الاثنين، سبتمبر 22، 2025

الهوية المعمارية: بين الفناء كفراغ، والبيت ككيان

 

 

جمال الهمالي اللافي

الهوية ليست ترفًا فكريًا، بل شرط وجود. إنها ما يربط جيل الحاضر بجذور الأجداد، ويمنحه كيانًا حرًا قائمًا بذاته. في العمارة، لا يكفي أن نضع فناءً في قلب البيت لنقول إننا استحضرنا الهوية. فالفناء، رغم حضوره في جميع الحضارات، ليس أكثر من فراغ وظيفي ما لم يُشبَع بروح المكان.

يكفي أن الفناء ظهر أولًا في الحضارة الرومانية، ويكفي أن العمارة الغربية المعاصرة لا تزال تستخدمه كحل بيئي، حتى نفهم أنه ليس امتيازًا محليًا ولا دليلًا على الأصالة. يكفي أن بيوت الخمسينيات والستينيات في بلادنا احتوته، لكنها لم تمنحه أي ملامح من هوية المكان. كان مجرد حل اقتصادي لبيوت متلاصقة، بلا روح.

الهوية هي روح المبنى، والفناء هو رئته التي يتنفس بها، وعينه التي تنظر بها إلى السماء. لكنه لا يُحاكي هوية المكان لمجرد وجوده. فالمعماري الذي يضعه في الحسبان دون وعي بالخطاب الثقافي، لا يصنع هوية، بل يُكرر فراغًا.

شعب بلا هوية، ينتفي عنه الوجود. يعيش حياة بلا قيمة، بلا معنى. حياة بهيمية، حيث لا فرق بين حضيرة وأخرى، ولا بين من يبيت فيها ومن يبيت في غيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...