أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الجمعة، أبريل 06، 2018

لقاء مع السقيفة الليبية




جمال اللافي: ”المشهد المعماري في ليبيا متأزم. ويعاني…“
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السقيفة الليبية: لكل بلد ومدينة طابع معماري خاص، يسعى المسؤولين في هذا البلد أو ذاك، لإبرازه والاهتمام به، وكذلك أهل هذا البلد، وخاصة إن كانت مدن أثرية تحمل التاريخ على أسوارها، وتحفظ أصالتها لتهدي العابرين جمال النظر، ومغامرة رحلة لأزمنة بعيدة، عبر نوافذها وأبوابها وأقواسها وقلاعها، هي ثقافة مكانية زمانية تنتقل من جيل إلى جيل. وسط تغول الحداثة، واختلاف الأذواق والاحتياجات، اختفى هذا الطابع الجميل ولم نعد نراه كثيراً في ليبيا، لكن هناك دوماً الباحث عن مكامن الجمال في الموروث المعماري الليبي.

ماذا سيحدث لو فكرنا بطريقة مختلفة عندما نتعاطى كمستثمرين عقاريين مع مجموعة من الوحدات السكنية؟

سؤال يطرحه باحث ومصمم معماري، مهتم بدراسة العمارة الإسلامية المحلية في ليبيا، وعبر مدونته "الميراث" يطرح رؤية معمارية إسلامية معاصرة، تعتمد على إعادة إحياء روح التكامل بين المعماري والحرفي لإنتاج عمارة تتفـاعل مع حاجات المجتمع المعاصر المادية والروحية وتطويع التقنيات الحديثة واستخداماتها لصياغة رؤية مشتركة لعمارة بيئية، تراعي الخصوصية الثقافية والظروف المناخية والاقتصادية لمختلف المناطق والبيئات المحلية.

جمال اللافي يسعى لتصحيح مفهوم العالمية في أذهان المبدعين المحليين، وذلك من خلال تسليط الضوء على حقيقة مرامي الدعاة إليها أو المنساقين وراءها. وكي لا تشكل العالمية هاجسنا الأول الذي يدفع بنا إلى أن نرمي باحترامنا لذواتنا خلف ظهورنا جريا وراء سراب اسمه تفوق الآخر.

وللتعريف بمدونة "الميراث" أكثر يقول مؤسسها الباحث والمصمم المعماري جمال اللافي، استدعت حاجة المعماريين والتشكيليين والحرفيين في ليبيا إلى منبر إعلامي ملتزم بقضايا المجتمع يتم من خلاله تواصلهم اليومي مع شرائحه المختلفة، إلى إطلالة هذه الصفحات النقدية، لترسيخ عدة قيم قد يكون مفهومها غائبا عن بعضنا وقد تحمل معاني مختلفة عند البعض الآخر، ولكننا نتفق مع الكثيرين حولها. ولا بأس من تكرار طرحها بمقتضى الضرورة القصوى إلى إعادة التذكير بما نكون قد نسيناه أو تناسيناه في زحمة السعي وراء فضاء يأوينا بعد أن هجرنا ألفة بيت العائلة الحميمة، ونحن نتطلع إلى البدائل المستوردة وهي تغتال فينا كل يوم إحساسنا بكل ما هو أصيل وجميل.

قيمة أخرى تعيد طرحها هذه المدونة على مائدة الحوار بين أصحاب المهنة الواحدة تحديدا وبين أفراد المجتمع على وجه العموم، وهي احترام الرأي الآخر والتفاعل معه على أساس أنه يهدف بالدرجة الأولى إلى الارتقاء بالعمل الإبداعي "المعماري والتشكيلي والحرفي" إلى مرحلة التفاعل مع هموم واحتياجات المجتمع والتعبير عن تطلعاته إلى حياة أكثر استقرارا وإنتاجية.

السقيفة الليبية تواصلت مع الأستاذ جمال اللافي وكان لها معه هذا الحوار:

 - أين درس جمال اللافي وبمن تأثر؟

·   درست العمارة بقسم العمارة والتخطيط العمرانية بكلية الهندسة جامعة طرابلس 1980. ولم اتأثر بأي أحد خلال دراستي بقسم العمارة ولا بعدها. وذلك لأنني التحقت بقسم العمارة منطلقا من رغبتي في الإسهام في الارتقاء بعمارتنا الليبية المحلية وكان دافعي الأول إعادة الاعتبار لحوش العائلة كنظام إسكاني يضم في رحابه الأجيال الثلاثة (الجدين والأبوين والأحفاد). وقد واجهت تصادما مع توجهات قسم العمارة في تلك الفترة، حيث كان يغلب على أعضاء هيئة التدريس التوجه الحداثي الذي يرفض كل أنماط العمارة التقليدية والقيم التي تنطلق منها. أحدهم يخبرني بأن توجهي هذا لم يعد له وجود إلاّ في المقابر (أي بمعنى أنه مات وعفى عنه الزمن).

-  هل لجمال اللافي أي إنتاج فكري أو نشاطات ثقافية أو فنية اخري؟

·   بالتأكيد وكما أشرت في ردي على السؤالين السابقين فمسألة أن يحمل المعماري رؤية ولا يعمل على التعريف بها هو بمثابة وأد لها في مهدها. وحلم لا يقابله فعل على أرض الواقع، لهذا بدأ نشاطي العلمي، الذي يستهدف استنكاه مكامن التميز والخصوصية في موروثتا الثقافي إلى جانب التعريف به والدعوة إلى إعادة إحيائه في النتاج المعاصر، منذ مرحلة الدراسة بقسم العمارة والتخطيط العمراني، من خلال سلسلة من المعارض التي تعرف بهذا الموروث داخل قسم العمارة وخارجه. إضافة إلى القيام بمجموعة من الرحلات العلمية إلى المدن الليبية القديمة بمبادرة ذاتية صحبة أربعة من زملاء الدراسة. ستجدون على هذا الرابط المرفق سيرة ذاتية تحتوي على مختلف الأنشطة العلمية والثقافية التي ساهمت فيها استكمالا للرسالة التي أحملها ودعما لها.

-  حدثنا عن مدونة ”الميراث

·    اهتماماتي بإعادة إحياء العمارة المحلية برؤية معاصرة واجهت الصد، كما أشرت في السؤال الثاني ليس فقط من أساتذة قسم العمارة ولكن أيضا من زملاء الدراسة ومن بعدهم المعماريون الممارسون للمهنة وكذلك من المستثمرين العقاريين الذين كان يتردد بعضهم على مكتبنا الهندسي في بدايات الألفية الجديدة. لهذا رايت من الواجب التركيز على جانب الإعلام كأهم وسيلة للتعريف بقيم عمارتنا المحلية وجمالياتها (التي تفتقر إليها عمارة الحداثة بطبيعة الحال)، لهذا توزع نشاطي المعماري بين التصميم والنشاط الإعلامي التثقيفي منذ مرحلة الدراسة مرورا بفترة عملي بقسم الديكور بالإذاعة المرئية في الفترة من 1988-1990 ومن بعدها عملي بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس بعد التحاقي به في العام 1990، عبر إدارة تحرير مجلة آثار العرب. ومن بعدها المشاركة في تأسيس مجلة مربعات وعضوية تحريرها، إلى أن انتشر الإنترنت وأصبح متاحا للجميع فكانت هذه بمثابة إنطلاقة أخرى للتعريف بموروثنا الثقافي، ترتب عنها تأسيس هذه المدونة الشخصية في شهر يوليو من العام 2008 م. وذلك للتعريف بالعمارة المحلية من خلال نشر مقالاتي وكل ما توفر لدي من معلومات وبحوث ومقالات ودراسات لكتّاب آخرين ليبيين ترتبط موضوعاتهم بأهداف المدونة وهي مستمرة بفضل الله في أداء المهمة على أكمل وجه.

-  كيف يري جمال المشهد المعماري الليبي؟ مما يعاني؟ ومن هم أهم رموز العمارة في ليبيا؟

·    المشهد المعماري في ليبيا متأزم. وهو يعاني - رغم وجود حركة بناء واسعة ومتسارعة - من حالة فصام عن موروثه الثقافي وتخبط في تحديد توجهات معاصرة للعمارة الليبية يمكن التعويل عليها واحترامها، هكذا أراه. بالنسبة لرموز العمارة في ليبيا، لو تعلق الأمر بمن يصمم أفضل من الآخر، فهناك مجموعة لا بأس بها من المعماريين الليبيين المتميزين على الساحة الليبية. أما إذا تكلمنا من حيث وجود توجه معماري ورؤية يمكن تلمس ملامحها الفكرية وانعكاساتها المعمارية على أرض الواقع، فحتما نحن نتكلم عن الأستاذ والمعماري أحمد إمبيص. كذلك نتحدث عن الفنان التشكيلي الأستاذ علي قانة، الذي كانت له إسهامات في أكثر من مشروع معماري مع الأستاذ أحمد إمبيص بالإضافة لكونه يحمل رؤية فكرية وبعد نظر لقيم العمارة المحلية ومجالات الفنون التشكيلية الأخرى من منظور ثقافي محلي، وله في هذا إسهامات كبيرة أيضا. وفيما يتعلق بما يمكننا أن نطلق عليه عمارة الحداثة اصطلاحا، فجميع المعماريين الليبيين يتخبطون في هذا الاتجاه على رمال هذا الشاطئ في حالة عمه.

-  ماهي المعالم المعمارية الليبية التي لحقها الإهمال؟ أو التي تخشي أن يلحقها الضرر بسبب الاهمال والتسيب؟

·    جميع المدن الليبية التاريحية تم تخريبها بالكامل ولم يبق من بعضها إلاّ الأطلال التي تنعى ماضيها. باستثناء مدينة غدامس القديمة. وهي التي أخشى عليها أن يلحقها الضرر والتشويه من طرف بعض من سكانها ممن بدأ يطنب في زخرفة جدران شوارعها الأمر الذي لم يكن متعارفا عليه إلاّ في البيوت الغدامسية. وفنون الزخرفة في مدينة غدامس يعتبر نشاطا تستقل به المرأة الغدامسية عن الرجل الغدامسي، في حين أن شوارع غدامس كانت حكرا على رجالها دون نسائها. وكانت تمتاز بلونها الأبيض وبعض النقوش البيضاء التي تختلف اختلافا ملموسا عن النقوش التي تنتشر في البيوت الغدامسية. وهذا التشويه يلقى قبولا عند الكثيرين منهم. وما لم يوضع له حدا فسيتمادى أولئك المفسدون بدعوى التنشيط السياحي. وبالنسبة لمدينة طرابلس، فالخراب عمها من طرف سكانها. وتجار العملة. والمحسوبون على المؤسسة التي أنشئت منذ العام 1985 بهدف الحفاظ عليها وترميم معالمها التاريخية وإعادة إحياء صناعاتها الحرفية التقليدية وأسواقها التجارية التراثية.

-  من هو معلمك المعماري المفضل في ليبيا؟

·    فيما يتعلق بمعلمي فهي عمارة وتخطيط مدينة طرابلس القديمة بالدرجة الأولى، ثم باقي المدن الليبية التاريخية. فهي كانت ملهمي منذ انطلاقي في مجال العمارة، حيث شح التوجيه وافتقرت مكتباتنا إلى المراجع التي يمكن التعويل عليها… ولكن يبقى الأستاذ علي قانة (رحمه الله) الأقرب إلى نفسي بما يحمله من روح الانتماء لكل ما هو مرتبط بالموروث الثقافي الليبي وعلى رأسه العمارة المحلية. لم يكن له تأثير على مسيرتي من الناحية الفكرية أو التوجيهية لأنه كان يدرسنا مادة الرسم الحر، وحوارتي معه خلال فترة الدراسة لم ترتق إلى مستوى التبادل الفكري، بقدر ما اقتصرت على مجموعة من الأنشطة الطلابية. وتواصلي الحقيقي معه بدأ عندما قررت أن أوثق سيرته الذاتية من خلال شريط وثائقي للمخرج محمد المسماري في العام 2004 بعد تقاعده عن التدريس وعندها اكتشفت ثراء حصيلته المعرفية في جميع مجالات الفنون الجميلة والتطبيقية.

-  من هو معلمك المعماري المفضل خارج ليبيا؟

·    ليس لدي أي معلم خارج ليبيا، لأن الفترة التي تلقيت فيها تعليمي خلال فترة الثمانينات، لم تكن لدينا اي مصادر معمارية يمكن الاستلهام منها. كما أن توجهي المعماري هو توجه محلي بالدرجة الأولى ورؤيتي لا يمكن استلهام مصادرها من خارج ليبيا. ولكن في منتصف الثمانينات منحت جائزة الآغاخان للمعماري المصري حسن فتحي ثم تلاها منح هذه الجائزة لمجموعة أخرى من المعماريين العرب في فترة التسعينيات وعلى رأسهم المعماريين العراقيين رفعة الجادرجي ومحمد صالح مكية والمعماري الأردني راسم بدران. وهذا الأمر جعلني انتبه لوجود معماريين عرب يشاركونني هم عمارتهم المحلية ولكن بمنظور يتفاوت من معماري إلى آخر. وما اسعى إليه يبتعد كثيرا عن توجهاتهم الفكرية من حيث الطرح والتصميم المعماري لمشاريعهم. أتابع أخبارهم دون أن أشعر أنهم اضافوا جديدا لتجربتي المعمارية.

-  أنت مهتم ومتابع للمشهد التشكيلي الليبي أيضا… كيف جاء هذا الاهتمام؟ وما هي ملاحظاتك علي هذا المشهد؟

·    لست رساما ولكني ولدت في بيئة أسرية تزخر بالمواهب في مجال الرسم الحر والخط العربي ولهذا كان هناك العديد من الأعمال التشكيلية التي يتحفنا بها كل يوم أحد الأخوة خلال فترة طفولتي المبكرة، سواء تعلقت بالرسم الحر أو التشكيل بالطين أو الخط العربي. بالإضافة إلى علاقة القرابة التي تربطنا بالفنان التشكيلي علي العباني ورسمته الشهيرة للشرشارة على أحد جدارن مربوعة جدي بمدينة ترهونة، وما دار حولها من تعليقات الإعجاب والثناء من الأقارب يجعل لعلاقتي بالفن التشكيلي قصة أخرى. ولكن الاتصال الحقيقي مع اللوحة التشكيلية وما ترتب عنها من متانة العلاقة بهذا الفن بدأت بعلاقتي مع أستاذنا الفاضل الفنان التشكيلي علي قانة (رحمه الله) استاذ مادة الرسم الحر بقسم العمارة. ودراسة تقنيات الرسم الحر في ذاته يجعل التواصل مع الفن التشكيلي أمر طبيعي. ومن خلاله تم خلال فترة الدراسة التواصل مع الفنان التشكيلي الطاهر المغربي رحمه الله وزيارته في بيته وإجراء حوار مطول معه. وزيارة أخرى للفنان التشكيلي بلقاسم الزنتاني (الفروج) إضافة لزيارة للفنان التشكيلي علي العباني في بيته والاطلاع على أعمالهم وتجربتهم الشخصية. وفي العام 1991 بدأت علاقة أخرى مع سلسلة من المعارض التشكيلية بدءا بمعرض المستنسخات الذي افتتحت به الدار الليبية للفنون باكورة معارضها التشكيلية بالبرج رقم 3 بدات العماد وتلتها سلسلة من المعارض التشكيلية في قاعات عرض أخرى خلال السنوات التالية لهذا المعرض. والأهم من كل ذلك إطلاعي على هذا المجال ومدارسه عبر مجلة الحياة التشكيلية السورية ومجموعة من الكتب التي اقتنيتها من معارض الكتاب. إلى جانب صداقتي المتينة بمجموعة كبيرة من الفنانين التشكيليين الليبيين والخطاطين المبدعين…. وبالنسبة للمشهد التشكيلي في ليبيا فهو حي ومتدفق العطاء ويعج بالقامات الطويلة في هذا المجال بدءا برواد الفن التشكيلي الليبي في القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا. وإن كان لدي أي ملاحظة حول هذا المشهد فقد عبرت عنها من خلال مقالتي المنشورة بمدونة الميراث على هذا الرابط

 - كيف يتعامل جمال مع مواقع التواصل الاجتماعي؟

·    انظر إلى منصات التواصل الاجتماعي على أنها فرصة لي للتعريف بموروثنا الثقافي المعماري والدعوة إلى إعادة إحيائه في مشاريعنا المعاصرة. هي مجال لحملة توعية بين أوساط المجتمع الليبي، وليست مجالا لتمضية أوقات فراغ، فهذه الأوقات ليست موجودة عندي، فأنا بطبيعتي دائم الانشغال بشي ما، يتراوح ما بين التصميم المعماري. والكتابة التخصصية. والرحلات العلمية إلى مدننا القديمة أو المواقع والجهات التي يمكنني من خلالها إضافة شئ جديد لمشاريعي المعمارية. أو المشاركة في بعض الأنشطة العلمية المرتبطة بمجال اختصاصي. أو التجهيز لمحاضرة جديدة.

 - ماهي الرسائل التي يريد جمال ايصالها للمعماريين الليبيين وإلي المسؤولين؟

·    الرسائل الشفوية المعتمدة على الحوارات الطويلة والمتكررة في كل لقاء بيننا والرسائل المكتوبة عبر الدوريات ومواقع التواصل الاجتماعي لم تجد نفعا. اليوم أخاطبهم عبر نجاحي في إقناع العديد من المواطنين والمستثمرين بأهلية عمارتنا المحلية للتواصل مع هذا العصر ونجاحها في تلبية احتياجات المواطن الليبي العاطفية والمادية، في مقابل هزيمة عمارة التغريب. وانحسار بريقها حتى في البيئات التي ولدت فيها.

أشكركم على حسن الاستضافة، مع تمنياتي لصفحة السقيفة الليبية بالتوفيق والسداد في توصيل رسالتها الثقافية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* تجدون على هذا الرابط سيرة ذاتية تحتوي على مختلف الأنشطة العلمية والثقافية التي ساهم فيها الأستاذ جمال اللافي:




المصدر: صفحة السقيفة الليبية على موقع الفيسبوك:


الاثنين، مارس 19، 2018

الإخراج المعماري للمشاريع

أسلوب الإخراج الذي تميزت به مشاريع المعماري حسن فتحي




جمال اللافي


الإخراج المعماري للمشاريع، هو في حد ذاته جزء أصيل في تصميم المشروع ولا يخرج عن أهدافه في شئ. وهو انعكاس صريح لفلسفته وطرح مضاف إلى طرح المشروع العام.

لهذا فهو مطلب حيوي لإنجاح رسالة المشروع، لا يمكن تجاهله. وبالتالي لا يمكن تفويض الأمر فيه لأي كان. ولأنه تصميم في حد ذاته، نابعا من فكر خلاق ومبدع، فلابد أن يوكل أمره لمن لديه القدرة على استيعاب طبيعة المشروع والفلسفة القائم عليها. بل هو امتداد لما نسمية الطراز المعماري للمشروع.

هذا الأمر قد يكون شيئا بديهيا ومسلّمة عند مصممي الجرافيك في العالم المتحضر فكريا والمنفتح عقليا والمتعطش دوما للإبداع. فلا يكفي الإلمام بتقنية إخراج المشاريع، فهي أداة تنفيذ يحركها عقل واعي أو عقل ساهي.

ولهذا يبقى إخراج المشاريع واحدة من المعضلات التي تواجه المعماري عند استكمال مراحل تصميم المشروع واقترابه من مرحلة التسليم النهائي. وأذكر في هذا الصدد أن الدكتور عبدالجواد بن سويسي باعتراضه على الإخراج المعماري لأحد مشاريع الطلبة ووصفه بالكرنفال، قد وضع إصبعه على ما يمكننا أن نقول عنه هوية المشروع من خلال اسلوب إخراجه المعماري. فلا يكفي أن تكون فنانا في التلاعب بالألوان لتحقق حالة الإبهار دون أن يكون هذا التلاعب (لو صح التعبير) منطلقا من الفهم الدقيق لطبيعة المشروع والمستهدف من عملية الإخراج المعماري له. فهو في حقيقته ليس عملية تلاعب بقدر ما هي حالة تفكير عميق، واعي ومتزن يستلهم من المشروع منطلقاته الفنية والتعبيرية والجمالية. هو أيضا وسيلة خطاب تضيف للمشروع معنى آخر، يعطي له بعدا فكريا داعما ومساندا للأبعاد الفكرية التي يطرحها المشروع نفسه.

التقنية الحديثة أثرت أساليب الإخراج ببرامج فائقة الجودة.وغياب العقل المفكر افقد هذه التقنية فاعليتها فتحولت إلى وسيلة بدائية سمجة، قد تسئ للمشروع أكثر مما تخدمه.


مصمم الجرافك، يفترض بك أن تكون مفكرا مبدعا، قبل أن تكون فنيا منتجا لإسلوبك الخاص والسهل والمكرر في إخراج المشاريع المعمارية. وعندما تصبح كذلك فمرحبا بك... فأنا ابحث عنك منذ زمن بعيد. ومشاريعي المتواضعة تحتاج لبصمتك لتكمل رسالتها الفكرية والثقافية.

السبت، مارس 17، 2018

التأصيل المعماري في الاستثمار العقاري




جمال اللافي


       
ماذا سيحدث لو فكرنا بطريقة مختلفة عندما نتعاطى كمستثمرين عقاريين مع مجموعة من الوحدات السكنية بحيث:

1.                 تكون متلاصقة، فنوفر في مساحات كبيرة من الأراضي الضائعة.

2.       لا يتجاوز أطوال كل القطع 19 متر، بينما يتفاوت عرض القطع ما بين 9 أمتار و12 متر، فيزداد عدد الوحدات السكنية.

3.       المساكن من دورين وبها ملحق في السطح يحتوي على حجرة نوم وحمام ومطبخ صغير، فتكون الوحدة السكنية قادرة على استيعاب حجم الأسرة والاحتياجات المستقبلية من الفراغات.

4.       لا تتشابه المساكن في التصميم المعماري. وفي حالة التشابه تتم معالجة بعض الفراغات والتفاصيل الداخلية والواجهات.

5.                 يتوحد الطراز المعماري والألوان.

6.       تتوسع الأرصفة لتستوعب الأشجار المثمرة والمزهرة والمسطحات الخضراء. والتركيز على زراعة النخيل في كل بيت، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما افتقر بيت فيه تمر).

7.                 حفر آبار الشرب.

8.                 استخدام الطاقة الشمسية.

9.                 تدوير المخلفات بالتقنيات الحديثة.

10.            عناصر التأثيث أغلبها ثابت ومبني بالطوب.


11.            استخدام الحجر الطبيعي المنتظم بمقاساته المختلفة في تبليط الأرضيات والسلالم والديكورات.

الثلاثاء، مارس 13، 2018

عناصر التأثيث



جمال اللافي


تعتمد منهجيتي في التصميم المعماري والتصميم الداخلي للبيوت بصفة خاصة والمباني العامة والخدمية على وجه العموم وما يعقبها من أعمال مختلفة في مرحلة التنفيذ، على قاعدة الحفاظ على كل ما ثبت صلاحيته لكل عصر. ومعالجة ما يمكن معالجته وإصلاح أمره بما يتناسب مع متطلبات العصر. والتخلص من كل ما يشكل مشكلة أو عائق أمام راحة الإنسان الليبي المعاصر في بيته وفي مكان دراسته أو عمله أو تسوقه.

"تكررت كلمة العصر ثلاثة مرات في الفقرة السابقة لأن هاجس العصر والمعاصر هو ما يقض مضجع المعماري والزبون على حد سواء ولا شئ آخر، وإن كان بعضهم يرددها دون أن يعي معناها وأبعادها ومتطلباتها، بل ومخاطر سوء توظيفها نظريا وعمليا".

ومن الأشياء المهمة التي رأيتها وتعاملت معها مباشرة خلال مسيرتي المهنية ورأيت فيها العديد من الفرص المتاحة إلى جانب بعض الإشكاليات التي لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها تحت أي مبرر هو التصميم الداخلي لهذه المباني وما يسبقه في مرحلة التشطيب من تجهيزات مرتبطة به.

والتصميم الداخلي لأي مبنى يتعلق بالدرجة الأولى بعناصر التأثيث لارتباطها المباشر باستخدامات المستعملين اليومية والتي كما أسلفت تشكل إما فرص أو عوائق تعيق راحته. لهذا سأفرد في هذه المشاركة موضوعا يتعلق بعناصر التأثيث من خلال رؤيتي الخاصة لها، والتي تستمد مرجعيتها من الشواهد المعمارية الحية لعمارتنا الليبية التقليدية بالدرجة الأولى وكل ما يقاربها أو يكملها من عناصر ومفردات معمارية أو تفاصيل أو عناصر تأثيث في عمارة البحر الأبيض المتوسط.

فمن المعتاد أن يواجه المواطن الليبي عند وصوله إلى مرحلة تأثيث بيته تلك التكلفة العالية جدا لعناصر تأثيثه ومفروشاته وهي تكلفة أصبحت تفوق قدرة السواد الأعظم من أفراد المجتمع الليبي على تحمل أعبائها المالية. ناهيك عن أن المتاح لهم رغم ارتفاع أسعاره فهو يقع ضمن قائمة المواد متدنية الجودة، سريعة التلف، مما يعني أن على أصحابها التعايش معها لفترة زمنية طويلة أو سرعة استبدالها في كل مرة، وهو ما يزيد في معاناة أعبائهم المالية.

لهذا رأيت أن أعرض بعض الأفكار التي توضح كيف استطاع الإنسان البسيط أن يتعاطى مع مسألة توفير عناصر تأثيث لبيته بأقل كلفة، مع توفر الديمومة وسهولة الصيانة دون الحاجة لاستبدالها على المدى القصير والبعيد. وهي ما يعرف "بعناصر التاثيث المبنية" أو بمعنى آخر "عناصر التأثيث المستدامة". وهذه الحلول يمكن استخدامها في البيوت التي تعتمد الطرز والمواد المحلية المعاصرة في تصميمها وتنفيذها لتحقق عنصر الانسجام والتناغم بين تفاصيل الكتلة وعناصر التاثيث.

1.                 جلسات الصالون والمعيشة والفناء والحديقة: تبنى بالطوب فتحقق الديمونة والمفروشات تتجدد.


2.                 المطبخ: استعمال الخشب لا يكون إلاّ في فردات الدواليب وبعض الرفوف أما التقسيمات فتبنى بالطوب.


3.       حجرات النوم: السدة، الخشب يستعمل في الواجهة كديكور أما فراغ النوم فإما يبنى بالطوب أو في حالة الرعبة في الاستفادة من الفراغ الذي تحته فيبنى من عوارض خشبية مصفوفة بجانب بعضها البعض.


4.                 الحمامات: شراء حوض الوجه والكرسي.


5.       الفراغ تحت السلام: أما بخصوص استغلال الفراغ تحت السلالم، فأغلب المباني التي صممتها وتم تنفيذها كان هذا الفراغ يشتغل كمخزن ملحق بالمطبخ. وفي البيت الذي تم تنفيذه في شارع بن عاشور، فقد استغليت هذه المساحة كحمام في الصالة التي تطل عليها المعيشة والمطبخ. في نفس البيت تم استغلال هذا الفراغ في الدور الأول كدولاب ملابس. أما التصماميم التي وضفت فيها جزء من هذا الفراغ كمكتبة فلم يتم تنفيذها حتى هذه اللحظة. وأنا دائما أحرص على استغلال هذا الفراغ بأي صورة ممكنة.

6.                 سمك الحوائط: بالإمكان استثمار سمك الحوائط في عمل دواليب الملابس والمكتبات ورفوف المطبخ.
 

لمزيد من الصور:

 https://www.facebook.com/jamalallafi/media_set?set=a.1853372894673095.1073741874.100000012065161&type=3



أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...