أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الأربعاء، نوفمبر 19، 2025

جدل المرجعية بين وضوح الهوية وتيه الغرب

قراءة نقدية في مسار العمارة والفنون

زاوية عمورة بجنزور

جمال الهمالي اللافي

في الغرب، حيث تغيب المرجعية القيمية الجامعة، تتناوب النظريات والتوجهات المعمارية والفنية والفكرية على المشهد، فتجد لها مجالاً واسعاً للانتشار والتنفيذ، حتى وإن لم يعتنقها الجميع. لكنها سرعان ما تُختبر أمام النقد، لتنكشف حدودها وقصورها، قبل أن تُستبدل بموجة أخرى لا تقل عنها اضطراباً. هكذا يتشكل مسار متقلب، يفتقد البوصلة، ويترك المدن في حالة من تفسخ الهوية وفقدان المعنى.

أما في المجتمعات الإسلامية، فقد شكّلت المرجعية الدينية والأخلاقية حضوراً حياً يحدد بوضوح ما يصلح وما يفسد، فكان للفنون والعمارة مسار أصيل، تجلّى في نتاج الحضارة الإسلامية في عصورها الذهبية. مساجد، مدارس، وأسواق حملت وحدة الشكل والوظيفة، وأكدت انسجاماً بين الجمال والغاية، بين الروح والمكان.

غير أن لحظة السيطرة الغربية قلبت هذا المسار، حين فُرض منطق بلا مرجعية على هذه المجتمعات، فدخلت في دوامة من التغريب والتخبط، وتراجعت الأصالة أمام موجات مستوردة لا تحمل سوى مزيد من التيه. وهكذا، ضاع الغرب في دروبه المعوجة، وأضاع معه كل من سار خلفه، متخلياً عن البوصلة التي تحفظ التوازن بين الهوية والابتكار.

خاتمة: نحو حوار معماري معاصر

هذا الجدل بين وضوح المرجعية في العمارة الإسلامية وتيه الغرب في غيابها، ليس مجرد مقارنة تاريخية، بل هو مدخل لحوار معماري معاصر. حوار يسعى لإعادة اكتشاف البوصلة القيمية التي تحفظ للمدينة هويتها، وتفتح في الوقت نفسه مجالاً للابتكار دون أن ينفصل عن الجذور. وهو ما يشكّل أحد محاور مشروع "حوارات معمارية"، حيث يتحول النقد إلى دعوة للتأمل وإعادة البناء على أسس أصيلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...