التخطي إلى المحتوى الرئيسي

من الخبرة إلى الذكاء الصناعي: مسار تشكّل الخطاب المعماري

خطاب يتشكّل من القلق: تأملات في العمارة الليبية بين الممارسة والوعي



جمال الهمالي اللافي

في هذا المنشور، أشارك خلاصة المسارات التي شكّلت خلفية كتاباتي المعمارية، وتفاعلت معها عبر السنوات:

1.      الخبرة الميدانية

سنوات من الاشتباك المعرفي والمهني مع العمارة، خصوصًا في سياقها المحلي الليبي، أفرزت لدي رؤية نقدية للإشكاليات البنيوية التي تعاني منها. هذه الرؤية كانت المنبع الأول لغالبية ما كتبته من مقالات وتأملات معمارية، وقد وجدت طريقها للنشر عبر وسائط متعددة:

  • مقالات دورية في مجلة آثار العرب، ومجلة مربعات، والصفحة الرابعة من جريدة الشط، حيث طرحت قراءاتي وتحليلاتي ضمن سياق ثقافي معماري أوسع.
  • مشاركات فكرية وحوارات معمقة في منتدى المعماريين العرب، رافقتها مقالات نقدية تفاعلية مع ما يُطرح من قضايا وإشكاليات مهنية.
  • سلسلة من المحاضرات التي بدأت منذ عام 1993 واستمرت حتى 2024، شكّلت مساحة لعرض الرؤية وتطويرها عبر التفاعل المباشر مع المهتمين والباحثين.

هذه الوسائل مجتمعة شكّلت البنية الأولى لخطابي المعماري، ووفّرت لي فضاءً لتجريب الأفكار وتطويرها ضمن سياق نقدي متجدد.

2.      الفضاء الرقمي وتفاعلاته

قبل تأسيس مدونة الميراث عام 2008، كانت مشاركتي في ملتقى المهندسين العرب هي المنصة الأولى التي احتضنت مقالاتي المعمارية وحواراتي النقدية. هناك، وجدت فضاءً مهنيًا مفتوحًا للنقاش، طرحت فيه رؤيتي وتفاعلت مع قضايا معمارية وثقافية ضمنية، مما ساهم في بلورة الخطاب وتوسيع مداه.

لاحقًا، جاءت مدونة الميراث لتكون امتدادًا أكثر تركيزًا واستقلالية، حيث بدأت بنشر تأملاتي ومقالاتي بشكل منتظم. ومع اتساع حضور منصة الفيسبوك، ظهرت أمامي كمٌّ من المنشورات العامة التي تستدعي مساءلة المفاهيم المتداولة فيها. دفعني هذا إلى التفاعل معها عبر خواطر ومداخلات سريعة، وأحيانًا مقالات منبثقة عنها، أُوضح فيها وجهة نظري وأُعيد تفكيك ما يُطرح من أفكار.

لم يكن الفضاء الرقمي مجرد وسيلة نشر، بل أصبح حقلًا حيًّا للتفاعل النقدي، يُغذي الخطاب ويختبره في آن.

3.      استدعاء الذاكرة وإعادة القراءة

خاصية الذكريات اليومية التي يعرضها الفيسبوك لما نُشر في السنوات السابقة فتحت لي بابًا لمراجعة تلك النصوص القديمة. أعدت قراءتها وصياغتها برؤية أكثر نضجًا، متكئة على تراكم الخبرة وتطور أدوات التحليل.

4.      الذكاء الصناعي كأداة تحريرية

دخول الذكاء الصناعي على خط التحرير منحني فرصة لتحسين صياغة المقالات، سواء القديمة أو المستجدة. من خلال طرح تساؤلات محددة عليه، حصلت على مراجع ومداخلات ساعدتني في تعميق الطرح وتجويد البنية المعمارية للنص.

خاتمة

وإذا كانت هذه المسارات قد شكّلت بنية خطابي المعماري، فإن غزارة المقالات التي نشرتها عبرها لم تكن تكرارًا، بل استجابة لتعدد الهواجس المرتبطة بالعمارة في ليبيا، وما يحيط بها من إشكاليات مهنية وتعليمية متجذّرة. إشكاليات لا تزال تعاني من قصور بنيوي، دون أن يظهر في الأفق أي بصيص أمل للتعاطي معها بالجدية المستحقة. من هنا، جاءت كتاباتي كمحاولة دائمة لتفكيك هذا الجمود، واستدعاء الأسئلة التي يُفترض أن تكون في صلب أي خطاب معماري مسؤول.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التهوية الطبيعية في المباني

م/ آمنه العجيلى تنتوش المقدمة تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي . وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية . وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن ...

بيوت الحضر: رؤ ية معاصرة للمسكن الطرابلسي التقليدي

تصميم وعرض/ جمال الهمالي اللافي في هذا العرض نقدم محاولة لا زالت قيد الدراسة، لثلاثة نماذج سكنية تستلهم من البيت الطرابلسي التقليدي قيمه الفكرية والاجتماعية والمعمارية والجمالية، والتي اعتمدت على مراعاة عدة اعتبارات اهتم بها البيت التقليدي وتميزت بها مدينة طرابلس القديمة شأنها في ذلك شأن كل المدن العربية والإسلامية التقليدية وهي: · الاعتبار المناخي. · الاعتبار الاجتماعي ( الخصوصية السمعية والبصرية/ الفصل بين الرجال والنساء). · اعتبارات الهوية الإسلامية والثقافة المحلية. أولا/ الاعتبار المناخي: تم مراعاة هذا الاعتبار من خلال إعادة صياغة لعلاقة الكتلة بمساحة الأرض المخصصة للبناء، بحيث تمتد هذه الكتلة على كامل المساحة بما فيها الشارع، والاعتماد على فكرة اتجاه المبنى إلى الداخل، وانفتاحه على الأفنية الداخلية، دون اعتبار لفكرة الردود التي تفرضها قوانين المباني المعتمدة كشرط من شروط البناء( التي تتنافى شروطها مع عوامل المناخ السائد في منطقتنا ). وتعتبر فكرة الكتل المتلاصقة معالجة مناخية تقليدية، أصبح الساكن أحوج إليها من ذي قبل بعد الاستغناء عن البنا...

المعلم/ علي سعيد قانة

موسوعة الفن التشكيلي في ليبيا 1936- 2006 جمال الهمالي اللافي الفنان التشكيلي" علي سعيد قانة " هو أبرز الفنانين التشكيليين الذين عرفتهم الساحة التشكيلية في ليبيا... انخرط في هذا المجال منذ نحو أربعة عقود. ولد بمدينة طرابلس الموافق 6/6/1936 ف ترعرع في منطقة سيدي سالم (باب البحر) بمدينة طرابلس القديمة.والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما- إيطاليا سنة 1957 وتخصص في مجال النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الزخرفية، كما حرص خلال وجوده في روما على دعم قدراته الفنية من خلال دورات تخصصية في مجال الرسم الحر والطباعة والسباكة وبرز في هذه المجالات جميعا.• التحق عند عودته إلى ارض الوطن بمعهد للمعلمين ( ابن منظور ) للتدريس سنة 1964ف• انتقل للتدريس بكلية التربية جامعة الفاتح سنة1973 ف• انضم إلى كلية الهندسة/ جامعة الفاتح بقسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1974- وتولى تدريس أسس التصميم و الرسم الحر لغاية تقاعده سنة 2001 ف• عمل مستشارا للشئون الفنية بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة. مساهماته الفنية/ اقتنى متحف مدينة باري للفنون بإيطاليا لوحتين من أعماله الفني...