أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الأحد، مارس 04، 2018

التلاعب بالكتل




واحدة من تفسيرات انصراف معماريو الحداثة وما بعدها والتفكيك إلى التلاعب بكتلة المبنى لخلق تكوين جمالي وعلاقة بين الضوء والظل، هو انصراف تخطيط المدن المعاصر عن النظام التخطيطي للكتل المتضامة (المتلاصقة) الذي كان معتمدا في المدن التقليدية، حيث كان هذا التلاعب بالكتل يأتي عفويا من خلال العلاقة بين الكتل المتلاصقة ببعضها البعض، فتأتي واحدة متقدمة بعض الشي عن جارتها وأخرى مرتفعة عنها نصف دور أو دور كامل وهكذا. كما تتأتي من احترام طوبوغرافية الموقع متعدد المناسيب.



العفوية، الناتجة عن تحقيق مطلب إنساني وبيئي اساسي، تخلق تكامل العلاقة بين كتل المبنى الواحد والمباني المجاورة له. والتكلف غالبا ما تكون عواقبه مدمرة على البيئة والإنسان معا. وقلما يحقق النتيجة المستهدفة منه من الناحية الجمالية. إلى جانب أنه يأخذ من تفكير وجهد المعماري الكثير على حساب الوظيفة، حيث يتم تكييفها غصبا مع الشكل الجمالي المراد تحقيقه.

جماليات المكان



من الملاحظ في المساكن الشعبية التي ينفذها المستثمرون أنهم يعتمدون في توفير تكلفة التنفيذ وزيادة نسبة الأرباح على اختيار نموذج واحد وتكراره، بعد أن يقوموا فقط بتغيير ألوان الحوائط. فتجد نفس النموذج بلون ياجوري للكتل البارزة مع الترابي لباقي الحوائط الخارجية، بجانب نموذج بني للكتل البارزة مع الأصفر لباقي الحوائط. أو يختارون أنواع مختلفة من بلاطات الحجر الصناعي ويوزعونها على مجموعة النماذج... وهكذا.

الأمر الذي يخلق حالة تنافر ونشاز في الشكل العام للحي السكني من خلال اختيار نموذج تكثر فيه البروزات المفتعلة لغرض طلائها بألوان مختلفة أو تلبيسها بهذه الأنواع الرخيصة من بلاطات الحجر الصناعي.

وكان من الأولى بهم في حالة رغبتهم في التوفير في عدد التصاميم المعمارية للنماذج السكنية أن يقف اختيارهم على نموذج مثالي أكثر بساطة وأقل كلفة في التنفيذ، بحيث يخلو أولا من هذه البروزات المفتعلة. والاكتفاء ثانيا بطلاء جميع الوحدات السكنية بلون موحد وهو اللون الأبيض للحوائط ولون آخر بدرجاته المختلفة للأبواب والشبابيك. بحيث يتم اختيار درجة واحدة لكل بيت ودرجة أخرى لبيت آخر... وهكذا. مع الحرص على أن يكون عرض الرصيف لا يقل عن 1.50 متر، مما يسمح بغرس أي نوع من الأشجار المثمرة والمزهرة بجانب كل بيت، وهي كشتلات أقل كلفة من أشجار الزينة التي لا يقل سعر بعضها قبل ارتفاع الدولار عن 300 دينار.


هذه المعالجات البسيطة، في حالة نفذها المستثمرون ستسهم في الارتقاء بالمستوى المعماري والجمالي للأحياء السكنية. وبالتالي سترفع من فرص البيع والاستثمار إلى الحد الأعلى.

ملاحظة/ لم اتطرق هنا للبنى التحتية أو توفير الخدمات لهذه الأحياء، لعلمي أنه أمر سابق لأوانه بالنسبة لرؤية المستثمرين الحالية.

ويمكننا من خلال الصور المرفقة للأحياء السكنية في مدن اليونان وجزرها أن نستوعب كيف يمكننا أن ننشئ أحياء سكنية بسيط وغير مكلفة وفي ذات الوقت تمتاز بطابعها المعماري الذي يجعل منها أحياءا راقية وقابلة للعيش دون أن يشعر سكانها أن مناطقهم تصنف تحت إطار الأحياء الشعبية المتدنية المستوى في مقابل أحياء أخرى راقية.


مع لفت النظر إلى معالجة الشوارع بحيث يؤخذ في الاعتبار سهولة حركة سيارات سكان الحي وزوارهم وتوفر مواقف للسيارات في إطار الحي أو في كل وحدة سكنية. وهو ما لا نراه في الصور المعروضة.

الخميس، فبراير 15، 2018

مرايا العمارة



جمال اللافي

في كل المراحل التاريخية الماضية كانت العمارة المرآة العاكسة لحالة مجتمع ما بأكمله. فإذا بها تضحى اليوم المرآة العاكسة لحالة فرد ما في مجتمعه.

العمارة اليوم أصبحت مجموعة متناثرة من المرايا التي تعكس حالات فردية متنافرة داخل المجتمع الواحد. مرايا تعكس تضارب القيم والمفاهيم والرؤى والقناعات والتوجهات والعلاقات.

وهي بذلك إنما تعكس في حقيقة الأمر تضارب المرجعيات التي ينطلق منها كل فرد داخل المجتمع الواحد في تقييمه لما هو موجود وما يريده أن تكون عليه العمارة حاضرا ومستقبلا.

هي تعكس اليوم وبكل مرارة تفسخ المجتمع الواحد في قيمه ومعتقداته ورؤاه. في مقابل سطوة الأنا والفردية على روح الجماعة.

وفي جميع الأحوال ستبقى العمارة دائما وأبدا المرآة العاكسة لحالة المجتمع في وحدته، وفي تفسخه.

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...