أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الاثنين، يوليو 30، 2012

الظل والتناغم اللوني*



من تاريخ طرابلس
:


                                                                                   

الأستاذ/ سعيد علــي حـامد

تغطي الأراضي الليبية رقعة من اليابس تمتد فيما بين خطي طول 25 , 9 درجة شرقا، وبين دائرتي عرض 45 - 14،  33 درجة شمالا، وتبلغ مساحتها نحو 1.750.000 كليو متر مربع. يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب جمهوريتي تشاد والنيجر ومن الشرق جمهورية مصر العربية ومن الجنوب الشرقي جمهورية السودان ومن الغرب جمهوريتي تونس والجزائر.

لقد أهل هذا الموقع المميز ليبيا بأن تشارك وتمتزج فيها حضارات البحر الأبيض المتوسط مع حضارات عصور ما قبل التاريخ التي شهدتها الصحراء الكبرى.

وردت تسمية ليبيا لأول مرة في نقيشة ترجع إلى الألف الثانية ق.م. في عهد الدولة القديمة في مصر. ويبدو أن الاسم أشتق من اسم احدى القبائل ( الليبو) التي كانت تسكن غرب نهر النيل. ولقد استخدم اليونانيون القدماء كلمة ليبيا لتشمل المنطقة الممتدة من غرب نهر النيل حتى المحيط الأطلسي. وفي العهد الروماني أصبح مدلول (أرض اللوبيين) ينحصر في ولاية أفريقيا الرومانية وكان اقليم المدن الثلاث ( لبدة ، أويا ، صبراته ) جزءا منها، والذي أطلق عليه خلال القرن الثالث الميلادي مصطلح اقليم طرابلس.

تأسيس المدن الثلاث:-
من المعلوم أن الكنعانيين ــ وهم سكان بلاد الشام والذين عرفوا باسم الفينيقيين وقد أطلقه عليهم الاغريق وتعني اللون الارجواني لاشتهارهم بصناعة الأصباغ والملابس الأرجوانية ــ اشتهروا بركوب البحر بغرض التجارة مع شعوب البحر الأبيض المتوسط منذ أواخر الألف الثاني قبل الميلاد. فأنشأوا مجموعة من المراكز التجارية من أهمها قادش (اسبانيا) نحو عام 1100 ق.م. وبعدها مدينة عتيقة( أوتيك)  في العام 1101 ق.م.  ثم مدينة قرطاج في تونس سنة 814 ق.م.

لقد عرف الفينيقيون الشواطئ الليبية منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد ثم قاموا بإنشاء مجموعة من المدن التجارية به اشتهرت من بينها (لبدة) التي يحتمل أنها انشأت في القرن السابع ق.م. وأويا وصبراته اللتان يحتمل أنهما انشأتا في القرن السادس ق.م. كما تدل المخلفات الأثرية المكتشفة فيهما.

لقد ارتبطت المدن الثلاث بقرطاج التي فرضت هيمنتها عليها اقتصاديا، وتأثرت تلك المدن بتيار الحضارة القرطاجية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ودينيا، وان تمتعت باستقلال ذاتي شأنها شأن المدن الأخرى الخاضعة لقرطاج في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي.

     بعد قضاء الرومان على مدينة قرطاج سنة 146ق.م . خضع إقليم المدن الثلاث لمملكة نوميديا وفي عام 46 ق.م. فرض الرومان سيطرتهم على الأقليم الذي أصبح جزءا  من الإمبراطورية الرومانية.


مدينة طرابلس:-
تردد الفينيقيون على موقع مدينة طرابلس منذ الألف الأول قبل الميلاد، إذ كان يتمتع بمرفأ آمن وهو ما يحتاجونه لسفنهم وللتزود بالمؤن والماء والتعامل مع سكان المنطقة، ان تأسيس مدينة أويا (طرابلس فيما بعد) يعود لموقعها المميز، وقد نمت وتطورت حتى أصبحت من أهم مدن حوض البحر الأبيض المتوسط. ظلت أويا تابعة للمدينة الفينيقية قرطاج منذ القرن الخامس ق.م. إلى سنة 146ق.م  حيث حكمها النوميديون ومع نهاية القرن الثاني ق.م. بدأ النفوذ الروماني يمتد إليها إلى أن تم احتلالها من قبلهم سنة 46 ق.م. وخضعت لحكمهم  إلى أن سقطت بين الوندال سنة 439م، وفي سنة 543 تمكن القائد البيزنطي بليزاريوس من الاستيلاء عليها فخضعت للحكم البيزنطي حتى سنة 23هـ / 643 م عندما تمكن القائد العربي عمرو بن العاص من فتحها، وتعتبر هذه السنة نقطة تحول حاسمة في تاريخ مدينة طرابلس إذ أقبل أهلها على اعتناق الاسلام وتعلم اللغة العربية وأصبحت احد الرباطات التي انطلق منها العرب المسلمون لفتح باقي الشمال الافريقي.

تنفرد مدينة طرابلس عن شقيقتيها لبدة وصبراته بأنها مدينة مأهولة تواصلت الحياة فيها مما لم يمكنها من الاحتفاظ بكثير من المعالم الأثرية التي تعود للحضارات الفينيقية والرومانية والبيزنطية.

منظر عام لميناء ومدينة طرابلس


ولقد احتفظت طرابلس بآثر روماني وحيد هو قوس ماركوس اوريليوس بمنطقة باب البحر، وهو قوس نصر ذا أربع واجهات زخرف بمجموعة من النقوش التي تمثل بعض الآلهة الرومانية (ابوللو، منيزفا، فيكتوريا) وبعض الاسرى والاسلاب. وقد شيد سنة 163م تكريما للامبراطوريين الرومانيين ماركوس اوريليوس ولوكيوس فيروس. فى حين أنها تزخر بالمعالم العربية الاسلامية التي تعود لفترات تاريخية مختلفة.

   

قوس ماركوس اوريليوس وجزء من ميناء طرابلس
زار الكثير من الجغرافيين والرحالة مدينة طرابلس وتركوا مدوناتهم عنها . ونشير هنا أن المدينة عرفت منذ الفتح العربي باسم ( أطرابلس ) سنة 23 هـ / 643 م بزيادة ألف ، اذ ورد هذا الاسم في الكتاب الذى أرسله القائد عمرو بن العاص الى الخليفة عمر بن الخطاب بالمدينة المنورة يخبره بفتح مدينة شروس عاصمة جبل نفوسة ويستأذنه في فتح أفريقية ومما جاء فيه  " ان الله قد فتح علينا أطرابلس ، وليس بينها وبين أفريقية الا تسعة أيام ، فان رأي أمير المؤمنين أن يغزوها ويفتحها على يديه فعل". وقد ذكرها الكثير من المؤرخين والرحالة العرب باسم أطرابلس الا أنه مع استمرار الزمن حذفت الألف للتخفيف واشتهرت باسم طرابلس الغرب قبل العهد العثماني (1551 م.) بقرنين من الزمن الا أنه التصق بها أكثر في ذلك العهد تميزا لها عن طرابلس لبنان .

وصف المؤرخ اليعقوبي في كتابه البلدان مدينة طرابلس في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي بقوله :- " أطرابلس مدينة قديمة جليلة على ساحل  والبحر عامرة آهلة ".وفى القرن الرابع الهجري /العاشر الميلادي نجد لها وصفا في كتاب أبن حوقل ( صورة الأرض ) جاء فيه :- " فأما أطرابلس فكانت قديما من عمل أفريقية ... وهى مدينة بيضاء من الصخر الأبيض على ساحل البحر خصبة حصينة كبيرة ذات ربض صالحة الأسواق...".

منظر عام لمدينة طرابلس

أما الرحالة البكري صاحب كتاب المسالك والممالك فيصف المدينة وأهلها فى أواخر القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي بقوله :-" فان أهل طرابلس أحسن خلق الله معاشرة وأجودهم معاملة وأبرهم بغريب ... وتسمي مدينة أطرابلس مدينة أناس ...".
     وزار بعد تلك الفترة العديد من الرحالة مدينة طرابلس وأثنواعليها ووصفوا أوضاعها الاقتصادية والعمرانية واشادوا بحسن معاملة أهلها وكرمهم وبنظافة أعراضهم وثيابهم.

ولقد عرفت مدينة طرابلس بالمدينة البيضاء فالرحالة التجاني الذي زارها في سنة 706 هـ/ 1307 م. يذكر في كتابه ( تقييد الرحلة ) :- " ولما توجهنا الى طرابلس وأشرفنا عليها كاد بياضها مع شعاع الشمس يغشي الأبصار فعرفت صدق تسميتهم لها بالمدينة البيضاء...". وترك لنا التجاني وصفا وافيا لمعالم المدينة ؛ مساجدها  ، مدارسها ، قصبتها وأسوارها ، حماماتها ،أسواقها ،شوارعها ، القوس الروماني والحياة العلمية والثقافية بها .

وقعت طرابلس في سنة 1510 تحت الاحتلال الاسباني اذ تمكن قائد الاسطول الاسباني بيدرو دى نفارو((Pedro di Navarro  من احتلال طرابلس وقلعتها يوم 25 يوليو 1510 وتعود أسباب الاحتلال الى الصراع الديني الاسلامي المسيحي في تلك الفترة ورغبة ملك اسبانيا فرديناند Ferdinand  في جعل طرابلس نقطة انطلاق وتموين للأساطيل الاسبانية لضرب المسلمين في المشرق وتعميرها برمتها بالنصارى. كما أن طرابلس حظت بموقع استراتيجي مهم جعل منها مركزا تجاريا وحلقة وصل بين أوربا ومدن ما وراء الصحراء الكبرى، فكانت تنعم برفاهية العيش وقوة الاقتصاد واستقرار وامن في الحياة مع فراغ سياسي وعدم وجود سلطة قوية قادرة على الدفاع عنها.

لم يتجاوز احتلال الاسبان أسوار مدينة طرابلس وقلعتها، واقتصر تواجدهم بهما ونظم الاهالي مقاومة شعبية اتخذت من تاجوراء مركزا لها، وأمام تلك المقاومة والظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بهما اسبانيا قرر ملكها التنازل عن طرابلس وقلعتها لمنظمة فرسان مالطا سنة 1530 الذين استمر احتلالهم لها الى سنة 1551 عندما تمكن الاهالي بمساندة الاسطول العثماني من طرد فرسان مالطا وخضعت ليبيا للسيادة العثمانية.
             
طرابلس خلال العهود العثمانية والقرمانلية:-
تميز منتصف القرن السادس عشر الميلادي بسيطرة العثمانيين على طرابلس  من عام 1551 – 1711 وعرفت هذه الفترة بالعهد العثماني الأول ثم حكمت طرابلس الاسرة القره مانللية من 1711- 1835 عادت طرابلس وخضعت للحكم العثماني من 1835-1911 . وقد حظيت طرابلس خلال تلك العهود بإقامة مجموعة من المنشآت الدينية والمدنية والحربية ، شيدها الولاة والمتنفّدون والموسرون من أهل البلاد.
رسم لمدينة طرابلس سنة 1559

شيدت مجموعة من المساجد من أهمها ؛ جامع درغوت باشا (1560) جامع الناقة (اعادة بناء 1610) جامع شايب العين (1699) جامع أحمد باشا (1738) جامع قرجي (1834) . وشيدت مجموعة من المدارس ؛ مدرسة عثمان باشا (1654) مدرسة جامع ميزران (خارج المدينة 1880) مدرسة الفنون والصنائع (1898).


وفي مجال العمارة المدنية أقيمت مجموعة من المنشآت ؛ فنادق ، أسواق ، حمامات ، مدارس ، مستشفيات ، قصور وبيوت مميزة، واستحدثت شوارع خارج أسوار المدينة وزودت طرابلس بالمياه العذبة وأقيمت الأسبلة.

وأهتم الولاة بتحصين المدينة فأنشاوا الحصون والقلاع والأبراج ودعموا الأسوار ،وأولوا عناية كبيرة بقلعة طرابلس ( السرايا الحمراء) التي كانت مقرا لهم ومنها يديرون شؤون الولاية.

وفى أواخر القرن التاسع عشر استحدثت خارج أسوار المدينة بعض الشوارع والأحياء (بلخير ، ميزران .

طرابلس في ظل الاحتلال الايطالي:-
في اليوم السابع من شهر أكتوبر 1911وطأت أقدام الجنود الايطاليون مدينة طرابلس ووقعت تحت الاحتلال الايطالي الذي استمر حتى سنة 1943 . واثر الاحتلال قام الايطاليون بتهديم معظم أسوار المدينة ، وأنشأوا سورا عرف باسم ( الكردون ) حول المنطقة المحيطة بمدينة طرابلس ، يمتد من باب قرقارش ( الحمامجى سابقا ) الى باب العزيزية ثم باب عكارة فباب بن غشير ثم باب تاجوراء لينتهي عند أبي ستة لحماية أنفسهم ضد هجمات المجاهدين الليبيين . وأزال الايطاليون عددا من المعالم العربية التي كانت تحيط بالقوس الروماني ليعطوا له حرما ويبرزوا التواجد الروماني بالمدينة . وفتحوا طريقا عبر القلعة بعد ازالة جزءا من مبانيها ليربط بين الميناء بالمنطقة المحيطة بأسوار المدينة، وقاموا باستحداث بعض الشوارع والمباني وأجروا تحويرات بدار البارود والتي هيئات بتصميم وضعه المعماري دي فاوستو لتكون سوقا للصناعات التقليدية المحلية.

عاش أهل طرابلس داخل أسوار المدينة القديمة ، ومارسوا كافة الأنشطة الاقتصادية خاصة التجارة ، اذ تمتعت بموقع جغرافي متميز وبمرفأ مكنها من أن تكون من أهم المدن التجارية في البحر الابيض المتوسط وحلقة وصل مع مدن ما وراء الصحراء ، وارتبطت مع الكثير من مراكز التجارة كغدامس ،غات ، مرزق وغيرها بطرق سهل لها الوصول الى المدن التجارية فيما وراء الصحراء . وحفلت طرابلس بمجموعة من المنشآت التي ساهمت في إثراء التجارة كالأسواق والفنادق والوكالات التجارية وأماكن للحرف والصناعات المتنوعة ، فكانت طرابلس تجمع تحف البر والبحور. وأمتلك أهلها البساتين التي كانت تحيط بالمدينة والمعروفة باسم المنشية، وكانت تزود المدينة بمختلف الخضروات والفواكه ، كما كانت متنفسا لهم وأماكن ترفيه تدخل البهجة الى النفوس.

كانت تعقد خارج المدينة سوقان أسبوعيان ، هما سوق الثلاثاء وسوق الجمعة وهما من أهم الاسواق التجارية في ليبيا .يعقد السوق الأول يوم الثلاثاء من كل أسبوع وكان في العهد العثماني يعقد في المنطقة المعروفة الآن بمنطقة الغزالة، وهو سوق متنوع يأتي اليه الناس من المدن والقرى القريبة من طرابلس  ولم ينعقد هذا السوق في مكانه في فترة الاحتلال الإيطالي اذ أستغل الموقع في تنفيذ مشاريع لصالح المستعمرين . وبعد سنة 1920 دبت الحياة في الأسواق وأمام ذلك اضطرت السلطات البلدية بتخصيص أماكن غير دائمة لإقامة الأسواق ، فكان سوق الخضروات ينعقد تحت أسوار المدينة والى جانبها سوق في العراء لبيع الطيور والأرانب وغيرها. وكانت الأسواق تنقل من مكان الى أخر دون استقرار أو نظام حتى في فترة الانتداب البريطاني وما بعده . ومن أهم الاماكن التي شغلها سوق الثلاثاء في ستينيات القرن العشرين كانت منطقة العيون (برج طرابلس وما حوله الآن ) ونظرا للتطور العمراني لطرابلس فقد نقل السوق مرة أخرى الى المنطقة المعروفة بسوق الثلاثاء الجديد في المنطقة المحصورة بين المنصورة وجامع التوغار والتي كان يمر بها جزء من السور الذي بناه الإيطاليون 0 الكردون ) واستمر يؤدى وظيفته إلى أن شملت المنطقة أعمال التطوير فأزيلت مبانيه السنة الماضية لتكون منطقته جزءا من الحزام الأخضر الذى سيطوق مدينة طرابلس .

المخطط التاريخي لطرابلس :-
أشار الكثير من المؤرخين والأثريين أن مخطط مدينة طرابلس يعود الى الفترة الرومانية  ، وأن قوس ماركوس أوريليوس هو ملتقى الشارعين الرئيسيين بها ( الكاردو والديكومانوس ). ان المتمعن في المخطط التاريخي للمدينة يلاحظ اختفاء سيمات التخطيط الروماني فيها  وبوضوح الملامح العربية الاسلامية في مخططها فتوزعت المساجد الجامعة بها والتي بالقرب من كل واد منها مسجدين أو ثلاثة لأداء صلاة الأوقات . في حين تعددت المساجد الجامعة في منطقة الأسواق لاكتظاظها بالناس.

تميز مخطط طرابلس بوجود طريقين عرضين وطريقين طوليين وتتداخل معهم شبكة من الطرق الفرعية لتربط أطراف المدينة بعضها ببعض . وقد وصف الكثير من الرحالة شوارع مدينة طرابلس ومنهم التجاني (1308م.) الذى قال :- "فلم أر أكثر منها نظافة ولا أحسن اتساعا واستقامة ، وذلك أن أكثرها تخترق المدينة طولا وعرضا من أولها الى أخرها على هيئة شطرنجية". ومما يلاحظ على المخطط أن منطقة الأسواق بالمدينة تخلو أو تكاد من البيوت ، وان وجدت فإنها تنزوي في الأزقة المتفرعة من الأسواق.

إن المخطط العام للمدينة ساهم في اكساب شوارعها الظل الذى يحتاجه أهلها في فترات فصل الصيف القائضة ، فيمكنهم اختراق العديد من شوارعها دون أن تلفحهم حرارة الشمس ويعود ذلك إلى ازورار الشمس عنها كما أن معظم مبانيها تتكون من طابقين فتنكسر ظلالها لتغطى الشوارع اضافة الى ما تميزت به المدينة من كثرة العقود التي دعمت المباني وألقت الظل بالشوارع .
وساهمت الساباطات فى توفير الظلال ووفرت مساحة للبيوت ونسمات تنساب من خلال الشبابيك التي تفتح على جهتي الشارع.
سوق الترك في فترة الاحتلال الايطالي

ساباط في مدينة طرابلس

كما غطيت بعض الشوارع والمحلات بأنواع من المظلات ، وكانت بعض الأسواق مسقوفة كسوقي الربع واللفة

أعطى أهل طرابلس لمدينتهم نوعا من الاخضرار ليكون مع جدران المباني  البيضاء تناغما محببا للنفوس فأقاموا العرائش التي ترتكز عليها الكروم مع تناثر في أرجاء المدينة لأشجار الفل والياسمين فأعطـت للشوارع شكلا ومنظرا أخاذا ورائحة فواحة.
إحدى العرائش بطرابلس

عريشة بطرابلس


أما خارج المدينة في البساتين فقد استظل اهلها بالنخيل والتي بجريدها الأخضر المقوس وبعراجينها في فترة نضوج ثمارها مع خليفة لأشجار الزيتون والبرتقال والليمون والرمان وغيرها  وأرضية صفراء ممزوجة باحمرار والتي تخترقها جداول المياه الرقراقة التي تنساب من حوض بئر تقليدي ( أبو جناحين) لتشكل هذه المناظر لوحة تشكيلية أبدعتها الأيدي السمراء

أقواس ومظلات بطرابلس

باب بمدينة طرابلس

لقد فضل أهل طرابلس لطلاء واجهات بيوتهم ومحلاتهم اللون الأبيض الذى كان مع شعاع الشمس يغشى الأبصار فعرفت طرابلس في العصور الوسطى بالمدينة البيضاء . أمتا اللون المحبب لهم لطلاء الأبواب والنوافذ والمشغولات الخشبية والحديدية فكان اللون الأخضر الداكن ولتكتمل اللوحة فينبهر زوارها مع نظافة ثياب أهلها وأعراضهم وكرم ضيافتهم وفى ذلك يقول الشاعر:-
لأهــل طرابلس عــادة        من البر تنسي الغريب الحميما
حللت بها مكرها ثم اذا        أقمت بـهـا أبدلوا الـهـاء ميـما




*نشر بمجلة تراث الشعب/المؤسسة العامة للثقافة/ليبيا العدد61 ،62 لسنة 2009





الخميس، يوليو 12، 2012

كتب ومراجع


كتاب (عشر سنوات في بلاط طرابلس(




تأليف/ ريتشارد توللي
نقله للعربية/ عمر الديراوي أبو حجلة

في الكتاب وصف شامل لذكريات البلاط الملكي لولاية طرابلس، وعادات وتقاليد الطرابلسية واليهود والاتراك.

هذا الكتاب وما يحويه من رسائل نشر بعد 23 عام من كتابة الرسائل ابان حكم يوسف القره مانللي وترجم إلى الفرنسية سنة 1819 ثم الهولندية والعربية .

إن ثبوت هذه الرسائل أمر مفروغ منه لا يقبل الجدل. لقد كتبتها شقيقة المرحوم المستر ريتشارد توللي، القنصل البريطاني لدى بلاط طرابلس، إلى شخص مجهول في بريطانيا طوال العشرة سنوات التي أقامتها في طرابلس من سنة 1783 الى 1793م وكان بين عائلتها وعائلة باشا البلاد، كما تُظهر الرسائل ذاتها، صداقة حميمة استمرت طيلة عدّة سنوات.

يحتوي الكتاب على وصف دقيق وحيد لم يسبق ان عرفه الناس لعادات عائلة القره مانللي، كما أنه يفصّل من المناظر والأحداث ما لم يوصف مثله. فلقد عاصرت مس توللي فترة المجاعة سنة 1784 م. ثم انتشار وباء الطاعون سنة 1785 م. ومقتل حسن بك وريث العرش الابن الأكبر للباشا على يد أخيه الأصغر يوسف باشا سنة 1790 م. وسقوط طرابلس في يد المغامر علي برغل سنة 1793م. وغيره من الأحداث التاريخية.

وكشاهد على الصداقة الحميمة التي جمعت بين عائلة المؤلفة وعائلة الباشا علي القره مانللي، أنه حينَ رأى القنصل ضرورة عودته إلى بريطانيا هو والسيدة زوجته، رجاه الباشا وللا حلومة (التي يسميها أفراد الرعية ملكة طرابلس) أن يتركا طفلتيهما في رعايتهما بطرابلس أثناء غياب الأبوين، وطمأناهما أن ما من شيء موجود في طرابلس إلاّ وسيقدمانه للطفلتين إذا كان يسعدهما ذلك.

وإلى الظروف العجيبة الخاصة، يعزي ذلك الأسلوب المفصّل الذي آثرته مس توللي في كتابها، حيث لا تورد أخبار ونوادر القلعة فحسب، وإنما قصص وحكايات الشخصيات البارزة في البلاد أيضًا.





الخميس، يوليو 05، 2012

الأستاذ فؤاد الكعبازي كما عرفته*




الأستاذ/ سعيد علي حامد**


الأستاذ/ فؤاد الكعبازي
ولد الأستاذ فؤاد مصطفي الكعبازي بمدينة طرابلس القديمة في 20 / 8 / 1920م ، التحق في بداية حياته التعليمية بكتاب حورية داخل مدينة طرابلس، ثم التحق بمدرسة الفرير ( أخوان يوحنا ) بباب البحر وتخرج منها سنة 1936م، وواصل دراسته بالمدارس الثانوية الإيطالية، ثم درس في بريطانيا وتحصل على دبلوم الهندسة المدينة.

تعددت مواهب الأستاذ فؤاد الكعبازي، فكان مغرما بفنون الرسم والنحت ، وبرز في فن الكاريكاتير، ساهم في أنشطة النادي الأدبي سنة 1943م، وله اهتمامات في مجال المسرح والكشافة والسينما والرياضة والصحافة ومن أهم أعماله المتعلقة بالصحافة إصدار مجلة المرآة وهي مجلة رياضية فكاهية نصف شهرية، مديرها المسئول مصطفي العجيلي ورئيس تحريرها فؤاد الكعبازي ، صدر العدد الأول منها في 15 يوليو 1946م، وثمن النسخة 12 ليرة عسكرية،  منحت له شهادة الدكتوراه في الأدب الإيطالي المقارن من جامعة ( تيبيرينا ) الايطالية عام 1961 م.

وهو يعد من أبرز من يجيدون اللغة الإيطالية في العالم العربي. وله عدة مؤلفات منها كتاب ألحان عربية على أوتار من الغرب وكتاب مختارات من الشعر العالمي المعاصر وكتاب قراءات في الشعر العالمي وله ديوان شعر باللغة الإيطالية بعنوان ليبيتكو فمنحت له جائزة مدينة ريجيو كالابريا للشعر المؤلف من غير الإيطاليين سنة 1981م.

ومن ضمن أنشطته العلمية الترجمة فقد ترجم العديد من الأعمال إلى اللغة العربية أو إلى اللغة الإيطالية ومن ذلك ترجمته لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الإيطالية ، كما ترجم كتاب فابريتسو موري عن الرسوم والنقوش الصخرية بجبال أكاكوس إلى اللغة العربية. 


خلال عملي بمصلحة الآثار كان على اتصال بى عندما عكف على ترجمة كتاب ديلافيتا الذي يعنى باللغات وقد قطع شوطاً كبيرا في ترجمته ولعل الترجمة الكاملة موجودة بين مخطوطاته.

أما في مجال العمارة والتصميم فقد كانت له مجموعة من الأعمال التي نفذت في طرابلس وغيرها ولعل من أهم التصاميم التي لم تنفذ تصميم خزان المياه بمنطقة وسعاية البولاقي التي تعرف باسم وسعاية القبة التي أنشأ بها المستعمرون الإيطاليون في عشرينات القرن العشرين مقبرة أطلقوا عليها اسم مقبرة النصر شيدت في مكان برج التراب  وعرفت لدى الأهالي باسم القبة لأن قبة ضخمة تغطي المقبرة . أزيلت المقبرة في عام 1958م، فقد طلب منه الطاهر القره مانللي عميد بلدية طرابلس في أواسط خمسينات القرن الماضي إعداد تصميم لذلك الخزان  وصمم الأستاذ فؤاد  ذلك ليحل في موقع المقبرة استوحاه من نافورة في جنيف ليضفى على المنطقة مسحة جمالية إلا أن الموازنة المخصصة للتنفيذ لم تكن تغطي نفقات تنفيذ تصميمه فنفذ التصميم الذي لا يزال قائما إلى الآن.  
منطقة القبة بمدينة طرابلس القديمة، حيث يظهر النصب التذكاري للجندي المجهول الإيطالي الذي استبدل بالخزان

توطدت علاقتي بالمرحوم فؤاد الكعبازي عندما كنا ضمن لجنة المستشارين لمشروع إدارة وتنظيم المدينة القديمة ، فكنا نلتقي مع مجموعة من الدكاترة والأستاذة لمناقشة بعض الموضوعات  التي تتعلق بالنواحي التاريخية والمعمارية والهندسية والفنية لبعض معالم مدينة طرابلس القديمة وإبداء الرأي أو التوصية باتخاذ قرار بشأن معلم تاريخي أو دراسة المخطط التاريخي للمدينة إلى غير ذلك.

درج مشروع إدارة وتنظيم المدينة القديمة بإطرابلس على عقد عروض أسبوعية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي لدراسة معلم من معالم المدينة ( مسجد ، مدرسة دينية ، فندق تاريخي ، حوش تاريخي ، أسوار ، قلاع وحصون ... الخ ) ويبدأ العرض عادة بدراسة تاريخية يعدها باحث تاريخي عن المعلم ثم الدراسة المعمارية ويعدها مهندس ، بحضور أعضاء لجنة المستشارين ( مصطفي حقيه، فؤاد الكعبازي، د . محمود الفلاح، سعيد حامد، د. علي البلوشي، المرحوم علي قانه، المهندس أحمد أمبيص، د . محمود دازه، د.لطفي القروي، عمر زايد، علي الصادق حسنين، مختار دريرة، جمال اللافي وسالم شلابي  وغيرهم )، واللجنة التنفيذية لإدارة المشروع وباحثيه ومهندسيه والعديد من أستاذة كلية الهندسة بطرابلس ومجموعة من الباحثين والمهتمين بتاريخ مدينة طرابلس القديمة.

وما أن يطرح موضوع العرض للنقاش حتى يطلب الأستاذ فؤاد الكلمة فيسترسل في الحديث متنقلاً بين الدراسة التاريخية والدراسة المعمارية، ففي كل منها له سهم مصيب، معلقاً ومضيفاً ومثرياً لكليهما، ولا عجب في ذلك فهو متنوع المعرفة ومثقف موسوعي يعزف على أوتار التاريخ والهندسة والاجتماع والأديان والفن إضافة إلى عشقه للمدينة القديمة التي ولد وعاش في حوماتها وشوارعها، و فهو يقول" ولدنا وكبرنا في المدينة لم نحبها حبنا لها اليوم وعوامل الانهيار تسابق الساهرين على إنقاذها كالعجوز المودعة في دار العناية المكثفة المعوزة للأكسجين" ([1]) .

 كانت لجنة المستشارين تضم مجموعة ممن تربطهم علاقة حميمة بالمدينة القديمة ممن ولد أو عاش فيها أو أرتبط بها عاطفيا من خلال اهتمامه أو مجال عمله، فتدرس الموضوعات المعروضة عليها، وتقوم بزيارات ميدانية إلى المعالم التاريخية داخلها للمعاينة والدراسة.

وهناك دائما فسحة من الوقت لأعضاء اللجنة لتجاذب أطراف الحديث عن أوضاع طرابلس وليبيا عامة سياسياً واقتصادياً واجتماعيا وعن تاريخها القديم والحديث، عادة ما نحاول استدراج الأستاذ فؤاد إلى الحديث عن الفترة الملكية 1951 ـ 1969 م فقد عاصرها مسؤولا عن إدارة الأشغال العامة ووزيراً للبترول ولكنه كان مقلا في الحديث عن تلك الفترة، وكان يلمح ولا يصرح، وفي حديث له عن شؤون البترول في ليبيا في بداية الستينات من القرن الماضي أشار إلى معلومة أود أن أذكرها في هذا السياق وهي تتعلق بمشروع إدريس للإسكان.

قال: " أُجريت دراسة بعد تجهيز ميناء الحريقة لتصدير البترول بطبرق أوضحت أن هناك خط أنابيب لتصدير البترول سيصل إلى ميناء الحريقة والدراسة وضعت مقترحين :
أولا : أن يمر الخط بعيداً عن قصر الملك .
الثاني : أن يمر الخط بالقرب من قصر الملك .

وعرضت الدراسة على الملك فاستدعاني لكوني وزيراً للبترول واستفسر عن الدراسة وعن الطريق الذي ستسلكه الأنابيب، فأوضحت له أن الخطين كليهما سيصلان إلى الميناء وإنما الفرق في التكلفة فالخط الذي يمر بالقرب من القصر أقله تكلفة، فأمر الملك بتنفيذه على أن يوضع الفرق في التكلفة بينهما في حساب الملك الخاص  ومن هذا المبلغ كانت بداية مشروع إدريس للإسكان.

كان فؤاد الكعبازي عاشقا لمدينة طرابلس القديمة وكان يطلق عليها المدينة اللغز، باحثا عن معالمهما القديمة  عن ملامحها الاقتصادية والاجتماعية، لذلك نشر مجموعة من المقالات في صحيفة اطرابلس القديمة التي أصدرها مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة في عامي 1987 ـ 1988م، ومن تلك المواضيع: ـ
·     تفرسات أثرية في المدينة اللغز وفيه يبحث عن المعالم الرومانية للمدينة القديمة التي من شانها أن تخدم المشروع من الناحيتين العملية والمعنوية . العدد الثالث 10 مايو 1987م
·     تفرسات أثرية في المدينة اللغز. العدد الرابع ، 11 مايو 1987 وفيها يتناول الحفريات العرضية التي جرت بسوق المشير، وهو في هذه التفرسات يعتقد أن موقع الحفريات عبارة عن أقبية لبناء السفن التجارية والحربية قبل إنزالها إلى البحر عن طريق دفعها وانزلاقها إلى البحر واستشهد ببيت من قصيدة زجلية لأحد الزجاليين القدامى:
الخندق وفم الباب والسرسيبه
                     وجه حبيبي ما يطول غيبه

وقد ثم التعقيب على هذا المقال في صحيفة اطرابلس القديمة، السنة الثانية العدد 2 في 30 / 4 / 1988 م من كاتب مجهول بعنوان: حول حفرية سوق المشير" الكاوش المدفون " ذكر صاحب المقال أن الموقع كان كاوش بمعنى ثكنة لإقامة الجند، ونقل الكاتب ما أورده احمد النائب الأنصاري في كتابه المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب" الجزء الثاني . ص 39 " أنشئ كاوش منتظم للعساكر الشاهانية بهمة حضرة الوالي المشار إليه ( يقصد أحمد راسم ) من الواردات البلدية داخل باب الخندق". كما أورد الكاتب روايـة شفوية لأحـد سكان المدينة القديمة  ( ينظر المقال ).
·     نظرة في تاريخ وتكوين المدينة القديمة بإطرابلس ( الحلقة الأولي ) مع الدراسة اسكتشات من رسمه . العدد السابع . 14 مايو 1987م
·     تفرسات في المدينة اللغز العدد 8 ، 15 مايو 1987 وفيه يطرح سؤالا لماذا لا نرى تكافؤ بين حجم التداول المالي زمن ازدهار تجارتها الأفريقية وجهادها البحري الأسطوري مع ما تبقى من حيثيات الآثار العمرانية المائلة أمامنا التي لا تضاهي روعة وبذخ آثار أية مدينة من مدن الشمال الأفريقي المعاصرة رغم كونها أنشط وأنسب سوق للتبادل التجاري الدولي من حيث الرواج والموقع الجغرافي ، ونشر بقية الحلقات في الإعداد 9 ، 10 ، 11 ، 12 ، 13 الصادرة من 16 مايو إلى 20 مايو 1987م .
·     كلمات وصور من المدينة القديمة : ابن المدينة لا ينساها. على حلقتين في العددين 14 ، 15 ، 21 ، 22 مايو 1987 .
·     نماذج من المدينة القديمة العدد 17 الصادر في 24 مايو 1987م .
·     خواطر عن النشاط المسرحي إبان الإدارة البريطانية بإطرابلس :
" بداية من لا شيء " . ضمنه رسم كاريكاتيري للممثل الكوميدي حمدي و د . مصطفي العجيلي والمؤلف الكوميدي حسن يوسف المصري ، وملامح بشير عريبي العدد 18 الصادر في 25 1987م .
·     كلمات وصور .. من المدينة القديمة العدد 20 ، 27 مايو 1987م
·     1 ـ سي رمضان الأسود " ذو الأيادي البيضاء " .
·     2 ـ بشير عريبي .... " عروسة ليلة واحدة " العدد 21 ، 2 يونيه 1987م .
·     خارج حدود الحارة . ضمنه رسومات عن يهود الحارة السنة الثانية ، العدد الأول 29 ابريل 1988 .
·     قصة وقصيدة من حومتنا ، النعش . السنة الثانية ، العدد الثالث مايو 1988م
·     الجار جار مهما جار . عن يهود طرابلس . مع بعض الرسومات السنة الثانية العدد 6 ، 7 مايو 1988.
·     قصة وقصيدة
1 ـ أسرار فوق السطوح
2 ـ قصيدة سطوح مدينتنا
السنة الثانية العدد 7 ، 8 مايو 1988
·     اللي يأخذ أمي هو بوي
عن يهود طرابلس ـ مع بعض الرسومات  السنة الثانية ، العدد 11 . 13 مايو 1988 داخل حدود الحارة : الود عن أب وجد . السنة الثانية ، العدد الخامس ، 6 مايو 1988
·     وهناك من العديد من الدراسات والمقالات التي كتبها فؤاد الكعبازي في العديد من الصحف والمجلات الليبية منذ أواسط أربعينات القرن الماضي واقتصرت هنا فقط على بعض من نشاطه العلمي مع مشروع وتنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس .
·     أنتقل إلى رحمة الله تعالي يوم الاثنين 14 / 5 / 2012 ، بطرابلس نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته .وبوفاته فقدت ليبيا علما من أعلامها ومبدعا وعاشقا لمدينة طرابلس المدينة اللغز ، ومن لا يعشقها فهي العزيزة والكرام بنوها .




* أعدت بمناسبة احتفالية تأبين المرحوم فؤاد الكعبازي التي نظمها مجمع اللغة العربية بطرابلس بتاريخ 1/7/2012م.
** تعريف بكاتب المقالة: http://mirathlibya.blogspot.com/2012/06/blog-post_21.html



[1] ـ فؤاد الكعبازي . قصة وقصيدة من حومتنا : النعش ، صحيفة اطرابلس القديمة ، مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة ، السنة 2 ، العدد 3 ، مايو 1988 


الاثنين، يوليو 02، 2012

مدينة غدامس





منظر عام لمدينة غدامس

المهندس/  خالد مصطفي افتيته


مقدمة/
تتميز مدينة غدامس بخصائص المدن الصحراوية بشكل عام .وهي تقع على الحافة الغربية للحماده الحمراء على ارتفاع 360 متر فوق سطح البحر .وهي اقصى مدن الواحات الليبية تطرفا ناحية الغرب و اقصاها أيضاً في اتجاه الشمال وتلتقي عندها حدود ليبيا والجزائر وتونس, ولقربها النسبي من مدن الجبل الغربي والمراكز الحضرية الساحلية الغربية وحجم سكانها الذى وصل إلى حوالى 7750 نسمة سنة 1988 م. فهي تعتبر من الواحات الرئيسية ومركز حضري مهم في الجزء الشمالي الغربي من ليبيا.

موقع مدينة غدامس

تدل الآثار الموجودة بالواحة على تعاقب الحضارات على الموقع الحالي للمدينة فترة ما قبل التاريخ (الجرمنتي) مروراً بالعهد الروماني وحتى فترة العصور الوسطى عندما ضمت الواحة مثل بقية مدن شمال أفريقيا إلى الدولة الإسلامية في منتصف القرن السابع الميلادي. وبعد وقوعها لفترة من الزمن ضمن نفوذ الدولة العثمانية, مرت بها تجربة الاستعمار الأوروبي الحديث (الايطالي والفرنسي) الذى استمر حتى منتصف القرن الحالي.

مدينة غدامس القديمة من الأمثلة القليلة الباقية في ليبيا التي تعتبر نموذجاً للمدينة الإسلامية التقليدية والتي قاومت الزمن محتفظة بطابعها الأصيل المستمد من التراث العربي الإسلامي الذى يظهر في شكلها العام المتميز بالتماسك ووحدة الأجزاء, كما يظهر في تكويناتها المكانية الداخلية. فالمدينة بأكملها محاطة بسور تتخلله عدة بوابات ومقسمة إلى دورين لكل منهما وظيفة محددة. فقد شبهها البعض بمنزل وأحد كبير تتخلله في جزئه الأرضي الشوارع الضيقة المسقوفة التي هي شبيهة بالأنّفاق.

تنقسم مدينة غدامس القديمة اجتماعياً ومكانياً إلى عشيرتين رئيسيتين هما ( بنو وليد ) و (وبنو وازت)، تقيم كل منهما في محلة منفصلة وتتفرع كل عشيرة إلى مجموعة من القبائل تتوزع على عدد مماثل من الشوارع أو الأحياء السكنية التي تسمى بأسماء القبائل التي تسكنها وتتوزع المساجد في هذه الأحياء السكنية مع وجود المسجد الجامع ( المسجد العتيق ) والسوق والساحة الفضاء المحلقة بهما في موقع متوسط هو بمثابة نواة المدينة أو مركزها الذى تتفرع منه الشوارع والطرق الملتوية, كما يشكل أيضاً الحد الفاصل بين أحياء العشيرتين الرئيسيتين .
تقسيم مدينة غدامس بين قبائلها

وإذا كانت مصر هبة النيل كما يقال, فمما لاشك فيه أيضاً أنّ غدامس هي هبة العين التي باتت تعرف باسم (عين الفرس), فقيام نواة المركز العمراني الذى قامت حولة مدينة غدامس الأثرية, ما كان له أن يرى النور لولا ذلك النبع الذى نشأ لسبب جيولوجي. ربما ارتكز اساساً حول توفر نقطة ضعف أو شرخ في الطبقة الكريتاسية, والتي تعلو سطح منسوب الماء الجوفي, الذى ثبت أنّه لا يتوفر بوفرة إلاّ على عمق كبير من مستوى الطبقات الحاوية للمياه السطحية في العديد من الأراضي الليبية.
عين الفرس


تخطيط مدينة غدامس/
1-    المركز:
مخطط مدينة غدامس
يظهر جليّاً التكوين العضوي في مدينة غدامس وبشكل قوي. وقوة سيطرة ووضوح المركز والمتمثل في الساحة( ساحة السوق العام) أو ما تعرف باسم ( ميدان القادوس) ويقع هذا المركز في قلب الهيكل العام للمدينة وهو عبارة عن ساحة كبيرة نسبيّاً مقارنة ببقية الساحات, وهي أي الساحة غير مسقوفة وعندها تلتقي الشوارع الرئيسية للمدينة, فهي تعتبر المركز التجاري الرئيسي الذى يخدم المدينة بمجموعها, وموقعها في قلب المدينة زاد من اهميتها, وهذه الساحة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالجوامع والمجالس, فهي شمالاً مرتبطة بساحة جلوس للشيوخ وهي بمثابة الجيب لهذه الساحة العامة, ومن الركن الشمالي الغربي يوجد مباني سكنية يفصل بينها وبين شارع ( امزى), ومن الجهة الغربية يوجد جامع يونس الذى يتميز بمأذنته العالية نسبيّاً والتي تعتبر أعلى بناء بالمدينة و نقطة مميزة ومن الجهة الشرقية يوجد الجامع العتيق وهو أقدم بناء بالمدينة مما يدل على أنّ المدينة قد انطلقت في توسعها من هذه النقطة, ومن الجنوب الشرقي تلتحم بمبان سكنية, أمّا الجنوب فهناك أيضاً مجمع أو ساحة ملحقة بالساحة العامة ومفتوحة أيضاً وهي امتداد للشارع الرئيسي وهي للجلوس ومنها يتفرع شارع فرعى يسمى ( فم الجامع ) والشارع الرئيسي يتجه شمالاً و جنوباً ويربط كل المدينة ومنه يتفرع بقية الشوارع الفرعية.

وساحة السوق تأخذ شكلاً مستطيلاً بامتداد الشارع و أبعادها 14م ×12م تقريباً على المحور. وقد ارتبطت ساحة السوق ارتباطاً قوياً بالعنصر الديني وهو الجامع, فالسوق و الجامع مرتبطان جدا تماماً كأي مدينة إسلامية, كما أنّ المأذنة تظهر وكأنها تعانق السماء وهذا يظهر البعد الروحي و العمق الفلسفي وراء التخطيط. كما أنّ هذه الساحة وبوجودها في هذا الوضع بالذات قد جاء تحت تأثير وجود منبع الماء الرئيسي وهو عين الفرس فهي تقع غرب الساحة بأمتار, كما أنّ هذه الساحة تتميز بوجود القادوس الذى منه استمدت اسمها. والقادوس مقياس أو ساعة مائية بها يتم تقسيم و توزيع المياه على المساهمين. وهو عبارة عن بناء قبوي صغير يقع تحت جامع يونس مباشرة وهو تجويف تمر تحته المياه ومنه تتفرع على السواقي وهي خمسة سواقي لسقاية المزارع و شرب السكان و الدواب و الغسيل ولكل من هذه مكان مخصص حسب الأهمية لشرب الإنسان أولا ثم الحيوان ثم السقاية والغسيل، بترتيب منظم و مراعى فيه النظافة .
ساحة السوق
2-    الشوارع المغطاة /
شوارع مدينة غدامس عبارة فراغات مسقوفة تشكل ممرات ضيقة تتسع أحياناً, فعرضها يتراوح ما بين 1.5 إلى 3 متر وهذا يعتمد على موقع الشارع ونوعيته وهي تتميز بتعرجاتها وتكسراتها الشديدة في بعض الأمّاكن, وهذه التعرجات لاعتبارات التهوية لتتحول الرياح الشديدة إلى  نسمة مرغوبة . وبسقف الشارع توجد فتحات للتهوية والإضاءة بعد كل مسافة متقطعة تصل إلى 15 متر بين الفتحة والأخرى , وعلى حافة الشارع توجد مباني، التي يشكل امتدادها فوق الشارع عنصر التغطية, وامتداد الشارع يتخلله مجموعة من المجالس والساحات المفتوحة والمغطاة. ومن هنا يمكن لنا أنّ نصنف الشوارع إلى:



·        الشارع الرئيسي/ وهو الوحيد ويتجه شمالاً و جنوباً ليربط أجزاء المدينة ببعضها. وتعتبر ساحة السوق نقطة الانطلاق ليتجه منها جنوباً ليرتبط بمحلة وازيت. وينتهي بباب النادر وشارع حودة. ويتجه شمالاً ويربطها بمحلة وليد وينتهي عندها بتفرعين الشمال الشرقي و ينتهي أيضاً بتفرعين هما شارع تعدوين وشارع أندعلاد. والشمال الغربي الذى ينتهي بزنقة حودة.
·        الشوارع المغذية/ وهي تتفرع من الشارع الرئيسي بشكل غير منتظم.
·        الشوارع الموصلة/ وهي تتفرع من الشوارع المغذية لتخدم مجموعة من المنازل يصل عددها من 3 إلى 9 منازل, وهي مسدودة النهايات وهذا ما يعطيها الخصوصية .

الانطلاق النجمي لمحاور الشوارع:
يتكون الشارع الرئيسي من أربع محاور رئيسية هي/
·        المحور الأول، يبدأ من باب النادر وينتهي بباب جرسان ويأخذ اتجاه من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي.
·        المحور الثاني، ويبدأ بباب جرسان لينتهي عند المركز ويأخذ اتجاه من الجنوب إلى الشمال.
·        المحور الثالث، ويبدأ من المركز لينتهي بزنقة( حودة ) ويأخذ اتجاه من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي.
·        المحور الرابع، ويبدأ من المركز لينتهي بشارع( أندعلاد ) ويأخذ اتجاه من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي.

مميزات الشوارع:
تتميز شوارع غدامس بوجود الجلسات على طول الطريق
هذا وتتفرع الشوارع الفرعية من محاور الشارع الرئيسي وتأخذ في التعريج والالتواء بعد نقطة التفرع بمسافة قصيرة وهي غالباً تنتهي ببوابة داخلية, كذلك هي الشوارع الموصلة إلاّ أنّ قصر المسافة ما بين بدايتها و نهايتها المسدودة لا تسمح عادة بتعرجها أو انكسارها وبهذا حافظت على أشكالها القائمة والمتعامدة على محورها .وقد اثرت أشكال التفرعات وكيفيتها على توزيع الكتل البنائية وأشكالها واحجامها.

كما تتميز الشوارع بوجود جلسات على طول الطريق، بها قاعدة ثابتة من الحجر للاستراحة أثناء المسير وهي مناسبة جداً لكبار السن الذين لا يستطيعون مواصلة السير دفعة وأحدة. الميزة الأخرى وهي نتيجة للتأثير الديني وانعكاسه على أسلوب التخطيط هو تخصيص شوارع وممرات خاصة بالنساء فوق أسطح المنازل حتى يمنع الاختلاط بين الرجال و النساء ولا تنزل المرأة للشوارع الأرضية إلاّ في أوقات محددة من النهار. ولكن يمكن للنساء الاتصال ببعضهن البعض من جميع الأطراف عن طريق هذه الممرات وعلى أسطح المنازل التي تلعب دور الساحة أو المجلس.
ومن هنا نجد أنّ الشوارع قد خصصت للمشاة فقط ولم يكن للمركبة (السيارة) أي نصيب فيها وذلك لاعتمادهم على الأقدام و الدواب كوسائل نقل.



الطرق المستخدمة في ربط الكتل البنائية/
عندما ترى هيكل المدينة بوجه عام ومن منظور علوي تجده في مجمله جسماً وأحداً مترابط الأجزاء لا تعرف له إلاّ الحدود الخارجية فالكتل البنائية المكونة له غير واضحة الحدود وذلك بسبب تغطية الشوارع. كما أنّ المباني فيما بينها قد تداخلت و تشابكت بشكل معقد وغير منتظم وهذه الكتل قد تلاحمت مع بعضها على مستويين, مستوى أرضي ومستوى علوي, فالمستوى الأرضي عن طريق التلاصق المباشر والتسلسل على طول ممرات الشارع أمّا المستوى العلوي فعن طريق تغطية الشوارع لأنّ هذه الشوارع مغطاه بفعل المباني التي بنيت فوقها مباشرة.


المصاطب و الجلسات:
وهي توجد بكل شارع تقريباً علاوة على وجودها بالمجلس والساحات ويكون موقعها قريباً من فتحة سماوية لأجل الإضاءة ولكن هذه المصاطب لا توجد بالشوارع الموصلة وذلك لضيقها كذلك قصر مسافة الشارع كذلك عامل الخصوصية للمنازل .
وهي أي المصاطب أجسام حجرية ثابتة يتراوح ارتفاعها ما بين 30 إلى 40 سم أمّا عرضها فقد يستمر عدة أمتار, والمحدد الأساسي لأبعاد المصطبة هو سن مستخدميها


تسلسل فراغات الساحة العامة:
الساحات بالمدينة عبارة عن فراغات مفتوحة بها جلسات من الأحجار بالإضافة لوجود حجرة تعرف بحجرة الأعيان كما أنّها تحوى العديد من المحلات التجارية وهي موجودة بكل شارع وتؤدى دور السوق كما أنّها تستخدم في المناسبات والأفراح لأبناء الشارع ألواحد أمّا الساحة العامة فهي تخص كل المدينة ومثال ذلك ساحة السوق وساحة الألعاب وساحة غاسوف وساحة تيلوان. أمّا المجالس الخاصة فهي في كل شارع وغالبا ما تكون مسقوفة, وهي منظمة حيث لكل فئة من الكهول والشيوخ والشباب والاطفال مجلسها الخاص بها. حيث نجد أنّ الجامع هو المتحكم في عملية التوزيع، حيث تكون مجالس الشيوخ هي الأقرب للجامع ثم الشباب ثم الاطفال.

  
التوجيه وعلامات التمييز:
إنّ ما يزيد في حيوية وقوة ظهور الفراغ هو وجود الأبواب الداخلية التي تقسم الشارع الطويل إلى فراغات عديدة, كذلك بتكرار الأبواب القوسية والمترادفة خلف بعضها البعض كذلك عن طريق الفتحات السماوية التي تعطى بقعة مضيئة. ومن نقاط التمييز وجود علامات التنبيه مثل خروج كتلة بنائية محيطة بالشارع على النظام الخطي و المنتظم وبروزها في الشارع قبل أن يتغير مساره, كذلك الدرجات التي تظهر كمدرج في ساحات الشوارع.    





3- الأسوار و البوابات/
كانت مدينة غدامس في السابق محاطة بسور من جميع الجهات بما في ذلك المزارع المتاخمة للمدينة ويبلغ طول هذا السور 6 كيلو مترات وهو يأخذ شكل دائري وقد أزيل هذا السور مع مرور الزمن ولم يبقى منه إلاّ بعض الآثار التي منها ما يحيط بجزء من شارع أولاد دليل من باب جرسان إلى باب النادر, وقد أزيل جزء كبير من هذا السور في أواخر عهد الاستعمار الايطالي .

وعلاوة على الأبواب الرئيسية الخارجية هناك أبواب أخرى كأبواب ثانوية داخلية وهي غالباً ما تقع عند بدايات ونهايات الشوارع الفرعية و الرئيسية ومنها باب البرج و باب أندعلاد وغيرها كثير.
   
4- البيت الغدامسي/
يعتبر البيت الغدامسي أحد النماذج النادرة التي عمرت منذ القرن الخامس عشر ورغم التطور العام فأنّ هذا النموذج من الطرز المعمارية التي لم تتأثر بما يجرى حولها من تغيير وتحديث. 
















المظهر الخارجي/
يتراوح ارتفاع المنزل من 10 إلى 13 متر. وتطلى الجدران الخارجية بالون الابيض, أما المنطقة العلوية من الجدار فتغطى بالجبس ثم تبيّض وتشكّل بالأشكال المثلثة, للمنزل الغدامسي عدد قليل من الفتحات يتراوح من 2 إلى3 لكل واجهة على الأكثر .
ثانياً، فراغات البيت/
( مغلقة ): وهي متمثلة في فراغ الحجرات الداخلية و الممرات والمطبخ .
( مفتوحة ): وهي متمثلة في فراغ السطح الذى لا تقل ارتفاعات جدرانه عن المترين وكذلك حجرة الشرفة و ممرات النساء.

عناصر الإنشاء/
الحوائط: المادة الاساسية لبناء الحوائط هي الطوب ويعتبر سمك الحائط ومادته عند البناء وحسب الارتفاع فعند سطح الارض يكون بسمك 75 سم وبعد ارتفاع 3 متر يتم تغيير الطوب ليصبح سمكه 60 سم ومن 5 إلى 6 أمتار يصبح سمكه 50 سم فقط .

السقف: يصنع من أخشاب النخيل والجريد عدا بعض الأسطح البسيطة التي يصنعونها بالأحجار الجيرية الخفيفة والجبس .

الأبواب: عادة تصنّع من خشب النخيل ( السنور ) ويرص على هيئة ألواح متتالية ومثبتة على ألواح من الخشب المحلي وتكون جميعها مربوطة بواسطة الحبال.
مدخل أحد البيوت الغدامسية المصنوع من السنور

الشبابيك: عبارة عن فتحات صغيرة ومرتفعة في الجدار, وتأخذ عدة أشكال منها ما هو مستطيل أو مربع ومنها ما هو مثلث.

الطاقات: وهي عبارة عن فتحة داخلية في الحائط غير نافذة ولكنها مستخلصة من الحائط ولها عدة استعمالات كوضع وسائل الإضاءة فيها أو جرار الماء أو المباخر وغيرها.



الأثاث:
يتميز الأثاث بالبساطة والأناقة وكثيرة الزخارف وهو عبارة عن( البساط الغدامسي – الوسائد – الحصير).


الزينة و الزخارف الداخلية:
الزينة عبارة عن رسومات نباتية أو هندسة كذلك تأخذ أشكال كتابات دينية وغيرها كما يتم استخدام الأواني النحاسية والأعمال الجبسية، امّا المرايات التي تستخدم بكثرة فهي لها عدة وظائف بالإضافة لكونها عنصر زينة فهي تعكس الضوء الساقط عليها من فتحة السقف وتنشره في الفراغ الداخلي ليكون أكثر إضاءة.



    
مواد البناء/
تبنى المباني في غدامس من مواد أغلبها متوفرة محليا ومن نفس البيئة  وأهمها:
·        الحجارة: تستخدم بقلة في البناء حيث استخدمت في القواعد أو في المنطقة السفلى من الجدران حتى ارتفاع متر ونصف.
·        الطوب الطيني: وهو الذى يستخدم في بناء الجدران و التقسيمات والسلالم والاقبية.
الطوب الطيني
·        الجبس: ويستخدم في الأرضيات وفي الجدران وكذلك في بناء القباب .
·        الجير: يستخدم في تبييض الجدران.
·        النخيل: وتستخدم جذوعه في السقف كما تستخدم في لوحات الأبواب والخزائن الحائطية, كما يستخدم الجريد في الأرضيات وبعض الأبواب, أمّا سعف النخيل فيستخدم وحده لمنع تسرب الجبس إلى الطابق الأسفل.
مواد البناء المستخدمة في مدينة غدامس
5- الجوامع و المساجد/
بمدينة غدامس القديمة أكثر من سبع جوامع رئيسية هي( العتيق / يونس / عمران الفقيه / تندرين / أولاد بليل / السنوسية / الظهرة) بالإضافة إلى جامع عقبة الذى يعتبر شبة مهجور, وجميع المباني بنيت بنفس المواد و بنفس الطريقة التي بنى بها البيت.

                   
6- الزوايا/
يوجد بمدينة غدامس ثلاث زوايا كبيرة للشيخ عبد القادر الجيلاني وزاويتان للشيخ محمد بن عيسى وزاوية للشيخ مولاي الطيب وأخرى للشيخ المدني وثانية للشيخ عبد السلام الأسمر وأخرى للشيخ محمد السنوسي رحمهم الله جميعهم , وكانوا يتلون القرأنّ ويقيمون الشعائر الدينية والزاوية عبارة عن حجرة أو صالة قد يوجد بها قبة ولكن ليس لها صومعة أو مأذنة كما للمسجد، فهي مجرد فراغ مغروس .
 
ملامح غدامسية/
يقول ( بشير قاسم يوشع ) في كتاب "غدامس … ملامح وصور: " أنّ الذى اختار موقع غدامس و أنشأ فيه المدينة الخالدة، لا يعدو أنّ يكون أحد رجلين إمّا مهندساً بارعاً و مفكراً ناضجاً, أو رجلاً صالحاً ألهمه الله سبحانه وتعالى الصواب ليسكن بهذه الارض الخصبة الآمنة من العوارض الطبيعية الشديدة" .


7- عين الفرس/
ألمحنا إلى أنّ عين الفرس هي سبب إنشاء مدينة غدامس, وقد أوردنا أسطورة تكوينها, وهذا ليس بغريب فإنّ هذه العين الأثرية القديمة لا تذكر غدامس إلاّ وذكرت معها بحيث ظل اسمها مقترناً باسم البلد مدى الدوام .

سواقي عين الفرس:
فيما مضى كان لها خمس سواقي ( مصارف ) وهي( تصكو, تاروط، أو تبلروط، تنقبشين، تندفران، تنجناون) .هذه السواقي الخمس لم يبق منها الآن سوى( تصكو ) وقبل فترة قريبة من القرن الماضي كانت( تاروط و تنقبيشين) تجريان, وتصكو هي الأقوى ثم تاروط  فتنقبيشين , أمّا تندفران و تنجناون فقد انخفضت عنها المياه منذ زمن بعيد. إنّ العين تقلصت وهي لا تزال تتقلص بمر الأيام.

طريقة ضبط حسابات عين الفرس:
كان الأوائل يضبطون حسابات مياه عين الفرس بواسطة القادوس, وهو سطل متوسط الحجم في وسطة ثقبة صغيرة, ويقيسونه بعد ثلاثمائة عدة يتنفس العاد بعد عشر عدّات, وإذا لم يفرغ السطل في العدة الأخيرة يزيدون توسيع الثقب شيئا قليلا, وهكذا حتى تكون الثقبة على الوضع الذى يريدونه. ولديهم قياس آخر لصحة هذا القياس وهو أن يملا السطل ويفرّغ عشرين مرة في الساعة الواحدة. والقادوس هو طريقة قديمة لحساب توزيع المياه, وقد ذكرها الأب لويس معلوف في المنجد. ومكانه بسوق غدامس القديم ( ميدان الحرية ) الآن وهو يقع بجانب حائط جامع يونس و تحت الصومعة مباشرة.

القادوس


المراجع/
كتاب غدامس منشورات جامعة قاريونس
كتاب غدامس ملامح وصور
منهج تاريخ العمارة بقسم العمارة بكلية الهندسة جامعة قاريونس
شكر للأستاذة عزيزة صفور أستاذة مادة تاريخ العمارة بكلية الهندسة جامعة قاريونس كذلك الشكر مصول للأستاذ فتحي رمضان بدر.



المصدر/ موقع الليبي: http///www.ellebe.0catch.com/gad.htm


* تمّ دعم الموضوع بمجموعة صور من عدة صفحات على facebook منها:
صفحة إبراهيم بشير مالك.
المصور الفوتوغرافي/ م. أحمد الترهوني
 صفحة أينير _اغدامس/ Aynare_Ghdames
أرشيف مدونة الميراث

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية