التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من مارس, 2025

بعث روح العمارة الغدامسية في المنازل الحديثة: تجربة المهندسة أم محمد

          تُعد مدينة غدامس، بجمالها التراثي الفريد وعمارتها التقليدية الأصيلة، مصدر إلهام حقيقي لمحبي الفن المعماري. ومن بين هؤلاء، المهندسة المعمارية أم محمد، التي انطلقت من حبها العميق لبيت غدامس التقليدي لترسم ملامح جديدة تُعيد إبراز هذا التراث في المساكن الحديثة . في خطوة مبدعة، سعت المهندسة أم محمد إلى اقتباس عناصر من الطراز الغدامسي التقليدي لإثراء منزلها الخاص. كان أحد أبرز تلك العناصر تصميم غرفة المعيشة المدمجة مع استقبال النساء، حيث استخدمت قوساً غدامسياً يفصل بين المساحتين. رغم بساطة هذا العنصر، إلا أنه يضفي دفئاً وترابطاً بين الماضي والحاضر، ويُبرز الخصوصية التي لطالما ميّزت بيوت غدامس القديمة . تشارك المهندسة تجربتها قائلة : " تمنيت لو استطعت تنفيذ التفاصيل بالكامل، بما في ذلك السلالم التقليدية والضوّاية (فتحات الضوء) والصنور، ولكنني اكتفيت بإضافة القوس كخطوة أولى. ورغم ذلك، شعرت بأنني أعيش جوهر المدينة القديمة داخل منزلي المتواضع ." لا يقتصر إبداع أم محمد على منزلها فقط؛ فقد عملت على تصميم مشاريع أخرى تحمل بصمة غدامسية، منها وحدات سكنية م...

العمارة المحلية: أصول متجذرة وهوية معاصرة

  العمارة الغدامسية جمال الهمالي اللافي المقدمة تزخر منطقة المغرب الكبير بعمارة تاريخية غنية ومتنوعة، شكلتها عبر العصور تداخلات ثقافية وحضارية متعددة. ومن بين أبرز تلك الأنماط تبرز العمارة المغاربية والأندلسية، التي تعتبر مرآة تعكس الهوية المشتركة والترابط الثقافي بين شعوب المنطقة. ولكن، ورغم هذا التراث المشترك، فإن العمارة المحلية في كل منطقة تمتاز بخصائصها التي تجعل منها انعكاساً لروح المكان وظروفه البيئية والاجتماعية. وبالتالي، يجب أن ينظر إليها كجزء أصيل من هوية الشعوب، لا كإرث هامشي مقارنةً بالعمارة الأندلسية أو غيرها . البعد التاريخي والثقافي تزخر منطقة المغرب الكبير بتنوع معماري يُعبر عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية التي أثرت في تكوينها عبر العصور. في المناطق الساحلية، نرى التأثير الواضح للتواصل مع الحضارات المتوسطية، مما انعكس في أنماط البناء وأساليب الزخرفة. أما في المناطق الداخلية والواحات، فقد تميزت العمارة المحلية بالبساطة والوظيفية، حيث استخدمت المواد الطبيعية كالطين والحجر لتلبية احتياجات المجتمع مع مراعاة المناخ القاسي. هذا التنوع لا يعكس فقط اختل...

العمارة الإسلامية الليبية: بين الالتزام الشرعي والإبداع المتوازن

 جمال الهملي اللافي مقدمة تُعد العمارة الإسلامية واحدة من أعظم إنجازات الحضارة الإنسانية، حيث تمكنت على مر العصور من تحقيق توازن بين الالتزام بالضوابط الشرعية وبين الإبداع الفني. ومع ذلك، كانت بعض ممارسات العمارة الإسلامية تميل أحيانًا نحو المبالغة والإسراف في زخرفة المباني وارتفاعاتها، مما يتعارض مع الدعوة النبوية للاعتدال والبساطة. في المقابل، شكلت العمارة الليبية التقليدية نموذجًا فريدًا في الالتزام بهذه الضوابط، حيث امتازت ببساطتها وارتباطها الوثيق بالقيم الشرعية. هذه الخصوصية تجعلها إرثًا ثقافيًا ومعماريًا لا يزال ينتظر الاهتمام الكافي من الباحثين والمؤرخين . الالتزام بالضوابط الشرعية كإطار للإبداع اعتمدت العمارة الليبية التقليدية نهجًا استثنائيًا يُوازن بين تلبية الاحتياجات الأساسية وبين التوجيهات الدينية، امتثالاً لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها : " إن المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب " (رواه البخاري ومسلم)، وأيضًا : " أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا بد منه مما يستره من الحر والبرد والسباع " (رواه أبو داود...

معايدة

 

تقدير العمارة: رحلة في جذور الحياة ومعانيها

مدينة طرابلس القديمة جمال الهمالي اللافي العمارة ليست مجرد مجال تقني يقتصر على أهل الاختصاص، بل هي جزء حيّ من حياتنا اليومية التي نعيشها ونحمل فيها ذكرياتنا وأحلامنا. منذ ولادتنا وحتى وفاتنا، العمارة تحيط بنا وتشكّل تفاصيل حياتنا. في منازلنا التي تعلمنا فيها خطواتنا الأولى، في طرقاتنا التي نمشي عليها، في المؤسسات التي نعمل بها ونُنتج، وفي المشافي التي نجد فيها العلاج. وعندما نسافر، نقصد الأبنية والمعالم التي تحكي قصص الحضارات. في الفرح والثراء، تُصبح العمارة انعكاسًا لأحلامنا، فنشيّد مشاريع سكنية أو تجارية أو خدمية، وفي الفقر والتشرد، نجد أنفسنا محرومين من هذا الاحتضان العمراني، نسكن الشوارع ونبات في طرقاتها. حتى الموت، لا ينفصل عن العمارة؛ نُدفن في أصغر المساحات العمرانية التي تُكرم فيها أجسادنا . العمارة ليست فقط جدراناً وأبنية، بل هي الحكاية التي تُروى عن كل مجتمع، وهي المرآة التي تعكس هوية الفرد وثقافة المجتمع. فمن العمارة التقليدية التي تحتضن عبق التاريخ، إلى العمارة الحديثة التي تدفع حدود الإبداع، نجد في كل زاوية وركن صوتاً يخاطبنا بلغة تفهمها قلوبنا . دعوة للتفاعل والاستمت...

نحو توحيد لغة التصميم: كيف يمكن لنموذج الباوهاوس أن يساهم في تطوير العمارة والفنون التطبيقية في ليبيا

مدرسة باوهاوس المعمارية جمال الهمالي اللافي إحدى أبرز التحديات في مجال العمارة والمهن المكملة لها تتمثل في تمسك كل طرف بوجهة نظره وتوجهه التصميمي، مما يجعل من الصعب تحقيق انسجام أو رؤية مشتركة بين الأطراف المشاركة في مشروع واحد. نادرًا ما نجد معمارياً يتعاون مع آخر لتحقيق رؤية موحدة لمشروع واحد. بالمثل، يصعب تحقيق توافق بين المعماريين والمصممين الداخليين أو منسقي الحدائق أو مصممي الأثاث وغيرهم من المتخصصين في المجالات المكملة. حتى مصممو الجرافيك، الذين تتمثل مهمتهم في التعبير عن رؤية العميل بأسلوب إبداعي، يواجهون تحديات في تبني رؤية المعماريين. فنجدهم يصرون على إخراج المشاريع بأسلوبهم المعتاد، غير القابل للتغيير، مما يؤدي إلى انحصار التنوع الإبداعي وتكرار الأنماط. وهنا يتضح مثال مشابه يُستقى من الإعلانات التلفزيونية المصرية، التي تعتمد جميعها على نمط واحد في الترويج، بغض النظر عن طبيعة السلعة. إذ تُسخَّر فيها مختلف الفئات العمرية من الرجال والنساء وحتى الأطفال في مشاهد رقص وهز وسط، بشكل يعكس الحلول الأسهل والأكثر ربحية، بدلاً من البحث عن أفكار إبداعية مبتكرة تتناسب مع كل حالة على ح...

المعماري: من تصميم الفضاءات إلى تشكيل التجربة الحياتية

  فكرة أولية لتوزيع عناصر التأثيث، وارتباطه بمرحلة التصميم، في تحديد المساحات المناسبة لكل فراغ وتوزيع الأبواب والنوافذ في مكانها الصحيح قبل التنفيذ. والأهم تحديد نمط عناصر التأثيث الذي يتماشى مع الطراز المعماري للمبنى. جمال الهمالي اللافي مقدمة / في المشهد المعماري الحديث، يواجه المعماري تحديات جوهرية تهدد رؤيته التصميمية، خاصة في السياقات التي تعاني من غياب التنسيق بين التخصصات. في ليبيا على وجه الخصوص، يُعاني المجال من تعددية الأدوار وتداخلها بين المعماريين والمصممين الداخليين وغيرهم من المتخصصين. في كثير من الأحيان، تصبح الرؤية الشمولية التي يضعها المعماري عرضة للتغييرات غير المدروسة أو التدخلات العشوائية، مما يؤدي إلى فقدان الانسجام وتقويض الفلسفة الجمالية والوظيفية للمشروع . إن معالجة هذه الإشكالية تتطلب من المعماري التعامل مع المشروع بمنظور شمولي يبدأ من الفكرة الأولى وحتى التنفيذ النهائي. هذا يعني العمل على تحقيق التكامل بين جميع الجوانب – من التصميم الداخلي وتنسيق الحدائق إلى التفاصيل اليومية – بما يضمن حماية المشروع من العبث العشوائي والتغييرات التي قد تخل بجوهره. ي...

رؤيتي المعمارية

  منزل أسامة الفرجاني- طرابلس جمال الهمالي اللافي           أسعى إلى تقديم رؤية معمارية إسلامية ليبية معاصرة ترتكز على إعادة إحياء العلاقة التكاملية بين المعماري الليبي والحرفي، ليس فقط كمتعاونين، بل كجزء من منظومة إبداعية شاملة. تهدف هذه الرؤية إلى إنتاج عمارة ليبية ذات بُعد مادي وروحي، تستجيب بمرونة لحاجات المجتمع الليبي المعاصر، مع الاستفادة الذكية من التقنيات الحديثة وتطويعها لصياغة بيئة عمرانية مستدامة ومتوازنة . تركز هذه الرؤية على : التفاصيل المناخية : تطبيق حلول تصميمية مبتكرة تُراعي الظروف المناخية المحلية مثل الحرارة المرتفعة وتوفير التهوية الطبيعية . التنوع الثقافي المحلي : استلهام التراث الحرفي والجماليات المحلية الليبية وإعادة تقديمها بطرق إبداعية تُبرز هوية المكان . الموارد الاقتصادية : الاعتماد على استخدام مواد محلية مستدامة ومنخفضة التكلفة، مما يُعزز الاقتصاد المحلي ويُشجع التنمية المستدامة . المساحات المجتمعية : تصميم مساحات تعزز من التفاعل الاجتماعي، وتقوي الروابط بين أفرا...