الجمعة، نوفمبر 29، 2013

مدرسة عثمان باشا الساقزلي







م. فطيطيمة الفيتوري


مقدمة :
تقوم هذه الدراسة على أساس الدراسة الميدانية لمدرسة عثمان باشا الساقلزي بمدينة طرابلس القديمة والتي انبثقت عن المشروع المقترح لإعادة ترميم و صيانة هذه المدرسة . واعتمدت في دراستي الأولية هذه على الرفع الميداني للمدرسة وعلى بعض المصادر المتاحة حول هذه الدراسة .. وتتسم هذه الدراسة الميدانية بالوصف لمكوناتها وعلاقاتها بالمدارس الإسلامية بوجه عام وبالمدارس التي بنيت في العصر التركي بوجه خاص وخصوصيات المدارس في المدينة .


نبذه تاريخية :
انشأت مدرسة عثمان باشا سنة 1065هجرية، 1654م و قد قام بإنشائها عثمان باشا الساقزلي أثناء فترة توليه حكم طرابلس ما بين 1641 – 1672 م وهو ما نجده مؤكدا كتابيا على اللوحة التذكارية الرخامية أعلى المدخل الرئيسي للمدرسة . و قد اتصف عثمان باشا بالعدل و الإنصاف بين الأهالي في بداية توليه الحكم و لقد قام بإنشاء العديد من المرافق المدنية و العسكرية بمدينة طرابلس منها سوق الرباع – الفندق الكبير – الفندق الجديد – مسجد أو مدرسة لتعليم العلوم وأوقف عليها أوقافا جمة.

ثم توجهت همته و كما جاء على لسان أحمد بك النائب الأنصاري في كتابه " المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب " لتجديد القلاع و عمل الأساطيل فبلغت من الاستفادة و الإتقان و الاستعداد ما لم تصله أساطيل من قبله فعظمت صولتهم و قويت ريحهم في بسائط هذا البحر و امتدت شوكتهم و لما تكن من الولاية أساء السيرة و كلف الأهالي فوق طاقتهم من أنواع الضرائب و فرض البضائع أموال الغنائم عليهم برفع الأثمان على وجه الغضب والإكراه في الشراء والبيع و انتهى الأمر به إلى أن حاصره الجند في القلعة وقابلوه من برج التراب واستمرت الحرب ثمانية أيام حتى قام بتسليم نفسه في اليوم التاسع وتوفي.


الموقع :
تبرز أهمية المدرسة في موقعها الذي يمثل نقطة هامة في إطار المكونات المعمارية لمدينة طرابلس فنرى أن المدرسة تقع في نطاق المنطقة البحرية العامة و تتمتع بساحات واسعة أمامها و كما هو موضح بالشكل المرفق (1) فإنها تقع على إحدى المحاور المهمة لأحد المداخل العامة للمدينة من الناحية البحرية وهو باب درغوث و الذي أطلق عليه حديثا باب معمر كما يطل المبنى على ساحة السيدة مريم بمرافقها التجارية و الدينية و تشترك المدرسة مع جامع درغوث باشا في المحور الرئيسي المؤدي للمدينة و بالتالي يعتبر المسجد و المدرسة معلمان رئيسيان لمكونات هذا المحور العام وكما نلاحظ في معظم المدن الإسلامية تمركز المدارس بالقرب من المراكز التجارية و الثقافية والدينية و بالتالي فإنه من المحتمل أن هناك مرافق أخرى مهمة ( تجارية أو ثقافية ) أحاطت بالمبنى في السابق ذلك أن المصادر ومنها التجاني في كتابه " رحلة التجاني " تشير إلي وجود مباني هامة مثل الجامع الأعظم والمدرسة المستنصرية وغيرهما في نفس المنطقة .

المبنى :
شيدت المدرسة على أساس فكرة الفناء الداخلي المربع و المحاط بالأروقة و الخلوات ثم المسجد الذي جاء في إحدى أركان المربع و كما هو موضح بالشكل للمسقط الأفقي (2) فإن المدخل الرئيسي للمدرسة يطل مباشرة على شارع درغوت باشا و قد ظهر العنصر الأكثر أهمية و وضوحا في الواجهة البسيطة التكوين لوجود إطار رخامي معقود بطول 2.62 متر و عرض 1.41 متر و رغم البساطة التي اتسمت بها الواجهات و تأييدا لرأي غاسبري ميسانا في كتابه " المعمار الإسلامي في ليبيا " ص238 فإن قبتا الضريح و المصلى جاءت متعارضة مع هذه البساطة و يبدو ذلك واضحا في كبر حجمهما و العناصر الزخرفية التي تحويهما من تضليع و أقواس و أعمدة تلفهما كما هو موضح بالرسم المرفق شكل (5) .



مكونات المبنى :
1. ردهة المدخل ..
عبارة عن فراغ مربع الشكل 3.20م x 3.20م مسقوف بقبة ارتفاعها 6.50م ترتكز على شكل ثماني و أربعة أعمدة ركنية , و تتصل ردهة المدخل مباشرة بالفناء الداخلي بواسطة فتحة ذات إطار رباعي معقود وحيد في شكله بالمدرسة كما يوجد على جانبي المدخل جلسة بها أربعة تجاويف سفلية على شكل قوس كما توجد لوحة خشب مستطيلة بعرض الباب في أعلاها زخرفة نباتية و يوجد مثلها في كل أبواب المدرسة مع اختلاف وجود الزخرفة من عدمها .


2. الفناء ..
يتوسط الفراغات و يتكون من أربعة أروقة ذات أسقف قبوية ( نصف اسطوانية ) كما هو موضح بالقطاعات المرفقة .. و توجد عند نقطة التقائها قبة صغيرة و تحيط بالفناء بائكات على شكل زهرة اللوتس و اثنان تيجانهما على الشكل الدوري و الآخر عمود ركني بدون تاج على حافة جدار بيت الصلاة . ويتوسط الفناء حوض حجري مسيج بألواح خشبية أبعاده 3.40م × 3.10م به شجرة الحنة وهي قديمة جداً وارتبط وجودها بالمدرسة في أذهان الناس وأصبحت معلم من المعالم بالمنطقة وقد أورد غاسبري ميسانا في كتابة المذكور سالفاً أن مدرسة عثمان باشا هي الوحيد في طرابلس التي لها بركة في وسط الصحن ومكونة في الأصل من المرمر الرفيع الصنع ولكنها اليوم صارت مجرد حوض مصنوع من البناء الحجري ..

3 . بيت الصلاة..
يقع بيت الصلاة في الركن الأيمن من الفناء ويتم الاتصال به بواسطة ردهة مريعة الشكل ذات قبة بسيطة ترتكز على أربعة حنايا ركنية ويتكون بيت الصلاة من الفراغ مربع الشكل بأبعاده (5.00م×5.00م) ذو قبة مركزية مرتكزة على منطقة انتقال ذات شكل عثماني بارتفاع (0.93 ×1.60م) وأربعة نوافذ صغيرة علوية أعلى المحراب كما يوجد ثلاث خزائن حائطيه لحفظ الكتب أما الأرضية فهي مغطاة بألواح خشبية و أثناء الصيانة تم الكشف عنها ووجدت عبارة عن قطع حجرية منتظمة الشكل و إلى أن بيت الصلاة هو المكان الذي تقام فيه الصلوات الخمس فإنه يستعمل أيضا في إعطاء الدروس الدينية و التربوية و تعليم القواعد الإسلامية , و قد توارث التدريس فيه العديد من الشيوخ ذوي الشهرة مثل الشيخ عمر الجنزوري الذي توفاه الأجل في الفترة القليلة الماضية و غيره من الشيوخ الذين تم تعليمهم في المدرسة ذاتها و استكملوا تعليمهم في المدارس و الجوامع في الأقطار المجاورة ( كالجامع الأزهر بمصر و جامع الزيتونة بتونس ) .

4. الكتّاب ..
يقع الكتاب في الركن الأيسر من الفناء و في نهاية ممر مسقوف بقبو نصف اسطواني مستطيل أبعاده 6.600*3.30 م به نافذتان احداهما تطل على ساحة السيدة مريم و الأخرى على الممر المؤدي للكتاب أما المدخل فهو ذو عقد على شكل حدوة الفرس و هو الوحيد في شكله بالمدرسة و قد استعمل الكتاب و لا زال إلى يومنا هذا في تعليم الأطفال مبادئ القواعد الدينية و حفظ القرآن الكريم .

5. الخلوات ..
تحتوي المدرسة على 15 خلوة و كما موضح بالمسقط الأفقي تطل معظمها على الفناء الداخلي مباشرة عدا واحدة أمام الكتاب .. و جميعها موحدة الشكل لها أبواب ذات عقد نصف دائري رخامي و حوله إطار بارز يعلوه كرنيش بلون يميل للحمرة , مساحة الخلوة الواحدة في حدود 3.20م *3.20م تقريبا .. لها أسقف قبوية الشكل في اتجاه عمودي على أضلاع الفناء و بكل خلوة سده سفلية و معظمها تحتوي أيضا على سدة علوية و تشغل السدة السفلية أكثر من نصف مساحة الخلوة بارتفاع 1.00 م تقريبا , أما السدة العلوية فتشغل المساحة الباقية للخلوة أعلى المدخل و يتم الصعود إليها بواسطة قائمة خشبية بها دعامات خشبية بين مسافة و أخرى في لسدة , انظر إلى الشكل ( 6 ) .

كما توجد في معظم الخلوات نافذتان واحدة سفلية والأخرى علوية إلى جانب بعض الكوى العلوية التي تستعمل في وضع فوانيس الإضاءة و أيضا الخزائن الحائطية لوضع الكتب أما الفراغ السفلي للسدة فعادة يستعمل للتخزين من قبل الطلاب الذين يتلقون التعليم في المدرسة أو المدارس المجاورة مثل مدرسة جامع أحمد باشا القره ماني لأن الطلاب عادة ما يأتون من أماكن بعيدة و من ضواحي المدينة للإقامة في الخلوات .

ويوجد أيضا مرافق خدمية بالمدرسة مثل الميضأة التي تقع في الجهة اليسرى للمدخل و تحتوي على مرحاضين و على الجانب الآخر يوجد خزان ماء مستطيل مثبت على جدرانه قطعة رخامية عليها زخرفة نباتية منحوتة , و هي منظورية بالنسبة للمدخل و مثبت عليها صنابير مياه تستعمل للوضوء .

وحجرة أخرى تستعمل للاستحمام متصلة بحجرة صغيرة فيها البئر إلى جانب فراغات الميضأة توجد حجرة تستعمل كمطبخ خاص بالطلبة المقيمين به نافذة صغيرة تطل على شارع درغوت و قد اتضح بعد إطلاعنا على الخرائط القديمة و الصور التي تم العثور عليها في مصلحة الآثار أن فراغ المطبخ قد استقطع من الحمامات في العهد الإيطالي و أن المطبخ قد استحدث و كان موجودا عوضا عنه أربع دورات مياه .

ومن مكونات المبنى ضريح مؤسس المدرسة الملاصق لبيت الصلاة الذي يشمل أيضا قبور بعض أفراد أسرته (12 قبرا ) و الضريح مربع الشكل تسقفه قبة تشبه قبة بيت الصلاة عدا أن إحدى الفتحات المعقودة مفتوحة للإضاءة و التهوية , تحوي الحجرة على ثماني نوافذ سفلية بأبعاد متقاربة 2.10 * 1.30 م , أما المدخل فهو من الرخام و على شكل عقد دائري غير متكامل عليه ثلاثة أجزاء زخرفية هذا إلى جانب أن كل القبور محاطة بألواح رخامية عليها زخرفة نباتية منحوتة و يعلوها شاهد رخامي تعلوه عمامة من الرخام .

ويلي حجرة الأضرحة مقبرة مفتوحة بأبعاد 8.80م * 15.00م تحوي بعض اللحود و بها شجرة زيتون كبيرة الحجم و يبدوا أنها قديمة جدا و يحتمل أن يعود تاريخ إنشاءها إلى ما قبل فترة إنشاء المدرسة , بجانبها توجد حجرتان أضيفتا في الفترة الأخيرة و بعد معاينة مكوناتهما و الاستماع إلى أحاديث الناس القدامى في المدرسة فقد أتضح أنهما استعملتا لغسل الموتى و في الجهة المقابلة و بعرض الفناء توجد ثلاثة عقود حجرية مختلفة الأحجام احدهم مقابل مدخل الفناء مباشرة إلى جانب وجود نافذتان احداهما تطل على شارع درغوت و هي مطابقة لشكل نوافذ الأضرحة في الواجهة الرئيسية و النافذة الأخرى تفتح مباشرة على إحدى حجرات المنازل المجاورة , و ما يسترعي انتباهنا هنا .. هو أن الاتصال بين البيوت – و التي لها خصوصيتها – و المباني العامة ,غير متعارف في المدينة القديمة .






لمحة عن المدارس العربية الإسلامية و نشأتها :
كانت حلقات التعليم تنظم في أماكن شتى كالمساجد و منازل العلماء و دكاكين الوراقين و الكتاتيب و القصور و مجالس الأدب , و لأسباب مذهبيه قامت فكرة إنشاء المدارس بالمشرق تهدف إلى مقاومة الدعوة الشيعية التي بثها البويهيون بالعراق و فارس و تدعيم قواعد المذهب الأشعري و كذلك فعل الأيوبيون بعد قضائهم على الحكم الشيعي بمصر إذ أسسوا مدارس لنشر المذهب السني بين الأهالي في وقت قصير .. لذلك بدأت هذه المدارس في الإنتشار و هيأت فيها لحسن الظروف لتلقين العلوم الشرعية و اقبل عليها المدرسون لضمان المرتب المادي و الطلبة لإمكانياتها في التعليم و المسكن و الغذاء حتى تغلغلت مكانها في نفوس العامة فسمحت بإدخال علوم أخرى كالطب و الفلك و الرياضيات و غيرها (1) . ومن خلال المقارنة بين عدة مدارس عربية وجد ما يلي :

أولا _ من ناحية الموقع :
حيث أن المدرسة وظيفة عامة و تؤدي خدمة التعليم للمجتمع لذا ثم وجود مرتبط بأماكن تمركز السكان .. أي أن المدرسة و كما هو واضح في معظم المدن الإسلامية , و تمثل عنصرا من عناصر تكوين مركز المدينة كالخانات و الوكالات و الأسواق و الجوامع و التي غالبا ما تكون لها صلة مباشرة بها .. ( نلاحظ ذلك جليا في مخطط مدينة أصفهان كما ورد في كتاب sense of unitg لصاحبه نادر .

ثانيا _ من ناحية المبنى :
للمدرسة فراغات رئيسية مكونة منها الإيوانات و التي فيها تتم المطالعة و إعطاء الدروس كمجموعات و في بعض المدارس توجد قاعات للمطالعة بدلا عنها و تكون واضحة في المسقط الأفقي و أيضا مرئية و واضحة للمستعمل . و غالبا ما يكون بيت الصلاة أو الجامع عنصرا هاما و يشتغل جزءا رئيسيا و واضحا في المسقط الأفقي و الواجهة , كما أن هناك علاقة واضحة تتمثل في محور يبدأ بنقطة المدخل و ينتهي بكتلة رئيسية و عادة تكون بيت الصلاة أو إيوان أو قاعة المطالعة .
و من الفراغات الرئيسية الأخرى .. الخلوات و هي عبارة عن حجرات صغيرة تستخدم لسكن الطلبة القاطنين خارج المدينة , هذا الى جانب الفراغات الخدمية و التي تختلف من مدرسة إلى أخرى . و الجدير بالذكر أن المسلمين قد اهتموا بتنسيق الفناء ( الصحن ) و إدخال عناصر نباتية و الماء و أيضا استعمال المناسيب في توزيع تماثلي , يتبع توزيع الفراغات المحيطة , كما هو واضح في مدرسة الفردوس بالعراق و اهتم المسلمون الأتراك العثمانيون أيضا بالزخارف التي استحدث من الطراز العراقي الفارسي و إنشاء القباب المتعددة الأشكال , و التي اتخدوا طريقة بناءها عن البيزنطيين (2) .

النتائج :
1. مدرسة عثمان باشا هي الوحيدة في طرابلس من حيث استقلاليتها و وضوح علاقتها و أيضا بساطة عمارتها .
2. التعليم سابقا كان يعتمد على طريقة النقاش ( الحلقات ) , و لذلك نجد حجرات المطالعة و الايوانات , التي يتم فيها تلقي الدروس و التي تختلف في حجمها عن بقية الفراغات الأخرى , ومن هذه النتيجة اتضح أن الخلوة في الركن الأيمن ( كما موضح بالمسقط رقم 2 ) و التي حجمها أكبر من بقية الخلوات كانت سابقا كتاب (لتعليم القرآن ) و هو ما أكده أحد الرواد في المنطقة .
3. عدم اكتمال الشكل المربع للفناء جهة الأروقة في الركن الأيمن من المدخل لبروز كتلة بيت الصلاة عليه فكانت القبة الصغيرة الموجودة في الأركان الأربعة على نهاية الرواق .
4. من خلال إطلاعنا على الوثائق القديمة و الصور الموجودة بمصلحة الآثار اتضح أنه طرأت بعض التغيرات على المدرسة في فترة الاحتلال الإيطالي , منها :
أ‌. استقطاع مرحاضين و عمل مطبخ بدلا عنهما .
ب‌. خزان المياه يشغل مساحة أكبر مما موجود عليه حاليا .و هذا يفسر وضع اللوحة الرخامية المقابلة للمدخل , حيث أنها تظهر مختلفة عن البقية من حيث شكل الزخرفة و مكانها .
ج. فراغ الميضئة و حجرة البئر كانت فراغ واحد و لا يوجد فاصل كما هو الآن .
د. تغيير طفيف على حوض شجرة الحناء .

وبعد إجراء عملية الكشط من جزء من حوائط المدرسة أثناء فترة الصيانة التي قام بها المشروع اتضح وجود أثار بعض الفتحات على امتداد طول الحائط أمام حجرة الأضرحة و الملاصق تماما لمبنى سكني , و منه يتضح احتمال وجود علاقة بينهما من حيث توزيع الفراغات و الأقواس داخل الحجرات للبيت و أيضا تشابه مواد البناء و سمك الحوائط و انخفاض منسوب أرضية البيت الذي يدل على قدم بنائه .

وأيضا وجود فتحات مستطيلة صغيرة في الحوائط الخرجية للمدرسة و مقارنة لسمكه , فإننا نجده يصل الى 80 سم و هو سمك كبير نسبيا بالنسبة لمبنى مكون من دور أرضي فقط بينما الحوائط الداخلية تتراوح بين 56 – 75 سم .

مما سبق ذكره نستخلص أن المدرسة قد شيدت على أنقاض مبنى آخر غير معروف الهوية.




المراجع:
(1) الطاهر المعموري , جامع الزيتونة( مدارس العلم في العصرين الحفصي و التركي) . الدار العربية للكتاب , ليبيا / تونس , سنة 1980 .ص 70 – 80 .
(2) ما تم ذكره مستخلص من مقارنة لعدة مدارس مأخوده عن المرجع
Turkish Art and
Ok tag Aslanaqa Architecture
Praeger publy shers, New york London Washington 1971 ))
ص 84-116 – 124 – 125 – 127 – 128 – 130 –أشكال 48 – 50 – 51 – 52 – 53 – 54 – 55 – 56 – 57 .



المصدر/ مجلة آثار العرب / العدد السادس / الربيع (مارس ) 1993م )

الأربعاء، أكتوبر 23، 2013

في تأبين الإمبراطور الأخير في لبدة الكبرى




عالم الآثــار الليبي، وفخر الأمــة الليبية.
المرحوم الأسـتـاذ / عمر صالح المحجوب

 
عالم الآثار/ عمر صالح المحجوب


سرد الأستاذ/ يوسف أحمد الختالي


 الســـيرة الذاتية:
الإســــم: عمر صالح المحجوب
تاريخ الميلاد : سنة 1923 م.
مكان الميلاد : الخمس/ لبدة الكبرى.
المستوى الدراسي : دراسة في كتَاب الخمس فقط لحفظ القرآن الكريم واللغة العربية.- شهادة ابتدائية ( عربي / إيطالي ) من مدرسة الخمس.
تاريخ الالتحاق بالعمل : سنة 1938 م.

التسلسل الوظيفي :
·                    وظيفة إدارية في مكتب آثار لبدة- من سنة 1938 م إلى سنة 1954.
·                    وظيفة فنية (ملاحظ) في نفس الإدارة- من سنة 1954م حتى سنة 1969م.
·                    وظيفة رئيس مكتب أثار لبدة من 01/10/1969م حتى 29/04/1973م.
·                    مراقب أثار لبدة من 29/04/1973م حتى 01/10/1990م. حيــث أحيل إلى التقاعد.
·                    مستشار لمراقب أثار لبدة لمدة عامين.

الدورات التدريبية والمــؤتمــرات العلمية :
·                    التحق بدورة تدريبية في مدينة فيرونا في إيطاليا في ترميم الآثار سنة 1963م.
·                    اشترك في مؤتمر دولي لدارسة الفسيفساء في مدينة رافينة في إيطاليا.
·                    اشترك في ندوة في المركز الدولي لصيانة الممتلكات الثقافية بروما في سنة 1978م.
·                    شارك في دورة في ترميم المعالم الأثرية بمدينة أتكونا بإيطاليا
·                    شارك في المؤتمر الدولي لآثار البحر الأبيض المتوسط بمدينة مرسيليا في سنة 1988م.
·                    شارك في العديد من المؤتمرات الأثرية المحلية والعربية.

أعمال الترميم والصيانة بمراقبة آثار لبدة :
الإشراف على ترميم مدينة لبدة وخاصة حلبة المصارعة (الميدان المدرج) ودارة سيلين بمنطقة سيلين.

أعمال الحفائر :
·                    القيام بحفائر الميدان المدرج بمدينة لبدة.
·                    القيام بحفائر دارة سيلين بمنطقة سيلين.
·                    شارك في حفريات فيللا حمامات الصيد . وهو يؤمن إيمان كامل بأنها فيللا وليست حمامات خاصة لإحدى نوادي الصيد كما يعتقد جون ورد بيركنز العالم الإنجليزي.
·                    المشاركة في حفائر ميناء لبدة القديم بالخمس والدارة التي كانت اسفل مدرسة إبراهيم الرفاعي.
·                    الإشراف على الحفائر الطارئة التي تظهر بالمراقبة مثل المقابر و الدارات وغيره.

أعمال المتاحف :
·                    أشرف على إعادة تنظيم العرض في المتحف القديم (الإيطــالي) لمدينة لبدة الكبرى.
·                    المشاركة في دراسة وعرض متحف لبدة الجديد.
·                    تأسيس متحف خاص للفسيفساء المستخرجة من لبدة العتيقة ، وكان ذلك أخر أحلامه وقد تحق الآن بالفعل.

النشر العلمي:
·                    كتب موضوعات مختلفة في مجلة ليبيا القديمة عن الحفائر الأثرية.
·                    أشرف على الجزء الخاص بدراسات المساجد في منطقة الخمس في الموسوعة الإسلامية.
·                    نشر كتاب مصور عن تقريره الأولي حول فسيفساء فيللا وادي يـاله " سيــلين".

البعثات الأجنبية :
·                    اشرف إشراف كامل على البعثات الأجنبية العاملة في المراقبة سواء أعمال الحفائر أو الترميم أو التسجيل.
·                    شارك برأيه وخبرته الفنية والعلمية في أكثر الأعمال الأثرية في مراقبة آثار لبدة وغيرها من المراقبات.

وكان الأســــتاذ عــمر المـــحـجوب رحمه الله، يمتاز بالأخلاق العالية والإخلاص في عمله وحبه للآثار والتاريخ، ذو خبرة عالــية في مجالات الآثار المختلفة، وذوق رفيع في العرض المتحفي.

أصبح منذ ســـبعينات القرن الماضي مــرجعــا أسـاسيا لكل باحث في مجالي الأثار والتاريخ الليبيين، وهــكذا نجد منذئذ معظم منشورات الباحثين الليبيين والجانب لا تخلو من ذكر اسمه كمصدر علمي.

خـــلال فترة مراقبته، سجلت مدينة لبدة في منظمة اليونسكو كإحدى معالم التراث العالمي التي يجب المحافظة عليها نظراً لأهمــية تاريخها العظيم ومبانيها الخالدة ودورها الحضــاري في مســيرة البشـــرية.

أحب لبدة الكبرى– ولا يزال قدوة لنا في محبتها– وعمل جاهدا على حمايتها من الأخطار بالآثار، ودافع عن كنوزها في أكثر من موقف يشهد له التاريخ، مثل تلك الحادثة التي حصلت بعد انتصار الحلفاء على الأراضي الليبية وأراد أحد الجنود الإنجليز تسلق عمود من الجرانيت في الميدان القديم بالمدينة العتيقة لكي يعلق عليه علم بريطانيا، منعه الأستاذ المرحوم عمر المحجوب من القيام بذلك وأمره أن ينزل فورا، فمن كان يقدر أن يفعل ذلك مع منتصر يمثل دولة عظمى ولا تزال خمر الانتصار تداعب رأسه.

كما أخبرني يومــا، رحمه الله – أنه خاض نقاشا طويلا ومريرا مع البعثة الألمانية التي تعمل في وادي لبدة، لكي يمنع رئيسها " زيجرت" من تحويل فسيفساء المجالد الصريع من مكانها في فيللا وادي لبدة، إلى متحف الفسيفساء .

شارك بجهده وعلمه وخبراته محليا ودوليا في إظهار أهمية الآثار الليبية عامة، ومدينة لبدة خاصة. وأفـــاد بعــلمه الغــزير أجيــالا من بعده، سوف لن تنسى له جميل أعمالــه.

أحب المرحوم علم الآثـار، مثلما يحب أن يعلمه - ولقد نهلنــا الكثير من علمه الغزير، ما كان يحتكر فكرة واحدة لنفسه وإنني على يقين، أن الكثيرين من العلماء الأوربيين والأمريكان قد أخذوا عنه الكثير وأشاروا إلى ذلك في منشوراتهم.

توفي الأستاذ عمر صالح المحجوب، في مـديـنة الخـمس- في يـوم الأحد 6 رمضان-  الموافق 11/10/ 2002 م.



المصدر/ صفحة الأستاذ يوسف أحمد الختالي على الفيسبوك
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10201151326760059&set=a.10200475527105490.1073741828.1076504439&type=1&theater&notif_t=like

الاثنين، أكتوبر 07، 2013

تأملات في المعمار

مدينة غدامس


جمال اللافي

        تحت سقف الجريد، حيث تستظل به دروبها الملتوية من شمس سكنت صحراءها الحارقة. وخلف جدرانها التي نمت من تربتها وصنعت خصوصيتها المتفردة عن كل المدن الأخرى. وبين بساتين النخيل التي تحتفي بجمالها. ووسط بيوتها المخضبة بحمرة الرمان وتشرق ببهجة المرايا،  كانت لي وقفة على أبوابها أناجي طيفاً زارني في منامي ودعاني إلى هناك للقاء.

وهناك انصهرت روحي بروحها وتشكل المزيج من دم وماء أصلهما تربة وطين، يجمعهما وطن وانتماء، بين معمار وعمارة، بين شوق وحنين، سجلتها رحلة كانت لها بداية وعلاقة لن تعرف لها نهاية.

استمرارية التراث الاجتماعي والثقافي الغدامسي

  

د. فتحي رجب العكاري

تميزت مدينة غدامس في ليبيا عن بقية المدن الليبية بتركيبة اجتماعية و نمط حياتي فريد تداخل فيه الأساس الشرعي الإسلامي مع المنظومة العرفية والاجتماعية والبيئية لمنطقة غدامس بشكل لم ولن يتكرر في غيرها. وهنا بيت القصيد فالقيمة في المحافظة على هذا التراث باعتباره القيمة الحقيقية في المشروع و بالتالي يجب أن نركز على عوامل استمرارية هذه الظاهرة بتوفير كل الظروف اللازمة لبقائها واستمرارها واستثمارها والاستثمار فيها.

داخل أحد البيوت

وننطلق في هذا الشأن عبر محاور مختلفة منها الآتي:

أولا: محور التخطيط العمراني في مدينة غدامس/
يتمثل هذا المحور في استحداث مخطط عام للمدينة يحوى عدة أحياء تحيط بالمدينة على شكل هلال، ويتم تخصيصها للقبائل التي كانت تقطن غدامس وبنفس النمط والتركيبة الاجتماعية و بالتالي نحافظ على النسيج الاجتماعي واللهجات والتقاليد والعادات. فالذي حدث عندما أنشئت المدينة الجديدة كما نراها الآن لم تراع العلاقة الاجتماعية بين الشوارع القديمة في تخطيط الشوارع الحديثة وبالتالي حدث الخلط والاختلاط بين مكونات التركيبة الاجتماعية لأهالي غدامس، وإذا اضفنا لهذا الارتباك قدوم سكان جدد من خارج المدينة سوف نعرف حجم تأثير الانتقال من المدينة القديمة على العادات و التقاليد. وفى كل دول العالم يسبق التخطيط العمراني دراسات اجتماعية تؤسس لأسلوب التخطيط. فالعلاقات بين الجيران وتركيبة الشارع والمدرسة تساهم في بناء الشخصية الاجتماعية للمواطن، فهي تتحكم في أنماط السلوك وتفرز الأعراف والعادات والتقاليد. أما اختلاط الحابل بالنابل فإنه يكدر العلاقات ويفرز الانحرافات في السلوك وبالتالي يدمر النسيج الاجتماعي. والتخطيط العمراني السليم يبنى على الموروث ويحافظ عليه فالهيكلية العمرانية والاجتماعية هي جزء من ذاكرة المجتمع ينبغي المحافظة عليها.

ثانيا: محور تثبيت المشروع الثقافي الغدامسي بغدامس/
ويعنى هذا المحور بتمحيص و تحقيق التراث الغدامسي و تثبيت الصحيح منه في كتب مثل،

دليل سياحي علمي مفيد:
من خلال الزيارة يلاحظ المرء اختلاف في اجتهادات بعض الأخوة القائمين على التعريف بتاريخ وتقاليد المدينة. والحل يكمن في تحقيق المعلومات و البيانات وتوثيقها وتعميمها على الجميع. وفي بعض الحالات يقع بعض الأخوة ممن يقومون بعمل الدليل السياحي في أخطاء فادحة لغياب الدليل السياحي المؤهل علميا والقادر على استخدام اللغات الأجنبية. علماً بأنه توجد مبادرات طيبة في هذا المجال.

زخرفة المباني والمساجد:
وأذكر هنا أني سمعت أحدهم يصف بعض الزخارف على أنها من الموروث المسيحي للمدينة و نبهته على الفور إلى خطأ ما يقول بالدليل، فغدامس بعد أربعة عشر قرناً في الإسلام لا تحتوى في ثقافتها على موروث مسيحي يحمل في طياته فكرة التثليث. و الواضح لي هنا هو محاولته مجاملة السياح على حساب دين أهل البلدة.

كتاب منهجي للمرحلة الثانوية:
وهذا المشروع يعنى بتأليف كتاب مدرسي بعنوان "مجتمع غدامس" يدرّس لطلاب المرحلة الثانوية في غدامس وما حولها يغطى الجوانب الجغرافية والتاريخية والاجتماعية للمدينة بما يضمن انتشار المعلومة الصحيحة بين الناس فيها، كما يمكن بيعه في المكتبات للمهتمين بهذه الثقافة.

أما بالنسبة لبقية المدارس الليبية فيمكن إضافة بعض المواضيع من ضمن مادة القراءة بحيث تتناول هذه الجوانب وتؤسس لبعث الرغبة في حب التعرف لديهم على غدامس.

كتاب نشاط مدرسي:
وهذا الكتاب يعنى بالزخرفة والفنون الغدامسية ويمكن أن يستخدم في مدارس غدامس لصقل المهارات الفنية للتلاميذ والحفاظ على الموروث الفني الشعبي الغدامسي، كما يمكن أن يستخدم كمادة تثقيفية ونشاط فني في أوقات الفراغ.

زخرفة المباني والمساجد قبس من تاريخ غدامس الحديث بمتحف المدينة

وتتميز غدامس ببعض الزخارف و الرسومات المستعملة في المباني القديمة وبمجموعة محددة من الألوان كانت الأمهات تدرب البنات عليها؛ ففي غدامس تقوم العروس بتزيين بيتها و طلائه، ومثل هذه الفكرة صالحة للتطبيق في المدارس الابتدائية بحيث يتدرب الطلاب والطالبات على هذه الزخارف. ويمكن عمل معارض ومسابقات محلية لمثل هذا النشاط وتحديد جوائز لأفضل الأعمال الفنية بين المدارس المختلفة. كذلك يمكن بيع مثل هذا الكتاب في المكتبات العامة لمن يرغب في تعليم أطفاله نماذج من التراث الليبي الغدامسي.
 
نماذج من الزخارف و الزينات
قاموس لهجات غدامس:
نظرا لوجود لهجات ومفردات مختلفة بين القبائل الغدامسية نرى ضرورة توثيقها ووضعها في قاموس للمعاني العربية لها وبالتالي لا تندثر مع اختفاء كبار السن بالتدريج. والعالم يبحث في اللغات القديمة ونحن نترك معالم من تراثنا تضيع من بين أيدينا.

كتاب أنساب غدامس:
تلتقي في غدامس عدة أنساب من أهل البلد الأصليين ومن الفئات القادمة إليها من العرب والأفارقة وبالتالي تبرز الحاجة إلى كتاب الأنساب لربط العائلات من داخل وخارج المدينة ولإثراء التاريخ الاجتماعي لها. وقد رأيت بعض المعلومات في هذا المجال مبعثرة و تحتاج إلى تحقيق و توثيق.


ثالثا: محور استكمال مشروع التنمية و التطوير في غدامس/
بالإضافة الى إتمام المشروع الحالي يجب الاهتمام ببعث الحياة البيئية التقليدية وذلك بإنشاء محمية للحيوانات البرية لهذه المنطقة مثل الغزال والنعام والإبل وبعض الزواحف والطيور. ويمكن أن يبدأ هذا من خلال إحدى المزارع المستحدثة بالمدينة كمشروع النخيل؛ أو على شكل قرية سياحية استثمارية داخل المشروع أو بالمناطق المحيطة بالمدينة مثل منطقة البحيرات. على أن يخصص جزء ثابت من دخلها لصندوق غدامس للتنمية و التطوير. 

منطقة البحيرات موقع محتمل لمشروع سياحى
      وكثيراً من السواح الأجانب يروق لهم تجربة رحلات القوافل وأكل لحم الإبل أو النعام أو الغزال والعيش في بيئة صحراوية لأسبوع من الزمان وإذا أضفنا لها بعض المناشط الترفيهية للكبار والصغار نوفر لها أفضل سبل النجاح.

رابعا: محور تواصل و تداخل مع الجهات و المناطق الأخرى/
من اجل خلق جو من التواصل مع بقية فئات المجتمع الليبي نرى تنظيم زيارات دورية ميدانية لطلبة السنة الثالثة بأقسام العمارة والاجتماع والتاريخ وتشجيع البحوث والدراسات والمشاريع ذات العلاقة بغدامس. كما نرى تنظيم رحلات للكشافة والجوالة والشباب لغدامس بحيث يستخدم جزء من المدينة القديمة كبيوت للشباب وبيوت ضيافة للعائلات لقضاء بعض العطلات.

سياح أجانب على كثبان الرمال

      ويمكن استغلال مباني المدينة القديمة في تنظيم دورات لحفظ القرآن الكريم ومسابقات عالمية في الحفظ بغدامس. فقد ارتبط تراثها بالقرآن الكريم أصلاً. وكم من عالم وحافظ للقرآن خرج من هذه المدينة؛ ومن بين علماء غدامس الشيخ عبد الرحمن البوصيري وهو عالم ومربى له عدة مؤلفات واشتغل بالقضاء وانتهى به المطاف قاضي قضاة طرابلس وتوفى فيها بعد جولة في عدة مدن. وقد اصدرت إدارة البريد طابعا تذكارياً له، ولم تعرف طرابلس جنازة بحجم جنازة الشيخ البوصيري كما نرى من الصورة.

صلاة الجنازة على الشيخ البوصيري بتاريخ 19 أبريل 1935م
خامسا: استثمار ما تم إنجازه في التواصل التا ريخي مع حضارة غدامس/
كي يتم التواصل الشعبي مع تاريخ وحضارة غدامس نرى ضرورة استحداث مشاريع إعلامية بين الخيالة والإذاعة المرئية والنشاط الترفيهي والمسرحي بإنتاج مسلسلات عن تاريخ وأعلام وعلماء غدامس وحضارتها بحيث تصور على عين المكان كما يعيشها أهلها وبالتالي تخلق فرص عمل وتصقل القدرات الفنية المحلية وتساهم في استغلال الاستثمار الحالي فيها.

صناعات تقليدية بغدامس
      ولو أضفنا إلى هذا محلات لصناعة وبيع المشغولات والصناعات التقليدية المحلية فإن ذلك سيخلق فرص عمل للنساء والرجال بالمدينة، وإذا تم تهيئة متحف دائم للتراث داخل المدينة القديمة، فستجمع زيارتها بين المعمار و التراث في وقت واحد.

سادسا: استحداث الهياكل اللازمة لاستمرارية الفكرة/
بالنظر لما نتوقعه من نتائج لهذه الورشة لذا فإننا نقترح استمرارية مثل هذا النشاط وذلك باستحداث هيئة تنظم مثل هذا الملتقى بشكل دوري سنوي ثابت تحت أسم " منتدى غدامس للتاريخ الاجتماعي و الثقافي" ويعرض فيه الأدباء والبحاث من المهتمين بشؤون غدامس نتائج بحوثهم ودراساتهم حسب المواضيع المقررة لكل دورة؛ وبهذا الشكل نضمن استمرارية الحوار من أجل إحياء تراث غدامس.

كان هذا مقترح لبرامج عمل تخدم بعث وإحياء التراث والمحافظة عليه بشكل يساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية ويساهم في إضافة مصادر للدخل تضمن الاستمرارية؛ أعددته للمشاركة في دعم وإثراء أعمال ورشة عمل حول تأهيل وتوظيف مدينة غدامس القديمة التي عقدت بتاريخ 17و 18 من أبريل 2010م، ولكن الظروف لم تسعفنِ للمشاركة فيها وأنا هنا اطرحه على جميع المهتمين بهذا الأمر متمنيا التوفيق لجميع المشاركين في هذا المجهود.


الدعوة لحماية الإرث الفني بمدننا الليبية




د. عياد هاشم

اكتسبت الرسوم والزخارف في كل بلد بدلالات وتعبيرات معينة تعكس الطابع القومي المميز لكل امة فيها حسب معتقداتها واتجاهاتها وارتباطاتها الجغرافية والتاريخية والاجتماعية ولعل منطقة الوطن العربي في شرقه وغربه المنطلق الرئيسي للفنون الإسلامية العربية التي تميزت فيها الإعمال الفنية التشكيلية بعد دخول الإسلام بالتمازج والتداخل المتناسق وتناغمت كل الوحدات الزخرفية الهندسية مع كل الأشكال النباتية والزهرية والحيوانية وغيرها وفق مدلول عقائدي واجتماعي وتاريخي وجمالي معا برؤى غاية في بعد النظر والتجرد من الواقع بمحاكاة عصرية متناسقة مع الثقافة في حضارتها وفلسفتها ونظرتها للحياة بشكل عام .

مدينة طرابلس في ليبيا تعج بكثير من الزخارف والأشكال الزخرفية التي تنتمي لعصور النهضة العربية الإسلامية ، وامتداد تاريخي متواصل عبر الأجيال ، ولم يكن تأسيس مدرسة الفنون التطبيقية ( الفنون والصنائع الإسلامية) بها إلا دليلا قاطعا على هذا التواصل والتي تعتبر من أولي المدارس الفنية في العصر الحديث في الوطن العربي التي ظهرت والتي تأسست عام (1897م.) .

هذه الزخارف والرسوم والأشكال الزخرفية التي نشاهدها ماثلة إلي يومنا هذا على واجهات المساجد وجدرانها وسقوفها وعلى مختلف الديار والأماكن القديمة والتي تعكس مدى حسن ذوق المجتمع العربي الليبي في مختلف المراحل التاريخية الماضية ومدى علاقات ووحدة هذه الفنون الإسلامية والعربية ذات الطبيعة المميزة بوحدتها وخصوصيتها الفنية التشكيلية ويكتمل المنظر العام بها في روحيه قدسية عالية في تناغم وانسجام وتختفي فيه الخطوط وسط أشكال الزخرفية وتقام علاقات ارتباطيه أساسها الأخلاق الفاضلة والقيم الجمالية ووحدانية الله والتقرب إليه في خشوع وفق ذوق فني جمالي رفيع. و السؤال هنا :


هل استطعنا الحفاظ على هذا الإرث الفني العظيم الذي بدأ يتلاشى، مع الأسف، بواسطة الهدم من أجل التطوير؟

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...