![]() |
مدينة سوكنة التاريخية |
جمال الهمالي اللافي
لطالما كانت المدن التاريخية شاهداً
على عبقرية الإنسان في خلق بيئات تعكس قيمه الاجتماعية والبيئية. بين الأزقة
الضيقة والأسواق المفتوحة، كانت هذه المدن نموذجاً يُحتذى به في توفير العدل
والمساواة بين سكانها، مما جعلها مدناً للمشاة أولاً، قبل أن تسود هيمنة المركبات.
مدنٌ
للمشاة، وليست للسيارات
في المدن التاريخية، مثل طرابلس،غدامس،
غات وغيرها، نجد تصميماً يدعم أمن الإنسان وسلامته، حيث يمكن للأطفال والشيوخ
السير بأمان من المنزل إلى المسجد، ومن الأسواق إلى المرافق الأخرى. هذه المدن
تمثل بيئة متجانسة لا تحتاج إلى مركبات للوصول إلى الوجهات الأساسية. إنها مدن
تعزز الراحة النفسية والاجتماعية لسكانها.
تحديات
المدن المعاصرة
على النقيض، المدن الحديثة أضحت أسيرة
التخطيط الذي يفضل المركبات على الإنسان. اللهاث وراء المخططات الغربية والعشوائية
خلق أزمة في العدالة الاجتماعية والبيئية، حيث أصبح الإنسان يفضل الاعتماد على
السيارة للوصول إلى منزله، خوفاً على ممتلكاته أو بسبب غياب البيئة الآمنة.
الحلول في
التراث
لا يزال بعض المخططين المعماريين
يترفعون عن استلهام الأفكار من المدن التاريخية، بحجة الابتعاد عن التقليد والسعي
وراء الحداثة. لكن الحقيقة أن تجاهل قيم هذه المدن يؤدي إلى تعقيد حياة المجتمعات،
ويُفاقم المشكلات الاجتماعية والبيئية. الدراسات الغربية نفسها بدأت تعترف بغياب
العدالة في المدن الحديثة مقارنةً بالمدن التاريخية التي توفر حلولاً مستدامة
وفعالة.
الخلاصة
المدن التاريخية تقدم لنا نموذجاً
عملياً للحياة المتوازنة التي تجمع بين العدالة الاجتماعية والبيئية. الاستلهام من
هذه المدن ليس تقليداً، بل هو فرصة لتصميم مدن أكثر إنسانية واستدامة، تعيد
للإنسان مكانته في قلب التخطيط العمراني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق