الأربعاء، سبتمبر 22، 2010

التهوية الطبيعية في المباني




م/ آمنه العجيلى تنتوش


المقدمة
تتوقف الراحة الفسيولوجية للإنسان على الثأتير الشامل لعدة عوامل ومنها العوامل المناخية مثل درجة الحرارة والرطوبة وحركة الهواء والإشعاع الشمسي .
وللتهوية داخل المبنى أهمية كبيرة وتعتبر إحدى العناصر الرئيسية في المناخ ونق الانطلاق في تصميم المباني وارتباطها المباشر معها فالتهوية والتبريد الطبيعيين مهمان ودورهما كبير في تخفيف وطأة الحر ودرجات الحرارة الشديدة ، بل هما المخرج الرئيسي لأزمة الاستهلاك في الطاقة إلى حد كبير لأن أزمة الاستهلاك في الطاقة مردها التكييف الميكانيكي والاعتماد عليه كبير والذي نريده فراغات تتفاعل مع هذه المتغيرات المناخية أي نريد أن نلمس نسمة هواء الصيف العليلة تنساب في دورنا ومبانينا ونريد الاستفادة من الهواء وتحريكه داخل بيئتنا المشيدة لإزاحة التراكم الحراري وتعويضه بزخات من التيارات الهوائية المتحركة المنعشة . فكل شي طبيعي عادة جميل وتتقبله النفس وترتاح له فضلا عن مزاياه الوظيفية .
وعلى المعماري كمبدأ منطقي عام البدء بتوفير الراحة طبيعياً ومعمارياً كلما أمكن ذلك ومن تم استكملها بالوسائل الصناعية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الراحة مقتصداً في استعمال الطاقة الصناعية ومحققا للكفاءة الاقتصادية من ناحية التكاليف .
وللتهوية داخل المبنى سواء كانت طبيعية أو ميكانيكية أهمية كبيرة وكل أهمية من هذه المهام تتطلب احتياجات ومتطلبات خاصة تتغير طبقاً لتغير المناخ وهذا ما سنتطرق اليه في هذا البحث إن شاء الله .

وظائف التهوية الطبيعية/
التهوية الطبيعية وحركة الهواء تحقق ثلاثة وظائف هى :-
1.     التزويد بالهواء النقي والصحي.  
2.  تبريد أو تدفئة المباني من الداخل بتيارات الحمل وهذا يتأتى عندما يكون هناك فرق في درجة الحرارة بين الداخل والخارج أي أنه حتى يتم تبريد المبنى من الداخل يجب أن تكون درجة الحرارة فى الخارج أقل برودة من الداخل والعكس صحيح أى أنه إذا أردنا تدفئة المبنى من الداخل يجب أن تكون درجة الحرارة في الخارج أعلى منها فى الداخل وهذا الفرق في درجات الحرارة يعتمد على مدى تغير درجات الحرارة خلال اليوم ( الحرارة المكتسبة من الخارج والحرارة المتولدة فى الداخل أو اتحاد كل تلك العوامل وهذا النوع من التهوية يسمى التبريد البنائي أو التركيبي)
3.  تبريد القاطنين أو الساكنين فى ظروف معينة وذلك بتبريد الجسم وإزالة العرق والرطوبة من جسم الإنسان وحيث أن التهوية تزيد من عملية فقدان الجسم للحرارة بواسطة تيارات الحمل الحراري convection نتيجة لحركة الهواء السريعة فى وجود تيارات هوائية .وإذا كنا لا نشعر بالتهوية الجيدة على مستوى الجسم فإنها لن تؤدى الغرض المطلوب من البرودة والشعور بالانتعاش لأن الشعور بالبرودة والانتعاش لا يأتي نتيجة برودة الجسم ولكن يأتي نتيجة لمرور تيارات هوائية بسرعة كافية لتبخير العرق والإقلال من درجة حرارة الجسم تدريجياً مما يؤدى إلى الشعور بالبرودة .
وحركة الهواء هو المصطلح الذى يستعمل للتعبير عن هذا النوع من التهوية وهى تتأثر نسبياً بسرعة التيارات الهوائية وتأتي رها المبرد للجسم.

قوة إنتاج التهوية الطبيعية فى المبانى تنتج من تغيير الهواء بسبب الاختلاف فى درجات الحرارة وهو مايعرف بتأثير المداخن  stack effect                           
عندما الهواء الداخلى الدافئ الخفيف يستبدل بالهواء الخارجى البارد الكثيف وكذلك بحركة الهواء أو انسيابه نتيجة الاختلاف فى الضغط بينما حركة الهواء ذات السرعة البطيئة نسبياً والناتجة من القوى الحرارية  stack effect ممكن تكفى لكل من التزويد بالهواء النقى والتبريد بالحمل .      
هذه القوى نادراً ما تكفي لخلق حركة هواء يمكن إدراكها ومطلوبة في بعض المناطق الحارة لتوفير الراحة الحرارية .

الشكل يوضح تأثير المداخن على حركة وسرعة الهواء

فقط قوة الطبيعة التى نستطيع الإعتماد عليها لأجل هذا الغرض ( الثأتير الديناميكي ) للرياح  وكل المجهودات الضرورية لتعمل على اصطياد أكبر قدر ممكن من الرياح
ومن هنا نستنج أن الأهمية الحتمية للتهوية ممكن الحصول عليها بثلاث طرق مختلفة وهى :-
1.     بواسطة تأثير المداخن stack effect  كنتيجة لتغيير ضغط تبعاً لتغير درجات الحرارة
2.     بواسطة ضغط الرياح والتيارات الهوائية .
3.     بطرق ميكانيكية

الأسباب التي تدعو إلى استبدال وتغيير الهواء في المباني/
تغيير الهواء وإبداله في المبانى مطلوب لعدة أسباب وهي :-
1- تغيير الهواء المستعمل والفاسد ( المشبع بغاز ثانى أكسيد الكربون ) بهواء خارجى جديد منعش يأتي من الخارج  والحد الأدنى من التهوية لهذا الغرض نحتاجه لكل حجرة أو مساحة مشغولة لطرد الهواء المستنفد وثاني أكسيد الكربون الناتج من عملية التنفس وتزويدنا بالأكسجين  ففى حجرة المعيشة يحتاج الهواء إلى تجديد من 1- 1.5 مرة لكل / ساعة .
2- ازالة الدخان والروائح والتخلص منها ؛ فالمباني المشغولة تحتاج إلى معدل عالي من التهوية لطرد الروائح والدخان كما تعتبر التهوية ضرورية لطرد نواتج الاحتراق من المداخن والطهي فى المطابخ وطرد الأبخرة الرطبة الناتجة عن الطهي لمنع ترسبها وتكثفها داخل الأبنية وتدخين السجائر أيضاً يزيد من الحاجة الملحة لوجود التهوية وهذه المتطلبات للتهوية يطلق عليها اسم التهوية الصحية .
3- إفراغ الهواء الدافئ الغير مرغوب فيه وإدخال هواء جديد للراحة .
فى المباني الضيقة المغطاة والمحمية مـن الشمـس حيـث تسـرب الهـواء يكـون أقل (حد أدنى) وخصوصاً المباني التى تحت السطح يجب أن تزود بتهوية كافية ويمكن أن تستعمل التهوية عملياً للتبريد بصورة جدية ولكن نحتاجها أيضاً خلال فترات التدفئة .
إذ أن أكثر أنظمة التسخين أو التدفئة الشمسية السلبية تستعمل الكتلة الحرارية المشعة . بعض حركات الهواء وتغييرها ممكن تظهر أو تحدث بدون تأثير سيئ علي عملية التسخين.

التهوية السلبية نستطيع تحقيقها أو انجازها بعدة طرق مختلفة والشيء الذى يمكن تذكره في كل الحالات هو ضبط حجم ومكان كل فتحة لتسمح لكل فراغ داخل المبنى للتكيف أو التأقلم حسب ما تتطلبه الفصول المختلفة . كل المنافذ يجب أن يكون فتحها مضبوط ومعدل وجيدة العزل ومحكمة عند الغلق عندما الهواء يذهب وينتحي ليحل محله هواء آخر فالهواء القادم سيكون طبيعي ما إذا برد أو سخن قبل التوزيع.

شكل يوضح وظائف التهوية وأسباب تغيير الهواء في المباني

 العوامل التي تؤثر على التهوية وانسياب الهواء/
العوامل التى تؤثر علي التهوية وانسياب
التهوية وانسياب الهواء يتأثر بعوامل مختلفة وهي :-
  
1.  التوجيه Orientation:

الشكل يوضح توجيه المبانى ودورها فى توزيع الهواء
من سوء الحظ أن التوجيه الجيد للشمس والمناسب إلى حد بعيد للرياح السائدة نادراً جداً ما تتوافق وأحسن حل يتوصل إليه في كل حالة (حل وسط )
بالرغم من أن أكبر ضغط فى جانب المبنى المواجه للريح يتولد عندما تكون واجهة المبنى عمودية علي اتجاه الريح كما موضح بالشكل a
جيفونى أشار الي أنه إذا وضعت النوافذ عند زاوية 45 درجة علي اتجاه الرياح فإن معدل سرعة الهواء الداخلى تزيد وتوفر أفضل توزيع  لحركة الهواء فى الداخل كما موضح بالشكلb وهذا التضارب ممكن أن يساعد فى حل مشكلة التوجيه عندما الشمس والرياح تتطلب التناقض .


حلول بديلة لمشكلة الشمس والرياح عندما يأتوا من الغرب في المناخ الحار حيث تكون التهوية مطلوبة للراحة/
§   الرياح والشمس من الغرب و وتكون الفراغات بواجهتين شمال وجنوب ففى هده الحالة تعطينا حركة هواء خفيفة وحماية من أشعة الشمس
§        واجهات الفراغات شرقية وغربية ستعطينا نسيم وأشعة شمسية وهدا التركيب مرغوب نوعا ما
§   الاهنام بإقامة حوائط خارجية ونستطيع استخدام هدا الحل لخلق منطقة ضغط عالى ومنطقة ضغط منخفض للحصول على جسر تهوية ( تدوير حركة الهواء 90درجة)
§        تدريج الفراغات لتحقيق نفس النتيجة والاستفادة من التهوية العبارة والحماية من الإشعاع الشمسى فى نفس الوقت

2.   الغطاء النباتي Vegetation/
معلم او صورة أخرى لها تأثير قليل فى التحكم في حركة الهواء حول المباني العالية ولكن موضعها وحجمها نستطيع القول بأنه عندها تأثير واضح على حركة الهواء فوق وحول المباني المنخفضة خلال اليوم فى المنطقة الساخنة والرطبة عندما تكون التهوية مهمة جداً يدخل الهواء إلى المبانى خلال الظل بدون أن يعبر فوق الأسطح الساخنة والنباتات فى هذه الحالة ضرورية مادامت لاتحد من الإنسياب الحر للنسيم .

شكل يوضح مرور الهواء خلال الظل وفوق المسطحات الخضراء             
 3.  مرور الهواء /Cross Ventilation
عندما تهب الرياح نحو المبنى الهواء المتجمع فوق الجانب المواجه للريح يخلق منطقة ذات ضغط مرتفع والهواء الآتى حول المبنى يخلق منطقة ذات ضغط منخفض للمبنى مباشرة باتجاه الريح  .

علاقة المبنى بالرياح وخلق منطقة ضغط مرتفع  ومنطقة ضغط منخفض   

بناء عليه اختلاف الضغط الموجود بين الجانب الذى تهب منه الريح والجانب الذى تهب نحوه الريح في مثل هذه الطريقة الهواء سيتحرك خلال المبنى إذا كان الفتحات الموجودة من جانب الضغط العالى ( منطقة الضغط العالى ) إلى جانب الضغط المنخفض ( منطقة المص )

شكل يوضح المناطق الناتجة عن حركة الهواء
+ منطقة ضغط مرتفع              - منطقة ضغط منخفض

 *
النوافذ الكبيرة والعالية تزيد من سرعة الهواء الداخل ولكن هذه النظرية تكون صحيحة عندما تكون الفتحات التى يدخل منها الهواء تساوى نفس الفتحات التي يخرج منها الهواء .
وعندما تكون فتحات الحجرة غير متساوية والفتحات التى يخرج منها الهواء أكبر وأكثر ارتفاعاً السرعة تكون أعلى وفي حالة تكون الفتحات التى يخرج منها الهواء أقل ارتفاع السرعة المتوسطة تسود ويجب أن نأخذ فى الاعتبار عدم اعتراض مرور الهواء بالتصميم الخاطئ للفواصل الداخلية وبالوضع والحجم الصحيح للفتحات نضمن حركة هواء رائعة وفعالة .

شكل يوضح مرور وحركة الهواء من خلال الفراغات

ينساب الهواء من مناطق الضغط المرتفع (+) إلى مناطق الضغط المنخفض (-) مكوناً مناطق مختلفة في الضغط حول المبنى كذلك يختلف الضغط بين خارج المبنى وداخله ويمكن التحكم فى مناطق الضغط عن طريق دراسة فتحات المبنى من ناحية الوضع والمساحة .
وضع الفتحات:-
- عند وجود فتحتين في حائطين متقابلين في غرفة ، أحداهما عمودية على اتجاه الريح فإن الهواء يتدفق مباشرة من هذه الفتحة إلى الفتحة المقابلة مكوناً تياراً هوائياً مسبباً نوع من الإزعاج ، بينما يجوب جزء صغير فقط من هذا التيار أرجاء الغرفة مسبباً تحريكاً بسيطاً للهواء ويؤدي هذا الاختلاف إلى عدم تجانس التهوية في فراغ الغرفة
- عندما تكون الفتحتان في نفس الوضع السابق ولكن الرياح تكون مائلة على فتحة الدخول فإن معظم حجم الهواء يمر ويتحرك خلال فراغ الغرفة ويزيد بذلك تدفق الهواء في الجوانب والأركان محققاً بذلك تهوية أكثر تجانساً

يمكن الحصول على تهوية جيدة أيضاً بوضع الفتحتين في حائطين متجاورين مع تعامد اتجاه الرياح على فتحة الدخول، يؤدي ارتفاع منسوب فتحتي دخول وخروج الهواء إلى ركود في حركة الهواء على مستوى جسم الإنسان الموجو في الغرفة كما يؤدي وضعهما على منسوب منخفض إلى الحصول على حركة الهواء على المستوى المطلوب  وتكون التهوية سيئة عند وضع  أحداهما عالية والأخرى منخفضة

يمكن توجيه الهواء إلى أعلى أو أسفل بواسطة الأسلحة Louvers توجيه المظلات الأفقية الموجودة على فتحة دخول الهواء إلى أعلى ويمكن تصحيح مسار الهواء إما بفصل المظلة عن الواجهة أو بوضع فتحات الخروج في أماكن مناسبة. وعموماً فأنه فيما عدا الشبابيك المفصلية العادية والشبابيك المنزلقة فإنه يمكن التحكم في تحديد مسار الهواء الداخل إلى المبنى عن طريق التحكم في اتجاه فتح الشباك باستخدام الشبابيك المحورية سواء التي تتحرك على محور أفقي أو على محور رأسي وتوجه الهواء بتغيير طريقه واتجاه فتح الضلفة.


تأثير الفتحات/
اتجاه وسرعة تدفق الهواء يحدد تأثير التبريد على التهوية الطبيعية وعلمياً درجة الحرارة تنزل إلى 3 درجة مئوية إذا كانت سرعة الهواء 61 م/ دقيقة .( 200 قدم / دقيقة ) وسرعة الهواء نستطيع ضبطها بواسطة الفتح والإغلاق وضبط مواضع النوافذ لتلائم احتياجات الراحة .
لتقوية التهوية يستوجب أن يكون هناك مدخل ومخرج على النظير أو على الجوانب المجاورة للفراغ ، تدفق الهواء على فتحات الفراغ فى الجانب المواجه للريح أكثر فاعلية عندما يكون اتجاه الرياح فى حدود 30 درجة وفى الوضع الطبيعي للفتحات.


*
بالرغم من أن الغاية هي تقوية حركة الهواء في كامل أعماق المبنى ( من الأرضية إلى السقف) ومن المهم ضمان تلك التيارات الهوائية داخل الفراغات عند المستوى وفى النمط الذي يناسب وظيفته؛ علي سبيل المثال في غرف النوم خصوصاً فى المناطق الساخنة الرطبة التدفق الجوي الرئيسي يجب أن يكون في جزء الغرفة الذى وضع فيه السرير وعلى ارتفاع قليل فوق مستوى السرير.

حركة الهواء من الداخل إلي خارج المبنى قد يكون مرغوب أو غير مرغوب وهذا يعتمد على درجة الحرارة فى الخارج وعلاقتها بدرجة الحرارة الداخلية .

في المناطق الحارة حيث درجة الحرارة الجوية تحت درجة الحرارة فى المبنى أو تحت درجة حرارة الجسم تدفق الهواء يقوى لكى يروج للتبريد بالتبخير والشعور المريح بحركة الهواء .

وضع الفواصل وتأثيرها على التهوية/
عندما الحجرة تقسم بواسطة فاصل او عدة حجرات تبدو متجمعة مع مداخل ومخارج مفصولة بأبواب أو صالات الهواء يتغير اتجاهه وسرعته عند مروره خلال الحجرة وعموماً تقليل حركة الهواء بالرغم من خلق أو تكوين حركة هواء مضطربة ودائرية داخل الحجرة ممكن ينتج أو يؤدى إلى عامل تهوية في المساحة الأكبر.
من الممكن أن تكون التهوية مرضية فى المباني عندما يمر الهواء من حجرة إلي أخرى مادام الربط أو الفصل بين الفراغات يظل مفتوحاً وعندما تكون التهوية مطلوبة.
مثلاً السرعة تكون أقل عندما تكون الفواصل قريبة من فتحات النوافذ وبالتالي تجبر الهواء علي تغيير اتجاهه بسرعة ومن الأفضل للغرف الكبيرة علي جانب فوق مهب الريح لزيادة حركة الهواء داخل المبنى .
يصل متوسط سرعة الهواء داخل المبنى إلى أقل قيمة عندما يكون وضع الفواصل أقرب إلى فتحة دخول الهواء وفي مواجهتها بينما ترتفع قيمته عندما تكون هذه الفواصل أقرب إلى فتحة المخرج  
يفضل أن تكون الفراغات الأكبر هى التى تواحه دخول الرياح وذلك للحصول على سرعات أكبر للهواء داخل فراغات المبنى المختلفة
للحصول على تهوية جيدة لفراغات المبنى الداخلية يجب أن يمر الهواء من فراغ لآخر بحرية ويمكن التحكم في التهوية بواسطة أبواب تفتح وتغلق حسب الحاجة.

شكل يوضح تأثير الفواصل على سرعة الهواء

علاقة أرتفاعات و توزيع المبانى وأثرها على حركة الرياح/
أن طوابق  المبانى المزودة بالتهوية التقليدية مثل منازل الأقاليم الدافئة الرطبة أحياناً رفعت إلى أعلى للتعرض الأفضل للنسيم السائد،الذى يميل إلى أن يكون رطب عن طريق النباتات المحيطة بالإضافة إلى أن هذه الطريقة تمكن المباني من تبريد الأرضية من تحت وهذا مفيد جداً فى الليل بالإضافة إلى حماية المبانى من الفيضانات والحشرات والقوارض المختلفة .
تأثير العمارات العالية يجب أن يحلل والذى يجب تذكره هو أنه إذا كان البناية منخفضة وواقعة في ظل ريح الكتلة العالية هذا يمكن أن يؤدى إلى الهواء المتدفق خلال المستوى المنخفض للمبنى في الاتجاه المقابل للريح .

أما المبانى الموضوعة بطريقة متنظمة تكون مناطق السكون خلف المبنى معرضة للألتحام وبالتالى منع حركة الهواء بالنسبة لصفوف المبانى الخلفية  إذا لم تترك مسافة تساوى أرتفاع المبنى 6 مرات على الأقل وفى هذه الحالة يمكن أن تنتج سرعة هواء شديدة ملامسة لكتل المبانى يمكن أن تستغل جيدا للتهوية . وذلك بدراسة الفتحات فى المبنى وتحقق المبانى الموضوعة بطريقة تبادلية أنتظاماً أكبر فى حركة الهواء وتقلل من مناطق السكون .

علاقة ارتفاعات المبانى وشكل  وسريان الرياح وكذلك وضع الكتل      

تصميم الفتحات لحركة الهواء والتهوية داخل المباني/
للتهوية داخل المباني أهمية كبيرة تقوم على تغيير الهواء الداخلي بالخارجي وكل أهمية من هذه المهام تتطلب احتياجات خاصة مثل حجم وموقع الشبابيك وفتحات التهوية الأخرى ونتيجة لتغير البيئة والمناخ من منطقة لأخرى فإن هذه الإحتياجات والمتطلبات تتغير طبقاً لتغير المناخ ولهذا يجب أن نحدد أهمية التهوية قبل أن نقرر كيفية تنفيذه

التهوية خلال الشبابيك بواسطة تأثير المداخن :-
عندما يكون هناك فرق فى درجات الحرارة بين الداخل والخارج فإن الاختلاف فى الضغط المتولد نتيجة لتمدد الهواء ممكن أن يستعمل في إيجاد أو توليد تهوية نتيجة لتأثيرالمداخن
معدل التهوية (V)  يعتمد على الاختلاف فى درجة الحرارة بين الداخل والخارج  (dt).
الاختلاف في الارتفاع بين المدخل والمخرج     (مدخل ومخرج التيار) يقاس من مركز الفتحات    (h) ومساحة مدخل الهواء   (A)

شكل يوضح تأثير المدخنة

معدل التهوية لكل وحدة ( مساحة الفتحة ) معطاة بالمعادلة التالية :
V = 0.117 A h . d t  m3 / sec /  m2 
عندما تختلف مساحة مدخل الهواء على مساحة المخرج اختلافاً كبيراً فإن
معامل التصحيح تستعمل لإنقاص أو زيادة قيمة ( V ) أو معدل التهوية.

مُعامل التصحيح
Correction factor
مساحة المدخل ÷ مساحة المخرج
Area of outlet ÷ Area of inlet
1.38
5
1.37
4
1.32
3
1.26
2
1.0
1
0.85
0.75
0.63
0.5
0.34
0.25

وتستعمل المعادلة السابقة لحساب سرعة التيار الهوائي المتدفق خلال المدخل والمخرج كوظيفة لإختلاف الحرارة الحقيقى والاختلاف في الارتفاع .

والقيمة يمكن تحديدها فى الرسم البيانى الموضح وهذه السرعة فى التيار من الممكن تنظيمها   باستعمال معامل التصحيح المعطاة سابقاً إذا كان هناك اختلاف فى حجم المدخل والمخرج


شكل يوضح العلاقة بين درجات الحرارة والفتحات وسرعة الهواء 

كما يمكن استعمال الرسم البياني الموضح لإيجاد معدل التهوية عندما يكون حجم الفتحات معلوم كما أن الرسم البياني يوضح عدة نقاط أهمها :-
v  أنه حتى فى وجود اختلاف بسيط فى درجات الحرارة واختلاف بسيط في الارتفاع فأنه توجد حركة بسيطة للهواء نتيجة لتأثير المداخن (Stack effect ) .
v  سرعة الرياح في المداخل تكون أكبر عندما يكون هناك اختلاف في درجات الحرارة بين الداخل والخارج وهذا يتأتى بواسطة التدفئة في الشتاء.
v  تحت ظروف جوية دافئة مع فتح الشبابيك فإن الاختلاف في درجات حرارة الجو بين الداخل والخارج لا يزيد عن الخمس درجات وأن أعلى اختلاف في الارتفاع بين المدخل والمخرج في بناء بطابق واحد مع فتحات كبيرة لا يزيد على 1.5 متر .
v  في الأجواء الحارة الجافة فإن البناء يكون ثقيلاً ومعرض للاختلاف اليومي في درجات الحرارة أقله 5 ْ م ويزيد حتى يصل إلى 10 ْ م وليلاُ عندما تنخفض درجة الحرارة في الخارج فان تأثير الكتلة سيساهم في تبريد درجة حرارة المبنى.

حركة الهواء على الأسطح المستوية/
درجة حرارة الطبقة الرقيقة من الهواء فوق الأسقف المستوية ستتغير طبقاً لتغير درجة الحرارة وشدة الإشعاع الشمسي وامتصاصية السطح وكذلك قدرة السطح النسبية على إطلاق الحرارة بالإشعاع وشدة الإشعاع المنطلق إلى السماء . درجة حرارة هذه الطبقة أو الغشاء الرقيق من الهواء فوق السطح ممكن أن تنخفض تحت درجة حرارة الجو أثناء فترة الليل ومن الممكن أن نستفيد منها في تبريد الفراغات الداخلية والخارجية وخلال النهار السطح يكون ساخن فيرفع من درجة حرارة الهواء بواسطة تيارات الحمل الطبيعي.

عند الليل الهواء البارد بقائه على السطح مطلوب لزيادة الكثافة ولحجز هذا الهواء والاستفادة منه نحتاج إلى حوائط لمنع الهواء البارد المتدفق بعيداً عن حافة السقف إلى المساحات التى لا نستطيع الاستفادة بها الحوائط أيضاً تقلل من حركة الهواء الذى سيقلل من تكوين برك الهواء البارد بخلط طبقة السطح الرقيقة الباردة مع درجة حرارة الجو العادية وأبسط طريقة للاستفادة من الهواء البارد ستكون بتوفير نوافذ على السطح لكى يتدفق الهواء البارد إلى الأسفل عندما يكون الهواء على السطح أبرد من الهواء الداخلى والنافذة هذه ستكون لكي يكون تأثير التبريد للهواء أكبر من تأثير التسخين للشمس وهذه الطريقة مستخدمة فى بعض المباني فى الصحراء حيث هطول المطر يكون قليلاًُ كما هو الحال  في مدينة غدامس والموضح بالشكل التالي.

جيفوني اختبر هذه الوسيلة التى عملت بإتقان وذلك بحجز الهواء البارد بواسطة صفيحة من البوليثيلين
أو معدن رقيق طلي باللون الأبيض وتهويته والنافذة مفتوحة .

طريقة بسيطة نافعة للاستفادة من الهواء البارد وانحداره إلى الفناء الصغير المغلق والذى يعمل عمل الحوض فيصطاد الهواء البارد ويسمح له بالمرور والإنسياب داخل الحجرات الموجودة حول الفناء بينما الهواء الساخن يخرج من الحجرات إلى الفناء ويرتفع ألى أعلى خارجاً وبناء على ذلك تحاط الأفنية بدرابزون مفتوح مع حاجز حجرى منخفض ليساعد على تدفق وانسياب الهواء البارد إلى الحجرات كما هو موضح بالشكل.

شكل يوضح الفناء وتأثيره على انسياب  الهواء داخل الحجرات

بعض أشكال فتحات التهوية/
المناور Skylights:
المناور وسيلة مفيدة للتهوية فهي تعمل عمل جهاز تهوية وايضاً مفيدة للإضاءة الطبيعيةو هى وحدات تجارية جائزة الفتح إلى الدرجة المطلوبة ومانعة للتسرب أثناء الغلق وتحفظ الرطوبة خارجاً مع تخفيض التسرب وعادة ما يستخدم نوعية الزجاج المزدوج لزيادة العزل وفكرة عملها عند ضغط النابض أو الزنبرك يفتح المنور لأعلى وحجز السلسلة المستخدمة لضبط الفتح والغلق.

شكل يوضح المنور


شكل يوضح نوع أخر للمنور

الإفريز وفتحات الأرضية:
المنافذ الواقعة في العوارض التى تدعم أرضية الفراغ والكمرات أو ما بين الارتفاعات تحت الجزء البارز من السقف تعتبر طريقة اقتصادية لتهوية المحيط فالهواء الداخلي الساخن يرتفع خارجاً والهواء البارد الخارجي يسقط مباشرة إلى الأسفل وكذلك الأمر بالنسبة للضغط والحرارة ، عدد هذه الفتحات الصامدة للجو مع الموقع الاستراتيجي يسمح بتهوية للمنطقة وكل الحوائط المحيطة والمدهش هو كيف تعمل هذه الأجهزة البسيطة بصورة مجدية وفعالة

شكل يوضح الإفريز وفتحات الأرضية

فتحات الأسقف:
تفريغ الهواء الساخن الداخلي والتخلص منه عن طريق الأسلوب الطبيعي السالب يتم بأكثر سهولة عند أعلى نقطة فى السقف وهذه تكون عندما يتجمع الهواء الداخلي الساخن للخروج وهذه الفتحات تسمح له بالخروج .
المرصد monitor والمدخنة و التربينات هي أجهزة تعديل لتسمح بدخول النسيم وتفريغ الهواء الداخلى إلى الخارج عندما يتجمع عند الحاجز وتقفل درفة الفتحة وهذه الطريقة فعالة في التهوية .

شكل يوضح فتحات الأسقف

مجرفة الرياح الثابتة Fixed wind scoop:
مجرفة الرياح الثابتة تمتد عالياً لاصطياد الهواء المتحرك من الرياح السائدة وهى طريقة ممتازة ومفضلة لتوفير حركة هواء خلال المبنى فى المناطق المناخية الدافئة .
الرياح السائدة بوجه عام قوتها تكون 6 – 12 متر فوق الأرض ويتكون الهواء على هيئة قمع نازلاً وهذا يعتمد على سرعة الرياح السائدة والضغط المصاحب أو المرافق لحركة الهواء خلال المبنى ودمج مواقع فتحات الاستهلاك بدقة مع الأنابيب في التركيب سيسمح بتوزيع منتظم لمختلف الحجرات الموجودة في المبنى .

شكل يوضح مجرفة الرياح

التهوية في العمارة التقليدية/
من العناصر الأساسية في العمارة العربية القديمة ما ينطبق عليه ما أوجده الأسلاف من حلول معمارية موفقة روعي فيها تلطيف حرارة الجو في أشهر الصيف الطويلة والتغلب على الواقع المناخي القاسي بحلول بسيطة أصيلة والتى تستدعى الدراسة والعمل على التجديد فيها بحيث يمكن تطبيقها فى العمارة الحديثة اليوم والسعي إلى تطويرها

ومن امثلة الابتكارات المعمارية التقليدية المشربية لتوزيع الهواء والملقف الذى تكمن وظيفته فى جذب الهواء من أعلى وتوجيهه إلى داخل المبنى وهو يختلف باختلاف المناطق المناخية من حيث الوظيفة ونوعية الهواء الداخل فإذا كان جافاً مر بحامل للمياه وإذا كان رطباً مر بحامل لمواد تمتص الرطوبة كما في حالة البادجير ، العمارة التقليدية فى دبي حيث يستقبل الهواء من الجهات الأربع . وتوضع عادة أجسام هذه الملاقف ضمن الجدران الداخلية حتى لاتتعرض لأشعة الشمس وحتى يبقى الهواء فيها بارداً وفى مصر توضع جرار من الفخار مملؤة بالماء فى طريق مجرى هواء الملاقف

شكل يوضح المشربيات ودورها فى تشتيت تيار الهواء الهواء الداخل
نشره بصورة أكثر تجانس 


شكل يوضح بعض أنواع ملاقف الهواء      

وكذلك الفناء بالمسكن في المناطق الحارة والشوارع الضيقة التعرجة والمظللة والحارات في المدن العربية القديمة وتأثيرها على خفض درجة الحرارة من خلال الظل الذي تخلفه المنازل على الشوارع واستعمال النافورة في ترطيب الجو الجاف وتخفيض الحرارة .

شكل يوضح استخدام الأفنية فى تهوية الفراغات الداخلية 

الأبنية المستمرة التى تشكل العنصر المسيطر في المدينة يتخلل هذه الكتلة الهائلة الأفقية حارات ضيقة ومتعرجة ومظللة وتسقف أحياناً بغرف مبنية فوق الشارع أو فوق جزء منه ويحقق تصميم المدينة هذا كيزة التعادل الحراري بوجود الحارات خارج المسكن والأحواش داخله وفي كليهما يسيطر الظل ويتجمع الهواء الرطب الليلي بحيث يكون من الصعب جداً طرد الهواء المعتدل منه أثناء النهار لضيق الفراغات وكل مجال مفتوح درست أبعاده بشكل لا تستطيع الرياح السائدة في النهار أن تأخذ الهواء اليلي من الأحواش والحارات بسهولة.



شكل يوضح الأفنية والشوارع الضيقة


الحلول التي وضعت لتهوية مدينة غدامس/
    المدينة مؤسسة أو مبنية على أساس الحماية من الظروف المناخية ( المناخ الصحراوى الحار الجاف ) كما أن سكان مدينة غدامس استفادوا من الطبيعية حيث أن واحة غدامس محاطة بالنخيل من جميع الجهات مما جعل الواحة محاطة بالظل وهده العناصر الثلاثة وهى الماء والظل والرياح تعمل على تلطيف مناخ المنطقة بالكامل لأن الرياح تمر عبر الظل وهده التيارات الهوائية الباردة تدخل المدينة من خلال فتحات التهوية الموجودة بشوارع المدينة وتطرد التيارات الهوائية الساخنة عن طريق تيارات الحمل الطبيعي كما أن الممرات المغطاة للحماية من أشعة الشمس والفتحات الموجودة بها لجدب الهواء البارد من الخارج وتحريكه داخل هده الممرات.


صورة للممرات المحمية من الأشعة الشمسية ووجود المقاعد بها
    

    وتصميم المدينة ومساكنها منظم حسب مناخ المنطقة فهناك النوافذ في الأسطح وهى النافذة الوحيدة فى الحجرة الرئيسية المفتوحة فى السقف ومساحتها 75 سم2 والتى تزود الفراغات السفلية بكمية كافية من الضوء. 

هذه النافدة لا يوجد بها زجاج ومفتوحة إلى السماء ويوجد بها واقي screen  من سيقان النخيل لتعطى حماية لأولئك الدين يمشون على السقف .


شكل يوضح المسقط الأفقي للدور الأول والسطح، حيث تظهر فتحة التهوية العلوية

    
    مستوى السقف مربوط بسلم ويحتوي على مطبخ ومخزن  ووجود المطبخ على السطح للتخلص من الهواء الساخن حيث أن وجوده فى الدور الأرضى يسبب سخونة وارتفاع فى درجة الحرارة  في الداخل، خلال أشهر الصيف ، السقف يكون أكثر فضاء مريح للنوم كما موضح بالشكل.


شكل يوضح قطاع رأسي في منزل غدامسي
    
    تؤدى النافذة الموجودة فى السقف عدد من الوظائف فهى كما تضئ وتهوي الغرفة التى تحتها فهى تحمي القاطنين من الوهج والدى يعتبر من المشاكل المتكررة في المناخ الصحراوي بطريقتين
          أولا : وضعها خارج  زاوية النظر الطبيعي ( فوق مستوى النظر )
          ثانياً : تعطى المنظر العام للسماء الزرقاء الغامقة التى تسر العين وتريحها أكثر من النظر إلى ضوء الشمس اللامع والمباشر والذى يمكن أن نراه بالوضع التقليدى أو المعروف للنوافذ، 
هده النافذة تضيق الأشعة العمودية لنور الشمس الداخلة والسقف يكو ن كالسطح الكشوف للشمس . وهدا النور يشبه الضوء المنعكس بواسطة الشاشة عند الفتح.


    أما الوظيفة الثانية للنافدة  والأهم هى تهوية الحجرة وتبريدها فهي تسمح للهواء البارد بالدخول والتخلص من الهواء الساخن فهي تأخذ مزايا تيارات الحمل الطبيعى وهده إحدى الطرق التى تحقق تدفق الحرارة 
عند الليل سطح الاسقف يكون بارد وذلك لنقص الاشعاع وصفاء السماء فيبرد الهواء الدى اصبح كثيف وانحدر من خلال النافدة إذا كان ابرد من الهواء الداخلي والهواء الساخن الموجود بداخل الحجرة يرتفع بتيارات الحمل.



وفي النهار درجة الحرارة في الداخل تكون اقل من درجة الحرارة في الخارج التهوية تقل والهواء البارد في الحجرة يكون محفوظ  .
      خلال النهار الهواء الساخن يرتفع ويتجمع تحت السقف حيث لا يكون له تأثير على الساكنين الموجودين تحت 4 امتار.

صورة توضح ممرات الأسقف ( المسالك العلوية )
الخاصة بالنساء وفتحات التهوية

في الشتاء تعمل النافدة كصمام للحرارة والحوائط الضخمة وشكل المدينة لمتراص يضمن عدم سقوط أو نزول الحرارة الداخلية الى المستويات المنخفضة الممرات السفلية ( تحت المنازل ) في الدور الأرضي تحافظ أيضاً على انتظام الحرارة طول السنة عن طريق massive  و  closely
المسالك او الممرات تكون دافئة نسبيا في الشتاء ومحمية من الرياح وباردة في الصيف مع الحماية التامة من الاشعة الشمسية 
وهنالك بعض المقاعد حيث يتمكن الرجال من  الجلوس والمحادثة والاستراحة فى السلوى خلال الأيام الحارة.


الخلاصة/
لا ننكر التطور التقني الذى وصلت إليه الإنسانية خلال القرن العشرين والذى شمل الكثير فى مجال هندسة  المبانى وبالرغم من هذا يجب علينا الاستعانة بما قطعته الانسانية من أشواط في سبيل الوصول إلى تقنية للحصول على مباني ملائمة باستخدام أساليب بسيطة وممكنة وغير مكلفة وكذلك غير ضارة بالبيئة أى بما يعرف اليوم بمفهوم العمارة البيئية  فالأسلوب المحلي الذى استعمله الأجداد ولا يخلو من تطبيقات جيدة وحلول مبتكرة حسب الإمكانيات المتوفرة آنذاك وخاصة فى مجال التهوية الطبيعية وهذه الحلول العملية من الممكن الاستفادة منها وتطويرها وتطبيقها حالياً لأنه ليس من الضروري أن تكون المباني الضخمة والمزودة بمنظومات مختلفة خاصة بالتكييف والعزل ...الخ صالحة أو ضرورية أو حتى ذات جدوى اقتصادية فضلاً عن أضرارها البيئية في بعض الأحيان فالضرر لازال يلحق بالمجتمعات التى توصف بالمتقدمة باستنزافها وتدميرها للبيئة وذلك للوسائل التكنولوجية المتقدمة والضرر لازال يلحق بالمجتمعات التى توصف بالنامية وذلك لمحاولتها اللحاق بما يصنعه العالم المتقدم في هذا المجال الأمر الذى يكلفها أعباء اقتصادية كبيرة ولنضرب مثلاً على ذلك نرى المبانى الخراسانية التى تطالعنا في  بيئات صحراوية مرتفعة الحرارة حيث عزف سكان هذه المناطق على السكن فى منازل حديثة ذات حوائط خراسانية وجو خانق وشديد الحرارة لأنه لا يلبى متطلبات الإنسان في الراحة المنشودة  لذا يجب علينا أن نحدو حذو الأسلاف في طرق الاستفادة من التهوية الطبيعية مع تطويرها لتواكب التطورات العلمية وكذلك العمل علي إيجاد تصور معين لطراز معماري ملائم لاحتياجات المجتمع وبعيد عن التشوهات المعمارية وتجنب المبانى ذات التصميمات والأشكال الهندسية محكمة الغلق المنعدمة فيها معدلات التهوية الطبيعية والميكانيكية  أخذين فى الاعتبار الإرث الحضاري لتراث العمارة الاسلامية وبالتالي تأثيرها في العمارة المحلية وبالاستعانة بما تقدمه العمارة والتكنولوجيا المعاصرة من حلول للمشاكل الهندسية.

الخميس، سبتمبر 09، 2010

من تحصينات مدينة طرابلس



برج بوليلة




أ. سعيد علي حامد

ارتبط تأسيس مدينة طرابلس بالبحر ، فمنذ الألف الأولى قبل الميلاد ترددت سفن التجار الكنعانيين ( الفنيقيين ) على الساحل الليبي وأسسوا في غربه ثلاثة مراكز تجارية ( لبدة، أويا" طرابلس" ، صبرا ته ). وقد نمت هذه المراكز حتى غدت مدنا مزدهرة لعبت دورا مهما في تاريخ حوض البحر الأبيض المتوسط . ويلاحظ أن معظم الغزوات التي شنت على مدينة طرابلس كان مصدرها البحر، لذلك تأثرت بأحداث هذا البحر و أثّرت فيها . وجاب بحارتها بأساطيلهم حوض البحر الأبيض المتوسط، وكانت لهم سطوة وداع صيتهم في معظم موانيه.

تميزت بداية القرن السابع عشر الميلادي بعقد سلسلة من المعاهدات، بين دول الشمال الأفريقي وبين الدول الأوروبية. وانتزعت كل من فرنسا وإنجلترا الأسبقية في ذلك (( وترد أولى الإشارات إلى وجود قنصل أو وكيل قنصل لفرنسا بطرابلس في العشر الأوائل من القرن السابع عشر. وإن كان ذلك بشكل متقطع ، وفي سنة  1630 أرسل الملك لويس الثالث عشر (برينقير ) berenguier  إلى طرابلس فعمل إلى تحرير الأسرى من مواطنيه، وترك قنصلا لفرنسا هو دو مولان( du molin )[1] وتجدر الإشارة هنا إلى أن (( العلاقات المنتظمة  بين فرنسا وطرابلس ، لم تبدأ إلى في سنة 1680 ))[2].

شهدت العلاقات الليبية  الفرنسية  تدهورا في كثير من الأوقات ، وكان للصراع والجهاد البحري _ وهو ماعرف بحرب القرصنة البحرية _ في حوض البحر الأبيض المتوسط الأثر الكبير في ذلك ، إذ اعتادت السفن الطرابلسية مهاجمة السفن الفرنسية والاستيلاء عليها وأسر من فيها واستغلالهم في أعمال التجديف على ظهر السفن الطرابلسية أو سجنهم في حمامات الأسرى ( السجون ) في انتظار الإفراج عنهم مقابل فدية وكان ذلك
من طبيعة تلك الفترة التاريخية .

ازداد نشاط البحرية الطرابلسية في النصف الثاني من القرن السابع عشر، وهي الفترة التي انشغلت فيها القوة المسيحية بالحرب التي كانت تدور رحاها بين الأتراك والبنادقة ( 1645 _ 1669) في جزيرة كريت ، فاستغل البحارة الطرابلسيون تلك الأحداث لزيادة نشاطهم البحري ، وازدادت حماستهم في مطاردة السفن الأوروبية، وأسر من فيها، حتى أنه في سنة 1669م بلغ عدد الأسرى المسيحيين بطرابلس 1559 أسيرا.

نظرا لخطورة النشاط البحري الطرابلسي في تلك الفترة على رعايا ومصالح الدول الأوروبية، بدأت الأساطيل الأوروبية بالتحرش بالأسطول الطرابلسي في حوض البحر الأبيض المتوسط ، بل استهدفت مدينة طرابلس وميناءها ، ونتيجة لهذا النشاط الأوروبي تقلص عدد الأسرى المسيحيين حتى بلغ حوالي ثمانمائة أسير فرنسي في سنة 1677 م. إضافة إلى أعداد من الأسرى من بعض الجنسيات الأوروبية الأخرى  .

في سنة 1680 م عقدت معاهدة بين والي طرابلس والفرنسيين لعدم الاعتداء على سفن الجانبين، إلا أنه " سرعان ماعادت العدائية مما أدى إلى أن تبدأ فرنسا سلسلة من حملاتها الحربية على طرابلس التي تنتهي أحيانا بالخيبة وأحيانا بفرض معاهدة صلح "[3].
قام أسطول فرنسي بقيادة المرشال دي استري بقصف طرابلس سنة 1685 ، كان له الأثر الكبير في تدمير العديد من المباني والمنشآت في المدينة وتضرر قوس ماركوس اوريليوس أيضا . وقد تمكن دي استري من نصب بعض المدافع على نتوء صخري في البحر (جزيرة صخرية صغيرة ) قبالة برج التراب ( منطقة القبة الآن ) وعرف ذلك النتوء من ذلك الوقت ( بصخرة الفرنسيين )وعقدت اثر ذلك معاهدة بين الطرفين إلا أنها لم تستمر طويلا، فشنّ الأسطول الفرنسي " حملة أخرى عام 1692 فشل أثرها في فرض صلح جديد ولكن ابرم الصلح في العام الموالي نتيجة تدخل الدولة العثمانية ونتيجة تبين   فرنسا  عدم جدوى سياسة القوة "[4]، ثم عقدت معاهدة صداقة بين طرابلس وفرنسا في سنة 1699 م. وشهدت العلاقات الليبية الفرنسية فترة من الهدوء امتد الى نهاية العهد العثماني الأول.

اتسمت سنة 1711 م. باستيلاء أحمد القره مانللى على الحكم في طرابلس، وأسس عهدا  استمر حتى سنة 1835 م. فحرص عند توليه أمور طرابلس على استقرار الأوضاع بها، فقضى على الانكشارية، وعمل  على فرض هيبته بالدواخل واهتم بتحصين مدينة طرابلس.

وفي إطار علاقة أحمد باشا القره مانللى بفرنسا فقد جددت  معاهدة 1699 م في سنة 1711 م  بمناسبة توليه الحكم وقدوم قنصل فرنسي جديد إلى طرابلس . إلا أن هذه العلاقات قد تأثرت في العديد من السنوات بين سنتين 1711 -1727 م .

إنشاء برج بوليلة/ 
          أمام التهديدات البحرية الفرنسية لايالة طرابلس ، قام أحمد باشا القره مانللى بالاستعداد للدفاع عن المدينة " فانصرف بجد الى تحسين وتجديد وإنشاء الوسائل الدفاعية ، وبدأ بتجديد أسوار المدينة وتقويتها وقام بإصلاح برج المندريك * وشرع أيضا في إنشاء برج جديد فوق صخرة بحرية تقع أمام السور الشمالي للمدينة وتحت برج التراب وهو الحصن المعروف باسم أبي ليلة أو البرج الفرنساوي ( برج الفرنسيين"[5].




موقع برج أبو ليلة من مخطط مدينة طرابلس القديمة 

وقد ذكر هذا البرج المؤرخ حسن الفقيه حسن في يومياته نقلا عما وجده مقيدا في دفتر لاغه إسماعيل الازمرلي ونصه " الحمد لله . بني المعظم بالله سيدي أحمد باشا القره مانللى البرج الذي يلي المدينة غربيها من ياله البحر سنة ألف ومائة وأربعين *_ 1140"[6]. وقد بخل لاغه إسماعيل الازمرلي علينا في تدوين التاريخ بدقة ، إذ لم يشر الى اليوم أو الشهر إلا إن نصه لا تعوزه الدقة وأكدته خريطة عسكرية لتحصينات مدينة طرابلس نشرها ميكاكي في مقال له[7] وأوضحت أن هذا البرج كان موجودا عندما رسمت تلك الخريطة في سنة 1728م . وكان يعرف باسم البرج الجديد نظرا لأنه احدث الأبراج المشيدة في تلك الفترة . وعرف فيما بعد باسم برج الفرنسيين أو البرج الفرنساوي نظرا لان الأسطول  الفرنسي الذي كان بقيادة دي استري، والذي قصف مدينة طرابلس في سنة 1685 م. كان قد نصب بعض مدافعه على الصخرة التي شيد عليها البرج فيما بعد.
برج أبو ليلة في فترة العشرينيات

أما تسميته ببرج بو ليلة فيبدو أن هذا الاسم أحدث من الإسمين السابقين ، وتذهب الروايات الشفوية أن سبب إطلاق اسم بوليلة عليه يعود لتشييده في ليلة واحدة إلا أننا نستبعد ذلك لشدة ضخامته ، وصعوبة أعمال تشوين المواد لأنه شيد بداخل البحر. ولم أتمكن الوصول إلى تعليل مقبول لسبب إطلاق اسم بوليلة عليه .*

تصمت المصادر التاريخية عن الدور الذي أداه هذا البرج ، ولتسعفنا بأي معلومات توضح دوره سواء بسعد إنشاءه مباشرة أو في الفترات اللاحقة ولا نستبعد أن يكون له دورا مهما في الدفاع عن مدينة طرابلس بعد إنشائه مباشرة ، إذ تعرضت المدينة في سنة 1728م لهجوم الأسطول الفرنسي وتم " تدمير أكثر من ثلث المدينة وليس التي القي عليها ما يزيد على 1800 قنبلة وإذا كانت الضحايا في الأرواح قليلة ، فان الخسائر والأضرار الأخرى كانت كبيرة ومع هذا فان الباشا احمد القرمانلى لم يكن يشير أي إشارة للخضوع وعندما فشل الأسطول الفرنسي في مهمته ونفد ما لديه من ذخائر أطلق أشرعته للريح وغاب عن الأنظار "[8].     
 مدخل البرج

وبالرغم من الأضرار التي ألحقت بمدينة طرابلس فان الأسطول الفرنسي " لم يستطع أن يفرض عليها شيئا وهنا استعر نشاط البحرية الطرابلسية مما جعل فرنسا تدرس إمكانية احتلال المدينة وليس قصفها فقط وتدمير المدينة والميناء بشكل كامل، بل وبدأت الاستعدادات فعلا لهذا العمل وفدر العدد اللازم للحملة بستة آلاف رجل وأعدت تقارير مفصلة حول تحصينات المدينة وإمكانياتها العسكرية "[9]. ويشير كوستانزيو برينيا في كتابة طرابلس من 1510_1850م.أن الدرس الذي تلقاه أحمد من فرنسا في سنة 1728، كان درسا قاسيا إلى أبعد الحدود ... ولم تكن الأضرار التي تعرضت لها المدينة أقل من ذلك، إذ ظلت تحمل آثار هذه الأضرار، والخراب الذي لحق بالمنازل والأسوار وغيرها .."[10] .

إن أقدم وصف وصل إلينا  جاء في تقرير أعده القائد العام للبحر الفيس ميلا نوفيتش الذي زار طرابلس رفقة رئيس بعثة الشرف البندقية القائد بوبليش والقنصل بالوفيتش الذي تم تعيينه كأول قنصل بندقي في طرابلس سنة 1765م. ويعد هذا الوصف الذي أعد من قبل مهندس عسكري – وهو ميلا نوفيتش – والذي كان " مكلفا بمهمة سرية تتلخص في محاولة رسم معاقل الميناء والمدينة وحصونها وقوة حاميتها وما إلى ذلك من معلومات عسكرية "[11]، وصفا دقيقا إذ أعد بعين خبير في الحصينات ، كما أنه" رسم بدقة متناهية جميع القلاع ومواقعها وتحصيناتها وقدم معلومات قيمة لحكومته عن قوة الحامية ... كما قام برسم للمدينة  ذاتها من داخلها وقد قدمت هذه المعلومات إلى البندقية "[12].

وبالرغم من العمل الكبير الذي قام به ميلا نوفيتش فانه كان يخشى أن يكتشف أمره، إذ أن هذا العمل يتنافى مع قوانين هذا البلد وعمله هذا يدخل في الجوسسة والأضرار بمصالح البلاد إضافة أن مهمة الوفد الذي قدم معه كانت مهمته دبلوماسية، وعمله الذي قام به يظهر النوايا السيئة التي كانت تختمر في أذهان رجال السياسة البنادقة، وينم عن استعدادات  مبكرة تحسبا لأي طارئ يؤدي إلى توتر العلاقات بين البلدين مستقبلا، ويظهر هذا التقرير ضعف الإجراءات الأمنية لولاية طرابلس وعدم مقدرتها من رصد تحركات الأجانب أو هو على الأقل إفراط في الثقة. وقد جاء في هذا التقرير عن برج بوليلة ما يأتي :" ويقوم الحصن الفرنسي قبالة ذلك البرج  (الاسباني ) من جهة البحر على صخرة كبيرة ، وشكله مستدير و يجتاز إليه بواسطة جسر حجري ، ويحتوي على اثني عشر مدفعا حديديا ، نصبت على قواعد نبارية *** مثل غيرها على الأغلب ، وقد وجهت تلك المجموعة من المدافع لحماية ذلك  الضلع ، وبانضمامها إلى مدافع قلعة البحر تكون موجهة إلى تلك النقطة التي تظهر فيها السفن البحرية "[13] .
ولانجد بعد هذا الوصف ذكرا للبرج، إذ ضن علينا الكتّاب والرحالة، فلم يقدموا لنا أي معلومات عنه، فلم يصفوه ولم يتحدثوا عن دوره في الدفاع عن مدينة طرابلس حتى أن حسن الفقيه لم يشر إليه إلا في التقيدات التي نقلها عن دفتر لاغه إسماعيل الازمرلي، ولم يذكره في يومياته التي دونها بنفسه. ومن المحتمل أنه أدى دورا مهما في الدفاع عن مدينة طرابلس ضد الأساطيل الأجنبية وخاصة في فترة الحرب الطرابلسية الأمريكية  1801_1805 م. إذ كان احد الاستحكامات المتقدمة التي لم تمكن السفن الحربية الأمريكية من الاقتراب من شاطئ طرابلس فلم تكن لقدائفها كبير أثر على المدينة .

في العهد العثماني الثاني 1835 -1911 م. ظل برج بوليلة قائما، إذ أشارت إليه بعض الخرط المرسومة في تلك الفترة، وإن كانت كتب المؤرخين التي كتبت في ذلك العهد (أحمد النائب: المنهل العذب ، فيرو الحوليات الطرابلسية .)[14] لم تشر اليه ولا إلى دوره في هذه الفترة، كما لم أعثر في الوثائق المصنفة بدار المحفوظات التاريخية على أي وثيقة تشير إليه لا من قريب ولا بعيد.

وقعت ليبيا في سنة 1911 م. تحت سيطرة الاستعمار الايطالي ، ويبدو بأن السلطات الايطالية اهتمت بهذا الاستحكام الدفاعي وقامت بصيانته، وفي زيارة لي مع الأستاذ مسعود قانة لهذا البرج في سنة 1972 عثرنا على تاريخ مدون بالطلاء الأحمر على جدار الدهليز الطويل في الدور الأرضي منه وهو 1914 كما استغلته القوات الايطالية في الحرب العالمية الثانية ونصبت فيه ثلاثة مدافع وتعرض للقصف من قبل القوات المعادية لإيطاليا ثم هجر البرج وكان البوليس البحري الليبي يقوم بزيارات تفتيشية له بعد سنة 1952 م.
بداية الاحتلال الايطالي

وفي سبعينيات هذا القرن استغلته الشركة التركية التي أُوكل إليها تنفيذ حاجز الأمواج لميناء طرابلس البحري، وفي سنة 1980 قام شباب منطقة باب البحر باستغلاله كمقر لنادي الغوص والرياضة البحرية.
أثناء الردم في فترة السبعينيات

أثناء الردم

وصف برج بوليلة/
برج بوليلة عبارة عن بناء بيضوي الشكل ، يبلغ قطر طوله 37 مترا ، وقطر عرضه 26 مترا ويبلغ ارتفاع جداره 4.50 مترا تقريبا . له مدخل رئيسي يفتح باتجاه الجنوب ناحية برج التراب ( خزان مياه القبة الآن ) ويبلغ عرض المدخل 1.30 مترا وارتفاعه 2.0 متر ، والى يسار المدخل يوجد سلم حجري لا يتجاوز عرضه 0.5 متر يتم بواسطته الصعود إلى سطح البرج.

بعد اجتياز المدخل الرئيسي يوجد سلم حجري ، عرضه متر تقريبا به 8 درجات يتم النزول بواسطتها إلى الدور الأرضي.

يتكون الدور الأرضي من دهليز عرض يتراوح عرضه بين 1.80 متر و2.00 مترا وطوله حوالي 10 أمتار ، وبه فتحتان للإضاءة والتهوية ، تقع الأولى في أقصى الدهليز يمين الداخل، والثانية على يسار الداخل (انظر شكل 1_(أ) ) ورغم ذلك فهو مظلم إلا أنه يكون أكثر إضاءة في فترة الظهيرة.

شكل (1)

نجتاز الدهليز السابق عن طريق ممر عرضه بين المتر و 1.10 مترا وطوله حوالي 1.20مترا ، ويوصل هذا الممر إلى دهليز عرضي ( شكل 1_ب ) يتراوح عرضه بين 1.80 مترا و 2.00 مترا ويبلغ طوله حوالي 9.90 مترا، وتوجد سلالم بهذا الدهليز تؤدي إلى الدور الأول، وهي على يسار الداخل، ومن الملاحظ انعدام فتحات التهوية به.

يفتح الدهليز السابق (ب) على دهليزين طويلين (شكل 1-ج ، د) ، عن طريق فتحة يمكن بواسطتها الولوج إلى الدهليز الطولي الأول (شكل 1-ج ) ، الذي يبلغ عرض مدخله 1.50 مترا ،وطول الدهليز 16.20 مترا وعرضه مترين وتوجد به ثلاث فتحات للإضاءة والتهوية الأولى عند مدخله والثانية في منتصفه والثالثة في نهايته، ورغم ذلك فهو مظلم ودرجة الرطوبة به مرتفعة.

أما الدهليز الطولي الآخر ( شكل 1،د ) فيقع مدخله تحت السلالم التي في الدهليز العرضي ( شكل 1-ب)ومدخل هذا الدهليز الطولي يتراوح بين متر و 1.10 مترا وعرض الدهليز مابين 1.80 إلى 2.00 مترا وطوله 12.80 مترا . وبه فتحتان للإضاءة والتهوية الأولى عند مدخله، أما الأخرى ففي منتصفه وهو بذلك أكثر ظلمة وأقل تهوية من الدهليز الطولي الأول.

يحتوي الطابق الأول للبرج على عدة حجرات متفاوتة الحجم ( انظر شكل 2) ويمكن الدخول إليها عن طريق مدخل يفتح ناحية الشمال أو الصعود إليه عن طريق السلالم التي في الدور الأرضي.
 شكل (2)

وعلى سطحه ثلاثة أماكن دائرية كانت تستخدم كمواقع للمدافع، إلا أنه طرأت بعض التعديلات على هذا الدور حيث تم سد مدخل السلالم بجدار في فترة السبعينيات من هذا القرن، كما أنه في شهر أي النار ( يناير ) 1981 حدثت نوّه بحرية نتج عنها انهيار سقف الجهة الشمالية من البرج وطمرت نهاية الدهليزين الطوليين ( شكل 1،ج،د ) وانهار موقع المدفع الأوسط ، وقد قام شباب منطقة باب البحر بتغطية الجزء المنهار بالأتربة ، كما أن أعمال حاجز الأمواج لميناء  لطرابلس وردم المنطقة الواقعة بين برج بوليلة وطريق الميناء وأعمال توسيع هذا الطريق وإقامة جزيرة دوران أمام البرج أدت إلى طمر مدخل البرج تحت مستوى الطريق ، وبذلك فقد البرج بعض من معالمه، كما أضيفت له حجرتان على سطحه في تسعينيات هذا القرن تستغل الأولى كمقهى والثانية مخصصة لتعبئة اسطوانات الغطس بالأكسجين. كما تم بناء سلم حجري يؤدي من على سطح البرج إلى البحر .

مواد البناء/
بني برج بوليلة بالمواد المتوفرة محليا والتي شيدت بها الاستحكامات المشابهة له وكانت مواد البناء مكونة من " الطين وحجر وجير وشهبة وغيره مما أشبه بذلك" والمقصود بالشهبة هي الشهبا الرماد يضاف إليه الجير فيكتسب صلابة . ويذكر ميلا نوفيتش في تقريره الذي سبق وأن أشرنا إليه بأنه " بسبب نقص الحجارة في البلاد فقد استعاضوا بمزيج من التراب والطين والصلصال ، مع جزء من الجير فيما يسمى ضرب الباب ... وقد بنيت كثير من الأعمال ... بنفس الطريقة "[15] . إلا أن اساسات البرج قد شيدت بحجارة ضخمة لمقاومة أمواج البحر ، وهي حجارة رملية يبدو أنها قطعت من محاجز قرقارش .

منظر للجهة الغربية من البرج

وقد أجريت أعمال الصيانة والترميم على البرج في كثير من السنوات. إذ أجريت أعمال الترميم في فترة الاحتلال الإيطالي، ويبدو أنه في تلك الفترة تم تجديد الجسر الحجري الذي يوصل البرج بالبر وأقيمت أعمدة خرسانية في النتوءات الصخرية المتناثرة وأقيم عليها الجسر وفي الثلاثينيات من هذا القرن حدثت نوه بحرية أدت الى هدم الجسر وطمر الشاطئ الذي كان مستغلا كمصيف للإيطاليين واليهود وتم ترميم الجسر وبقي إلى نهاية الخمسينيات. وقامت مصلحة الآثار ببعض أعمال الترميم بالبرج في أواسط السبعينيات. كما أجريت عليه بعض أعمال الصيانة من قبل الشركة التركية، ثم قام مشروع إدارة وتنظيم المدينة القديمة وإدارة نادي باب البحر للغوص والرياضة البحرية ببعض أعمال الصيانة البسيطة.
السلم المؤدي إلى الجسر الخشبي المؤدي إلى البرج في فترة العشرينيات

وكلمة أخيرة عن هذا المعلم المشمول برعاية القانون رقم 3 لسنة 1424 ميلادية بشأن الآثار والمتاحف والمدن القديمة. إن هذا الأثر الذي أدى دورا مهما في الدفاع عن محروسه طرابلس وتصدى للأساطيل الأجنبية في حاجة ماسة إلى الأيدي المختصة سواء في مصلحة الآثار أو مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس _ والذي يدخل البرج ضمن اختصاصها_ لصيانته وترميمه، إذ أن نادي باب البحر للغوص والرياضة البحرية بإمكانياته المتواضعة لايمكن أن يقوم بذلك، ونأمل أن تتكاثف الجهود لإنقاذ هذا اللإستحكام الذي قاوم الأساطيل والزمن والبحر مدة تزيد عن قرنين ونصف وحتى لا تفقد البلاد أحد معالمها الأثرية.

الهوامش/










*المندريك : (كلمة تركية : مندرك ) اصطلاح بحري بمعنى رصيف أو ميناء صناعي . وبرج المندريك شيد في مكانه منار (فنار ) ميناء طرابلس البحري في سنة 1927 م. وقد تهدم ذلك المنار أثناء الحرب العالمية ، ثم أنشأ مكانه المنار الحالي في بداية السبعينيات.

** أخبرني الأستاذ علي الصادق الحسنين أن د. سعيد طوقدمير قد نشر مقالا عن برج بوليلة في صحيفة طرابلس التي كانت تصدر في طرابلس في الخمسينيات باللغة الإيطالية ذكر فيها أن سبب تسميته ببرج بو ليلة يعود الى أن طبيب يدعى  أبو ليلى قد استعمله كمحجر صحفي . وأفادني د. عبد الكريم بو شويرب أن ذلك كان في فترة الإحتلال الأسباني مما يجعلنا نستبعد ذلك لأن البرج لم يشيد في تلك الفترة . ويحتمل أن اطلاق هذا الإسم عليه يعود الى عهد أحمد باشا القرمانلى  عندما كانت محلات المدينة تتناوب الحراسة فيه.

*** نسبة الى نابارة مقاطعة في شمال غرب  أسبانيا.






1.    أتوري روسي . ليبيا مند الفتح العربي حتى سنة 1911 . ترجمة خليفة التليسي . بيروت : دار الثقافة . الطبعة الأولى 1974 م. ص 253 .
2.      المرجع السابق نفس الصفحة .

3.      بول ماساي . الوضع الدولي لطرابلس الغرب . ترجمة د. محمد العلاقي . طرابلس منشورات مركز جهاد الليبيين 1991 . ص 11.

4.      المرجع السابق ص . 11، 12.

5.      خليفة التليسي . حكاية مدينة . ليبيا – تونس: الدار العربية للكتاب1974م. ص. 104 ، 105

6.   حسن الفقيه حسن ، اليوميات الليبية . تحقيق محمد الأسطى وعمار جحيدر . طرابلس : منشورات مركز دراسة جهاد الليبيين . ج.1 ، ص . 658.

7.   أنظر : Rodolfo Micacchi ."IRapporti tra il regno di francia e la reggaenza di Tripoli di Barberia nella prima meta del secolo XVIII Rivista delle colonie ltaliane . Anno VIII , No 3 , Marzo 1934-XII

8.       التليسي . حكاية مدينة . ص . 89 .

9.      ماساي . ص . 106 .

10. كستانزيو برينا . طرابلس من 1510-1850. ترجمة خليفة التليسي . طرابلس : الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان . الطبعة الأولى ، 1985 م. ص . 224 .

11.  محمد مصطفى بازامة . الدبلوماسية الليبية في القرن الثامن عشر . بنغازي : مكتبة قورينا للنشر والتوزيع . (د.ت ) ص .89.

12.  المرجع السابق .ص.91 .

13. جورجو كابو فين . طرابلس والبندقية في القرن الثامن عشر . نقله إلى العربية عبد السلام باشا إمام . طرابلس : منشورات جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي . ص . 297 ، 298.

14.  حسن الفقيه حسن . ص . 249 .

15.  جورجو كابو فين . ص . 297 .

المراجع والمصادر/

1.        ابن غلبون التذكار فيمن ملك طرابلس وماكان بها من أخبار . طرابلس : مكتبة النور . الطبعة الثانية ، 1967 م.
2.       أحمد النائب الأنصاري . المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب . طرابلس : مكتبة الفرجاني ج.1 (د.ت ) .
3.     حسن الفقيه حسن ، اليوميات الليبية . تحقيق محمد الأسطى وعمار جحيدر . طرابلس : مركز دراسة جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي . الجزء الأول ، 1983 م.
4.       شارل فيرو . الحوليات الليبية . ترجمة د. محمد عبد الكريم الوافي .طرابلس : المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان . الطبعة الثانية ، 1983 .
5.       أتوري روسي . ليبيا مند الفتح العربي حتى سنة 1991 م.
6.       بول ماساي . الوضع الدولي لطرابلس الغرب . ترجمة د. محمد العلاقي .طرابلس : منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ، 1991م.
7.     جورجو كابوفين . طرابلس والبندقية في القرن الثامن عشر . نقله إلى اللغة العربية عبد السلام باشا إمام . طرابلس : منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي .
8.       خليفة محمد التليسي . حكاية مدينة . ليبيا _تونس : الدار العربية للكتاب . 1974 م.
9.       رودلفو ميكاكي .طرابلس الغرب تحت حكم أسرة القرمانلى . ترجمة طه فوزي . القاهرة : معهد الدراسات العربية العالمية .1961 م.
10.    كستانزيو برنيا  . طرابلس من 1510 -1850 م. ترجمة خليفة التليسي . طرابلس : الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان . الطبعة الأولى ، 1985 م.
11.    محمد مصطفى بازامة . الدبلوماسية الليبية في القرن الثامن  عشر . بنغازي : مكتبة قورينا للنشر والتوزيع . (د.ت ) .
12.    علي الميلودي عمورة . طرابلس المدينة العربية ومعمارها الإسلامي . طرابلس : دار الفرجاني للنشر والتوزيع .1993.



أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...