الأربعاء، أكتوبر 16، 2019

عمارة القيم




جمال اللافي

معماريو اليوم، يرفعون أحجاراً وأعمدةً صبت من خرسانة وحديد مسلّح. ويصممون الفراغ تلو الفراغ، ليؤدي إلى تشكيلة من الكتل، يغلفها ما يشبه التناسق الجمالي، إلى الحد الذي يرضي الزبون، الفاقد للذوق الفني والإحساس الجمالي، لأنه لم يتربى عليه في أسرته، ولم يتعلمه في المراحل الدراسية التي مرّ بها، ولم يتلقاه من الإعلام المحلي، الذي يخصص جلّ برامجه لتمجيد الرئيس والقائد والملك والسلطان، ولا تتناوله الصحف المحلية ولا المجلات الثقافية، بقدر ما يتناولون الإسفاف الأدبي والانحدار الفني بالتعظيم والتهليل... فأنتجوا لنا عمارة تغلفها الفوضى وأخلاقا يسودها الانحطاط.
         
في حين كان أسطى البناء التقليدي يؤسس للقيم الفاضلة ويرفع فوقها جدران الأصالة والانتماء للجذور الخيّرة والبيئة الطيبة. ذاك الأسطى الذي لم يتلوث فكره بالنظريات الجوفاء، ولم يتعلم في مدارس صناعة الحمق وتفريخ الجهلة، ولم يقرأ جرائد الإسفاف، ولم يتلق قيم الانحطاط من إعلام فاسد ومأجور. فلم تبهره لا حضارة الغرب ولا الشرق. بل تربى في بيوت اجتمعت في رحابها العائلة، ورضع من حليب الأم الاعتزاز بالذات وبالقيم الفضيلة، فنظر تحت قدميه وما هو بين يديه... فأنتج لنا عمارة القيم.

معارض تشكيلية


الأحد، سبتمبر 22، 2019

معادلة التأصيل




جمال اللافي

إحياء الموروث الثقافي المعماري، يبدأ من ربط حلقات السلسلة المقطوعة بين عمارة الماضي وعمارة الحاضر. وفهم القيم التي انطلقت منها عمارة الماضي، لصياغة قيم تستوعب معطيات الحاضر ولا تنفصم عن الجذور، حتى تتحقق لجيل جديد من المعماريين إمكانيات الانطلاقة لصياغة عمارة المستقبل.


ما لم نفعل ذلك، لا ولن يمكننا أبدا تحقيق معادلة الانتماء بأبعاده الثقافية، التي تؤصل ولا تغرّب. تثري ولا تشوّه. تحل معضلات الحاضر ولا تزيدها تعقيدا.

السبت، سبتمبر 21، 2019

الموروث الحرفي.. بين الإثراء والتشويه




جمال اللافي

في بعض الأحيان، نكون مبدعين في التشويه، وليس في الإثراء أو الابتكار. وذلك عندما لا نجري دراسة عميقة لعناصر ومفردات وتفاصيل الموروث الثقافي من عمارة وحرف فنية وملبوس وأكل وعادات وتقاليد. ونستوعب القيم الجمالية التي انطلقت منها ومصادرها المحلية أو مؤثراتها الخارجية.

والعناصر الزخرفية والتفاصيل التي تدخل في إثراء جماليات المنتج المحلي المعاصر، هي واحدة من مداخل الإثراء أو التشويه. وذلك عندما نستبدل هذه العناصر الزخرفية بعناصر أخرى مستوحاة من بيئات خارجية. فيأتي عليها زمن يقال فيها أن عمارتنا أو صناعاتنا الحرفية أو ملبوسنا التقليدي أو مأكلنا ومشربنا هو وليد مؤثرات خارجية ناتجة عن استيرادها من مصادرها الخارجية، ولا علاقة لها لا بالثقافة المحلية ولا بأبداع الحرفي الليبي. وإنما هي تقليد متقن لما يبدعه الآخر.

فواقع اليوم يشهد بتلك الحرب الشعواء التي يشنها الكثير من أبناء هذا البلد على موروثنا الثقافي بنسبته إلى مؤثرات خارجية. ونرى ذلك بصورة جلية عند الحديث عن العمارة المحلية.



الأربعاء، سبتمبر 18، 2019

الذاكرة التشكيلية







ناصر المقرحي


شهدت الساحة الفنية السنوات الأخيرة رحيل أربع فنانين تشكيليين ليبيين وهم على التوالي الفنان يوسف معتوق الذي ظلت ريشته تنوس ما بين الرمزية والأنطباعية والواقعية والمحاولات التجريدية بحماس قل نظيره وغزارة في الإنتاج ومشاركات لا تتوقف داخل الوطن وخارجه.

والفنان الطاهر المغربي صاحب التجربة التي تميل إلى الفطرية بألوانها الاولية – من الأنبوب إلى السطح مباشرة – وخطوطها التحديدية الواضحة واتساع مساحة لوحاته وتناوله للحياة الأجتماعية والزوجية في أبسط صورها لنحصل في نهاية المطاف على لوحة مشبعة بالدفء والحب والمودة، خاصة مع تلك اللوحات التي تحاول أن تقبض على معنى التنزه أو ( الزردة ) باللهجة العامية، إذ لا ينفك الفنان يصور أفراد العائلة في نزهتهم الربيعية في أماكن طبيعية مختلفة في جو من المحبة والأُلفة والهدوء.

ثالث هؤلاء الراحلين هو الفنان خالد حمد بن سلمه صاحب الأسلوب الواقعي السلس بلوحاته متنوعة المواضيع والتأثيث بما فيها احتفاءه بالطفولة.

رابع الفنانين هو عمران بشنة الذي يختلف عن الفنانين الآخرين بأنه صاحب قلم تم تسخيره للنقد التشكيلي بجميع أنواعه إذ كتب عن الكثير من الفنانين وأضاء بكلماته الجادة والمسئولة تجاربهم الفنية في محاولة منه لإثراء المشهد التشكيلي ليس محليا فقط بل على مستوى الوطن العربي، إذ كتب عن فنانين من جل أقطاره تقريباً.

هذا عن كتاباته وتنظيراته التي تعكس حبه للفن وانشغاله الدائم بتفاصيله، أما عن ممارساته الفنية فقد اتخذت تجربته أبعاداً عدة وسارت بالتوازي في مسارات شتى، ذلك أن الفنان رسم إلى جانب الطبيعة والطبيعة الصامتة البورتريهات واللوحات التي تصور التراث الليبي الأصيل والحياة اليومية البسيطة خاصة تلك التي عرفها الفنان صغيراً ببدايات عمره وتفتح وعيه، بدافع من الحنين والأشتياق إلى تلك الأيام المليء بالمحبة والتآلف الأجتماعي والأنسجام الأسري، رسمها الفنان، إلى جانب كل هذا الفضاء الذي طرقه الفنان بريشته التي لا تكاد تجف لتتالي لوحاته وتدفقها بغزارة، رسم الفنان بتعبيرية عالية لوحات تجريدية ورمزية، ولم يكتفي بذلك إذ اتجه إلى إنجاز أعمال شبه تكعيبية تعتمد الخطوط المستقيمة والزوايا الحادة، هذا ناهيك عن لوحات الكولاج في خطوة تنحو في اتجاه التجريب سيراً وراء التوق والتطلع واستماعاً لذلك الصوت الذي يسكن روح الفنان والداعي إلى خلق معالجات جديدة وطرق أداء مبتكرة كل مرة وكأن الفنان كان يعي بأن تطوير الفن وخلق أسئلة تجدده هو أحد أهم أهداف التشكيل عامة إلى جانب أهدافه الأخرى.

ولا شك في أن رحيل هؤلاء المبدعين يشكل خسارة كبيرة للمشهد التشكيلي الذي يعاني من الركود والأرتباك، سيما وأن الفنانون الراحلون وبغض النظر عن اختلاف أساليبهم ورؤاهم يجمعهم معاً ويضعهم في خط واحد حبهم الشديد للفن بل عشقهم الكبير له وانحيازهم التام أو تعصبهم لعوالمه ودفاعهم عنه ومحاولاتهم المستميتة لإحياءه وتوعية الناس والمجتمع بضرورته، من خلال إنتاجهم الغزير أولا ثم من خلال مشاركاتهم المتتالية في المعارض في كل مناطق ليبيا وخارجها وتشجيعهم للمواهب الجديدة وسعيهم الدؤوب لمتابعة المعارض والورش والملتقيات الفنية.

والملاحظ في أمر هؤلاء الفنانين أنهم انتقلوا إلى رحمة الله تعالى وهم في أوج عطاءهم وفي ذروة حيويتهم وعنفوان تجربتهم الفنية، ولهذا السبب تعتبر الخسارة مضاعفة والفقد كبير، وتظل الحسابات المفتوحة على الفيس بوك لثلاثة منهم تذكر بأنهم مروا من هنا غير أن مرورهم لم يكن كأي مرور بطبيعة الحال بالنظر إلى ما تركوه من سير مضمخة بالعطاء وإبداعات تقاوم الزمن.

وهنا نستثمر الفرصة لنذكر بإبداعات هؤلاء الفنانين ونستحضر بعضا من مآثرهم الفنية ومجهوداتهم لخدمة بلادهم بواسطة هذا الإبداع، إذ لا يمكن أن نعتبر ما أنجزوه وتركوه خلفهم من أعمال إرثاً شخصياً بل هو إرث جماعي يخص ليبيا والإنسانية ككل وهذ يرتب على الورثة ومؤسسات الدولة المختصة مسئولية الحفاظ عليه وصونه وإتاحته للمتلقين من خلال المعارض والمتاحف.

هذه إذن مجموعة لوحات للفنانين نرفقها بهذا المقال حتى تتضح الأفكار المطروحة فيه ولا ننسى في الختام أن نستمطر شآبيب الرحمة على أرواح الفنانين وندعو الله أن يشملهم بواسع عفوه وغفرانه.


المصدر: صفحة بلد الطيوب على موقع الفيسبوك

الجمعة، مارس 08، 2019

طغيان المرافق السياحية



لا تهتم الدولة (في العالم العربي عموما) بالتخطيط السليم والمدروس. وبالعمارة الجميلة التي تهتم بالهوية المعمارية المحلية. وبتنسيق الحدائق ونظافة الطرق. وبالبنية التحتية. وبالخدمات الراقية والمعاملة الحسنة للمقيمين بها، إلاّ في المرافق السياحية، هناك فقط يجد المواطن أنه يعيش الحياة التي يحلم بها كل يوم ولا يجدها في غير هذه الأماكن في وطنه.
.
.
.

هناك فقط يجد بعضاً من كرامته المهدورة في مدن العشوائيات، التي يلف شوارعها قبح المباني وفوضى التخطيط وقصور في البنى التحتية والمرافق الخدمية. 

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...