أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الثلاثاء، أبريل 01، 2025

بين التراث والتغريب: دعوة لتأصيل العمارة الليبية المعاصرة

مشروع لوحدتين سكنيتين لزوجتين وصالة ضيافة


جمال الهمالي اللافي

تشهد الساحة المعمارية في ليبيا جدلاً متواصلاً بين دعاة التغريب المعماري والمؤيدين للعمارة المحلية التي تنبع من تراثنا ومقوماتنا البيئية. ومن منطلق التقييم الواقعي، يمكن لدعاة التغريب انتقاد جهودنا في تأصيل العمارة الليبية فقط عندما تتوفر العناصر التالية بشكل كافٍ ومستدام في بلادنا:

  • وفرة وتنوع مواد البناء والتشطيب: تمثل تنوع المواد واستخدامها المتاح ركيزة أساسية للتصميم والتشييد.
  • تقنيات الإنشاء المتطورة وتنوعها: تضمن التقنيات المبتكرة تقليص التكاليف وتعزيز جودة البناء.
  • وجود عمالة فنية وحرفية ماهرة: العمالة المتخصصة ضرورة لضمان تنفيذ المباني بدقة وحرفية.
  • انخفاض تكاليف المواد والتقنيات والعمالة: إن تحقيق التكلفة المعقولة يجعل العمارة أكثر استدامة وملاءمة للسياق المحلي.

ولكن حتى يومنا هذا، نحن نفتقر بشكل كبير إلى كل تلك العناصر، بل ونشهد تراجعاً في استغلال التقنيات والمواد التقليدية التي كانت تمثل جزءاً أساسياً من هويتنا المعمارية. إن فقدان هذه الفرص يقودنا إلى نقطة حرجة تدعو إلى تبني حلول أكثر واقعية واحتراماً لمواردنا المحدودة.

العودة إلى الجذور: اختيار العقلانية

في ظل التحديات الحالية، يصبح التعامل مع الإمكانيات المتوفرة خطوة عقلانية تفرضها الضرورة. يتطلب هذا الاتجاه إعادة تقييم شاملة للاحتياجات المعمارية للمجتمع الليبي، ما يُعزِّز اللجوء إلى العمارة المحلية كخيار يعبر عن هويتنا الثقافية والاقتصادية. إنها دعوة لمواءمة تصاميمنا مع قدراتنا البيئية والمادية، بدلاً من الاستمرار في استيراد أشكال حداثة معمارية بعيدة عن واقعنا المحلي، ولا تتوافق مع المواد والتقنيات المتاحة أصلاً في بلادها.

العمالة الوافدة وتحديات الجودة والتكلفة

أحد القضايا الحرجة التي يجب تسليط الضوء عليها هي الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة التي غالباً ما تكون مرتفعة التكلفة وتفتقر إلى الجودة المطلوبة. هذا يخلق بيئة غير داعمة للتطور المحلي ويُعمق الفجوة بين الطموحات المعمارية والقدرات الفعلية.

خاتمة

لذا، تبقى العودة إلى العمارة المحلية خياراً أكثر انسجاماً مع واقعنا، ومعبراً بصدق عن احترامنا لموروثنا الثقافي ومحيطنا العمراني. كما أنها تمثل رداً عملياً على التحديات التي تواجه قطاع البناء في ليبيا، وتفتح المجال أمام استدامة معمارية ترتكز على ما هو متاح فعلياً.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية