التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحفاظ على هويتنا الثقافية في مواجهة العمارة المغتربة

جامع وزاوية عمورة بمنطقة جنزور- طرابلس


أبناء وبنات وطني الأعزاء،

أتحدث إليكم اليوم كصوت معماري ينتمي إلى هذا الوطن الغالي، ليبيا التي تتمتع بتاريخ عريق وثقافة غنية. نعيش في زمن يتسم بالعولمة والتأثيرات المعمارية المتعددة التي قد تبدو لنا في بعض الأحيان جذابة، ولكن دعوني ألفت انتباهكم إلى الأبعاد الأعمق والأكثر خطورة التي قد تنتج عن التماهي مع العمارة المغتربة.

الهوية المعمارية: مرآة ثقافتنا

تعد العمارة مشروعًا يعكس هويتنا الثقافية وأسلوب حياتنا. إن كل مبنى، كل مسجد، وكل بيت تاريخي في شوارعنا وكل مدينة، ينقل لنا قصص الأجداد وتاريخهم. إن تجاهل هذه الجذور والانسياق وراء تصاميم مغتربة قد يؤدي إلى فقد هويتنا الثقافية واستبدالها بسمات غريبة لا تعكس طبيعتنا ولا عاداتنا.

العمارة المغتربة: تهديد للروابط الاجتماعية

عندما نقوم ببناء مساحات لا تعبر عنا، فإننا نضعف الروابط الاجتماعية التي تجمعنا. إن التصاميم المعمارية التي تهمل السياق الثقافي والاجتماعي قد تساهم في إنشاء بيئات تعزل الناس عن بعضهم البعض. نحن بحاجة إلى عمارة تعبر عن شغفنا وتراثنا، وتعزز من تواصلنا الاجتماعي.

الأمن الثقافي: ضرورة الحفاظ على تراثنا

الأمن الثقافي هو جزء لا يتجزأ من أمننا الوطني. عندما نتجاهل تراثنا المعماري ونقبل العمارة المغتربة، فإننا نُعرّض ثقافتنا وذاكرتنا الجماعية للخطر. يجب أن ندرك أن المباني ليست مجرد هياكل، بل هي تعبير عن وجودنا، وعلينا حماية هذا الوجود من التلاشي.

دعوة للتغيير

لذا، أتوجه إليكم جميعًا، من معمارين ومهندسين، من مهتمين بالثقافة والتاريخ، بل وكل مواطن ليبي: دعونا نعمل معًا للحفاظ على هويتنا. يجب علينا أن نؤكد أهمية اعتماد أساليب تصميم تحترم وتستند إلى تراثنا وبيئتنا وثقافتنا. لنأخذ العبرة من التجارب العالمية، ولكن علينا دائماً أن نمارس التصميم الذي يعكس عمقنا الثقافي.

فلنبنِ عمارة تستمد قوتها من تاريخنا، ولتصمم مبانينا بأسلوب يجمع بين المعاصرة واحترام جذورنا. دعونا نعمل على خلق بيئات تعبر عن ليبيا الجميلة، وتعيد لها هويتها.

معاً، نستطيع أن نبني مستقبلًا يحيي تراثنا ويعكس ثقافتنا، مستفيدين من كل الأسباب التي تجعل ليبيا وطنًا فريدًا وغنيًا بالتنوع البيئي والثقافي والجمال المعماري والحرفي.

دمتم ودامت ليبيا بخير ورِفعة وسؤدد، 

 

جمال الهمالي اللافي

كاتب معماري ليبي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...