أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الجمعة، ديسمبر 21، 2012

صناعة النسيج في ليبيا 2


(المرأة الأمازيغية: حارسة النسيج – حارسة الثقافة) – 2 \ 3




الباحثة الليبية \سعاد أحمد بوبرنوسة
 / طرابلس – ليبيا – مايو- 2006


الباب الثاني / طريقة صناعة النسيـج

لم تنل صناعة الكليم المصراتي والعباءات النفوسية أي حظا من البحث والدراسة إلا فيما نذر. بينما تعرضت صناعة النسيج الحريرية في طرابلس، للدراسة من قبل عديد من الباحثين الليبيين، نذكر منهم على سبيل المثال الأستاذين: سعيد حامد وسالم شلابي، وقد نشرا أبحاثهما في مجلتي تراث الشعب وآثار العرب الليبـيـتين.

ولقد شارفت صناعة الكليم أو السجاد في مصراتة على الانقراض في زمن شيوعية الثمانـينـات في القرن الماضي، وذلك لارتباطها دائما باقتصاد السوق. وهي تتميز بحيوية تصاميمها وزخارفها الحرة التي تقتبس من التراث ( الأيقــوني) التصويري الليبي، الذي يشابه رسوم الكهوف والوشم والتيفيناغ وغيرها من المجالات.
وللأسف الشديد لم نعثر على مصادر كتابية أو غيرها تساعدنا على إنجاز دراسة مبدئية حول السجاد المصراتي.

وأما المسدة النفوسية ( زطــــا) فقد حافظت على استمرارها حتى في عسر الاقتصاد الشيوعي، وذلك لارتباطها بالطقوس والتقاليد الاجتماعية. ولكن ذلك لا يعـني أنها ستحافظ على وجودها في المستقبل، فالتقاليد الليبية عامة والتقاليد الأمازيغية خاصة أصبحت مهددة بالانقراض وذلك بسبب التغيرات السريعة التي يتعرض لها المجتمع الليبي في الوقت الحاضر.
لذا وجب علينا محاولة توثيق هذه الصناعة وإعادة نشرها عن طريق دورات التدريب واالتعليم لفتيات الجيل القادم.

النسيـج في جبل نفوسة – على النول العمودي ( زطـًَّــــا:(
 )قالت جدتـنا الأولى ” نانــَّـانغ تامزوارت”: أن النساء الأمازيغــيات قد تعــلمن النسيج من النخلة ( تـزديـت)، ومن التكوين الطبيعي لمادة الليــف ( آســان)، الذي استعملنه في أولى محاولات النسج لصناعة الحبال ( زوكر ن آسان ) والشباك مثل ( أوريج و توريت )، وكذلك ( ماسان ) الذي يستعمل لنقل المتوفى إلى المقــبرة.(

ولقد استعمل الليبيون الصوف في صناعة النسيج منذ زمن بعيد، واشتـُهروا بلباس الصوف من عصر الرومان، ويبدو أنهم فضلوه بالرغم من أنهم عرفـوا غيره من مواد النسيج. (بروجان) .ذلك أن الليبـيين كانوا قد عرفوا خصائصه أحسن معرفة، ولا زالوا يفاخرون في أشعارهم وأمثالهم بالرتداء عباءة الصوف، وكان شعارهم الوطني حتى أصبح علامة لهوية المواطن الليبي، فغيره من الملابس يعتبر أجنبي.
وفي جبل نفوسة يستعمل الرجل عباءته في السفر: لباسا، وفراشا، وغطاء، وخيمة عند اشتداد الهجير، وكذلك قد يستعمل جرده ، كحبل لسحب الماء من مواجل السبيل.
خصائص الصوف:
تركيب شعـيرات الصوف: شعيرات الصوف مغطاة بطبقات دقيقة متراكبة في اتجاه واحد. وتحت تأثير الضغـط أو الحرارة أو الرطوبة تتداخل هذه القشور، ويصبح ذو خاصية تراصّـية.

وللصوف خصائص فريدة بالمقارنة مع الأنسجة الطبيعية الأخرى تجعله ملائماً لصناعة الملابس والسجاد في الوقت نفــسه. فهو يمنح الدفء والبرودة، ويقاوم الاحتراق ويخمد الحرائق بسبب احتواه على الكيراتين، ويحتاج عند الاشتعال إلى درجة حرارة مرتفعة، ويحترق ببطء فيثير الدخان ويتفحم مطلقا قدرا ضئيلا من الحرارة، ويتمتع بمرونة عجيبة ويمكن طي خيط الصوف (20 الف) مرة من دون أن ينقطع، ويمتص الروائح والضجيج.

الصوف عازل للحرارة:
والسبب في ذلك هو الهواء المحتبس بين الشعيرات، ولذلك يمنح الصوف قدراً كبيراً من الدفء لمرتديه بوزن خفيف نسبياً، إذ أن عدد الشعيرات الذي يلامس الجلد أقل بالمقارنة مع المنسوجات الأخرى. ويحافظ الهواء الحبيس بين الشعيرات على برودة الأجسام أيضاً، إذ يكون طبقة عازلة للحرارة الخارجية.

وبسبب هذه المميزات: أستعمل سكان شمال أفريقيا – منذ آلاف السنين – الصوف على نطاق واسع، ومن المؤكد أن أجدادنا كانوا على علم بهذه الخصائص التي يتميز بها الصوف عن غـيره من الأنسجة، لذلك استعملوا العباءة الصوفية لباساً لكل الأوقات، لتعـزل عن أبدانهم الحرارة في الصيف وتمنحهم الدفء في الشتاء.
وهو مناسب للمناخات المختلفة، فيلبسه سكان شواطئ البحر والجبال وبدو الصحراء

الصــــوف والــــــماء:
والحقيقة أن الصوف هو الأكثر قدرة على امتصاص الماء بالمقارنة مع بقية الأنسجة الطبيعية الأخرى. ويسمح الصوف بمرور الماء خلاله فيمتص التعرق ويطلقه ببطء بواسطة التبخير بحيث لا يشعر المرء ببرودة الشتاء، أما في الصيف فتعطي عملية التبخير إحساسا بالبرودة. وهو يمنح الدفء حتى ولو كان مبتلا، فشعيرات الصوف تنكمش عند امتصاص الماء فيصبح النسيج أكثف ويمنع مرور الهواء خلاله ويخفض أثار البرودة. ويمتص الصوف الرطوية من الهواء مما يجعله يطلق الحرارة.

وفي النهاية يجب أن لا ننسى أن كل هذه المميزات التي خلقها الله في الصوف هي لحماية الحيوان الذي يحمل الصوف فوق ظهره من الطبيعة القاسية. ولكن خلقه الله عارياً وميزه بالعقل فأستعار من الحيوان جلده وصوفه.
وما مستالد بالصوف غير ولد الخروف.
اقتناء وإعداد الصوف:
تعتبر حرفة النسيج في جبل نفوسة من الصناعات التي تعتمد على الخامات المتوفرة محليا من مراعي البلاد لذلك يحرص سكان المنطقة على تربية الأغنام لتوفير الصوف الذي يعتبر المادة الأساسية في صناعة النسيج المستخدم في اللباس التقليدي لذلك يخرج أهل الجبل في منتصف الربيع من كل سنة إلى الظاهر للحصول على الصوف من الأغنام التي يبدأ موسم جزها في الربيع تم يرجع الأهالي من مناطق الرعي إلى قراهم وهم يحملون شباك الصوف فوق الجمال وكذلك ما حصلوا عليه من سمن ويستخدم منتوج الصوف أغلبه للاستهلاك المحلي وفي حدود المنطقة وفي حالة وجود فائض يتم بيعه في أحد الأسواق المجاورة ويباع ويشترى الصوف في السوق بالجزّة بكسر الجيم، وصوف نعجة جمعها جزز. وعملية البيع تتم بعد أن تأخذ ربة المنزل الكمية التي تحتاجها للأسرة وهناك من يتصدق بكمية من الصوف بعد عملية الجز للمحتاجين. والعائلات التي لا تمارس حرفة الرعي تقوم بشراء الصوف من الأسواق حسب احتياجاتها. ويمر الصوف بعدة مراحل قبل صناعته حيث يفرز وينظف من الأشواك ويغسل ويقردش ويغزل تم يستعمل في عملية النسيج للحصول على ملبوسات مختلفة الأنواع.
والجزّة / تطلق على كمية معينة من صوف الشاة، وهي وحدة كيل الصوف وتسمى في الأمازيغـية (إيليس) جمعها (إيليسن).

ولصناعة العباءات النسائية والرجالية الفاخرة في جبل نفوسة، وخصوصاً تلك تستعمل في المناسبات الخاصة- تهتم النساء باختيار النوعية الجيدة من الصوف وينتقينها بعناية فائقة من بين الأصواف المختلفة التي تباع في الأسواق، وأحيانا يتم توصية الرعاة في الجفارة والحمادة، للحصول عليها، وذلك لأن جودة صوف الخراف تتوقف على عمر الحيوان ونظافة المراعي وجودتها، ونوعية النسل والقسم الذي تنبت فيه الشعيرات من الجسم.
وتتمثل خصائص الصوف الجيدة لنسيج العباءات في: بياضها ونعـومتها وطول خصلتها ويختلف طول صوف الأغنام بصورة كبيرة فقد يصل طوله إلى ( 40 سنتمتراً ). وتسمى الصوف الجيدة ” تودفت تاعسَُـلوت”.

اجتماعات النساء لصناعة الصوف وأعداد المسدة:
وتقوم المرأة في جبل نفوسة بدور اقتصادي كبير نشاهده واضح من خلال تخصص النساء في نسج المنسوجات الصوفية والقيام بالأعمال المنزلية الأخرى.
ويعتمد أهل الجبل في صناعة ملبوساتهم وأغطيتهم على أنفسهم حيث كل أسرة يوجد عندها منسج خاص بها داخل البيت و تلبس من إنتاج يدها وتشجع النساء بناتهن على تعلم النسيج في وقت مبكر لأن هناك عادات تجبر الفتاة على تعلم هذه الحرفة مثل تحضير البثات الخاص بالفتيات عند الزواج المتمثل في تحضير بعض المنسوجات بيدها التي تستعمل بعد الزواج لهذا نجد تنافس كبير بين الفتيات على هذه الصناعة.

تعتبر صناعة النسيج من الحرف التي تحتاج إلى عمل جماعي ولا تستطيع المرأة أن تقوم بها بنفسها ولهذا تتعاون نساء فساطو عند إعداد المسدة وتعقد النساء بهذه المناسبة اجتماعات خاصة تبدأ من غسل الصوف وتنتهي عند قطع المنسوج وجميع النساء قديماً كن يمارسن حرفة النسيج ولهذا نجد عملية إعداد الصوف بالطريقة الجماعية كانت عادة تمارسها نساء فساطو وغالباً ما كن يتعاون فيما بينهن لغسل الصوف وللقيام بعملية فلا التي لا تستطيع المرأة الواحدة القيام بها بنفسها، وكانت السيدة التي ترغب في عمل مسدة تدعو جارتها وصديقاتها وتوزع المهام بينهن فعند القيام بغسل الصوف مثلاً تقوم الداعية وليمة غداء لهن وتقوم المدعوات بالقيام بأعمال الصوف المختلفة مثل غسل الصوف وعملية فتح الصوف بعد غسله لتسهيل عمل القرداش.

أما السيدات الكبار في السن كن يساعدنا بنتاهن في عملية النسيج بإعداد الصوف فقط ولهذا يخرجن أثناء القيام بهذا العمل إلى الجيران للترويح عن النفس والعمل في نفس الوقت حيت يجدن مجموعات أخرى من النساء المتقاربات في العمر وبعد الانتهاء من العمل يرجعن وهناك من يجلسن على المصاطب عند مداخل البيوت في مجموعات للتسلية والعمل وكذلك للقيام ببعض الأمور الخاصة بالنساء.

أدوات صناعة النسيج المستخدمة في جبل نفوسة:
تعتبر صناعة النسيج من الصناعات اليدوية التي تمر بمراحل مختلفة وتحتاج في نفس الوقت إلى عديد من المعـدات والأدوات حتى نحصل على منسوج كامل وجاهز للاستعمال.
يختلف المنسج المستخدم في الساحل عن منسج الجبل – الأول أفقي والثاني عمودي يشبه منسج السجاد، ويستخدم في نسج العباءات الصوفية الغليظة، أما المنسج الأفقي تنسج عليه العباءات والأردية الخفيفة الحريرية وقد دخل إلى مدينة طرابلس في وقت متأخر أما المنسج العمودي يعتبر أقدم منه لأنه يشبه إلى حد كبير المناسج اليونانية القديمة في طريقة وضعة الرأسية ويتشابه مع المنسج الفرعوني في طريقة تحضيره.

وكانت كل الأدوات المستعملة في صناعة النسيج خشبية ومصنوعة باليد بطريقة بدائية من المغزل إلى الألة الرئيسية للسدى وكان سكان جبل نفوسة يحصلون عليها من محلات صناعة الخشب في طرابلس وهناك بعض الأدوات التي كانت تستورد من تونس. ولا يخلوا بيت أمازيغي من أدوات صناعة الصوف وتقاس قيمة المرأة وتحدد مكانتها في المجتمع عندهم بما تنتجه من منسوجات صوفيه وتعتبر السيدة التي تمارس مهنه النسيج لها مكانة خاصة في المجتمع ويبدو أن هذا كان سائداً في أغلب الحضارات القديمة. ( النقش الروماني يؤكد ذلك.(

أولاً: أهم الأدوات المستخدمة في صناعة الصوف:
1.     إيمشوطن (المشاط): لوحة مستطيلة في أحد طرفيها اسنان حديدية قائمة ، وهو آلة لندف الصوف بعد غسله وتجفيفه ، ليسهل تخليصه من بعضه، ثم يسحب الصوف المندوف من فوق المشط على هيئة ذيول طويلة ناعمة، تعد للفها حول أولفيش ( اللقاط ) ثم تثبت على رأس المغزل الصغير تزضيت.

2.     آقرشال (القرداش): يستعمل لتسهيل الصوف وعمل ( لقلوم ) وهو عبارة عن لوحتان مربعتا الشكل بكل منهم يد خشبية وهو يشبه فرشة الشعر الحديثة وكل لوحة على حد تسمى فردة، فوق كل منهما يثبت مربع من الجلد مزروعة بها آلاف الأسنان المدببة معقوفة الاتجاه وعند استخدامه يوضع الصوف فوق أحد الفردات ويمشط بالفردة الثانية أي يوضع بين ظلفيتي القرداش ويسحب العلوي باليد مع تثبيت السفلي على الفخذ وبالتالي تتفتح جميع كتل الصوف وتتشذب ونحصل على طبقة رقيقة من الصوف على هيئة مربع بعرض القرداش حيث تلف بكلاتا اليدين بشكل يشبه القلم تسمى ( آقـلـوم – تـقـلومين).

وقالت الشاعرة الأمازيغية ” ومنين قالوا الشاهي مهناش رميت المغزل والقرداش “.

تتبع سير ( آقلوم ) بعد خروجها من القرداش إلى أن تصبح خيوط جاهزة لعملية النسج:
تستعمل ( القلوم) التي حصلنا عليها من القرداش في إنتاج خيوط الصوف الرقيقة والغليظة أي حسب نوع المغزل المستعمل فإذا أخذنا المغزل الصغير نحصل على الخيوط الرقيقة ( أستو- الجداد ) أما إذا أستعملنا المغزل الكبير نحصل على خيوط غليظة ( أولمان – الطعـمة).

3.     ازضي ( المغـــــزل): وهوعود رقيق في رأسه دائرة من اللوح تسمى ( تاتقالت- النزالة ) وهي نوعان – مغزل صغير لغزل (استو– الجدَّاد) وآخر كبير لغزل الطعمة ( أولمان – الطعمة).

وهناك نوعان من المغازل هما ( تزضيت – ازضي):
أ‌-          تزضيت ( المغزل الصغير ): وهو مغزل الجداد – أستو ويتكون من قطعة اسطوانية الشكل ذو قاعدة مذببة، وراس مفلطح فيه قطعة صغيرة من الحديد على شكل دائرة غير مغلقة كعلامة الاستفهام ن وبه الثقالة وهي قطعة خشبية دائرية الشكل بها تقب في وسطها يدخل من خلالها المغزل وتكون الثقالة في راس المغزل ، وقد تضاف ثقالة اخرى اصغر حجما. وبإدارة المغزل بسرعة في اتجاه واحد ، وتعمل الثقالة كعامل مساعد لأجل زيادة ثقل العصا وشد الخيط وتقويته، ويعمل بالمغزل في مكان عالٍ لكي تتم بصورة صحيحة وسليمة سطه يتم سحب الصوف ولفه في ليتخذ شكل خيط رفيع .

أستعمالات تزضيت:
وهي تستعمل لصناعة خيوط السدى الرفيعة ( ســتو)، ويستعمل معها أدات أخرى تسمى أولفيش أو بالعربية (اللقاط).

أولفيش ( اللقاط :(هي عصا قد تكون من خشب أو قصب أو عظام ، طولها 15 . 25 سم يوجد في أعلاها مجموعة ريشات. ووظيفة أولفيش هي يلف عليه الصوف بعـد الانتهاء من عملية المشط . لكي يسهل عملية الغزل بواسطة المغزل. ( الشكل)

ب‌-        أزضي ( المغزل الكبير): ويعرف بمغزل ( الطعـمة – أولمان ) وهو شبيه بمغزل الجداد، غير ان راس المغزل وقاعدته مدببتان، ويتراوح طوله 25 . 30 سم ، وله تقالة ( تاتقالت ) ايضا توضع من الاسفل بعيدة عن راس القاعدة مسافة 5 .2 سم. وتتم عملية غزل الصوف بإدارته بسرعة على الأرض، وتستعمل صِـحَــفة من الفخار للتثبت دوران هذا المغزل تسمى بالأمازيغية ( تنطريفت).

ويقول المثل” آم أزضـي يـفـّغ ستــنـطـريـفـت “. لوصف الخروج عن التقالــيد والأعراف السائدة.

أستعمالات ازضي:
وهو يستعمل لتحضير خيوط الطعمة (أولمان) وهي أغلظ حجماً من خيوط السدى، وعند أستعمالها يتم تمريرها من بين خيوط السدى العمودية ( ســتو)، وبالتحام هذه الخيوط معاً يتكون لنا مايعرف بالقماش ( النسيج).

هناك بعض المصطلحات في لغة النسيج ستتكرر كثيراً معنا ولهذا لابد من توضيحها حتى لايحدث ألتباس مثل:
أ – أولمان ( الطعـمة ): خيوط من الصوف المحلول يتكون منها النسيج مع الجداد.
ب- ســتو ( الجـدّاد ): الخيوط الرفيعة التي يتكون المنسج من صفين منها ، تلحمهما ( الطعمة).
وقديما ًكانت السيدة الأمازيغية تقوم بغزل الجداد الذي تحتاجه بنفسها من الصوف المحلي وهذه العملية تأخذ وقت طويل ومجهود كبير في سبيل الحصول على خيوط وقيقة غير أن الخيوط المنتجة كانت غليظة ولا تسمح بحياكة الأنواع الرقيقة من العباءات. أما الأن فمعظم النساء يستعملن الجداد الصناعي الذي تنتجه المصانع.

ثانياً: ألـــــة صناعة النسيج:
مكونات آلة المسدة ( العالت ن زطــّـا ) – النول العمودي:
المسدة: هي عبارة عن آلة الحلج اليدوية. وتتكون من قائمتين من الخشب رأسيات ودعامتين سفلية متحركة وعلوية ثابتة وتشد بهما خيوط ( الجدّاد – ستو) وتثبت الآلة بأربعة أعمدة مثبتة بالحوائط خلف النساجة مع ترك مسافة تكفي لجلوس إنسان بين النسيج والحائط وهذا وصف لكل جزء من مكوناتهاعلى حدة:

زطـّـا – آلـة صناعة النسيج
1)    انــور ( خشبة تـثـبـيث الخيوط):
وهي عبارة عن قطعتين من الخشب المضلع توضعان بشكل أفقي – أحداهما تثبت من أعلى ( انـــور مينج ) والآخرى من أسفل ( انـــور مادّاي ) ، طولهما متران تقريبا – في اطرافها شـق عريض- وعلى جسم هاتين القطعــتين ثقـوب ( منازل ) لتثبيت خيوط السدى ، يبلغ عددها عشرة تقريباً.

وفي هذه الثقوب تثبت خيوط السدى ( اســـتو ) بعد ربطها بواسطة خيوط سميكة تسمى ( تـقــروت ) – كل ثلاثة خيوط من الغـــزل على حدة ( كما يوضح الشكل أعلاه رقم 003).
ثم يتم تعشيق الخشبة العليا ( انور مينج ) من الجانبين – بوضع أفقي – مع طرفي عمودي ( الوقافات – تمنطيوين) من اعلى بعد ان يتم لف الجداد عليها.

وتثبت الخشبة السفلى ( انور مادّاي ) مع الطرف الأسفل لعمودي ( الوقافات ) بعد ان يربط بها الطرف السفلي للسدى ( ســتو- الجداد ). ويثبث الخشب الأفقي على الوقافات الجانبية بواسطة قطع حديدية طولية قابلة للتحويل. ( كما يوضح الشكل).
وتشد خيوط السدى بقوة على إينورن ، لأنهما الأساسيان في تثبيت النسيج وحمله حتى نهاية المسدة .

2)    تمنطيوين ( القوائم – الوقافات):
وتتكون من قطعتين ( تمنطي تازلماطت + تمنطي تانفـّــيست ) طول الواحدة منهما حوالى المترين ، ويوجد بكل قطعة ثقبين في الأسفل ، ويكون راس القطعة على شكل مثلث ، وفي نهايته يوجد شق في جانبي الخشبة لربط حبل شد المسدة وتثبيث توازنها . وتستخدم الوقافة لحمل المسدة وشد توازنها وتوضع بشكل عمودي لتثبت عليها قطعتي الخشب الأفقيتان .

3)    إيغانيمن ( القصبة ): عود من القصب ينزل فيرفع به خبال المنسج عند النسج .
وهي قطع من نبات القصب الطويل . توضع بين الجداد للتحكم في عملية تغيير الجداد الى الامام والى الخلف.
4)    الجــبَّــادة: قطعة من العود صغيرة منقوبة الوسط ، ولها فم ذو لسانين يثبتان في طرف النسيج من الجهتين يميناً ويساراً ، وفي ثقب الجبادة خيط يربط بالقائمة ممسكاً بالنسيج لتسوية انكماشه .
5)    تـللي ( السفاحة ): تتكون من خيوط مظفورة، تشد عود النيرة ، الى الوراء لمنع الجداد من الارتخاء ، وبذلك يترك الفضاء لمرور اصابع النساجة بخيوط ( الطعمة).
6)    المــطرق: عود من جريد النخل في الغالب ، تدور حوله خيوط ( النيرة) .
7)    النـــيرة: خيوط مصبوغة بالحناء، تدور حول ( المطرق ) وهي التي تتحكم في الخبال ( والخبال ) هو تبادل دخول صفي الجداد الواحد في مكان الأخر، بعد مرور خيط الطعمة.

ويتبع هذه الألة مجموعة من الأدوات التي تستعمل في عملية النسج وتكون من توابع آلة المسدى بعد نصبها، وفي ما يلي ذكرها:
          أ‌-          زازل ( الخلالة ): آلة حديدية ذات اصابع رقيقة مستوية – اداة سبك يدوية ، تمتد الى الأمام ولها يد من عود مثيتة في طرفها الأخير عمودياً ، ولها أسنان مثل المشط وتستعملها النساجة في تثبيت خيط الطعمة في مكانه من النسيج.
        ب‌-        أوفد ( الحكـّاكة ) : وهي عبارة عن عظم ركبة البعير ، منحوت مستوى باطنه ذو ملمس خشن.
تستعمل الحكاكة لتنقية نسيج الصوف مما يعلق به من شوائب ونتوءات صوفية تسمى ( كرويش).
        ت‌-        المقص: عند قطع المنسوج.
        ث‌-        مجموعة مشابك ( إيخلالن ): لشد أطراف النسيج ومنع الارتخاء.
        ج‌-        مجموعة حبال ( إزوكار – تزرا ): حبل مصنوع من شعر الماعز مع بعض الصوف وتقرشل مع بعضها ثم يبرم منه خيوط ثم تضفر تلك الخيوط حتى تصبح حبلا. وتستعمل لشد وتثبيت ألة المنسج في الحائط.
        ح‌-        المرايا ( تيسيت ): لم تستعمل قديماً ولكن استعملتها الفتيات في الوقت الحاضر فقط للمساعدة في رؤية نماذج الرقيمة التي يقمن بنسجها خلف المنسج على الوجه الخلفي لقطعة النسيج ويرغبن في رؤيتها أمامهن على الوجه الأمامي.

مراحل إعـداد الصوف لعملية النسيج:
1.     سيرد ن تودفت ( غسل الصوف:(
كان غسل الصوف في نفوسة، قديما يتم عند منابع عيون المياه مثل ( عين الزرقا – وتموقطت ) وغيرها، حيث تنزل النسوة والصبايا إلى غسل الصوف، ويستعملن في عملية الغسل والتبـيـيض، تربة طينية بيضاء تسمى ( توبربـيـست ). حيث يقمنا بخبط كميات معينة من الصوف – بعصى خشبية غليظة مفلطحة من الأسفل ذات مقبض تسمى ( تاخبَّـاطـت )- مع تلك التربة والماء الجاري، وبذلك يفرز الصوف الأوساخ والشوائب العالقة به وتكرر عملية غسله بالماء أكثر من مرة مع تقليبه وضربه. وبعد ذلك يجفف الصوف من الماء وذلك بوضعه على صخور نظيفة، في الشمس حتى يتعـرض للهواء الطـلق ، بعد جفافه تبدأ عملية تـنقـيته باليدين من بعض الشوائب التى ظلت عالقة به بعـد الغسيل مثل: “إيكرويشن- العـدفّ – أوزّون “.
وتحتوي عادةً، ززّة الصوف الخام المتحصل عليها من الأغـنام على نسبة من شحم وثمار الأشجار وبذور نباتات وأملاح عضوية وقاذورات أخرى.

وعند الانتهاء من تنقيته، يفرز الصوف حسب لونه فيفصل الصوف الابيض عن اللون البني ( الشخمة ) والصوف الحمراء، وهذا الفرز نتيجة لاختلاف استخدامات كلى اللونين ).
أما في العقـود الأخيرة فيتم الغسل في البـيت بالطرق الحديثة وأستعمال المنظفات والمبيضات الصناعية.

2.     سقــّــر ( التجفيف ): ويتم ذلك بتعريضها للهواء الطلق وأشعة الشمس بعد نشرها على أرض نظيفة وتقلب من وقت إلى آخر حتى تجف من الماء.
3.     إيـفـساي ( الفرز ): وتتم هذه العملية بواسطة الأيدى حيث ينقى الصوف من الاشواك العالقة به وكذلك الأجزاء الصلبة التى يصعب فتحها ويفصل الصوف الأبيض عن الملون( الأشخم).

4.     قرشــل ( الحلج ): في هذه العملية يجعل الصوف على شكل أصابع مستطيلة تسمى( القلوم) تاقلومت بالأمازيغية وذلك تمهيداً لعملية الغزل وتتم هذه العملية بأخد كمية قليلة من الصوف ووضعها على فردة( القرداش) تم تسويتها بالفردة الثانية حتى تصبح مثل الورقة بعدها تلف على شكل أصابع .

والقرداش: هو أداة يدوية مربعة الشكل ذات مقبض تشبه فرش الشعر تستعمل في صناعة الصوف تصنع من الخشب والمسامير ويستخدم لحلج الصوف.

5.     إيمشاط ( مشط الصوف ): ويستعمل المشط الحديدي سالف الذكر.

6.     سـستي ( الغـــزل ): وتغزل أصابع الصوف بواسطة الأداة المعروفة بالمغزل وتتم هذه العملية بواسطة نوعين من المغازل : الصغــير لتحضير السدى والكبير لغزل الطعمة كما سبق ذكره. وفي كلتا العــمليتين يتم ربط أصابع الصوف التاتجة من العملية السابقة مع بعضها على هيئة خيوط طويلة .

7.     صباغة خيوط الطعـمة ( ؤمـَّــاين): طريقة صباغــة خيوط الصوف المستخدمة في الرقم (أومــّـاين )- (رواية معيزة سلطان كريوة:(
أستخدمت النساء قديماً المواد المتوفرة محلياً في الصباغة والتي كن يحصلن عليها من اليهود الذين تخصصوا في بيع المقتنيات الخاصة بالنساء في جبل نفوسة. تم يطحن تلك الحبوب في المهراس حتى تصبح مساحيق ناعمة وبعد ذلك تستعملها بمقادير معينة في صبغ خيوط الصوف المستخدمة في النسيج، وكانت السيدة الأمازيغية قديماً تقوم بعملية الصباغة بنفسها في المنزل وتستخدم لهذه العملية أواني فخارية خاصة للصباغة فقط، وأهم المواد المستخدمة في عملية الصباغة هي حبوب القرمز وعقاقير القاوز للحصول على اللون الأحمر ودرجاته ونبات النيلة للحصول على اللون الأزرق، والحنة للون الأصفر وتستعمل مادة الشب كمادة مثبتة للصباغة وقبل عملية الصباغة كانت تحضير خيوط الصوف بحيث تكون أرفع من أولمان وأغلظ من استو.

وتتلخص عملية الصباغة حسب اللون المطلوب في عدة خطوات هي:
أ- اللون الأحمر يحصل عليه من حبوب القرمز:
للحصول على اللون الأحمر الغامق: نستعمل عقاقير القاوز – تطهى حبوب القاوز في مقدار من الماء تم يخلط مع المحلول السابق مقدار من الطرطار وبعد أن يغلى المخلوط توضع فيه خيوط الغزل تم تطهى خيوط الغزل بعد ذلك في ماء الشب لثبيت اللون المتحصل عليه.
للحصول على لون أحمر هافت: نستعمل للحصول على هذا اللون حبوب القرمز وذلك بعد وضعها في الماء تم تترك حتى تغلى وبعد ذلك نضع الخيوط في محلول القرمز المغلى. وبعد صبغ الخيوط لابد من وضعها في ماء الشب وتغلى لتثبيت اللون.

ب – أما اللون الأزرق يحصل عليه من نبات النيلة كما يأتي:
وللحصول على اللون الأزرق: نستعمل نبات النيل ويتم ذلك بعد طهى الخيوط في ماء النيل المتكون من خليط النيل والماء بمقدار معلوم تم تطهى فيه خيوط الغزل بعد أن يوضع معها حبوب الشعير- حيث يستمر الطهى حتى تحدث شقوق في حبات الشعير من الحرارة – تنفلق الحبات من الحرارة. تم تطهى الخيوط بعد ذلك في ماء الشب. والخيوط الناتجة بعد عملية الصباغة بالنيل تسمى خيوط النيلة وتستخدم هذه الخيوط في زخرفة الملابس ( الرقيمة ) كما يصنع منها خيوط خاصة تستعمل لربط الشعر بعد الظفر كما يثبت بها أغطية الشعر مثل الملفة والبحنوق ويربط بها بعض القطع الفضية الخاصة بالشعر، وتستخدم كذلك في حالات العلاج من بعض الأمراض وذلك بربطها في أيدي النساء والأطفال حديثي الولادة.

فــــللا د سونط زطا– تحضير المسدة وطيها:
فــــللا د سونط – تحضير المنســــج وطيه
الايام الخاصة لإعداد المسدة:
بعض العائلات تعـد المسدة يوم الجمعة وبعضهم يوم السبت وهناك يوم خاص بإعداد ( السـفاحة ) ( تجروث) و( النيرة ) ( تللى ) وهو يوم الاربعاء فقط. ( وهذا يرجع الى أسباب سيأتي ذكرها في الباب التالي). وعلى العموم فان كل طقس وكل عادة هناك من يجيزها وهناك من يحرمها وليس هناك تعاقد اجتماعي محمود على مستوى عشيرة أو قبيلة فيما يخص الإجازة أو التحريم ولكن هناك عائلات ممتدة على مدى مدة أجيال دون أن تشمل جميع القبيلة وتتبع العائلة الجدة زوجة الجد الاول المؤسس للعائلة: (آنــج مــاي تجـــو نـانـانـّـغ).

وتستخدم المرأة لتحضير المنسج أو المسدة ( زطــــا ( قطعتين من الصفائح الحديدية المسطحة، واحدة يوجد عليها أربعة مسامير غليظة، وتثبت على يسارها، والأخرى عليها مسمار واحد  وتثبت  على يمينها. كما هو بالشكل التوضيحي رقم 002 .تم تجلس امرأتين عن يمين وعن شمال، وتمرر المرأتين خيوط النيرة ( ستو) حول تلك المسامير وتتبادلها من ناحية إلى أخرى.

وفي أثناء عملية التحضير هذه، تقوم امرأة ( ربما إحدى أفراد الأسرة) بتقديم الشاي مع وجبة خاصة ترتبط بهذه المناسبة وهي ( المديد ن تفيطاس)، وهي عبارة عن طحين الحلبة وقليل من البقول المحمصة، يخلط بزيت الزيتون. وبعد ذلك، ينقل ذلك السدى من القاعدة الحديدية ليثبت على العمود الخشبي الأفقي ( انور) بتمرير حزم من أطراف خيوطه في الثقوب ( انظر الشرح أعلاه). ثم يمرر عدد قصبـتين في أماكن مختلفة من السدى.

بعد ذلك ينقل إلى مكان فسيح ليتم طي المنسج (سونطـّـ ن زطـَّـا )، وفي الواقع ما يحدث هو أنه يفرد المسدة بطوله بشكل أفقي وتقوم النسوة بتسوية السدى وتقويمه. وفي هذه الخطوة ( فــــللا د سونط ) تحدد النساجة أبعاد الحولي الذي ستقوم بنسجه. ( انظر أعلاه – الصورة.(

القياسات المستخدمة لحولي الرجال ( آخماسي):
إن الطريقة التي كان يتبعها الليبيون قديما في قياساتهم لأبعاد الحولي هي استخدامهم للدراع الذي يساوي البعد القائم بين بداية المرفق ونهاية اليد، وطول الحولي بالنسبة للرجل المعتدل القامة حوالي عشرة أذرع أما العرض فحوالي ثلاث أذرع وكانت النساء هن من يقوم بزيادة الطول أو العكس على حسب طول الشخص الذي ينسجن له العباءة حيث كان هناك الحولي المعروف بالسبوعي و الثموني وهذان النوعان أبعادهم تختلف عن الحولي العادي.

تزطويت- عملية النســـــج:
نسج الجرود الصوفية من الصناعات الرئيسية عند أمازيغ نفوسة وتقوم بهذه الصناعة المرأة بكل جد ونشاط إضافة إلى أعمال المنزل الأخرى وفي الوقت الحاضر تقول النساء أن عملية النسيج أصبحت أسهل مما كانت عليه في الماضي وذلك بسبب وجود الجداد الصناعي الذي أصبح متوفر بعد اختراع الألة فأصبح من السهل الحصول عليه من الأسواق وهذا ساعد على زيادة الإنتاج وأصبحت السيدات تنتج أكثر من قطعة في زمن أقل. وقديماً كن يقمن بكل أعمال الصوف يدوياً ولا يستعملن المكوك الصناعي لأنه غير متوفر ويستورد من الخارج.

تنصب المسدة في المكان المخصص لها – أي المكان الذي ستجلس فيه النساجة حتى تنتهي من النسج وفي العادة يتم أختيار مكان مناسب قريب من مصدر الضوء، وقديماً كانت المسدة توضع في عتبة الكهف وعند النسج تجلس النساجة خلف المسدة أي بين المنسج والحائط بطريقة التربيع ويتشأم من مد الأرجل خلف المسدة، بحيث يكون الإطار الخشبي الذي عليه مئات الخيوط مصفوف أمامها وقريب من كلتا يديها. وهناك من تفضل استخدام جلد الحيوان للجلوس عليه لأسباب طقسية.

ويقال في الأمثال الشعبية الأمازيغية: ” يمزطــّ ديس تـــزطــويت ” والمقصود به طبع منسوج فيه.

طريقة تعلم الرقيمة ( كللا ) في منطقة فساطو:
تعـني كلمة ( كللا ) في الأمازيغـية: المشي. وتعـني لفـظة الفعـل ( تــكللي ): تمشي.
ولهذا نطلق على السطـر الواحد للزخرفة النسيجية لفظة ( بريد ) بمعـنى : طريق، مثـل ( بريد ن تليـفــسا ) – بمعـنى طريق الأفــعى – وهذا الرمز يعني الماء عند الفراعنة ونلاحظ أن خطوات الأنسان أو الحشرات عندما تمر في طريق طويل تتكرر تتوالى بعضها وراء بعض كما تتوالى طوابع الزخرفة ( كللا).
كذلك نلاحظ أن الوحدات الزخرفية في السطر الواحد لا تلتصق ببعـضها، مثل خطوات الإنسان.

وتقول جداتــنا الأولى (عن رواية معيزة سلطان كريوة ) كذلك بأنهـن معـشر النساء الأمازيغيات قـد تعـلمن الرقم ( كـــللا ) من الحشرة الجميلة التي يسمونها ( نانـَّـغ مْـرَارَة ) المطـّرز ظهرها بالزخارف الهندسية الحمراء والسوداء. ونلاحظ هنا أن كلمة ( مْـرَارَة ) تعـني( الكاتبة ) مشتقة من ( تامريرت ) و ( آمرار )، وبالتالي يكون اسم الحشرة ( جـدتــنا الكاتبة).
الطقوس المصاحبة للنسيج في جبل نفوسة / بعض العادات المتعلقة بتعـلم الرقم النسيجي ( كللا):

1-    زيــارة نـانـا كللايــــا في عين تموقطت:
تجتمع الفتيات اللاتي عندهن رغبة في تعلم النسيج ويذهبن بصحبة بعض النساء إلى زيارة ضريح نانا كلللايا الذي يقع في وادي تموقطت تحت قرية يوجلين ويعتبر أكل البسيسة والمبيت في المزار من الأشياء الضرورية لكل فتاة تريد أن تتعلم الرقيمة وعند الزيارة يقمن بتحضير طبق من ( طومن أملال ) تم ويوضع في إنا ويترك ليلة تامة في المزار وفي أثناء ذلك تمر عليه الحشرات وتترك أثار أقدامها على وجه الصحن على هيئة طرق مختلفة حسب أتجاه الحشرات المارة وفي الصباح تأتي الفتيات ويتجمعن على الصحن ويقتسمن البسيسة فيما بينهن وبذلك تكون الزيارة قد انتهت.

ويقال أن أهل فساطو تعلموا الزخارف النسيجية ( الرقيمة ) من هذه الحشرة المقدسة. وهذا أمر شائع في كل الحضارات حيث تنسب حرفة النسيج إلى ألهة معينة، وفي الغالب تكون هي أول من علم البشر هذه الحرفة.

2-    تناول عشبة القـنـقـيـط:
كل فتاة ترغب أن تتعلم حرفة النسيج عليها أن تتناول عشبة ( القنقيط ) مع وجبة الكسكسي للمساعدة على تعلم الرقم والقنقيط هو نبات برى أوراقه عريضة وبريه يستخدم منوم ومخدر في حالة الارق أو التشنج ( الصرع ) وذلك بأخذ منقوع العشبة عند اللزوم بكميات قليلة جداً لان له خاصية توسيع حدقة العين وانهيار الجهاز العصبي ولذلك يجب تقنين الكمية . ونظراً لان استخدام كمية كبيرة من النبات يحدث الهلوسة عند الانسان لذلك نجد ان هذه المادة تستخدم في أعمال التنبؤ والتنجيم والعرافة وقد استخدم هذا النبات الكهنة في الحضارات القديمة مثل اليونانية والفرعونية.

ونساء فساطو كانوا على علم بمفعول هذه النبتة العجيبة التي كانت متوفرة بكثرة في البيئة الجبلية وقد قمن باستخدامها للمساعدة في تعلم النسيج والرقيمة ( تقيقاز ) و للتنبؤ بالمستقبل والتنجيم، حيث كانت الفتاة الأمازيغية تتناول هذه العشبة مع بعض الأطعمة الأخرى مثل الكسكسي أو الزميتة، حيث تقوم النساء بطبخ هذه العشبة مع الكسكسي وتقديمها للفتاة التي تريد تعلم الصنعة وتصحب هذه العملية بعض الاحتياطات مثل منع هذه الفتاة من الاتصال أو الجلوس بالقرب من الرجال طوال مدة استعمال القنقيط وكذلك أن تبقى نظيفة وطاهرة. ونظرا لمفعول العشبة التخديري فإن المتعاطية يحدث لها نوع من الهبل أو الذهول العقلي المؤقت. ( انظر جميل هلال- د.عبدالله عبد الحكيم القاضي).

درس مبسط لتعليم الرقم / خاص بالطابع الفساطوي:
خطــــــوات العـــــــــمل:
ملاحظات هـــامة قبل بداية العــمل:
# نطلق لفظ ( أولمان) على خيط الصوف البيضاء.
ونطلق لفظ (أوماين) على خيط اللانـــا المصبوغ.
وقديما كانت أومّـــاين تصنع من الصوف المصبوغة، ولكن منذ عشرين سنة مضت أصبحت تصنع من اللانــا.
كذلك كانت خيوط الجداد ( سـتو ) تصنع يدويا حتى بداية الثمانينات، ثم أصبحت تباع جاهزة من المصانع.
# نطلق مصطلح ( أوفس = يد ) على كل خطوة من العمل.
وهناك نوعان من الخطوات ( إيفسّـن) على التوالي:
أ) أوفــــــــس ن آدّار = بالمعـنى الحرفي : يد الحشو.
وعادة نبدء بها الرقيمة ( كللا )، وفيها يتم إنزال القصبة ( غانيم ) التي تعلو السفـّــاحة ( تللي) حتى تلتصق بها مباشرة.
ب) أوفس ن إيخواي = بمعنى يد الرفع.
وفيها يتم رفع القصبة المذكورة إلى أعلى حتى تبتعـد عن السفـّـاحة بمساحة تزيد عن الشبر ( انظر الصورة).
# وكل خطوة نرمز لها برقم واحد أو مجموعة أرقام.
وتعلو هذه الأرقام على التوالي نجمات، وأرقام أخرى لا يعلوها شيء.
وترمز تلك الأرقام التي فوقها نجمات إلى عدد خيوط السدى ( استو = الجداد) التي يجب نتركها حرة: إلى الخارج.
وترمز تلك التي لاشيء فوقها إلى عدد خيوط السدي التي يجب نمسكها بالأنــامل : إلى الداخل.

فمثلا:
إذا وجدنا الخطوة تحتوي على سلسلة أرقام كما يلي:
2* 1 2*
فمعـنى ذلك أننا يجب أن:
نترك عدد خيطين من السدى حرة أي ( إلى الخارج).
ونمسك مما يلي ذلك فـقـط بخيط واحدة ( إلى الداخـل).
ثم نترك اثنتان ( إلى الخارج).
وأخيرا نمسك ما يلي ذلك ( إلى الداخل ).
ونمرر خيوط الصوف ( أولمان = الطعمة ) البيضاء والملونة بين الداخل والخارج.

كـللا – الرقيمة – خطوات العمل
# نكرر كل خطوة (أوفس) مرتان:
المرة الأولى نستعمل خيط الصوف الأبيض.
والمرة الثانية نستعمل خيط اللانــا الملون، أزرق أو أحمر.
فكل خيط ملون يسبقه خيط أبيض.
واختيار لون الخيوط يتم حسب الرغـبة والذوق.
فمثلا قد نبدأ بالخيط الأزرق ثم نـنـتـقـل إلى استعمال الخيط الأحمر ثم نعـيد استعمال اللون الأحمر مرارا عديدة ثم نـنـتقل للون الأزرق، وهكذا.
وهناك مثلا من لا يستعمل اللون الأزرق نهائيا.
فاللون الأزرق فائـدته يعـمل ظلالا قاتمة في تفاصيل الشكل الأحمر فلا تبدو بقعة ذات لون واحد.
بعـد فهم الملاحظات السابقة فهــما دقيقــا، ستبدو خطوات العمل سهلة وبسيطة للغاية ( طبعــا بعــد تـنـاول وجبة القـيـنـقـيـط والحصول على بركة نانا كـــللايــا – تـنـميريـننس ):
نبدء، طبعا بمساحة من خيوط الصوف( أولمان ) البيضاء – ثم نـبدء الرقم ( كللا ) :

إولا / نـُدخل في ( أوفس ن آدّار = غانيم إين آداي = الخطوة الأولى) خيط الصوف الأبيض ( أولمان.(
ثانيــا / نـُدخل في نفس اليد السابقة خيط زرقاء ( أومّاين).
ثالثـــا / نـُدخل في ( أوفس ن إيخواي) = غانيم أين مصعـد = الخطوة الثانية) خيط الصوف الأبيض ( أولمان).
رابعــا / نـُدخل في نفس اليد السابقة خيط حمراء ( أومّـــاين).
قد نكرر نفس اللون السابق عدة مرات في الخطوات التالية حسب الذوق.
عن رواية (تسجيل صوتي) للسيدة عائشة أحمد سعيد الختالي. جـــادو ( 1980 – 2006 .(
استخدام الأعداد فـــي الــزخرفة
أنواع وأشكال العلامات الزخرفية المستعملة في منطقة فساطو:
وتعتبر منطقة فساطو في جبل نفوسة من الأماكن الأكثر شهرة في زخرفة الأنسجة الصوفية بالطراز المعروف بالرقيمة ( الوحدات الزخرفية التي تزين أطراف الأردية ) والتي لها عدة مسميات مختلفة:

وتختلف طرز الرقيمة من منطقة إلى أخرى في جبل نفوسة نفسه حيث يوجد طابع خاص ومميز بكل منطقة أي رقيمة خاصة بكل من – يفرن – كاباو – نالوت وبمجرد النظر إلى أطراف العباءة يستطيع المروء تمييز صاحبة العباءة والتعرف على منطقتها. ويختلف طابع العباءة النسائية عن الرجالية.

ويتميز طابع العباءة النسائية بأشكال عديدة ومتنوعة حسب نوع العباءة واستخدامها، والطابع هو عبارة عن وحدات زخرفية متسلسلة تزين بها أطراف الأردية وتتكون الوحدات الزخرفية للطابع من أشكال هندسية مجردة مستوحاة من الطبيعة من أهمها:
وهذه بعض النماذج التي تتميز بها هذه المنطقة:
تامنشارت – المقص – تاصندوقت – تاكعابت – تيط ن تماللا – زيطيو – تاحوتيت – تاحندقوقت – تاملويت – إيغيدن – الحجاب – تاخلالت – بريد ن تلفسا.

1-    تدبيرت: هي وحدة زخرفيه خاصة قديمة وخاصة جدا ولا توضع إلا على رداء خاص يسمى ( تقوسيت.(
2-    المنشار: ويوجد باحجام عديدة كبيرة وصغيرة.
3-    تاكعابت: نوع معين وخاص من الزخارف وهي تعتبر من الزخارف المنقرضة الأن ولا تستخدم إلا في تزين ( الدخليليت ) وهي خاصة بالأفــراح فـقـط.
بريد ن المنشار – زقنى ن المنشار – تامنشارت ن تاحوتيت – المنشار امقفول – تاملويت ن تكعابت – بريد ن تصندوقت – زيطيو آمقران – آيدام ن المقنى …….إلخ.

وكل الوحدات الزخرفية من الممكن أن تكون عبارة عن عينات صغيرة في البداية وبزيادة أعداد أخرى لها تصبح باحجام كبيرة.

ويتميز طابع العباءة الرجالية بخط رقيق من الزخارف لعينات صغيرة مثل( زيطيو- تيط نتماللا – المنشار) تسمى ( تقيقاز ) وتزين بها أطراف أردية الرجال فقط.

السيدة الأولى للرقيمة الفساطوية: ( توزين عاشور قدوارة – من مـزُّو) /
أول مدرسة للنسيج ومن أشهر نساء جادو في الرقيمة وهي أول من قامت بتدريب بنات فساطو في مدرسة خاصة وقد تخرجت دفعات عديدة على يدها – جيل تام تم تعليمه على يد هذه السيدة في صناعة النسيج من غسل الصوف إلى فـللا وكلا، وكانت تذهب كل صباح من بيتها في المساكن الشعبية إلى المدرسة وهي في ” البـياطـسة ” فوق سوق جادو القديمة – على الأقدام – وهي مسافة تزيد عن الكيلو متر، وكلها حماس لتعليم الفتيات.

وهي أصل أنتشار الرقيمة في جادو وقبل ذلك كانت هذه الحرفة مقتصرة على نساء معدودات ومن الصعب تعلمها، أما الأن فقد انتشرت الرقيمة في فساطو على يد هذه السيدة بعد تأسيس هذه المدرسة في السبعينات. وفي كل سنة كانت تدرب مجموعة معـينة.

وخلال هذه الفترة من الحماس تم اختراع الرقم عن طريق العلامات الحسابية، ولم نهتدي إلى حد الآن لاسم الفتاة صاحبة هذا الاختراع المتميز – ولك على أية حال ساعد هذا النظام العددي، كل الفتيات في تعليم الرقيمة وأصبحت هذه الحرفة منتشرة بشكل أوسع وبإمكان أي فتاة من ممارستها.

وفي نهاية مشوار السيدة ( تاقدوارت) وعند تقدمت بها السن أصيبت بمرض في العيون ولم تستطيع أن تكمل المشوار، تقاعدت عن العمل بعد أن تركت جيل من الفتيات يمكن الاعتماد عليهن، ولم يستلم أحد بعدها هذه المهمة وأقفلت المدرسة وقد تركت كل خبرتها في يد بنتها التي تدربت على يدها وقد أتقنت هذه الفتاة حرفة الرقيمة وأخذت طابع امها، رحمها الله واسكنها فسيح جناته.

وقامت هذه السيدة الفاضلة باختراع طابع زخرفي خاص مكون من موتيفات ملونة مألوفة ( يطغى عليها اللون الأحمر) ولكن في أسطر عريضة متعددة، وهو يسمى ” بريد ن قدوارة” نسبة إلى اسمها، وهو طابع خاص بها.
وعادة ما يطلب منها النساء في بيوت فساطو إنجاز هذا الرقم الفريد في حواشي عباءاتهن. وذلك لشهرته البالغة.

وأما بخصوص اسم قدوارة فيقال أن: ” أهل هذه السيدة كانوا متخصصون في صناعة النسيج عندما كان الناس لا يملكون الملابس الكافية في أعوام الفقر والمجاعة، ويقال أن جدتها الأولى كان لها ولد فصنعت له غطاء من الصوف ثم عملت فيه مكان لدخول الرقبة ولبسه لذلك أطلق عليه اسم قدوار – القُدْوَارَة ( بالقاف المفخمة ): وهي جبة من الصوف”. ( رواية مريم خليفة يعقوب – عائشة أحمد الختالي- جـادو (2005 م).

وبخصوص هذا الموضوع يقول الأستاذ المرحوم ( عمر سعيد بغـني ) في أحد ورقاته التي لم تنشر:
تتبع النسيج من خلال جولاتى الميدانية فى القطاعات لعمرانية الجبلية ، تعرفت الى مشروع للأشغال النسيجية كانت جهة ما قد أشرفت على اقامته، ضم عددا من الفتيات في فساطو ، يهتم بالحفاظ على الصناعات اليدوية ، ومن أهمها صناعة ( الحوالي والعباءات الصوفية)، وقد اختيرت للتعليم فيه سيدات فضيلات ، ممن كن يتوفرن على أعلى درجة من أتقان هذه الصناعة، ولعل أبرز ملحوظة بدت لي من خلال جولاتي ، أن أحدى الفتيات ( ولعلها الأن ربة بيت ) تمكنت بفضل ذكاء ونباهة نادرين أن تكتشف طريقة حسابية تعتمد لتعليم أشكال الرقم اشارات جبرية ( من أيجاب وسلب ( + و ـــ ) وبذلك أمكن لجميع الفتيات المتدربات وآنذاك تعلم أساس جديد يسر ما لم يكن متيسرا على الاطلاق للجميع ولكننا نفاجأ ربما لغرض نفعى مجرد الغـاءهذاالفرع التعليمى ، ليتحول الى أنواع أخرى من مشاريع الخياطة الألية ، وكان فى ألامكان الابقاء على النوع التراثي التقليدي الذى لاتزال له نكهته بل وجدواه ، دون أن تتاثر المشاريع الجديدة وهى كتيرة والحمدلله بهذا الابقاء.”.

ملاحظة:
لقد لاحظنا أن المجتمع الأمازيغي بجبل نفوسة- في العصور المتأخرة – لم يعـد يهتم بالاحتفاظ بأسماء النساء المبدعات في التاريخ الحديث، فالسيدة زعيمة الباروني ذكرت الفتاة التي قتلت الأفعى في قرية ( ؤشباري) ولكن لم تذكر أسمها قط، وذلك ربما لأن أسمها قد زال من الذاكرة الشعبية منذ زمن قريب.

وذكر المرحوم المؤرخ ( عمرو سعيد بغني ) الفتاة التي ابتكرت الأرقام والعلامات التي ساعدت على توثيق حساب الرقم ( الزخرفة النسيجية – كللا) ومكنت الكثير من الفتيات في فساطو من تسجيل هذه العلامات وبالتالي تسهيل عملية تعـلمها، حتى أصبح بإمكان كل فتاة أن تتعلم الرقم، – كللا ، بعد أن كان هذا الفن مقصور على عدد محدود جداً منهن. فأصبحن يتـناقلن ذلك النظام الرقمي في كراسات.

وأشار الباحث المرحوم آسفاً إلى أنه لم يستطع أن يعرف اسم تلك الفتاة المبدعة، بالرغم من سرعة انتشار اخترعها،
وعندما حاول الباحث يوسف أحمد الختالي أن يتـتبع هذا الأمر فشل بدوره في معـرفة إسم فـتـاتـنا المبتكرة.

ولقد وصلنا من الأخ الباحث ( عمرو زابــالة ) مشكوراً جزيل الشكر، عدد ثلاث كراسات لفتيات من فساطو قد جمعن الزخارف بالرسومات والأرقام، ولكن لم تحمل أية من تلك الكراسات إسم صاحبتها. فلماذا؟ وهل أصبح ذكر إسم المرأة النفوسية في الشأن الثقافي: معـرّة وأمر مَعـيبْ؟

ونعـتقد أن هناك المزيد والكثير من المبدعات الأمازيغيات في كل أنحاء جبل نفوسة، ولكن مع الأسف سيبقـين في حكم المجهول. فهل يا ترى هذا هو مصير وجزاء النساء في مجتمعـنا الأمازيغي؟.
وهل الجبل الذي أنجب : ( صوفيني بال – وفابـيا بربتشوا – والكاهنة ديهـيا – ونانــا زورغ – وزعيمة الباروني) عجز الآن على أن ينجب غيرهن؟

أشكال الزخـــــــارف النسيجية، إيــنــقــات – قطع المنسوج وتهذيب أطرافه:
بعد الانتهاء من عملية نسج القطعة حسب الطول الذي تحدده النساجة في البداية وقبل عملية القطع النهائية لابد من عمل خط من الزخارف على الجانب الأخر من المنسوج وبعد ذلك تصبح القطعة المنسوجة جاهزة للقطع – أي نزع العباءة الملفوفة على قطعة الخشب المكونة للهيكل الخشبي وتسمى عملية قطع المنسوج ( إينقات ) ولها طرق وشروط معينة عند القيام بها – وهذا حسب معتقدات كل عائلة. مثل تحديد أتجاه القطع فهناك من يبدأ من اليمين وهناك من يفضل اليسار. والأداة المستخدمة في هذه الحالة هي المقص طبعاً بعد تحديد الاتجاه حيث تقوم النساجة باستخدام كلتا يديها وتمسك باليد اليمين المقص وباليد اليسار خيوط الجداد وهي واقفه تم تقص كل مجموعة من الخيوط على حدة وتكرر العملية مع بقية الخيوط في نفس الاتجاه حتى تنتهي من القطع. ولابد من ترك مسافة معينة من الخيوط عند القطع في نهايتي المنسوج لتكون فيما بعد أهداب. تم تمسك الخشبة السفلى الملفوف عليها النسيج بعد أن أصبحت حرة في اتجاه مائل بحيث يكون الطرف العلوى بين يديها والسفلي على الأرض وتحركها في أتجاه دائري حتى تتعرى الخشبة من النسيج الملفوف عليها عند النسج. وبذلك نحصل على القطعة كاملة وهي منسوجة ولا تكون جاهزة للبس ألا بعد أن ( يبرم جداده ) تم تعقد أطرافه من الجانبين أي تربط نهاياته بطريقة جميلة قبل لبس الحولي وتترك بعض الأهداب التي تسمى ( إيغرسن – الفتول ) للحفاظ على الملبوس وكا منظر جمالي يتباهى به.

ويقول الرحالة البارون كرافت أن حواشي الحولي الليبي مهذبة خالية من الكفاف.

قطع العباءة وتهذيب الأطراف، أنواع المنسوجات الأمازيغـــية:
كانت ومازالت صناعة النسيج في جبل نفوسة موجودة في كل بيت حتى وقنتا الحاضر فاغلب بيوت الأمازيغ في تلك القرى النفوسية تنصب فيها المناسج العمودية المتميزة. نلاحظ أن الوحدات الزخرفية المستعـملة في كل قطعة من القطع المذكورة أدناه تختلف عن بقية القطع الأخرى، بالرغم مما قد يبدو عليها من تشابه ظاهري، ونلاحظ أنه إذا انقرضت قطعة معينة من هذه المنسوجات، تنقرض معها وحداتها الزخرفية، فلا تعـد تستعـمل لزخرفة قطعة من نوع آخر. وتلعب هذه الزخارف بالإضافة إلى الغرض الجمالي دورا أساسيا في التمييز القبلي والطبقي والحالة الاجتماعية.

كذلك نلاحظ أن كل قطعة تستعـمل لأغراض معـينة نفعـية كانت أو طقسية، كما هو مبين أدناه. وتستخدم المناسج في إنتاج عديد من الملبوسات والأغطية الثقيلة والخفيفة والتي يمكن تلخيصها في المنتجات الأتية:

تصنع للاستعمال النسائي الأنواع الآتــيـة:
1)    تلابـــا ن آسطـــــار: وتصنع من الصوف البيضاء، وتزين بسطر واحد من الزخارف، وتلبسها النساء في فساطـو في سائر الأيـام.
وآسطار: يقصد به الطريق المتسلسل على هيئة وحدات زخرفية تزين طرف الرداء النسائي. وعندما نقول تلت سطار نعني أن هناك ثلاث سطور من الزخارف المتسلسلة إلى جانب بعضها البعض.
2)    تلابـــا ن تلت سطار: وتصنع من الصوف البيضاء الناصعة، وتزين بثلاثة أسـطر من الزخارف الجميلة وتستعـمل عـند الزيارات الخاصة، والأفراح، وتلبسها المرأة في المآتم بالمقلوب وذلك لإخفاء الزخارف (كللا).
3)    تلابـــا تالشخامت: تصنع من الصوف الثقيلة للشتاء، وتحمل نفس زخارف العباءة البيضاء، ولكنها لا تلبس في المناسبات مثل الأفراح والمآتم. – تالابا تلشخمت / بدون حواشي زخرفية وفيها خط أبيض وهي لا تلبس في الافراح والمآتم .
4)    تلابــا تازوجاغــت: ويسري عليها ما يسري على سابقـتها، عدا أنه قد تتشاءم بعض العائلات من صناعتها.
تدور معتقدات عديدة حول المسدة مثل وجود بعض العائلات التى لا ترتدى العباءة الحمراء ولا تصنـــعها من بعض العشائر مثل بعض من الختاتلة وبعض من أبناء عمر ( أت أعمر ) وبعض من أبناء سلطان ( أت سلطان ) وهذا الامتناع ناجم عن التطير من حوادث معينة ترتبط باقتناء العباءة الحمراء وهناك حوادث كثيرة تروى عن من تسول له نفسه أن يصنعها أو يشتهى ارتداؤها فيكون مصيره الموت .
5)    المقــنــــــا: عباءة تصنع من الصوف الثقيلة البيضاء أو الشخماء، تزين أطرافها بمجموعة كبيرة من الزخارف الفاخرة يصل عرضها شبر، وهي تعتبر عباءة مميزة جداً يتنافس على ارتدائها البنات المقبلات على الزواج والنساء المتزوجات. تـلبس بلونيها في الأفـــراح، ولكن في المآتم تلبس البيضاء فـقـط بعـد أن تقــلب زخارفها إلى الداخــل تعبيرا على الحزن.
المقنا، لا تستعمله إلا الفتاة المقبلة على الزواج فهو علامة اجتماعية فارقة ويلبس في المناسبات. المقنا يصنع بعباءة بنية قاتمة وليست بيضاء.

وهناك عــــباءة خاصة جــداً من هذا النوع، تسمى ( المقـــنــا آزكراوي)، تتميز بخط من نفس الزخارف في وسط العــباءة حيث تبدو على ظهرها مثل ريش الطاووس، لا تلبس هذه العــباءة إلا البنات من سلالة الجــدة الزكراوية المشهورة التي قتلت الأفعى. ( راجع كتاب القصص القومي – زعيمة الباروني).
1-    تاقوســـيت: وهي عباءة خاصة جداً مـثـلها مثل المقنـــا، ولكنها للأسف اختفى استعمالها تماماً في الوقت الحاضر وانقرضت منذ زمن بعـيد فلم نلحق ( للتوثيق) إلا على بقاياها. والغريب أن حتى زخارفها قد انقرضت كذلك ولم تعـد تستعـمل.
2-    الدخليــللـيت: قطعة نسيج كبيرة مزخرفة بأكملها بـزخارف جميلة منقطعة النظير، تستعمل فـقـط لتغـطية العروس عند انتقالها إلى بيت زوجها، حيث تشدها من أطرافها ثلاث زنجيات على اليمين وثلاث أخريات على اليسار، وتسير العروس وبعض النسوة المرافقات في الوسط تحت الغطاء الذي يشبه المظلة. وقد أستخدم السكيثيون هذه القطعة قديما وكانت من الصوف أيضا والغريب في الأمر انها كانت تمسك من ثلاث حواشي؟.
3-    آفــكــــــــاي: يتكون من نسيج صوفي أحمر وينسج في مسدة صغيرة خاصة – وهو شــبـك من خيط الصوف الحمراء، يغـطي به شعر الرأس، تلبسه الفتاة الصغيرة مثل ( آرفــّــاد)، ثم يحفــظ في البيت، ولا تلبسه المرأة إلا في حالة وفاة زوجها لمدة أربعة شهورً. ( كما يستعمل في حنة العريس – تلف فيه العروس أرجلها بعد الحنة ).
4-    تـــاملـفــَّــــا: وهي تصنع من قــطعة من الجرد القديم، وتصبغ بالصبغة الزرقاء الداكنة ( كانت قديماً في فساطو تصبغ باللون الأحمر)، وتثبت على الرأس بخيط من الصوف من نفس اللون، يمر تحت الدقن يسمى ( آلـقـــام)، ثم يلبس عليها عصابة تدور على الجبهة وتربط خلف الرأس.
5-    آعـصـَّــــاب: قطعة نسيج مستطيلة، ذات لون أرجواني غامق من الصوف، محدد على طوله من الجانبـين بخطين أسودي اللون، تعصب به المرأة رأسها ويوضع فوق الملفـّــة ( تــامـلــفــا) على الجبهة في اعلى الراس.
6-    آزداد: قطعة نسيج صوفية مزخرفة تستعمل في الفرح للعروس حيث توضع عليها يدى وقدمى العروس يوم الحنة.
7-    تابطانيت: قطعة مستطيلة من النسيج الصوفي المخطط ذات حواف بها أهداب جميلة من الجانبين تستعمل غطاء للنوم تسمى تبطانيت تصنع منها ربة البيت مجموعة على حسب أفراد الأسرة. وقديما كانت توضع فوق الحصيرة كفراش للنوم.
8-    تسومتيوين: هي المخاد وهي عبارة عن أكياس مستطيلة الشكل تصنع من الصوف الملون ذات زخارف جميلة جداً تستخدم لتزين حجرة الجلوس وفراش النوم.

أنواع المنسوجات النفوسية
منسوجات خاصة بالرجال:
1)    تلابا تامللات: وهي تصنع من الصــوف البيضاء الثقيلة ، تلبس في الشتاء، تزين أطرافها رقيمات صغيرة الحجم تســمى ( تقـيـقــّـاز)، وتستعمل في الأيام العادية والأفراح وكذلك في المآتم.
2)    تلابا تالشخامت: وتصنع من الصوف الثقيلة البنية ( الشخماء)، تلبس في الشتاء، وهي بدون حواشي زخرفية، ولكن في حافتيها خطان أبيضان. وهي لا تلبس في الأفراح ولا المآتم.
3)    تلابا تازوجاغت: ويسري عليها ما يسري على سابقتها، ما عدى أن البعض يتشاءم من صناعتها ولبسها.
4)    آخـــــــــــماسي: وهي عباءة بيضاء من الصوف الخفيف لاستعمالها في الصيف وتزين أطرافها زخارف رقيقة صغيرة الحجم تسمى ( تقـيقـّــاز)، تلبس في الأفراح وفي المآتم. المقنى لا تستعمله إلا الفتاة المقبلة على الزواج فهو علامة اجتماعية فارقة ويلبس في المناسبات. المقنى يصنع بعباءة بنية قاتمة وليست بيضاء. – أخماسي / عباءة بيضاء وفيها حواشي صغيرة ” تقيقاز ” وهي تلبس في الفرح والمآتم.

منسوجات خاصة بالأطفال الذكور:
1)    المنديــل ( الجمع: إيمندال): وهو عبارة عن منديل يستعمل لتغطية الطفل الصغير الذكر منذ ولادته حتى يقدم على حياة كلها هناء وسعادة فيها كل مايشتهيه الفرد ( يدخل على كل شئ حلو خلال حياته ). ولحمايته من طويرة الليل. ( انظر الولادة – والمعتقدات).
العباءات القديمة: تستعمل مثل القماش تخاط منها بعض الملبوسات ذات المقاسات الصغيرة، وتسمى العباءات التي يظهر عليها علامات القدم كانتهاء فرائها ( الجرد ) – من الفعـل( يجرد) أي أصبح مجرّدا من وبـر الصوف( البشيمه ) – في تحضير عدد من الملابس وأغطية الرأس للأطفال والصبايا منها.
2)    تــاقـدوارت: وهي قـطعة من نسيج الصوف المحاك محليا تستعمل في تحضير أول ثــوب يرتــديه الطفـل الذكــر تنسج على مسدة خاصة ( زطـًَــا ) تشبه مسدة العباءة، وإذا لم يتوفر ذلك تستعمل قطعة مستطيلة من جرد قديم، وفي وسطه فتحة مستديرة يدخل فيها الرأس وتغطي بقية الجسم، ومن الطقوس الملحة في تاقدوارت: أن لا تخاط بالسلك والإبرة والغريب في هذا الأمر انها تتشابه مع الكفن الذي يستخدم للميت في طقوسها.
والسبب في ذلك لأنه خشب المسدة يعتبر قبر الأسلاف والنسيج الذي ينتجه يعتبر الكفن الذي تلف فيه الجثة والمولود الصغير يكون عرضة لأخطار جّمة في الأسابيع الأولى لذلك يعتبر ميت إلى أن يجتاز المرحلة الصعبة التي هو فيها ( تقمص الأرواح – النسل ليس إضافة بل جديد يحل محل القديم ) وبعد ذلك يعتبر حي ويلبس ما يلبسه الأحياء وهكذا هي معتقداتهم القديمة. ومن الممكن أن تكون القدوارة هي نفسها التي ظهر بها الليبيون في الرسوم الفرعونية
3)    تــابرنوست: وهي تتكون من قطعتين متصلتين ببعضهما العلوية من القماش والسفلى قطعة من جرد قديم متصلتين ببعضهما تستعمل غطاء للرأس وتطرز على جانبه الأيمن آيات من القرآن الكريم مثل : قل هو الله أحد، أو سورة الفلق أو نجمة سيدنا داود، وتنزع بعد تعلم المشي.

منسوجات خاصة بالـفـتيات:
1)    آرفـَّــاد: يستعمل كاغطاء للرأس للبنات الصغيرات.
2)    آبحـنـوق: يستعمل للصبايا. يوضع على الرأس ويتكون من القماش ونسيج الصوف ( قطعتان ) مطرز من الأمام وتصل الطرز إلى جانبي الوجه وبه ( نوارات) من الصوف الملون على الجانبين ويشد بسير من الصوف الملون تحت الفكين.
3)    البخنوق المزخرف: وهو قطعة قماش بيضاء اللون مبطـَّـنة من الداخل بقطعة جرد ومزخرف من الامام باللونين الازرق والاحمر وخالي من الزخارف في الخلفـ، وهذه الزخارف الأمامية عبارة عن طلاسم الغرض منها الحماية من العين الشريرة والحسد .
4)    البخنوق الخفيف الزخرفة: وهو مثل سابقه، ولكنه بسيط الزخارف من الخارج تلبسه الفتاة بعد البلوغ وتلبس فوقه الرداء (تملحـفـت).
5)    آعــكـّوس: تطلق هذه الكلمة على غطاء الرأس الذي تستعمله البنات – وهو غطاء ينفرد إلى فرعين وراء الرقبة وكأنهما كيسين مفتوحين إلى الخلف يلتقيان أعلى الرأس ليصبحا كيسا واحدا ويقسم الشعر إلى قسمين بحيث يدخل في كل فرع من الفرعين إحدى الضفائر ويستعمل للصـــــــبايا ويصنع من قطعة من رداء مخطط وملون ألوان مختلفة تغطي الضفائر ويلبس فوقها البحنوق ( آبحنوق.(

ولا تلبس العجائز الأمازيغـيات عند سن معــينة العباءة الجديدة، بل يلبسن عباآتهن القديمة ( لجرود ). ومن بين هذه الجرود يتم اختيار واحدة سيطـلق عليها تسمية ( تاحرّازت)، حيث تحفـظ إلى وقت وفاة صاحبتها، إذ تستعـمل لتكفـينها بعـد أن تنزع منها زخرفتها على هيئة شريط، يتم تسليمه لحفيداتها.

إيرواط – طــرق اللـــباس:
تختلف طريقة لبس العباءة الرجالية عن النسائية. فالرجال لا يغطون وجوههم ويرمون طرفه الزائد خلف الكتف، أما النساء فيمسكن اطرافه مع الطرف النازل من اعلى الرأس ولا تترك إلا فتحة صغيرة مثلثة امام العين اليسرى، وتجمع النساء طرفا الحولي بعد ثنيها تحت الباط إلى الأمام .

طرق لبس العباءات النسائية وهذا وصف لطريقة اللبس لكل منهم على حده:
طرق ارتداء العباءات النسائية:
لا توجد طرق كثيرة بالنسبة للسيدات، أما الرجال لهم طرق عديدة.
إن المرأة ترتدي الحولي فوق الظهر أيضا إي أنها تضعه فوق الرأس دوما وإذا ما أمسكت به بإحدى يديها أو بكليتهما مستورتين وجعلت الحولي يغطي وجهها فإن ذلك يسمح ببروز إحدى عينيها السوداوين من الشق العمودي وغالبا ما تضعه على الصدر أو البطن وربما يطوى أربع مرات أوستا إنه هما ينزل بشكله الغليظ حتى القدمين اللتين ترتديان صندلا جلديا ذا لون أصفر أو أحمر أو أسود لماع لماذا يرغب المرء بثني الحولي إلى هذه الدرجة من الغلظة .

في الشرق يعتبر مثل هذا الرداء السميك ذا جمال خاص ولذلك فمن الطبيعي أن ينسج بمتانة إذا ما توفر الصوف وإذا كانت كمية الصوف قليلة حرصوا على إعطاء الحولي شكلا يوحي بثقله ولذلك فإن النساء يتهادين بخطوات ثقيلة وبطيئة إلا أنها أسرع من أن تستطيع أفكارنا تتبعها وعندما وصلن إلى بوابة بيت منخفضة قرعن قبضة الباب وأطلقن الزغاريد إيذانا لصديقتهن التي تنتظرهن بوصولهن .

الغـمـبوز أو البمــبوك:
وهو مصطلح في الدارجة الليبية يطلق على شق في العـباءة تنظر منه عين المرأة ويقال لها في العامية الليبية ( امرأة مغـمبزة أو امبـمبكة ) والبمبوك هو الغنبوز / وغنبزت معناها: وضعت لحافها على وجهها / أي وضع طرف الرداء على الوجه للمواراة. وهذه الطريقة لا تزال تتبع حتى يومنا هذا في ليبيا وخاصة في أرياف طرابلس والدواخل، وتقوم المرأة الليبية بالتغمبيز كلما قابلت رجلاً داخل أزقة المدينة القديمة بينما تفضل اليهودية أن يكون وجهها عاري مع أنها تلبس نفس الرداء وبهذه الطريقة يستطيع الرجال التمييز بين اليهوديات والطرابلسيات.

وقد وصف الرحالة الألماني بانزه البمبوك بقوله ” إن المرأة ترتدي الحولي فوق الظهر أيضا إلا أنها تضعه فوق الرأس دوماً وإذا ما أمسكت به بإحدى يديها أو بكليتهما مستورتين وجعلت الحولي يغطي وجهها فإن ذلك يسمح ببروز إحدى عينيها السوداوين من الشق العمودي، وغالبا ما تضعه على الصدر أو البطن وربما يطوى أربع مرات أو ستّاً إنه هنا ينزل بشكله الغليظ حتى القدمين اللتين ترتديان صندلاً جلدياً ذا لون أصفر أو أحمر أو أسود لماع ” وقد تعجب هذا الرحالة من ثني الحولي إلى هذه الدرجة من الغـلظة. ( إفالد بانزه).
ويقول المثل الليبي ( طاح البمبوك يا مبمبكة).

طرق ارتداء العــباءة النفوسية
طرق ارتداء العباءات الرجالية – الحولي:
يلبس الرجال العباءة الصوفية بطرق كثيرة ومتعددة وكل شخص له مطلق الحرية في طريقة لبسه لجرده بالكيفية التي تناسبه وهذا بعد أن يراعى الأحوال الجوية وطبعاً هذا في الظروف العادية أما في أوقات العمل أو الظروف الجوية القاسية يصبح الرجل ملزم بأن يلبس عباءته بطريقة معينة. ويقضي الرجال وقت طويل في تنظيمها وتعديلها ووضعها على الرأس مرة وأخرى على الكتف.

والحولي: هو الرداء الذي يلبسه الرجال وقد تميز به الليبيون من قديم الزمان ومازال إلى وقتنا هذا يعتز به أهل ليبيا ويلبسونه في مناسباتهم الدينية والقومية حتى خارج البلد كزي وطني يختص بهم دون غيرهم ويكتسب هذا الزى عندهم نوعاً من التميز الواضح بين أنماط الأزياء الأخرى.

طريقة خاصة بالعريس: أما العريس يرتدى الجرد بطريقة واحدة متبعة وتسمى ( نقاب بالشوكات ) و كلمة نقاب جاءت من التنقيبة وهو مصطلح خاص بالرجال فقط وهي الطريقة المثلى لارتداء الزى الوطني – الجرد.

حيث أن العريس ملزم بارتداء الجرد على هذه الوتيرة بحيث لا يسقط الجرد من على راسه أبداً. وسمى بالشوكات نسبة إلى ان الجرد عندما يكون فوق الرأس تكون له زوايا أمام أعلى الجبهة وكأنها ” الشوك ” نظراً لأنه جديد لازال يتمتع بصلابة كشأن كل جديد. والجرد الذي يرتديه العريس يسمى الجرد ( زوازى ) أي زواجي وهو ذلك النوع الذي يلبس لفترة الزواج ويكون من النوع الجيد وهو أبيض يميل إلى الاصفرار. هذا ويرتدى رقاق العريس مثله أو يتشابهون إلى حد كبير ولو ادى بهم الأمر إلى الإعارة ممن يتوفر عندهم أكثر من ثوب واحد من هذا النوع العريسي المهيب. (وقبل أن يلبسه العريس ” يبرم جداده ” أي تربط نهاياته بطريقة جميلة قبل لبسه. وقبل لبس الجرد يلبس القميص وقبعة حمراء تسمى كبوس وسروال فضفاض و فرملة. وقديماً كان حولي العريس يحاك من قبل عائلته بأجود أنواع الصوف وفي ليلة دخلته يبرم جداد الحولي ويبخر فوق نوع من البخور يسمى الفاسوخ اتقاء للعين والحسد ويقولون أثناء فرد الحولي على كانون من الجمر فاسوخ في عين الممسوخ./ المبروك على الدريدى).
وعند طي طرفه العلوي ليغطي موضع الظهر والكتفين وأحيانا يفضل رَفْعُهُ ليغطي قمة الرأس وهو ما يعرف بلفظ ( النَقَابْ ) الذي يغطي الرأس يعبر عن جمال وأناقة صاحب هذا ( الحولي ) الذي يعده على شكل قوسين أو هلالين قائمين على جانبي جبهة الرأس يسمى ( إنقَابْ بُوالشُوكَاتْ).( سالم شلابى).

طريقــــــة 1
هي طريقة لا تختلف في جوهرها عما كانت سائدة قديماً والتي تكمن في لف هذا الحولي على أغلب أطراف الجسد حيث تتم بتمرير أحد أطرافه المتقدمة من تحت الإبط ليلتقي بالطرف المتدلي منه على الكتف والتحامها في ربطه على الصدر من الجهة اليسرى . موضع ربطة ( الحُولي ) الليبي على الجهة اليسرى من الصدر وتأخذ هذه الربطة شكلاً مكوراً صغيراً لا يتجاوز حجمها في الغالب على حبة من ثمار المشمش المتوسطة الحجم بينما نجد أن ما تعارف الأقدمون على تسميتها ( بالتوكامية ) كانت تعزى الى جملة غير عربية مستقاة من لفظة لاتينية تتكون من كلمتين ونطقها ( التُوجاميّه ) ( TOGA MEA) ومعناها ( ردائى).

طريقــــــة 2
يعقد الرجل زاوية منه بخيط أحمر ذي شراريب قدر الامكان، وتكون من جهة العرض على مسافة بطول ذراع ومن خلال الفتحة الناتجة يعلق الحولي على الكتف اليسرى يحيث تأتي العقدة الكبرى أمام عظم الترقوة ثم يلف به جسمه وصدره دفعة واحدة. وهذا يبدو بسيطا جدا، إلا أنه لايقدم على الحولي سوى معلومات أولية.
وغالبا ما يشاهد طرف الحولي مسدلا فوق الرأس بحيث يلف الوجه، ومثل ذلك يتبع في حالة المطر والبرد والشمس اللافحة. وإذا ما تصبب العرق بشدة، فإن المرء يطوي جزءا من الحولي ويضعه على شكل شال سميك فوق الطربوش، وبذلك تصبح الرقبة والرأس طليقتين وتحت ظل سميك.

تعليق البارون كرافت عن الحولي الليبي:
الحولي الحريري الطرابلسي هو لحاف كبير من الصوف الابيض أو الرمادي والاشخاص الذين يستعملونه سواء كانوا ذكوراً أو اناثا فانهم يتغلفون فيه من القدم الى الرأس قطعة واحدة وهو من ذلك القماش الصوفي الخشن الثقيل ويربطون كل ثناياه في عقدة الصدر. الحولي سيد صاحبه ورفيق عمره دائما معه في عمل متواصل لا يتركه ليلا ولا نهارا احيانا فراشا واخرى غطاء ومعطفا … الحولي لا يغسل ابدا اذ يبيض بالتربة البيضاء أو الجبس المحروق، أما الذى يخص النساء فهو اخف قليلا .. ينظف تحت بخار الكبريت الملتهب. وللحولي والجرد طبقات، فالناس الذين ينتمون الى طبقة خاصة يرتدون تحت الحولي حلة عربية عادية ” صدرية أو فرملة سراويل واسعة، والناس الاقلاء لا يضعون تحته إلا سربوليات ” فرعة ” من القطن الخشن، أما القرويون فانهم لا يلبسون تحته شيئا يذكر بل الحولي هو كل ثوبه.” (انظر كرافـت).
وينبغي أن نضيف أن الليبيين كانوا قديماً يبخرون الحولي والجرد على نار المواقد في ليالي الشتاء الباردة لتطهيرها وطرد البراغيث منها أي من أجل النظافة والقضاء على الحشرات الضارة. هذه العادة انقرضت الأن ولكن الشاهد عليها ظل حيا.

ولقد قال المثل: ” على البَرْغُوث، يَحْرُق الحُولي “.

للمزيد عن البراغيث والقـُـمَّـل أنظر جون فرانسيس ليون وكذلك جيمس ويللارد.

وناسف لقفل هذا الجزء من مقالة النسيج، بالبراغيث، ولكننا أحببنا أنْ أنذكـِّـر الإخوة القراء بأن البراغيث كانت جزء من تراثنا نحن الليبـيين، منذ عصور الحكم التركي الذي وصفه الرحالة الأوربــيين، وكان جزء من تراث الأمس القريبَ في فترة الجمعيات الاستهلاكية ( أيام الشيوعية) حيث كان الصابون بالطابور والكتيب، ونقص الصابون في البيوت، لم يسبب فقط في انتشار القذارة ، بل ومكّـن البراغيث فعلا من العـودة إلى ديار الليبــيين.
فكل من يشعـر بأنه سيصبح في موقف حرج – من درجة الوساخة – كما وصفه( جيمس وللارد) فما عليه إلا أن يذهب إلى تونس ليشتري الصابون بنفسه، وقد سافر الكثير من الليبــيين في تلك الفترة من أجل كل شئ يحتاجونه، وكأنه لا توجد لديهم دولة مسؤولة عـنهم.
حتى قيل في تونس عن الليبيين أنه: ” لابد للواحد منهم أن يحصل على ( علم وخبر) من مختار المحلة بأن القذارة وصلت به وبملابسه إلى حد يسمح له بصرف علبة صابون من الجمعية الاستهلاكية.!

وقد جار الزمان على هؤلاء المساكين فليس الصابون هو المفقود فقط ولكن حتى الماء زاد الطين بـِـلّـة حيث أصبحت مياه الشرب مالحة كالحة، والصابون المستورد من تونس لم يعـد يعـمل بكفاءة، بسبب زيادة ملوحة الماء.

وبهذه التذكرة المحزنة والطريفة في آن معـاً، نختتم الجزء الثاني من مقالة النسيج، وفي الجزء التالي والأخير سنتكلم عن التقاطع المعرفي فيما بين وشائج الثقافة مع النسيج الأمازيغي في تحليلٍ أنثروبولوجي. وبالله التوفيق.

انتهى الباب الثاني بحمد الله


المصدر/ موقع تاوالت- http://www.tawalt.com/?p=10403


المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية