المستوردة من هناك وهناك، المتنافرة والمبتذلة رغم غلو أثمان بعضها.

بيت الجد في العمارة المعاصرة، غير قابل للترحيل إلى الأجيال القادمة، لأنه اصبح مثالاً حيّاً على العمارة الفقيرة.

السبت، فبراير 22، 2020

ماهية المدينة



ما هي المدينة، غير كونها مجموع الأنشطة التي تدور فيها بتنوعها، فتجعل من بعضها مدناً ريفية وأخرى حضرية، ومدناً صناعية وأخرى تجارية، ومدناً زراعية وأخرى رعوية. ومدناً تستوعب كل هذا التنوع، فتكون حاضرة كل تلك المدن. وما هي المدينة التي هنا وليست هناك، غير تلك الخصوصية التي تميز طبيعة هذه الأنشطة عن تلك.

صورة المدينة لا تتشكل وفق رغبة فرد أو اعتراض دولة، بل هي تتشكل بخيارات مجموع سكانها، عندما تجمعهم رؤية مشتركة يؤطرها احترام الجميع للمكان الذي يتشاركون العيش فيه، فلا قمامة ترمى في الشوارع ولا سلوكاً يؤدي الآخرين، وفي المقابل لا تحجر على أي نشاط يشكل مصدر عيشٍ للبعض من سكانها أو من تضطرهم الظروف لقضاء بعض مصالحهم المؤقتة فيها.

ومهمة مخطط المدن والمعماري تنحصر فقط في استثمار هذا التنوع في الأنشطة الحياتية للمجتمع، ليصنع منها تلك البيئة العمرانية التي تثري المحيط ولا تخلق تنافرا معه.

التحضر بمفهومه الأخلاقي، ليس نظاماً تخطيطياً أو شكلاً معمارياً يُغلّف المدينة بغلافٍ أنيق لا يحتمل الاتساخ أو لا يستوعب المتغيرات الطارئة، يسعى مخطط المدن والمعماري لفرضه أو تأطيره بقوة قوانين كيّفها لتتوافق مع مستوى إدراكه القاصر. بقدر ما هو سلوكاً يومياً عفوياً يمارسه أفراد المجتمع داخل محيطهم العمراني، من خلال علاقاتهم الإجتماعية أو النشاطات الاقتصادي التي يمارسونها والقيم التي يعتنقونها ويلتزمون باحترامها في إدراكهم الجمعي.


بعضاً من المعماريين حتى هذه اللحظة غير قادر على استيعاب هذه الحقيقة... أو هو لا يريد.


لهذا لا زالت المدن القديمة، التي خط مساراتها العقل الجمعي لسكانها، تضج بعفوية الحياة، بينما تقف المدن المعاصرة عاجزة عن خلق حياة طبيعية لسكانها والمحافظة على استدامة مبانيها.

ماهية العمارة



جمال اللافي


العمارة، هي النقطة التي يلتقي فيها حاضر الأمة بماضيها وهي في طريقها إلى أن تصنع مستقبلها.

لهذا فالعمارة التي تنفصم عن واقعها وتنغمس في الماضي، هي في حقيقتها ليست بعمارة معاصرة، بقدر ما هي لوحة كرنفالية تمجد الماضي.

كذلك العمارة التي تنفصم عن ماضيها، بحجة البحث عن الجديد والهروب من التقليد، هي أيضا ليست بعمارة بقدر ما هي لوحة ساخرة لسلوك أحمق.

والمحصلة لن يكون هناك وجود لعمارة في المستقبل، إذا ما انغمست في الماضي، أو انفصمت عنه.

فالعمارة، روح تتجدد في أعماقها ومن دواخلها، ولا تبحث عن التغيير خارج كيانها الذي انبنت أركانها على اساساته.

الثلاثاء، فبراير 11، 2020

حوش القلعة... بين ثقافتي الهدم وإعادة التأصيل.

حوش القلعة بمنطقة تاجوراء- بضواحي طرابلس

جمال اللافي


يقع هذا البيت بمنطقة النعاعسة بتاجوراء بضواحي طرابلس، ويمثل نموذجا متميزا لبيوت المزارع بحجمه الكبير، زرته في أحدى أمسيات العام 2006 ، وكانت حالته الإنشائية جيدة جداً، صحبة مجموعة المعماريين بمكتب المدرسة الليبية للعمارة والفنون، بدعوة من فؤاد النعاس (رحمه الله وغفر له) أحد أبناء العائلة، في موعد لم يتم الترتيب له مسبقاً، بقدر ما كان وليد لحظة الالتقاء به والحديث عن العمارة وشجونها المحلية واهتمام مجموعة المكتب بكل ما يرتبط بها من شواهد لازالت قائمة تتحدى الإهمال والتشويه.


تكررت الزيارة في العام 2016 بموعد تم الترتيب له مسبقاً من طرف المهندس بشير بريكة مع الأخ جمال النعاس أحد أبناء العائلة، صحبة مجموعة من الزملاء المعماريين والمهندسين وأساتذة كلية الفنون الجميلة المهتمين بالعمارة المحلية. ولم يفت المجموعة في نفس اليوم فرصة زيارة بيت آخر لهذه العائلة يقع بالقرب منه ويقطن الأخ فتحي النعاس بيت حديث النشأة ملاصق له ومتصل به عبر ممر مشترك، وما ميز هذا البيت أنه بحالة جيدة، مقارنة بحوش القلعة الذي تهدمت حوائط وأسقف أجزاء كبيرة منه. وتم الاتفاق على العودة للقيام بأعمال رفع مساحي لحوش القلعة.



       وهذا ما تم بالتعاون مع المهندس خالد سالم المبروك والمهندس رشيد كعكول. حيث توليت أعمال توثيق تفاصيل المفردات المعمارية من أبواب ونوافذ وأقواس وأعمال خشبية وزخرفية أخرى، وتولى المهندس خالد المبروك أعمال الرفع المساحي بمساعدة من المهندس رشيد كعكول. وتكفل المهندس خالد بإنجاز رسم الخريطة المعمارية للحوش بأكمله في ظرف أسبوع واحد. ولم تتح الفرصة بعدها لتصحيح بعض الأخطاء في أعمال الرفع المساحي واستكمال النواقص نظراً لتعارض مواعيد عمل صاحب البيت مع مواعيدنا.

المهندس خالد سالم المبروك، أثناء أعمال الرفع المساحي للبيت
      وكلما نظرت إلى خريطة هذا البيت راودني شعور بالأسى على عدم التمكن من استكمال أعمال الرفع المساحي له، قبل أن يتم هدم البيت حسب ما افاد به صاحبه. إلاّ أنه في أحد الأيام كانت هذه النظرة إلى خريطة هذا البيت مختلفة عن سابقاتها، حيث تبادر إلى ذهني تساؤل مفاده، لماذا لا أقوم بإعادة تصحيح الأخطاء واستكمال النواقص من واقع معرفتي بتفاصيل البيت. ثم انتقل التفكير إلى منحى آخر وهو، لماذا لا أعيد رسم الخريطة المعمارية لهذا البيت وكأنه بُني حديثا وبزوايا قائمة مع الحفاظ على سمك الحوائط (60 سم) على حالها. على أن يتم في فترة لاحقة تقليص هذا السمك إلى (40 سم) للحوائط الخارجية، و (20 سم) للحوائط الداخلية، و(10 سم) لبعض الفواصل.


وهذا ما تم العمل عليه بفرضية أن البيت القديم لم يعد صالحاً للسكن بحكم تهدم أجزاء كبيرة منه. وأن إعادة ترميمه وصيانته ستكون مكلفة جداً، ولا تتوفر عوامل نجاحه بالصورة الصحيحة، وخصوصا فيما يتعلق بإعادة بناء حوائطه وأسقفه المتهدمة بنفس المواد والتقنيات السابقة.


وبالتالي في حالة أصبح أمر هدم مثل هذه البيوت أمرا واقعا ولا مفر منه، فهذا لا يعني أن هذا النمط من البيوت غير قابل لإعادة بعث الحياة فيه في بيوت جديدة ومتوافقة مع هذا العصر بكل متطلباته ومواد بنائه ونظم إنشائه المتاحة محليا، وخصوصا عندما نقف قليلا لنتدبر في حقيقة أن هذه البيوت لا يخالطها أي عيب أو قصور في قدرتها على التواؤم مع متطلبات الليبيين واحتياجاتهم المعاصرة. ولا تقف أيضاً حائلا أمام استيعاب التقنيات المعاصرة بضروراتها وكمالياتها. بقدر ما يحفظ لهذا النمط المعماري المحلي تواصله مع التاريخ وحفاظه على هويته المعمارية المتميزة، سواء في توزيعه الفراغي أو في تفاصيله ومفرداته المعمارية والزخرفية.



رابط المقالة على صفحتي بالفيسبوك لمزيد من الصور:


الأربعاء، ديسمبر 04، 2019

التعليم المعماري 1969- 2019





جمال اللافي


"عندما يكون الاحتفاء بمرور 50 عاماً على التأسيس، لا يحمل بين طياته أي منجز حضاري".


لفت انتباهي وجود أقسام للعمارة وتخطيط المدن، تتبع لوزارة التعليم العالي في مدن ليبية لم اتوقع وجوده فيها. وهذا يعتبر مؤشراً طيباً لتنامي انتشار رقعة التعليم المعماري في ربوع ليبيا.

والمفترض أن الحاجة ليست إلى تكرار تأسيس أقسام للعمارة وتخطيط المدن، بل المطلوب التأسيس لمدارس للعمارة وتخطيط المدن يكون اتجاهها التعليمي ليس اجترار تجربة ومنهج وأساليب التدريس بقسم العمارة والتخطيط العمراني بجامعة طرابلس، إنما الاتجاه بالتعليم المعماري إلى مسارات جديدة تكون أكثر فاعلية وتأثيراً على الساحة المعمارية الليبية وتلبيةً لاحتياجات المناطق التي تأسست بها ومعطياتها البيئية والاجتماعية والاقتصادية.

وأول نجاح يمكن أن يتحقق لأي مدرسة معمارية في أي مدينة ليبية هو الانتقائية الحريصة على استقطاب أصحاب الكفاءات والخبرات في مجالاتهم (العمارة/ تخطيط المن/ الهندسة المدنية... وباقي فرع العلوم التطبيقية والإنسانية وربطها بالمنهج المعماري والفائدة التي سيتحصل عليها طالب العمارة وتخطيط المدن منها) من الناحيتين العلمية والميدانية، بدلاً من الاعتماد فقط على حملة شهادتي الماجستير والدكتوراة. فمستهدفات هذه المدارس هو تخريج الكوادر المؤهلة لممارسة المهنة وإحداث التغيير المنشود. وما لم يتحقق ذلك تفقد هذه المدارس مبررات إنشائها والصرف عليها من ميزانية الدولة، ومن وقت الطالب وجهده في التحصيل الدراسي.

فالارتقاء بالعمارة الليبية يجب أن يسير فيه في خط متوازي التعليم الأكاديمي المبني على تشجيع التفكير الحر المنهجي والإبداع المنطلق من مقومات البيئة المحلية وظروفها الاجتماعية والبيئية والاقتصادية إلى جانب التطبيق الميداني الذي يؤهل الطالب لدخول معترك الممارسة المهنية بكفاءة واقتدار مع اتساع الأفق وشمولية التعاطي مع الإشكاليات التي تعاني منها المن الليبية المعاصرة.

وهنا أود لفت الأنتباه إلى أن الحرص على الشكليات التي تفترض أن المؤهل لتدريس من سيحملون يوما ما شهادات البكالوريوس العلمية والليسانس الأدبية، لابد أن يتوفر فيهم شرط حمل شهادات الماجستير والدكتوراة. هو شرط مجحف بحق الطالب الدارس، الذي يفترض أن يتلقى منهجا واضح المعالم من "معلمين" يمتلكون الخبرة والقدرة على توصيل المعلومة المطلوبة وليس غيرها من المعلومات التي ستنتفي حاجة الطالب إليها بمجرد نجاحه في امتحانات مقرراتها الدراسية، من طرف أعضاء هيئة تدريس كل مقوماتهم أنهم مجرد حملة لهذا الشهادات العليا، بعضهم إن لم يكن أغلبهم يفتقد لأبسط قواعد وأساليب التدريس الصحيحة والقدرة على توصيل المعلومة للطالب بغض النظر عن فائدتها العلمية. فما بالك بهم وهم يصعبون على طلابهم المنهج الدراسي ويصطنعون العراقيل التي تشتت انتباهه وتصرفه إلى هم واحد فقط وهو إرضاء أستاذ المادة الدراسية للفوز بدرجة النجاح، ليس أكثر. ناهيك عن التأثير النفسي لهذه الأساليب على الطالب ومحصلتها النهائية على الخرّيج في مرحلة ممارسة المهنة .

فلو سلمنا أن الجامعات الحكومية تعاني من البيروقراطية الإدارية التي تتمسك بهذه الشكليات، فعلى الجامعات الخاصة أن تتحرر من هذه العقدة وتحرص على تأهيل طلابها من خلال الاستعانة بالكفاءات القادرة على مد طلابها بالخبرات التي تؤهلهم فعلا لخوض معترك الحياة المهنية، وأن يجعلوا للتطبيق الميداني مساحة تفوق المنهج النظري في ساعاتها الدراسية، وأن تتميز كل مدرسة معمارية في كل مدينة بما يدعم خصوصيتها البيئية والاجتماعية ويحسن التعاطي مع ظروفها الاقتصادية.

إن الواقع الذي يفصح عن تنامي افتتاح جامعات تمتليء بها رقع كثيرة من الأراضي هنا وهناك، ما بين حكومية وأخرى خاصة، تُخرّج في كل يوم شباباً يحملون حروف الميم والما والدال، لا يفقهون من التزاماتها ولا مسؤولياتها ولا أدوارها شيئاً، غير أنها تزين صدورهم لتضفي عليهم قيمة اجتماعية بين أقرانهم، لهو من العبث القاتل والاستهتار الفاضح بمصير دولة، تقبع اليوم في مؤخرة العالم المتخلف، ولا ترى في حاضرها بصيص نور ينقلها إلى مراتب أفضل، كانت تحتلها في غابر الأيام.


أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...