تقديم الطالب/ خميس محمود الحوتى
المــــــــــــــــــقدمة:
لقد
أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن بالحكمة والبيان، وضَمـَّنه المبادئ العامة
والقواعد الكلية للأحكام الشرعية، ولم يتطرق فيه إلى جزئيات المسائل التي يمكن أن
تختلف باختلاف الزمان والمكان، وذلك ليتيح للمسلمين الاجتهاد في مجال المعرفة
والفهم الديني، واستنباط الأحكام لما يستجد من وقائع وفقا لبيئاتهم وللعصر الذي
يعيشون فيه. ,, وعندما انتشر الإسلام خلال العصور التالية للعهد النبوي ظهرت مسائل
جديدة، احتاج المسلمون إلى معرفة حكم الشرع فيها، فماذا صنعوا؟ لجؤا إلى الاجتهاد
واستنبطوا الأحكام المناسبة، وكان من نتيجة ذلك هذا التراث الفقهي الثري المتنوع،
الذي نفخر به اليوم لقد أثبتوا أن الشريعة قادرة على مواجهة مختلف الظروف في مختلف
البيئات,, (1).
فهناك
الكثير من الامور الفقهية لتبين العلاقة بين العمارة الإسلامية، والتراث الإسلامي
عموما وتحديدا العلاقة بين المدن العتيقة، والتراث الفقهي. ومن ثم توضيح ذلك الأثر
لتعاليم الإسلام على العمارة وتخطيط المدن(2).
فالدارس
للتهيئة العمرانية القديمة للمدن العريقة كالمدينة المنورة وبغداد وفاس والقيروان
ومراكش وحتى للآثار الإسلامية في غرناطة... يجد أنه كانت هناك منظومة قانونية
مؤطرة لها، واكبت تطورات المجتمعات الحضرية الإسلامية على مدى التاريخ بالتقنين
والتنظيم، والمتفحص للتراث الفقهي المالكي في مجال البنيان يتأكد من أن الفقه
الإسلامي ذو طابع حضري . (3)
الفــــــــقة .
الفقه لغة : ,,الفهم وهو إدراك الشيء والعلم به,,. (1)
واصطلاحا: ,,هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها
التفصيلية ,,. (2)
العــــــــــمارة .
العمارة هى التى تسخر وحى الفنان المعمارى لبناء مطالب
الشعب الذى عاصرها وبذلك جمعت العمارة بين ثقافة العصر وعلومه واحتياجاته ومطالبة
وبين وحى المهندس المعماري وطبعها بطابع الجمال فجمعت العمارة تحت سيطرتها مجموعة
من نواحى الفن المكملة كالنقش والحفر
والزخرفة والالوان والاضاءة والاثاث الى غير ذلك من الفنون الاخري (3)
البيــــــــــــــــئة .
البيئة لغة :يعود الاصل اللغوي لكلمة البيئة إلى الجذر " بوأ
" قال ابن منظور : "باء إلى شئ رجع إليه " وذكر أيضا معنيين قريبين
من بعضهما البعض لكلمة "تبوا ", الاول : إصلاح المكان وتهيئة للمبيت
,ولثاني :بمعنى الترول والاقامة (4).
البيئة اصطلاحا :عرف المسملون مصطلح البيئة مبكرا واستخدموه فى وصفهم
للطبيعة من حولهم ,وممن اشتهر عنه استخدام لهذا المصطلح القاضي ابن عبدربه
الأندلسي, ,حيث أشار إلى ان البيئة هى الوسط (الجغرافي والمكاني والاحيائي )الذي
يكتنف مخلوقات الله تعالى حية وغير حيه
,وقد ورد اشتقاق مصطلح البيئة فى عدة سور من القران الكريم منها قوله تعالى﴿٧3﴾وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ
وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ
الْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّـهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ
مُفْسِدِينَ ﴿٧٤﴾ الاعراف 74 ,ومعنى بوأكم فى
الارض :أنزلكم بها وأسكنكم إياها(5)
فقة العـمــــــــــــــــارة
والبيـــئة:
جاء الإسلام الحنيف شرعا متكاملا
شاملا مختلف جوانب الحياة, فقد تناول بأحكامه شتى الأمور التي تنظم علاقة الإنسان
بخالقه وعلاقته ببني جنسه وعلاقته بمحيطه الذي يحيا فيه بجميع مكوناته من حيوان
وشجر ومدر, وقد أرسى الشرع الحنيف القواعد التي تحقق مصالح الجميع بحيث تمضي قافلة
الوجود متسقة متجانسة لا تضارب بين مكوناتها ولا نشاز بل تسير القافلة نحو النهوض
الحضاري الذي تتحقق به السعادة المنشودة.(1)
فقد
ألف فقهاء المالكية كتبا مستقلة في الارتفاق وأحكام العمارة، ذات قيمة قانونية
جديرة بالدراسة ,ونذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر .
كتاب
الإعلان بأحكام البنيان, لمحمد بن إبراهيم المشهور بابن الرامي
التونسي,المتوفى سنة 734ه .
كتاب
القضاء في البنيان، للفقيه المالكي عبد الله بن عبد الحكم 271هـ ,وهو من
أقدم الكتب المؤلفة في أحكام البنيان.
كتاب
" القضاء بالمرفق في المباني ونفي الضرر " للإمام
عيسى بن موسى التطيلي ( ت 386هـ) .
كتاب
"القسمة وأصول الارضين "فى فقه العمارة الاسلامية تأليف أبي
العباس احمد الفرسطاني النفوسي المتوفى عام 504ه / 1110م .فى هذا الكتاب كيف تكون
الشركة بين الناس ,وفيم يشتركون ,وكيف يقتسمون الحقوق والواجبات بمنتهى
النزاهةفيما قل منها اوكثر,وستجد ايضا ابوابا وفصولا عن الحريم فى مختلف المجالات:
حريم الاغصان والعروق,حريم السواقي والمماصل والعيون والابار والانهار والبحار
والدور والاسوار والمساجد والمقابر (2).
كتاب "فقة العمارة
الاسلامية
" ل (خالد عزب ) سنة 1997 م -1417هـ .
إن التعامل مع البيئة والحفاظ عليها يتصل بعدد من علوم
الشريعة وهى علم أصول الدين وعلم السلوك والتعامل مع البيئة.
ه لم يسمع من مالك ما يخص هذه الحالات ولكنه
يعتبره ضررا بسيطا (2).
وقد حدد الفقهاء مسببات الضرر ثلاثة اناوع هى: الدخان
والرائحة الكريهة والاصوات المزعجة ,وكان لذلك اثره المباشر فى دفع نوعيات المنشأت
الصناعية التى تتسبب فى هذا الضرر الى اطراف المدينة الاسلامية . وفى حال اتفاق
سكان حارة م على بناء فرن يعيشون من ارباحه مما يسبب الدخان او غيره , فالقاضي
والمحتسب يتركان هؤلاء وشغلهم ماداموا متفقين وموقنين بالضرر الذي يسببه الدخان
لانه بالنسبة اليهم ضرر الدخان اقل من ضررالاحتياج الى مصارف المعاش فهم يفضلون
اقل الضررين,,فتدخل القاضي لايكون الا بعد ان تقدم له شكاية من احد السكان يعاني
من ضرر الدخان فى هذه الحال ولا يستجيب له القاضي بغلق الفرن إلا اذا كان هذا الاخير حديث الإنشاء, وهذا هو
الاعتماد على مصدر الشريعة المسمى "بالاستصحاب" أي بقاء الحال كما هو
عليه ما لم يرد فيه حكم . (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الهذلول , صالح(1984م) :التحكم فى استعمالات الاراضي فى المدينة
العربية الاسلامية , سجل ابحاث ندوة "الاسكان فى المدينة الاسلامية
", منظمة العواصم والمدن الاسلامية جدة, ص 285:292.
(2) وزيري,يحي حسن(2008) :عناية الفقه والقضاء الإسلامي بأحكام العمران والبنيان _الفنون الاسلامية تنوع حضاري فريد , وزارة الاوقاف
والشئون الاسلامية قطاع الشؤن الثقافية, (الاصدار الثامن ), الكويت ,1429 (164 صفحة ) , ص129.
(3) وزيري,يحي حسن(2008) : المرجع السابق , ص129.
أما الضرر الناتج من الاصوات والذبذبات فينقسم الى قسمين
:النوع الاول وهو الذبذبات التى قد تؤثر على سلامة المباني وتعتبر خطرا يجب درؤه(1)
, فيروي (ابن الرامي ) فى كتابة الاعلان بأحكام البنيان ان مجموعة من الناس اقاموا
بوابة لحارتهم , فقاضاهم هذا الرجل بدعوى ان فتح الباب وغلقة المستمر قد أضر به
وأقلق راحته ,فتحرى ( ابن الرامي)
الأمرووجد الحائط يتذبذب جراء فتح
الباب وغلقه ,فأمر القاضي بهدم البوابة وإزالة بابها .(2)
أما النوع الآخر من الضرر فينتج من الاصوات التى تسبب
الضيق دون الضرر , وقد اختلف الفقهاء فى حكمهم عليه فلم يعتبره الفقهاء الاوائل
ضررا يجب درؤه .
اعرب القاضي ((ابن الرافع )) فى تونس عن تفضيلة منع بناء
الإسطبلات والحظائر المتاخمة للمباني لما تسببه حركة الحيوانات الدائمة فى اثناء
الليل والنهار من ازعاج قد يمنع الجيران من النوم . (3)
وقد اولت التشريعات والقوانين عناية كبيرة اهتماما
بحماية البيئة ونظافة المدن الاسلامية , ويظهر ذلك فى وجود شروط ومواصفات بنائية
معينة يجب توافرها ببعض الحوانيت ,فيشترط
فى حانوت القصاب (الجزار) أن يتسع لوجود مذبح حتى لا يضر بالطريق وبالعامة
,كما اشترط فى حانوت الخباز ارتفاع السقف والتهوية اللازمة لاخراج الدخان (4),
كما اشترط فى حانوت الخباز ارتفاع السقف والتهوية. ونظرا لانه جرت العادة على
استغلال اسطح المنازل فى معظم البلاد الاسلامية فى الاغراض المعيشية وخصوصا فى فصل
الصيف الذى جرت العادة على ان يتحول السطح ليلا الى مكان للنوم هربا من ارتفاع
درجة الحرارة ,وكامكان للنسوة اللواتى كن يستخدمنه للاستمتاع بالهواء الطلق والشمس
نهارا والتحدث الى النساء الاخريات فى البيوت المجاورة. (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وزيري,يحي حسن(2008) :عناية الفقه
والقضاء الإسلامي بأحكام العمران والبنيان _الفنون الاسلامية تنوع حضاري فريد
, وزارة الاوقاف والشئون الاسلامية قطاع الشؤن الثقافية, (الاصدار الثامن ),
الكويت ,1429 (164 صفحة ) , ص129.
(2)ابن الرامي ,ابى عبدالله
عبدالله بن إبراهيم اللخمي عرف :الإعلان بأحكام البنيان ,تحقيق
,فريد بن سليمان ,مركز النشر الجامعى ,1999,الطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ,ص.
(3) وزيري,يحي حسن(2008) :المرجع السابق, ص132.
(4) عثمان ,عبدالستار ,وعيد عبدالسميع (1988)
:المدينة الاسلامية (سلسلة عالم المعرفة ),المجلس الثقافي والفنون
والاداب ,الكويت ,ص113.
(5) وزيري,يحي حسن(2008) :المرجع السابق, 132.
,ومع هذا الاستغلال المكثف للاسطح نتيجة للظروف المناخية
وعوامل تحقيق الخصوصية تضمنت الاحكام الفقهية ما يوجه المطالع المؤذية الى السطح
او من يكون فوقه البيوت المجاورة هذا السطح , وفى قياس محدد (ابن الرامي ) ان سبعة
أشبار ارتفاع مناسب للسترة " الدورة " يكفي لان يمنع الشخص من الرؤية
اذا لم يكن محبا لفضول الاستطلاع . (1)
نستطيع ان نقسم طرق وشوارع المدن الاسلامية الى ثلاث
مستويات
المستوى الاول :الطرق العامة ,وقد عرف المقدسي هذا النوع من الطرق
بأنه الشارع المنفك عن الاختصاص ,فالناس كلهم فيه سواء يستحقون المرور فيه .
المستوى الثاني :هو الطريق العام الخاص ,وهو اقل درجة من الطريق العام
,اذ الارتفاق به من قبل جماعة المسلمين ,يقل عن ستبقة وبالتالى تزداد سيطرة
القاطنين بهذا المستوى من الطرق عليه .
المستوى الثالث : الطريق الخاص,وافضل امثلة هذا النوع من الطرق هو
الطريق غير النافذ ,وهذا النوع من الطرق ملك لساكنيه فقط ,ولذا سمي خاصا ,بخلاف
المستوى الثاني من الطرق ,فأنه مشترك بين جميع اهل الطريق وفيه ايضا حق للعامة .
(2)
ومما يشير الى التمسك بالاحكام الفقهية ما كان فى مدينة القاهرة ومصر حيث كان فيهما
اربعة مساجد جامعة هى : جامع عمرو ,وجامع ابن طولون ,والجامع الازهر و جامع الحاكم
,وكان تناوب الصلاة فيها قائما حتى افتى الفقهاء بجواز إقامة اكثر من صلاة جامعة
فى المدينة فتعددت الخطبة وكثرت المساجد الجامعة كثرة واضحة مع بداية العصر
المملوكى(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وزيري,يحي حسن(2008) :عناية الفقه
والقضاء الإسلامي بأحكام العمران والبنيان _الفنون الاسلامية تنوع حضاري فريد
, وزارة الاوقاف والشئون الاسلامية قطاع الشؤن الثقافية, (الاصدار الثامن ),
الكويت ,1429 (164 صفحة ) , ص133
(2) عزب , خالد (1417-1997), فقة العمارة
الاسلامية ,دار النشر للجامعات , .الطبعة الاولى , القاهرة, ص95.
(3) وزيري,يحي حسن(2008) :المرجع السابق, ص133
.وكان
لهذه الكثرة اثرها فى انفكاك تأثير المسجد الجامع فى تخطيط شوارع امتداد المدينة
بعد ذلك . اى ان توسط المسجد الجامع بالمدينة
الاسلامية كان فى الوقت الذي اقتصرت فيه المدينة على خطبة واحدة. لقد تعدى
اهتمام الفقهاء والقضاء الجوانب المادية او التنظيمية للعمران الاسلامي الى
الجوانب الاخلاقية والدينية ايضا ,فمن المهام التى كانت تندرج تحت مسؤوليات
المحتسب إزالة وهدم مبانى الفساد بالمدن الاسلامية (1) , وهو يدخل تحت باب إزالة المنكر,ومن تطبيقات
ذلك ما فعله "على اغا " فى مصر , فقد ازال خمارات و بوظ بيوت الخواطي فى
مناطق بولاق والصيبية ومصر القديمة , وكان السيوطي احد فقهاء مصر المعروفين فى
العصر المملوكي قد استفتي فى هدم هذا النوع من المنشأت فافتى بهدمها لازالة
المنكر. (2) كذلك سجلت قواعد فقه العمارة من الفقيه ابن عبد الحكمٍ
الفقيه المصري المتوفى سنة 214 ه/829م في كتابه " البنيان "وقد قسم الفقهاء احكام البنايات إلى أربعة اقسام
رئيسية هي:
1- البناء الواجب: مثل
بناء المساجد لتقام فيها الصلوات، وبناء الحصون والاربطة للدفاع عن ديارالمسلمين.
2- البناء المندوب: كبناء المنائر والتي تندب للأذان وبناء
الاسواق، حيث يحتاج الناس للسلع. ولكي لا يتكلفوا عناء البحث عنها، فندب الشرع
لذلك بناء الاسواق لكي يستقر بها اصحاب السلع، ويسهل للناس شراؤها منهم.
3- البناء المباح: مثل بناء المساكن التي تبنى بهدف
الاستغلال، فمن المعروف ان الشريعة جاءت لحفظ المقاصد الخمس: الدين، النفس، المال،
العرض والنسل، والله جعل اسباباً مادية يقوم بها البشر، كي يحققوا تلك المقاصد،
ومن هذه الاسباب بناء المساكن والدور ليحفظ فيها الناس انفسهم واموالهم واعراضهم،
وتقوم فيها الأسر.
4- البناء المحظور: كبناء دور السكر ودور البغاء
والبناء على المقابر وفي أرض الغير(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عزب , خالد , فقة العمارة الاسلامية
,دار النشر للجامعات , .الطبعة الاولى , القاهرة, 1417-1997 , ص95.
(2) وزيري,يحي حسن(2008) :عناية الفقه
والقضاء الإسلامي بأحكام العمران والبنيان _مجلة :الفنون الاسلامية تنوع حضاري
فريد , وزارة الاوقاف والشئون الاسلامية قطاع الشؤن الثقافية, (الاصدار الثامن ),
الكويت ,1429 (164 صفحة ) , ص:134,133.
(3) ملتقى المهندسين مقالة بعنوان الاعلان
بأحكام البنيان -لابن الرامي
http://www.arab-eng.org/vb/t279156.html
الخلاصـــــــــــــــــــــــــة :
إن المتتبع لأحكام الشريعة الغراء يجد أن الفقه
الإسلامي فقه حضاري يتسم بالشمول، فهو إلى جانب عنايته بالتنمية البشرية روحيا
وعلميا وخلقيا يعنى أيضا بالعمران المدني بمفهومه الواسع الشامل،
فالعمران إن لم يحكمه نظام رباني عم فساده جميع جوانب الحياة اجتماعيا واقتصاديا
وعلميا بل يتعدى فساده ليصل إلى البيئة التي هي وعاء النعم ومهد الخيرات المسخرة
لصالح الإنسان؛ من أجل ذلك وجب الأخذ بتوجيهات الشرع الحنيف؛ لأنه جاء من خالق
الإنسان فهو أعلم بمصالحه .
هذا
وقد عني علماء المسلمين سلفا وخلفا بإبراز الجانب الحضاري المدني في الشريعة
الإسلامية؛ وذلك لتطبيق الشريعة الإسلامية في شتى مجالات الحياة، وتبيين هدي
الشريعة الذي يحمل في طياته الحلول الربانية لكل معضلات البشرية التي ينتجها تفاعل
الإنسان وتعايشه في هذه البسيطة، ويتجلى ذلك في الإسهامات الفعالة للفقهاء في
التنظير الفقهي والتأطير الشرعي للجوانب المدنية؛ فقد حوت مؤلفاتهم وموسوعاتهم
الفقهية كثيرا من المواضيع التي تتناول الأحكام الشرعية المنظمة لسير العمران
المدني ، بل أفرد بعضهم مؤلفات تتناول العمران ومختلف مؤسساته.وفي كتب فقه العمران
نجد القواعد الشرعية تتحرك في مجالات عديدة، إما عن طريق الاية ﴿١٩٨﴾ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴿١٩٩﴾الاعراف أو الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار"،
وما يتفرع عنه من قواعد مثل: الضرر لا يكون قديما، والضرر الأشد يدفع بالضرر
الأقلّ، والضرر العام يقدم على الضرر الخاص إلى آخــــــــره.
الهوامش:
(1) فقه العمران : ندوة تطور العلوم الفقهية في عُمان الفقه الحضاري , لندوة التاسعة 2010م http://www.mara.gov.om/nadwa_new/?page_id=239
(2).يحيى وزيري ، العمارة الإسلامية و البيئة ،، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب , سلسلة كتب عالم المعرفة ، عدد يونيو 2004, الكويت، ص: 27 .
(3) - Juan Martos Quesada , El mundo jurídico en AL-ANDALUS , Delta Publicaciones Universitarias, Primera edición ,2005 ,Madrid , P.17.
(1) ابن فارس , أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا: معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مادة [فقه] ، بيروت: دار الفكر 1399هـ - 1979م, ج4 ص442 .
(2)الشوكاني، محمد بن علي بن محمد: إرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم الأصول، تحقيق الشيخ أحمد عزو عناية، بيروت: دار الكتاب العربي، 1419هـ - 1999م, ج1 ص17 .
(3) عبد الجواد, توفيق احمد: تاريخ العمارة والفنون الاسلامية, مكتبة الانجلو, ج3 , القاهرة , 2009م , ص 3.
(4)أبو الفضل ,محمد بن مكرم ,ابن المنظور (711 ه / 1311م ) ,لسان العرب , بيروت ,دار صادر ,ط 3 ,1414ه / 1993م ,مادة "بوأ", 38-39.
(5)أبو حيان ,محمد بن يوسف الاندلسي (745ه -/1344م),البحر المحيط فى التفسير ,تحقيق صدقى محمد جميل ,بيروت ,دار الفكر 1420ه/1998م ,4/329 .
المصــــــــــــــــــــــــــــادر المراجـــــــــــــــــــع :
المراجع العربية
1. القران الكريم .
2. الحديث الشريف .
3. ابن فارس , أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا(1399هـ - 1979م): معجم
مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مادة [فقه] ، بيروت: دار
الفكر.
4. أبو الفضل ,محمد بن مكرم ,ابن المنظور (711 ه / 1311م ) ,لسان العرب
, بيروت ,دار صادر ,ط 3 ,1414ه / 1993م ,مادة "بوأ",.
5. الهذلول , صالح (1984):التحكم فى استعمالات الاراضي فى المدينة
العربية الاسلامية , سجل ابحاث ندوة "الاسكان فى المدينة الاسلامية
", منظمة العواصم والمدن الاسلامية جدة
6. النفوسي ,أبى العباس أحمد بن محمد بن بكر الفرسطاني (1418 هـ / 1997 ):القسمة
واصول الارضين كتاب فى فقه العمارة
الاسلامية ,ط2 نشر جمعية التراث ,القرارة ,غرداية ,الجزائر.
7. الشوكاني، محمد بن علي بن محمد(1419هـ - 1999م): إرشاد الفحول إلي
تحقيق الحق من علم الأصول، تحقيق الشيخ أحمد عزو عناية، بيروت: دار الكتاب العربي،.
8. أبو حيان ,محمد بن يوسف الاندلسي (745ه -/1344م),البحر المحيط فى
التفسير ,تحقيق صدقى محمد جميل ,بيروت ,دار الفكر 1420ه/1998م ,4/329 .
9. عزب , خالد (1417-1997): فقة العمارة الاسلامية ,دار النشر
للجامعات , .الطبعة الاولى , القاهرة,.
10. عبدالرحمن بن ابي بكر ,جلال الدين السيوطي (911هـ/1506م), الاشباه والنظائر
, لبنان ,بيروت دار الكتب العلمية ط1 ,1411هـ/1990م
11. عبد الجواد, توفيق احمد(2009): تاريخ العمارة والفنون الاسلامية,
مكتبة الانجلو, ج3 , مصر,القاهرة .
12. عثمان ,عبدالستار ,وعيد عبدالسميع (1988) :المدينة الاسلامية
(سلسلة عالم المعرفة ),المجلس الثقافي والفنون والاداب ,الكويت.
13. وزيري ، يحيى (2004):
العمارة الإسلامية و البيئة ، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و
الآداب , سلسلة كتب عالم المعرفة ، عدد يونيو, الكويت.
المجلات العلمية .
1- وزيري,يحي حسن(2008) :عناية الفقه والقضاء الإسلامي بأحكام
العمران والبنيان _مجلة :الفنون الاسلامية تنوع حضاري فريد , وزارة
الاوقاف والشئون الاسلامية قطاع الشؤن الثقافية, (الاصدار الثامن ), الكويت .
2- حسن , عبدالمالك (1986م): تأثير
الشريعة الاسلامية على المظهر العمراني للمدينة ,مجلة البناء ,عدد (71)
القاهرة.
رسائل علمية ( ماجستير )
1- ضاهر,عبدالوهاب مصطفى(1435-2014م) :العمارة وحل مشاكل البيئة فى
الاسلام , لبنان ,بيروت كلية الامام الاوزاعي للدراسات الاسلامية.
الانــــــــــــترنت
مقالات
1- فقه العمران(2010) : ندوة
تطور العلوم الفقهية في عُمان الفقه الحضاري , الندوة التاسعة.http://www.mara.gov.om/nadwa_new/?page_id=239
2- ملتقى المهندسين مقالة بعنوان " الاعلان بأحكام البنيان"
-لابن الرامي
http://www.arab-eng.org/vb/t279156.html
الكتب الاجنبية
1 - juan
Martos Quesada , El mundo jurídico en: AL-ANDALUS , Delta Publicaciones
Universitarias, Primera edición ,2005 ,Madrid , P.17.
*بحث مقدم لجامعة العلوم الإسلامية العالمية- كلية العمارة والفنون الاسلامية