أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الجمعة، سبتمبر 05، 2008

خزف وفخاريات غريان





أ. علي سعيد قانة


يوم الثلاثاء هو يوم السوق بطرابلس، وعنده يتواصل الوافد بماضي وتقاليد المدينة بالمنشية وسكره بآخر تقاليد تسويق الإنتاج رغماً عن وجود الموزع الفرد التاجر وأسواق" السوبر ماركت". لازال سوق الثلاثاء سوقاً لبعض المنتجات الحرفية المكابدة لواقعها.
كنت برفقة أخ في حديث بيئي حول النباتات والزهور والألوان وعلاقتها بالحياة وتجددها وبالعلفة وما يضاف إليها وباللحم وجنون البقر "وبورزات" النايلون وعادم السيارات، عزلتنا خضرة النباتات عما حولنا وانطلقنا في الحديث وتناسينا وجودنا في سوق يعج بالناس والحركة.
توقفنا أمام مجموعة من الأواني الفخارية المعروضة و" المفروشة" على الأرض، وكانت عبارة عن صحون و" معاجن" مشكّلة بالضغط على القوالب أو الدولاب أو بسكب الطين السائل المنزلقات" في قوالب من الجبس، رسمت على أغلبها باقات أو أكاليل من الزهور تتخذ شكل الإناء الدائري، وزخارف أخرى من تكوينات تحوي فروعاً مزهرة متشابكة بأشجار نخيل وثالثة عبارة عن زخارف خطية متعاقدة تحصر فيما بينها مساحات هندسية مزخرفة وقد نفذت هذه الرسومات في أغلبها باستعمال الفرش اللينة طويلة الشعر وباستغلال خصائص وتأثير وضعها وحركتها المختلفة على سطح الأواني الفخارية وهي محملة بالألوان الخزفية.
لاحظ زميلي متسائلاً أو مُصدراً لحُكمه بأن ما هو معروض ما هو إلاّ خزف سوقي، وقد وافقته على قصاصه هذا لأنه حقيقة مؤسفة صبغت أكثر أو غالبية إن لم نقل كل إنتاج غريان من الخزف.
وصل إلى أسماعنا وبشيء من الغضب والاحتجاج المصبوغ بأدب التعامل وخبرة السوق، احتجاج أو تساؤل في محاولة للالتفاف والدفاع ولتحديد المشكلة التي لم تكن واضحة لديه أو لم تكن أصلاً مطروحة في علاقته مع ما جلبه من إنتاج خزفي.
لقد احتج بأدب وبشيء من الترفع قائلاً بأن ما لديه من الخزف ممتاز وأنه معالج في أفران ألمانية تصل درجة حرارتها إلى1300 درجة وأنه غير الفخار العربي المنتج في الأفران المستوردة من مصر وأن الورنيش" الطلاء الزجاجي" الذي يغطي الإناء والرسومات والألوان، ورنيش حراري وليس طلاءً زيتياً أو مائياً.
أخبرناه أن رأينا غير موجه إلى نوعية المنتَج كخامة أو معالجتها التقنية، ولكنه موجه إلى هيئة الإناء وبالتحديد زخرفته وألوانه أي إلى الجانب الإنساني والحسي. عندئذ لاحت نظرة مسيطرة ومتشفية وأجاب باستخفاف:
" آه، عرفت إنكم تبحثون عن التحف المزخرفة" ثم استمر محاولاً لجم الحوار: سأحضر لكم الثلاثاء القادم ما تبحثون عنه".وهو بهذا حاول أمام من تجمّع من رواد السوق والفضوليين تحديد الشريحة الاجتماعية التي ننتمي إليها بتحديد اهتماماتنا، وهي هواجس لا علاقة لها بالواقع العملي للحياة، أي أنه لا علاقة لنا بالحياة الحقيقية، حياة الاستعمال. وأن اهتماماتنا هامشية مترفة، الباحثين عن تحف الزينة، البرجوازيين. إنه السوق وقد اجتهد في الدفاع عن بضاعته بالتهجم.
إن المغالطة الغير مقصودة هنا تمس اتجاهين مهمين في عملية الإنتاج الفني والحرفي وهذه المغالطة أو الثقافة السائدة لدى الحرفيين والتي تمتد إلى غيرهم ممن لهم علاقة بالإنتاج هي التي حددت هذا المسار وأكدت عليه باستمرارية التقليد في الإنتاج بدون الوقوف لتحديد ماهية العلاقة التي بينهما وبالتالي أهميتها.
الاتجاهان اللذان عرض لهما البائع المتجول وحدد موقفه منهما هما:
1- إنتاج التحف أو النماذج الفنية والجمالية، مجال البحث والريادة" الإبداع".
2- إنتاج أواني الاستعمال اليومي على اختلافها للإيفاء بمتطلبات المستعملين على اختلاف مشاربهم.
وهو ما يتطلب تكرار المُنتَج يدوياً أو آلياً مما يؤدي إلى ذبول وهجه وحيويته، وفي الجانب الآخر نجد اهتماماً مرّكزاً بهذا الوهج والحيوية في الإنتاج الفني والجمالي والعزوف عن التكرار والاتجاه إلى العمل الإبداعي المتفرد في البحث عن هيئة الشكل واللون" التحفة الفنية"، هنا تكمن أهمية وضرورة الاهتمام بهذا المجال في البحث الحدسي المجرد من الاستعمال المباشر كرافد ومحفّز ضروري للإنتاج الحرفي والصناعي.
وكما هو معروف تاريخياً فإن إنتاج المستعملات الحرفية الإسلامية اتحدت أو توحدت فيها صفة الاستعمال والجمال وعندما نحاول تحليل هذه العلاقة نجد أنها تتجدر في علاقة الحرفي الماهر والمتفنن بعمله وارتباطه به وتشبعه بجماليات حسية وإيحاءات ذات علاقة بإيقاع الحياة اليومية الروحية منها والمادية، فالفنون والحرف الإسلامية لم تفصل ما بين الحياة الروحية والمادية مثلما لم تفصل ما بين الاستعمال والجمال وهنا الربكة كما يقول الأخ الزويك أي هنا المشكلة أو المعضلة كما أفصح عنها تاجر سوق الثلاثاء المتجول وطرحها كما هي بواقعيتها وعلى حقيقتها. فصل ما بين الإناء وهيئته وما يحمله من زخارف وألوان. أي فصل ما بين الاستعمال والجمال.

الفصل ما بين الإناء وهيئته وما يحمله من زخارف وألوان" أي الفصل ما بين الاستعمال والجمال/
‏ نلاحظ في النتيجة التي توصلنا إليها في حوارنا مع الموزع المتجول وجود ثلاثة عناصر شكلت العلاقة بينها ‏الحكم الذي أصدرناه وهذه العناصر هي:
‏1- الاستعمال.
‏2- هيئة الإناء" الشكل".
‏3- الزخرفة والتجميل" اللون".‏‏
هذه العناصر مجتمعة ومترابطة هي التي تعطي للمستعملات شخصية متميزة تعكس الإنسان والمكان والزمان، ‏فالسيارة التي صممت في بداية القرن تختلف عن سيارة اليوم وسيارة المعسكر الشرقي غير سيارة المعسكر ‏الغربي وسيارة اليابان غير سيارة ألمانيا أو فرنسا بالرغم من روح الفترة التي تسبغ الجميع.‏‏ وتصميم المستعملات" ‏Design‏ " أصبح من أكثر النشاطات فاعلية في الحياة المعاصرة لصلته بالصناعة ‏والتسويق وما من أمة توجهت نحو الإنتاج إلاّ واهتمت بهذا التخصص، ولنا مثال في اليابان التي أرسلت أعداداً ‏غير معهودة من طلابها إلى أوربا قبيل الحرب العالمية الثانية للتخصص في هذا المجال الحديث الظهور الأمر ‏الذي أثار كثيرا من التساؤلات في حينه إلاّ أن النتيجة وضحت بعد نصف قرن ببروز المدرسة اليابانية في ‏التصميم الحديث والمعاصر مواكباً للإنتاج الصناعي.‏‏
هنالك الكثير من الكتابات تحمل آراءً ونظريات ومدارس في مجال التصميم ولكن لنجعل الأمر أكثر يسراً ‏وسهولة ونتتبع سيرة إحدى الحرفيات الشعبيات لنجد في سلوكها منهجاً نظرياً لا يبتعد في أساسياته عن مناهج ‏وآراء مصممي المستعملات" ‏Designers‏ ".‏
ففي زيارة عائلية لإحدى حرفيات الفخار الشعبي بنالوت وحول " عالة الشاي والكانون استمرت هدرزة" كنت ‏أسعى خلالها لسبر علاقتها بإنتاجها ومنطلقاتها في التعامل معه، بدأتُ بإثارة أسئلة فيها شيء من التحرش بقولي ‏إن الكانون الذي أمامنا غريب الشكل وغير معهود،
أجابت قد أكون مصيباً ذلك لأنني أفكر واستحضر " ‏الكوانين" التي أعرفها من مخزون الذاكرة، واستمرت قائلة بأن هذا "الكانون من صنعي" وقد عملت على تغيير ‏هيئته تبعاً للحاجة، ثم أحضرت كانوناً ثانياً وثالثاً ورابعاً وأحضرت مبخرتين استعداداً للمواجهة.
‏لكنني تماديت قائلاً بأنها أواني مختلفة. فأجابت بأنه لا اختلاف جوهري بينها فكلها " أواني نار".‏
أعدتُ الكرّة مرة أخرى متسائلاً: إذاً هذه النتوءات واختلافها وتباينها هل هي " ديكور" للزينة والتجميل؟
‏أجابت: لا، لا علاقة لها بالزينة بل سبب وجودها واختلافها فرضها عليّ الاستعمال. ثم قسمت إنتاجها من " ‏الكوانين" أو أواني النار إلى قسمين حسب نوع الوقود:‏‏1.‏ كوانين الحطب.‏‏2.‏ كوانين الفحم.
1-‏ كوانين الحطب/ تتميز بجوانبها الثلاثة المرتفعة مقارنة بكوانين الفحم، وهذه الجوانب المرتفعة تؤّمن وضع ‏‏" السخان" أو " البرمة أو الطنجرة" مع إمكانية إضافة حطب الوقود كلما استدعى الأمر ذلك وهذه الجوانب ‏مدعومة من الخارج وفي الوسط بسمك إضافي من الطين عليه ندبات مميزة عبارة عن أثر لضغط الأصابع ‏على الطين لتثبيتها تحولت إلى عناصر زخرفية وفي نفس الوقت فإن هذه الإضافة تعمل على دعم هذا ‏الجدار ليتحمل ثقل الأواني التي توضع فوقه وتحضير ثلاثة فطائر صغيرة من الشعير.‏
كانون آخر/ نتوءاته أقل بروزاً وقوده الحطب يستعمل في الغالب لتحضير " فطيرة" القمح على سطح من الفخار ‏أو الألمونيوم " الحمّاس" يوضع فوقه بعد إيقاد نار الحطب وعندما " يحمى" تشكل عليه فطيرة القمح ثم يوضع ‏فوق الكانون ثانية إلى أن ينضج ولهذا السبب وكما شرحت السيدة فإن ارتفاع النتوءات والفراغات التي بينها ‏يجب أن تكون " محسوبة" حتى لا تنطفئ النار أو يحترق الخبز الذي يحتاج إلى تهوية وإلى نار " لطيفة" وهذا ‏الكانون غير صالح لتحضير خبز الشعير.

2-‏ ‏" كانون الفحم"/ نتوءاته محدودة الارتفاع يتميز بالعمق ليحوي رماد الفحم الذي يضاف إليه تباعاً طوال فترة ‏الجلسة ويستعمل في الغالب لتحضير الشاي وللطبخ أو تسخين الأكل وهو غير صالح لتحضير أي نوع من ‏الفطائر أو خبز الشعير أو القمح.

3-‏ وأما المبخرة/ فقد أحدثت فيها تغييرات مع الاحتفاظ بهيئتها التراثية وما قدمته كانا نموذجين:
‏I‏-‏ بالنسبة لاستعمال المبخرة فعادة ما يؤخذ " الجمر" جاهزاً من كانون آخر ثم يبدأ في البحث عن علبة ‏البخور وقد اختصرت في هذه المبخرة عملية البحث عن البخور بإضافة جزء حاوي له في النهاية العليا ‏للمبخرة وبحكم تجربتها في استعمال المبخرة ومواجهتها للمشكلة سعت ضمن التقاليد إلى إيجاد حل أدى ‏إلى تغيير في هيئة المبخرة واستحداث نموذج جديد.

2-‏ وبدلاً من استعمال الكانون في تجهيز الشاي. عمل البعض على استبداله بموقد الغاز وهنا واجهت السيدة ‏غياب " الجمر" فصنعت مبخرة جديدة اختصرت فيها الجزء الحاوي للجمر وشكلت القاع من مسطح ‏دائري قليل العمق ليوضع مباشرة على " رأس الغاز" وهذا أدى إلى تغيير حجم قاع المبخرة ووزنها ‏وبالتالي هيئتها. وكانت تسعى إلى إيجاد حل لوضع أو حالة واجهتها.‏‏
ورثت هذه السيدة هوايتها عن والدتها واستمرت ممارستها لها كجزء من نشاطها اليومي والمنزلي، تدافع ‏عن ارتباطها واستمرارها في ممارسة هوايتها بالرغم من معارضة بعض أفراد أسرتها لضآلة " العائد" ‏الذي تجنيه من تعبها هذا ولكنها ترد: إنها صدقة العمل وأجري من عند الله.مما سبق نلاحظ/
*أن هنالك ارتباط جدري ووطيد ما بين الإناء والاستعمال.
* أن تغيير طريقة أو أسلوب الاستعمال يتطلب تغيير في هيئته.
*وأن تغيير الاستعمال يستدعي هيئة أخرى مناسبة:
وهذه المعالجة قد نطلق عليها الجانب التقني في ‏التصميم والذي يحدد فيه المصمم الغرض من تصميم المنتوج وأفضل وأنسب هيئة له للاستعمال وقد ‏نحصل في بعض الحالات على منتوج مثالي للاستعمال ولكنه مجرد أي أنه لا يحمل هوية، أي أن الجانب ‏التقني لا يفي في هذه الحالة لإبراز الهوية. وفي الحقيقة فإنه لا يمكن الفصل ما بين الهوية وتقنية التنفيذ في ‏الإنتاج ولكن قد يحدث هذا في حالات منها:
1- استعارة حرفيين أو تقنيين لا علاقة لهم بالإرثالمحلي.
2- انفصام أو استلاب في شخصية الحرفي.
‏3- بُعد الممارس للحرفة عن المجال وتقاليده.
‏4- استعارة لنماذج للإنتاج لا علاقة لها بتراث الإنتاج المحلي.
‏5- استعمال الآلة وسيطرتها على الإنسان.
‏‏
والملاحظ بأن هذه الإشكالية أوضح ما تكون في إنتاج غريان من الخزف والفخار، فإنتاج الفخار ضعيف وهزيل ‏وغريب إذا ما قورن بالإنتاج المماثل لحرفيات الزنتان وزليطن ووادي كعام.‏ومن هذا نستنتج أن الإنتاج الجيد يتطلب تقنية ذات هوية. وعند الكلام عن الهوية نجد أنها تتضمن زخماً ‏يحدد جماليات المنتوج أو الإنتاج، وعندما يتحول الإنتاج إلى التصنيع حينئذ يتطلب الأمر مجابهة علمية ‏وفنية. فهل أخذنا بهذا التوجه؟ ‏

التجميل‎…‎‏ الزخرفة واللون‏/
وحول بائع الفخار والخزف المتجول بسوق الثلاثاء ، أشارت سيدة ممن حضرن الحوار إلى إناء وقالت ‏لرفيقتها" يا سلام عليها، هذي للعصيدة روعة!" وبحكم ألفة الحوار الذي جرى تدخلتُ قائلاً بأن هنالك أواني أكثر ‏زخرفة، أجابت: لا إنه لون مناسب للعصيدة. والسيدة محقة فيما قالت فاللون مغري وحسي ولطيف وموحي، ‏ومما لا شك فيه فإنه سيخلق علاقة توافق مع " العصيدة" خصوصاً إذا كانت بالعسل والسمن، ‏‎…‎‏.فهل التجمل ‏والزخرفة واللون حاجة ضرورية بالنسبة للفخار والخزف أم هو مظهر اعتراضي في الإمكان إسقاطه.‏فالزخرفة واللون ارتبطا بالخزف حتى أصبحا هما الدلالة المميزة له، فإننا لا نتصور الخزف كإناء وهيئه بقدر ما ‏تتجسد أمامنا الزخرفة واللون والسطح المصقول اللماع، إضافة إلى هذا فإن هنالك دواعي أخرى تؤكد أهمية هذا ‏الارتباط منها:‏‏
1.‏ إن " الكساء" الخزفي بما فيه البطانة واللون والطلاء الزجاجي ضرورية للإناء ذلك لأنها تكسبه خواص ‏تخدم الاستعمال وهي عزل خامة الفخار المسامي لمنع امتصاص السوائل كما يكسب الإناء نوع من ‏الصلابة.
‏‏2.‏ إن الزخرفة واللون أحد المظاهر التي تؤكد الهوية.
‏‏3.‏ إنه عامل مهم في التأثير الحسي والنفسي.
‏‏4.‏ مؤثر في عملية الاختيار والتسويق.‏وتتجلى ظاهرة علاقة التزيين بالإنتاج في حالتين:
الحالة الأولى/ الخزف الذي يستعمل للزينة والتجمل- ويقصد به الأعمال التي صممت وأنتجت لتكون ‏جزءاً من وسائل تجميل الفراغ أو المكان بما تشعه من بهجة وسرور وراحة للنظر والنفس، ويدخل في هذا ‏التصنيف " التحف" والأعمال الفنية الصرفة بتأثير ومفعول أكثر ديمومة وعمقاً.‏


الحالة الثانية/ تجميل أو تزيين الأواني أو الأعمال الخزفية- وهذا يعني إضفاء صفة الجمال على الإنتاج ‏بوسائل التعبير الفني المختلفة استكمالاً للعملية الإنتاجية ورفعا من مستواها الحسي لتلاقي قبولاً من المتلقي ‏أو المقتني المستعمل ونعني هنا بأن التجميل ما هو إلاّ وسيلة وليس غاية كما هو الحال بالنسبة لخزف الزينة ‏ويتوصل الخزاف إلى تحقيق هذه الصفات بعدة مداخلات أهمها:‏
• معالجات ترتكز على الخامة كهيئة وملمس باستعمال تقنيات الحفر والكشط والإضافة- وعادة ‏ما تحدث هذه عند بداية صياغة العمل وعندما يكون الطين قابل للتشكيل، والإنتاج هنا عولج بأسلوب ‏أقرب ما يكون للنحت.‏

• معالجات جمالية يكون اللون وسيلتها وهي أقرب لتقنية التصوير، تستعمل الألوان الخزفية عادة ‏بعد عملية الفخر أي حرق الطين ولكن في بعض الأحيان تعالج الأعمال لونياً قبل الفخر أو بعد الفخر ‏مباشرة كما يحدث في الفخار الشعبي باستعمال الطين الملون في الحالة الأولى أو العصارات النباتية في ‏الحالة الثانية.‏• المزاوجة في معالجة الإنتاج ما بين الأسلوبين أي معالجة ملمس السطوح وفخرها ثم تلوينها، ‏ومن التقنيات التي تستعمل للتجميل اللوني:
‏‏1.‏ الغمر- حيث يغمر كل أو جزء من الإناء أو العمل في محلول اللون الخزفي.‏
‏2.‏ الطرطشة- تقنية قديمة جداً تستعمل بتجهيزات وعُدد حديثة.
3.‏ التلوين باستعمال الفرش. أداة استعملت بشكل مكثف لإمكاناتها وملاءمتها إذ كان هم الإنسان ‏منذ البداية البحث عن وسيلة تمكنه من نقل اللون من إناء التحضير إلى السطح الذي يريد تلوينه فاستعمل ‏في البدء إصبعه" الأستراليون" ثم أغصان الأشجار ذات الألياف " القبائل الأفريقية"، أو ربط الخرق ‏حول عيدان واستعمالها كفرش " اليابانيون قديماً"، أما الفرشة بمفهومها المعروف فقد ظهرت لدى ‏الصينيين منذ القرن الثالث الميلادي على الأقل واستعملت للكتابة والرسم على الأقمشة الحريرية قبل ‏اختراع الورق، وتصنع الفرش من وبر وشعر الحيوانات الأليفة والبرية مثل الجمل، البقر، ‏السنجاب‎…‎‏.، ونوع الشعر وكميته يعتمد على الاستعمال الذي يحدده الخزاف فالفرش الطويلة والرفيعة ‏تصنع من شوارب الأرانب وتستعمل للتحديد والفرش الأكثر احتواء للشعر تستعمل لرسم الخطوط ‏السميكة والفرش الممتلئة الشعر والمقطوعة بميل تستعمل لرسم أشكال أوراق النباتات.‏
ولكيفية استعمال الفرشة تأثيرات أهمها /

أولاً: الأسلوب الوصفي أو التمثيلي- وتستعمل فيه الفرشة كوسيلة وأداة لنقل اللون إلى السطح وتتّبع الأشكال ‏المرسومة مسبقاً على سطح الأعمال أو على الورق وذلك:
‏1- لرسم الخطوط الرفيعة والسميكة المستقيمة أو المنحنية، مفردة أو متقاطعة... الخ.
‏2- تحديد للمساحات أو للفراغات على سطح المنتجات والتي قد تكون هندسية أو نباتية.
‏3- نقل اللون وبسطه في الفراغات المحددة.‏
ثانياً: الأسلوب التعبيري- تتحرر فيه الفرشة من التبعية كأداة أو وسيلة وتتوحد مع يد الحرفي لتتصل بانفعالاته ‏وتستجيب لإيحاءاته معبرة عن القوة والعنف أو الضعف والليونة وبطء الحركة وسرعتها ودلالات أخرى تتركها ‏الفرشاة كأثر على السطح. ويعتبر الصينيون واليابانيون أساتذة في استعمال الفرشة.

ثالثاً: الأسلوب الوصفي التعبيري- وهو ما استعمل لتمثيل الخطوط في حركتها وأنواعها وتتبع الأشكال المختلفة ‏هندسية أو نباتية والتعبير عنها " بضربات" أو بأثر الفرشة على السطوح وغالباً ما يحدث هذا عند تمثيل أو رسم ‏الأوراق والزهور وبتيلاتها وما شابهها. ‏ويستعمل كل من الأسلوب الوصفي والتعبيري بتلقائية فطرية في فخار زليطن ووادي كعام. أما الإنتاج الحديث ‏في غريان فيغلب عليه الأسلوب الوصفي والوصفي التعبيري في عملية تجميله. ‏وأخيراً وليس بآخر يبقى السؤال المؤلم هل إنتاج غريان المعاصر من الخزف إنتاج بدون هوية؟ ‏


للتعرف على كاتب المقال قم بزيارة هذا الرابط: http://mirathlibya.blogspot.com/2008/07/blog-post_6836.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية