السبت، يناير 26، 2013

موسوعة المدن التاريخية الليبية




مدينة نالوت( لالوت)




يقدمها المعماري/ فائز السراج


نالوت أو لالوت، هي إحدى المدن الليبية العريقة. وهي مركز محافظة نالوت في الجبل الغربي "جبل نفوسة". تقع على بعد 276 كيلومتر عن العاصمة طرابلس تقع على خط عرض (31,52ْ) درجة وعلى خط طول (10,59ْ) درجة. وتعدّ نالوت من أكبر مدن النطاق الجبلي وهي آخر هذه المدن من ناحية الغرب وترجع أهميتها قديماً وبصفة خاصة إلى موقعها على طريق القوافل بين الساحل والصحراء ولقربها من الحدود التونسية الجزائرية.

عندما قدم الرومان إلى ليبيا وجدوا قصرها قائماً حيث يشتهر سكانها بالكرم مما رفعوا رأيتهم عليه وأقاموا فيها حامية تمثل الخط الدفاعي الثالث، قرى ومدن جبل نفوسة التي من المعلوم أنها لم تفتح عنوة لأن جبل نفوسة هم الذين آمنوا بأنفسهم ولم يتم فتحهم من قبل الفاتحين وقصة إيمان أهالي جبل نفوسة معروفة في التاريخ حيث ذهب فريق منهم إلى عمرو بن العاص في مصر وأرسلهم بدوره إلى عمر بن الخطاب.

في العهد العثماني آوت غومة المحمودي عندما هرب من سجن الأتراك في طرابزون في سنة 1855م وتم إيوائه في نالوت بعد قدومه من جهة تونس، وفي عهد الاستعمار الإيطالي قدمت المدينة العديد من أبطالها على رأسهم المجاهد خليفة بن عسكر الذي أعلن الثورة عليهم ومن نتائجها كانت معارك "لقن عمران" و"الجويبية" و"تكويت" وغيرها.


يعتبر قصر لالوت حالياً أقدم القصور في ليبيا، وأكبرها حجماً ومن أجملها ولا يضاهيه إلاّ قصراً قديماً في نفس الفترة والطراز يوجد باليونان. أن هذا القصر تم إنشاؤه قبل القرن السابع من قبل الميلاد وأن موقع مدينة لالوت الأول والثاني كان من عهد العصر الحجري. تم إعادة ترميمه أكثر من مرة بسبب العوامل المختلفة وهو مشيد من مواد محلية " الحجارة والجبس" ويصل ارتفاعه إلى 6 طوابق وحسب شكله ووضع غرفه جعله أهلاً للتخزين لا للسكن ، وتبلغ عدد غرفه نحو 400 غرفة.

ومن آثارها أيضاً، "قصر الدقيجة" و"قصر الثلثيين" وشرقاً نجد مدينة تيغيت وقصرها التاريخي وبالقرب منه مقام أو مصلى عاصم السدراتي، أحد حملة العلم الخمسة إلى شمال أفريقا، الذي كان يزور المشايخ في لالوت ويجتمع بهم إلى أن قتل مسموماً بالقيروان، وإلى الشمال منها نجد أثار مدينة تالات وتيركت وجامع شيخها أبو زكريا بن أبي يحيي الأرجاني.

من أهم معالمها الطبيعية الجميلة، غابة سركوم وغابة الحسيان وواحة الجويبية وغابة المالحة وغابة اتلوين وغابة وشيش وغابة إجربن وغابة تودا. وتمتاز تلك الغابات والواحات بمياهها العذبة وظلالها الوارفة وأشجارها كالنخيل والزيتون والتين والعنب.

تتبعها العديد من القرى مثل، تيغيت، تيركت، تالات، تكويت، تغرويت، العجمية، قنطراره، كاباو، فرسطأ، طمزين، تندميره، شروس وجريجن.

يزيد عدد السكان عن 22 ألف نسمة، حسب التعداد العام للسكان في 2006. الذين يرجع أغلبهم لأصول أمازيغية، وكل السكان أصولهم أمازيغة إلاّ قبيلتين هاجرتا في المدة الأخيرة لا يتجاوز عمرهم في نالوت 100 سنة وهم من العرب.  

وتنقسم نالوت إلى عدة قبائل منهم ابرزهم قبيلة العساكرة، ثم قبيلة المقادمة، تم قبيلة الباروني، وتقسيمات لقبائل أخرى وهي بدورها تتكون من عدة عائلات منهم أولاد يحي وأولاد الدير وأولاد إبراهيم وأولاد سعود والصواوية.


المرجع/ بتصرف عن موسوعة الويكيبيديا

الأربعاء، يناير 23، 2013

عندما يودع المكان سره في عمارته


  
د. مصطفى المزوغي

نبرة الأسى التي تغلف كلماته آلمتني وأنا أرقب صوته يخفت متسائلا: ” لماذا كان الغرباء أكثر حنانا على طرابلس وأكثر ألفة معها واليوم (نحن) نطعنها في عمرانها بدون رحمة ؟” هكذا كان تعليق صديقي المعماري أحمد إمبيص ونحن نتقاسم اجتهادنا في قراءة صور محاولات المعماري المجدد للمحلية فلوريستانو دي فاوسطو Florestano di Fausto في أعماله المنتشرة في ليبيا.

كنت عائدا للتو من محاضرتي حول العمارة المعاصرة الذي كان موضوعها تمهيد لقراءة العمارة المعاصرة في ليبيا، ورأيت أنه من المجدي أن يكون التمهيد يدور حول العمارة الاستعمارية (الكولونيالية) في ليبيا إبان الاحتلال الايطالي لأراضيها سنة 1911. وكثيراً ما تضج الأسئلة خلال حديثي عن هكذا مواضيع. وتشدني الحاجة أكثر لأن أرمي بقلق السؤال على الرفاق وهم قلة، فكان لقائي اليوم مع أحمد.

سأكتب اليوم حول جوانب ما أخبرت به الطلاب، وسأدون ما دار من حوار بيني وبين أحمد.

تسألت في البدء متى يودع المكان سره في عمرانه ؟ وكيف؟

إن كان حقا ما ينادي به معماري المدينة هو البحث عن شرف أن تكون (عمارته) مأمن سر المكان. لم ولن يكون الأمر مستحيلا إذا ما تحقق المعماري من تكامل التفاعل بين العمارة والإنسان والمكان، تفاعلاً له مستوياته الثلاث:
أولها، العمارة وتفاعلها الذاتي في كونها حقيقة مرئية كعمل تشكيلي بمكوناته المادية ومضمونه التعبيري ورسالته الفكرية المعمارية.
وثانيها، العمارة وتفاعلها مع المحيط الإنساني تتجلى قراءته في القيمة الاستعمالية وكفاءة الأداء الوظيفي،
وثالثاً، التفاعل المعماري المكاني يكون مقروءاً في الاستجابة لمعطيات المكاني، الجغرافية والبيئية والثقافية.

نعم يمكن للمكان أن يودع سره في عمارته متى أدرك المعماري حداثيات نتاجه ضمن طرفي (الانتماء) أو (الاغتراب) ومحيطه الإنساني المكاني. إنها بوصلة العمل المعماري الحقيقي، كيف للعمل المعماري أن يكون ذا انتماء إنساني مكاني؟ وكيف له أن يكون غريباً؟. فالقراءة المكانية يجب أن تشمل المأهول من الأرض بعمران الإنسان، بمعنى شمول البعد الثقافي الحضاري الإنساني للمكان تماما كالبعد الجغرافي والبيئي له.

هل يمكن الاتفاق على ماهية شروط الانتماء ومؤشرات الاغتراب؟.

يشهد التاريخ أنه على الدوام تولد فئة من المعماريين قاسمهم المشترك ‘هاجس المكان’، منادين بأن تخاطب العمارة زمنها ومكانها. إلاّ أنّ الخطاب الزمني والمكاني كثيراً ما يدفعان بتجدد الانتماء للعمل المعماري، وغيابهما يدفع به لحدود الغربة، فالمكان رهين الثقافات الوافدة، والتقنيات المتجددة، وكلاهما الثقافات والتقنيات يملكان التواجد ‘الغير مهيمن’ والاستقرار حال توافقهما والرصيد الثقافي الحضاري الكامن بالمكان. هكذا يجد الحال الأستاذ رهيف فياض.

مدينة طرابلس الغرب في ليبيا مكان استوطنته عمائر عدة، تباينت في تياراتها وصيغ تشكيلها وتقنياتها، وكان مع هذا التباين تشتت عمارة عمرانها بين الانتماء والاغتراب، ولكن حالتي الاتفاق التي سادت الذاكرة الجماعية حول انتماء العمران إلى المكان، الأولى في العمران البراغماتي المحلي الذي افترش المدينة القديمة، وبعض ضواحيها، والثانية المحاولة ‘المكانية’ للعمارة الاستعمارية الايطالية التي شكلت هيئة طرابلس العمرانية الحديثة، وبدت المدينة كمختبر حقيقي لعمارة البحر الأبيض المتوسط الحديثة وبعض المحاولات الفردية من المعماريين الليبيين لم أجد وصف عادل لها إلا بالبطولية !.

عندما كان الجدل دائراً بين ‘كلاسيكية البحر الأبيض المتوسط Classic Mediterranean  بريادة Alberto Alpago Novello و Ottavio Cabiati ، و‘عقلانية البحر الأبيض المتوسط’ Rationalist Mediterranean  بريادة Carlo Enrico Rava و Giovanni Pellegrini . ، إلاّ أنّ Di Fausto لم يختار أن يكون طرفا في الجدل الدائر، بل وفقاً لقوله بأنه يسعى إلى تلك العمارة التي تتوافق بيئيا والمكان، وتحمل في طياتها صدى التقاليد.

تشهد أعمال المعماري Florestano di Fausto على حساسية العمل التصميمي الذي شكل نتاجه بما عرف تجديد المحلية  new vernacular، فلقد كان متتبعاً دقيقاً ليس لظاهر التكوينات المعمارية المحلية فحسب بل اجتهاده في فهم الدور الوظيفي المناط بكل عنصر في التكوين المعماري المحلي، حتى أنه كتب يوما ‘ لم أضع حجر واحد في بناء بنيته، دون أن أشبع نفسي بروح المكان حتى يكون المكان أنا ’، إنه بذلك سعى بجدية في البحث عن عمارة عمران يمكن بموجبها تحقيق الانتماء إلى المكان، حالف هذا المجهود التوفيق في البعض من العمران وخالفه في البعض الآخر من الأعمال التي قارب عددها المائة.

تميز أسلوب Di Fausto بإعادة قراءة الطرز الكلاسيكية، دون إغفال للثقافة السائدة والمعطيات البيئية بالمكان، ولا شك في محاولاته في استعمال بعض من مفردات العمارة المحلية في ليبيا كانت ظاهرة في عدد من اعماله. كما ان محاولته للاقتراب بعمارته من المكان، دفعت بوصفها من قبل مناوئين بأنها عروبية، فلكلورية، وأسلوب مزيف لعمارة Moorish.

دي فاوسطو معماري فذ، فعلى الرغم من حاجته الملزمة لترجمة الحلم الايطالي والتي دفع بالعقلانية كأرضية للتعبير الفاشي في بعض مبانيه، إلا أن ما يضعه نموذجاً خلاقاً، هو نتاج صبره ومحاولاته الدؤوبة بعقل حيادي انسلخ فيها عن انتماؤه العرقي والايديولوجي ليفسح المجال لإنسانيته واخلاقياته المعمارية في البحث عن أسرار المكان المودعة في عمارة عمران المدن والقرى في ليبيا.

أخذني المشهد عندما طالعت سيرة المعماري الذي ولد في 1890 وتوفي في 1965، فهو معماري ولد في سنوات مخاض الحداثة ولكنه كان من جيل الذين تحركوا خلال صحوة التقاليد وعمل بصبر على نوع مختلف من الحداثة، كلّف من قبل الخارجية الايطالية كاستشاري في الفترة من 1923 وحتى 1940، وكان بذلك كشخصية معمارية عاصر التنوع الثقافي، فسنوات عمله خارج الأراضي الايطالية بين اليونان وألبانيا وليبيا، قدمت له سحر توظيف اللغات التعبيرية المختلفة للتقاليد تجاوز العمارة (الحائطية) التي سادت المستعمرات الايطالية لتمنح عمران شوارع المدينة واجهة مسرحية، بل أدرك بعمق سحر الفراغ وصيغ تشكيله ، وأثمر كل ذلك عن اسلوب خاص حمل توقيعه بجدارة.

يقول di Fausto “المباني التي قمت بتصميمها .. كان يجب عليهم بالضرورة ملائمتهم مناخيا، إلا أنه كان يجب على تتبع التقاليد الموروثة. لقد ألهمتني الأشكال الزخرفية البيزنطية والعربية والأسيوية (…) أنا أؤكد على المشهد البيئي الشامل تنوعا. وجماليا أنا أركز على حركة الكتل (…) العمارة حين يتعذر تكسيتها بالحجارة، لا حرج في ذلك فهي قد وجدت منذ الأزل بيضاء نقية بإحساس منعش يحيط بها اخضرار النبات الدائم وزرقة السماء العميقة.

معهد مالك بن أنس بمنطقة الظهرة- من أعمال دي فاوسطو
      راقب di Fausto مدينة طرابلس القديمة. أفقيتها المتناغمة بتراص متأني .. بياضها وظلالها .. زرقة سماؤها وشاطئها .. عرائشها ونخيلها المخضر على الدوام .. مآذنها إطلالات رأسية غير خافية تعلن على الدوام حضور المكان. من هنا حين راقب الظهرة في طرابلس التي كانت على حافة (واحة) طرابلس رأى أن يكون صدى التقاليد قائم، ذات الصيغ التعبيرية .. الفراغية وسطوح وكتل والعناصر درس الظهرة في تراص فندق الودان وتكوينات معهد أنس ابن مالك وواجهة كنيسة سان فرانسيسكو جميعها تعلن عن حضورها بأبراجها وليكن ما تبقي من عمران في تراص أفقي أنيق لا يزاحم بعضه بعضا بل يتعاون على عمران متجانس يعمل على تكون بيئة متراحمة.

رحل Di Fausto سنة 1940 عن ليبيا بعد أن وضع رسائله في كل أمكنتها الساحلية والجبلية والصحراوية .. رسائل تحمل كل الحب والاحترام لرصيد ليبيا المعماري .. رصيد رسمته التقاليد الصادقة للحرفية ووضعت مواثيقه أخلاق التراحم والاحترام .

كتبت ما كتبت لأسأل مدارس العمارة في ليبيا وممارسي العمل المعماري، لكم في المعماري الإيطالي الزائر Florestano di Fausto مثال يحتذى به فهو أدرك بكل تقدير قيمة رصيد التقاليد وعشق أسراره ودأب طيلة ثمان سنوات عمله بحثاً عن عمارة يمكن للمكان في ليبيا أن يودعها سره .

فاحذروا قد ترحل أسرار المكان إلى الأبد وسنظل تائهين حيارى بحثا عن الانتماء الضائع.

الخميس، يناير 17، 2013

بيت جدي ليس الدوبلكس... والأسطى لم يكن عمي!




جمال الهمالي اللافي

في فترة السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي ظهر في تصميم البيوت الليبية نموذجاً جديداً- عرفناه جميعنا- تحت مسمى" الدوبلكس".

هذا النموذج الذي تهافت عليه الليبيون بصورة ملفتة للنظر وأصبحت كل شوارع طرابلس والمدن الليبية الأخرى لا تحلو في أعينهم إلاّ بوجوده الفاره. ولأجله هدمت الكثير من البيوت القديمة كي يتوج على أنقاضها كنموذج للبيت الليبي المعاصر.

والغريب في الأمر أن نموذج الدوبلكس بشكله المميز في ذلك الوقت من خلال الشفرات الخرسانية التي تعرّف بسلالم البيت كعنصر مسيطر على واجهاته، لم يأت كتقليد لعمارة الحداثة في الغرب، بل جاءنا عبر المقاولين السوريين.


أي أنه كان إفرازاً لسطوة هذا المقاول الدخيل ومدعوما بتطفل المساح الليبي على معترك التصميم المعماري، في مقابل انحسار القيمة الفكرية والمعنوية للمعماري في السوق الليبي، هذا المعماري الذي لم يستطع أن يضع له قدما على الأرض مثلما لم يستطع أن يغرس الثقة في كفاءته كمصمم في عقلية المواطن الليبي.
وهنا أطرح سؤالي الأول: لماذا لم يستطع أو يتمكن أو يحاول المعماري الليبي في تلك الفترة بسط شرعيته كمصمم ومشرف على تنفيذ مبانيه؟

لنترك هذا السؤال جانبا ونستمر في سرد موضوعنا.

في أواسط التسعينيات ومع إطلالة الألفية الثالثة وبعد مضي 20- 25 عاماً على ظهور هذا النموذج السكني بدأنا نرى انحسارا لهذا النموذج قابله انحساراً آخر لسطوة المقاول السوري، قادها بكل شجاعة واقتدار المعماري الليبي الذي ظهر إلى الساحة في منتصف الثمانيات وبداية التسعينيات من ذلك القرن المنصرم عقوده.

صحيح أنه تأخر قليلا حتى أثبت وجوده. وصحيح أن ظهور فئة المستثمرين في العقارات كان له دور كبير في تغليب كفة هذا المعماري على كفة المقاول. ولكنه في النهاية استطاع أن يفتتح الألفية الجديدة بانتصارات لم تتوقف على صعيد تثبيت قدميه على الأرض وزراعة ثقة عمياء في عقلية المواطن الليبي.
وهنا أيضا نطرح سؤالاً آخر: لماذا نجح معماريو منتصف الثمانينات ومن بعدهم، فيما فشل فيه الرعيل الأول منهم( جيل منتصف السبعينيات)؟
من أعمال المعماري عصام عاشور

الموضوع لم يقف عند هذا الحد. فلنواصل ما هو أهم من هذا السرد التاريخي. وأنا هنا لست بصدد التأريخ للحركة المعمارية في ليبيا، فهذا ليس من شأني ولا يقع ضمن اهتماماتي.

ما دفعني لطرح هذا الموضوع، هو أنني مررت بمنطقة فوجدت جرافة" الكاشيك" يقوم بهدم أحدى تلك الدوبلكسات التي نوهنا عنها، وكان جميع أهالي المنطقة يشاهدون هذا الحدث دون أن يتحرك لهم ساكناً. فسألت نفسي كيف يتم هدم مبنى لم يتجاوز عمره الزمني العشرون عاماً، دون أن نراجع أنفسنا لماذا فعلنا ذلك؟

نعم، لماذا بدأنا نشاهد عمليات هدم واسعة النطاق لنموذج الدوبلكسات في أغلب المدن الليبية، رغم أنه كان مكلفاً في تنفيذه على مستوى الحجم وعلى مستوى كمية الخرسانات التي صبت فيه وعلى مستوى الأموال التي صرفت عليه؟

ولماذا لم يستطع هذا النموذج إقناعنا بأهليته كمسكن يصلح لأن يدوم لفترة أطول؟ شأنه في ذلك شأن نماذج أخرى سبقته بقرون واستطاعت أن تفرض نفسها، على مستوى الشكل والوظيفة والتعاطي مع ظروف البيئة المناخية المحلية، إلى وقتنا الحاضر، حتى وصل بها الحال أن تمّ تشريع قوانين لحمايتها وتأسيس منظمات لرعايتها والحفاظ عليها ونشأت في رحابها مدراس ومناهج تعنى بدراسة تاريخها وسبل ترميمها وإعادة إحيائها.
إجابة هذا السؤال سأتركها لكم.

لأن ما يهمني من طرح هذا الموضوع ليس هذا السؤال، بل الذي بعده.
حوش القره مانللي- تصوير أحمد السيفاو

أخي المعماري الليبي، هل تضع ضمن توقعاتك أن يكون مصير النماذج التي تقوم بتصميمها وبدأت مجموعة كبيرة منها تظهر معالمها على أرض الواقع لتحتل وبقوة مكانتها كنموذج ملهم ليس فقط لليبيين ولكن أيضا للكثير من المعماريين على المستوى المحلي، وربما تلقفتها صفحات الإنترنت لتكون ملهمة لغيرهم، هو نفسه مصير" نموذج الدوبلكس"؟

وهل سيصمد طويلاً أمام سطوة تيارات أخرى من التفكير المعماري؟ أم ستسحقه تصاميم جديدة لتقف على أنقاضه؟
ولا ندري هل سيكون أصحابها ليبيون. أم سيكونون هم أيضا قادمون وبقوة الإقناع والتأثير من خارج الحدود؟

أم تراك قد استطعت بوعي وإدراك أن ترسخ لنموذج مثالي هو الآخر، يحمل بصمتك، ويضاف إلى ما سبقه من نماذج سجلها التاريخ المعماري على أنه قد نجح من حيث كفاءته الوظيفية والمناخية، مثلما عبّر وباقتدار عن هوية وثقافة بيئتنا المحلية؟

الثلاثاء، يناير 08، 2013

تأملات في المعمار




جمال الهمالي اللافي

الفرق بين من يعتمد في تصميماته على منطلقات العمارة الكلاسيكية، وبين من يطارد آخر الصيحات في عالم العمارة.

كالرجل الذي يبني بيته من الحجارة ويحتسبه للزمن ليقيم فيه هو ومن بعده أبناؤه وأحفاده.

والطفل الصغير الذي يفرح بألعاب التركيب وألوانها الزاهية، يصنع منها كل يوم شكلا يعجبه، ثم سرعان ما يمل منه ليرميه بعيدا، ثم يعود ليبني شكلا آخر وهكذا، حتى يرهقه التعب ويأخذه النوم. وعندما تنظر لأثره لا ترى إلاّ الفوضى والحطام.


أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...