السبت، يونيو 03، 2017

كتب ومراجع




تاريخ معمار المسجد في ليبيا في العهد العثماني والقرمانلي 1551-1911 
نشاة وتطور انماط المساجد الليبية
 د.علي مسعود البلوشي
جمعية الدعوة الاسلامية العالمية

الجمعة، مايو 19، 2017

تساؤلات علي قانة



علي قانة


       إن الفنون الحقة لا تقبل الزيف والافتراء ولا تتوانى عن كشف الحقائق بلغتها وأسلوبها الخاص الذي قد لا يجد الطريق السهل للاستيعاب من قبل عامة الناس.

ماذا يعني تصميم وبناء مبنى بمظهر أو واجهات شرقية أو استشراقية أو "مورسكية"؟ إنه بكل بساطة يعني عدم القدرة على مواجهة تراث وحضارة المكان.

عدم رضى المعماري الفنان والإنسان عن زرع مبنى غريب عن المكان والأرض إنما يعبر عن رأيه ورفضه الواضح للاعتداء خصوصاً الثقافي منه، والذي يتطلع إلى استبدال ثقافة وحضارة شعب بأخرى غريبة واردة. إنها رسالة المعماري الذي يسمو بها ويعلو عن الأهواء والأطماع، ولهذا فإننا نُعلي من شأن هذه الرسالة بل ونؤكدها لأنها شهادة حق. والمبنى سفر في هذه الرسالة.

الأحد، أبريل 30، 2017

تســـاؤلات علي قانة



ماذا تحكي لنا المباني الفاشية بمدينة طرابلس




إن محاولة استظهار وقراءة ما يمكن أن تفصح عنه مباني الفترة الاستعمارية يجب أن تعاد انطلاقاً من رؤية ترفض ما استقر عليه من مسلمات، انطلاقة يكون هدفها كشف واستنطاق الحقائق المرئية، بتتبعها وتفسير للعلاقات والتأثيرات وما يحمل المبنى من إشارات، عندئذ سنكتشف حقيقة مذهلة حملها إلينا المبنى بكل أمانة، يجب ألا نستسلم لمظهره الأسطوري ولا للأساليب الأدبية المنمقة والاطروحات الفكرية التي قدم بها والتي أصبحت إطاراً عاماً وحقيقة راسخة تقبلتها أسفار تاريخ العمارة والفنون.

بل يجب فض الحجاب لكشف حقيقة هذه المباني وما تخفيه خلف واجهاتها المتعالية والواهية، عندئذ سنراها على حقيقتها إنها واجهات جمعت مفرداتها وعناصرها من شتات التاريخ وأصقاع الأرض  أفرزتها وطرحتها إرادة لم تقو على صهرها وصقلها لتصبح وحدة متآلفة ومستحدثه" “Eclectisme [1] ولكن مهارة البناءين وما حملته حرفتهم من إرث حضاري منحت قوةً ثباتاً لهذه الأسطح الواهية وجعلتها محطاً للإعجاب والتقدير، كما صورت أحلام العظمة المتمثلة في الاتجاه المسرحي المتباهي المدفوع دائماً بموقف المتحدي بما يبرزه من أساليب حرفية وتفاصيل فنية وزخرفية.

ستار يحجب ضعف الحجة، تناقض ما بين الواجهة التي تأمل في التواجد والحضور على الأرض بقوة والواقع الذي يتنصل منها بتاريخه وإرثه، ارتباك كاشف لسريرة الاستعمار، ذلك الوجود المدفوع بأطماع زائفة والمفتقر في حقيقته للتفسير الإنساني والأخلاقي.
هذا ما يفصح عنه المبنى ويردده على مسار الأيام  هذه هي الحقيقة وهو شاهد عليها يؤدي دوره في فضح الاعتداء.

إنه شاهد يفضح بل لا نبالغ إذا ما قلنا بأنه مناضل في شهادته لكشف القمع والاعتداء، طارح وإلى الأبد للمعادلة السرمدية لاستمرارية الحوار الإنساني والحضاري الذي يتجاوز الجبروت والقوة إلى آفاق التأثر والتأثير، وخير مثال على هذه الأعمال المعمارية لفلوريستانو دي فاوستو[2] في طرابلس الذي كان أسير سحر العمارة المحلية وأسيراً للفترة الفاشية التي عاشها.  





[1] الإصطفائية أو الانتقائية هي مذهب فلسفي يأخذ من الفلسفات أفضل ما فيها.
[2] مستشار بلدية طرابلس سنة 1932 ف. من مبانيه فندق الودان والمهاري"سابقاً" مبنى الضمان الاجتماعي حاليا. ترميم مسجد سيدي الشنشان"سابقاً" كنيسة القديس فرنسيسكو بالظهرة، كنيسة صبراته، المدرسة الإسلامية العليا بالظهرة فندق يفرن ونالوت وغدامس.

السبت، أبريل 22، 2017

جدلية الانتماء الحضاري


مسجد وزاوية عمورة بجنزور


جمال اللافي


نعود لمعضلة لا اتوقع لها حلا في المستقبل القريب، في غياب الإعلام التوعوي والحضور القوي للإعلام الهدام لكل مقومات المجتمع الأخلاقية والحضارية والثقافية.

لهذا نجد دائما هذا السؤال- الذي يحمل معه إجابته- يطرح مرار وتكرارا على لسان كافة أوساط المجتمع الليبي والذي مفاده: هل يوجد عمارة ليبية يمكننا تلمس ملامحها في عمارة البيوت والمساجد وغيرها من المباني العامة والخاصة؟ هو سؤال لا يبحث عن إجابة، بقدر ما يقر بالنفي لوجود أي ملمح للعمارة الليبية التقليدية. وينسب كل ما هو موجود إلى تأثيرات خارجية.

ولهذا لن أكرر ما نشرته سابقا بهذا الخصوص. وسأتجه إلى منحى آخر في الرد على هذا النفي المبطن:

·    في عمارة البحر المتوسط هناك انتشار واضح لنظام التسقيف بالقبو والقبة في البيوت، نراه في العمارة اليونانية والتونسية بصورة واضحة وجلية. ولو سألت تونسي أو يوناني من أخذ هذا النظام عن الآخر، فلن تجد إجابة من أي الطرفين، فكلاهما سيؤكد أنها عمارته الأصيلة ولم يتم نقلها عن أي مصدر آخر. ولا يهمهم هذا التشابه من عدمه. فهو مجرد صدفة محضة. ناهيك عن الطلاء باللون الأبيض للحوائط والأزرق للتفاصيل والمفردات المعمارية في كلا العمارتين.


·    في عمارة البحر المتوسط هناك انتشار واضح لأعمال القيشاني والجص في تلبيس الحوائط في البيوت لا نراه بكثرة إلاّ في العمارة المغربية والتونسية. ولو سألت تونسي أو مغربي من أخذ هذا عن الآخر، فلن تجد إجابة من أي الطرفين، فكلاهما سيؤكد أنها عمارته الأصيلة ولم يتم نقلها عن أي مصدر آخر. ولا يهمهم هذا التشابه من عدمه. فهو مجرد صدفة محضة.


·    في عمارة البحر المتوسط هناك انتشار واضح للأبراج الخشبية في واجهات البيوت لا نراه إلاّ في العمارة المالطية بصورة مكثفة وفي العمارة التونسية بصورة أقل وأقل القليل يتوزع على مدن أخرى. ولو سألت تونسي أو مالطي من أخذ هذا عن الآخر، فلن تجد إجابة من أي الطرفين، فكلاهما سيؤكد أنها عمارته الأصيلة ولم يتم نقلها عن أي مصدر آخر. ولا يهمهم هذا التشابه من عدمه. فهو مجرد صدفة محضة.


هذا قليل من كثير من ملامح العمارة المتفاوتة والمتباينة في الشكل والتفاصيل بين مدينة وأخرى تنتسب إلى هذا الفضاء المتوسطي.

وهذا الاعتزاز الذي نراه في الدول الأخرى بمعمارهم وحرصهم على توثيقه. وتجنب الخوض في جدلية لا تنتهي عن أصوله بالطريقة التي تنفي محليته وأصالته، يقابله رفض وإقصاء وإنكار داخل أوساط المجتمع الليبي. لهذا أقول لكل من جند نفسه لإنكار وجود ملامح تميز العمارة الليبية سواء في طرابلس أو غيرها من المدن الليبية الأخرى، ولا أجد لإنكاره مبررا منطقيا:

مثلما ترفض فكرة أن تنتسب العمارة التونسية لأي تأثيرات أخرى خارجية، فعليك أن تكون منصفا أيضا في تقييمك للعمارة الليبية. وأن تقر بأنه لكل عمارة ملامحها الخاصة، حتى وإن كانت واقعة تحت تأثيرات أخرى صقلها الزمن بالخبرات المحلية، التي أعادت صياغتها النهائية بحيث أصبحت ملامحها أكثر خصوصية وتفرد عن مصادرها الأصلية (إن وجدت).

العالم كله يعتز في كثير من الأحيان بما لا يملك، فاعتز أنت بما تملك، وحافظ عليه، واستلهم منه. فمن لا ماضي له، لا حاضر ولا مستقبل له.



الأربعاء، مارس 01، 2017

المعماري والزبون



جمال اللافي


عندما يعجز المعماري عن إقناع زبون ما بفكرته التصميمة لبيته، أين يكمن الخلل؟
·        هل هو في عدم قدرة المعماري على توصيل فكرته بالصورة الصحيحة؟
·        أم هو في عجز الزبون عن استيعاب فكرة المعماري وبالتالي رفضها؟
·   هل الرفض ناتج عن عدم قدرة المعماري على استيعاب حاجات زبائنه ومتطلباتهم ومواكبة تطلعاتهم وفهم معطيات العصر؟
·   أم هو في عدم تقبل زبائنه لأفكاره الثورية التي تتحدى التقليدي والسائد وتطرح أفكارا وتصورات جديدة للبيت الليبي المعاصر؟
·        وهل يتفق جميع الزبائن في الرؤية والطرح والفهم لماهية وشكل وصورة البيت الليبي المعاصر؟
·   أم يتباين ويتضارب فهمهم وتصوراتهم لماهية هذا البيت، بحيث يصبح ما يرفضه زبون قد يتقبله آخر. وبالتالي تصبح المسألة ليست أكثر من حظوظ بين معماري وآخر في فوزه بالزبائن الذين يتقبلون أفكاره وينفذونها بحذافيرها دون زيادة أو نقصان؟

       يطرح هذا الموضوع عدة تساؤلات يفترض أنها تدور في ذهن كل معماري ومعمارية. والإجابة عنها هي مقدار ما سيكتسبه كل واحد منهما من رصيد معرفي حول البيئة الاجتماعية والاقتصادية والمناخية في ليبيا وبالتالي مدى قدرته على استيعابها والتفاعل معها والخروج بمحصلة تظهر في نتاج أعماله. وبالتالي اكتساب القدرة على مقاومة كل ما يتعارض مع هذه المعطيات نتيجة جهل المجتمع بها وبتأثيراتها السلبية عليه. وفرض ما هو مناسب فعلا للمجتمع وليس ما يعتقده أو يتصوره أو يريده أو تفرضه عليه إمكانياته المعرفية المحدودة أو التأثيرات الخارجية عليه.

       الإشكالية الحاصلة في العلاقة بين المعماري والزبون يشترك فيها الطرفين، وذلك لغياب حالة وعي وإدراك لدى كل منهما بما يحتاجه المجتمع الليبي وكيفية التعبير عنه فراغيا. وعي غائب لغياب التوعية ومشوه لتشوه الصورة التي تنقلها وسائط الإعلام المختلفة. ومسلوب الإرادة وتابع لسطوة التعليم والإعلام التغريبي على العقلية الليبية لكافة أوساط المجتمع الليبي.

        لهذا نحتاج لتقريب الفجوة بين المعماري والزبون من خلال تكثيف حملات التوعية بما يحتاجه المجتمع الليبي ويتناسب مع معطيات البيئة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وبإعادة النظر في المنهج الدراسي لطلاب أقسام وكليات العمارة والهندسة بمختلف تخصصاتها المرتبطة بالعمارة والعمران.



الاثنين، فبراير 20، 2017

لمن يصمم المعماري في ليبيا؟




جمال اللافي


·        لماذا نمارس عملية التصميم المعماري للمساكن؟
·        ما المستهدف من هذه العملية. ومن المستهدفين بها؟


أسئلة دائما ما تراود ذهني عندما أشرع في تصميم أي مشروع وخصوصا المشاريع السكنية. وحتى عندما انتهي من تصميم أي وحدة سكنية، بعد أن تنال قبول الزبون ورضاه التام، يبقى هذا السؤال هاجسا يقض مضجعي ليلا ويرهق ذهني تفكيرا نهارا. وكلما عاودت النظر إلى تصاميمي السابقة أشعر بقلق شديد من أنها لم تحقق المستهدف منها بالصورة التي يفترض أن أفعلها. ويتبادر إلى ذهني عدة تساؤلات تطرح نفسها في إلحاح يصل إلى حد الاستفزاز:
·   هل حقا استطعت فعلا أن أنجح في تصميم بيت لمواطن ليبي، يتوافق مع طبيعته وعاداته وقيمه ومتطلباته واحتياجاته ويواكب تطلعاته ويعبر عن روح العصر الذي نعيشه في ليبيا تحديدا (بما تسمح به امكانياتها التقنية والتنفيذية وما هو متاح ومتوفر فيها من مواد بناء وعمالة فنية)؟

أم أنا فقط أمارس حالة خداع لمواطن لا يعي أكثر من أنه تحصل على واجهة جميلة في عينية ومجموعة من الفراغات المصفوفة بطريقة متناسقة تحقق ما طلبه منها ضمن المساحة التي يملكها من حيث الوظائف التقليدية لأي بيت في العالم، قد يوفر له بعض الاكتفاء الظاهري منها ولكنه لا يجلب له أسباب الراحة النفسية الناتجة عن شعوره بالانتماء والرضى والخصوصية. ولا يحقق له كامل الاكتفاء في نكامل الوظائف مع بعضها البعض ومع عناصر التأثيث. بيت يفرح به أياما وشهورا ويشقى بداخله بقية عمره.

·        وهل حقا هذا البيت يعكس في تصميمه البيئة الليبية بكل معطياتها ويتوافق معها؟

أم أنا فقط أرمي بهذه الأوراق في وجه الزبون بطريقة مهذبة وأنيقة، تاركا إياه يتحمل نتائج كذبة كبيرة لن يصطدم بزيفها إلاّ بعد أن يعايشها داخل هذا البيت، فينكمش من برودة الشتاء وصقيعه تحت أطنان من البطاطين ووسائل التدفئة التي تستهلك من صحته أكثر مما تستهلك من ميزانيته المحدودة. وعندما يأتي عليه الصيف بحره وقيضه ينضح جلده عرقا من الحرارة الشديدة في كل لحظة يعيشها داخل هذا البيت، فلا يجد أمامه غير مكيفات التبريد ليخرج من واقعه المؤلم إلى حقيقة أكثر إيلاما حين ترتد هذه المكيفات على صحته وميزانيته أيضا. فيتحول هذا البيت إلى قاتل صامت. وأنجو بفعلتي من العقاب الدنيوي في انتظار عدالة السماء لتأخذ حقها مني في يوم ما.

ولا أجد أمامي اليوم إلاّ هذا السؤال التائه في زحمة الإنتاج الكمي، الذي لا يضع في اعتباره أو لم يستطع حتى هذه اللحظة أن يضع في اعتباره هذا السؤال:
·        لمن يصمم المعماري الليبي؟


هي دعوة أوجهها للزملاء المعماريين من خلال مكاتبهم الهندسية لتنظيم معرض معماري يقدم خلاصة ما وصل إليه المعماري الليبي من حلول لإشكاليات البيت الليبي المعاصرة. يصاحبه حلقة نقاش حول هذه الإشكالية. أما رعاية هذا المعرض فهي مفتوحة لأي جهة داعمة.

الاثنين، يناير 30، 2017

جدلية الرسم اليدوي والرسم الحاسوبي


جمال اللافي


       استوقفني هذا التطور المذهل في التقنية الحاسوبية وخصوصا ما يتعلق ببرامج التصميم المعماري ثنائي وثلاثي الأبعاد. وبرامج الجرافيك التي يحتاجها المعماري في إخراج مشاريعه بأفضل صورة. وهذا يقودني بالضرورة لجدلية لا زالت قائمة حول أفضلية الرسم المعماري اليدوي عن استخدام الحاسوب وعلاقتها بالحالة الإبداعية للمنجز المعماري الناتج، كما يقولون، عن التواصل المباشر الذي يتم بين الدماغ باعتباره مكمن الفكرة والعين واليد. معللين أن هذا التواصل يتعرض لحالة إعاقة في تسلسله الطبيعي والسلس عند التعاطي مع برامج الرسم المعماري باستخدام الحاسوب وبرامج الجرافيك.


       في اعتقادي ومن خلال تجربتي الشخصية، أن المنتج المعماري في الحالتين هو نفسه من حيث مرحلة وضع الفكرة الأولية للتصميم المعماري، فالعلاقة بين الدماغ والعين التي تنظر للورقة على الطاولة أو إلى الحاسوب واليد التي ترسم على الورقة أو تعطي الأوامر لأيقونات الرسم المعماري بالحاسوب هي نفسها في انسيابيتها وسلاستها وخصوصا عندما يكون المصمم المعماري متمكنا من استخدام هذه البرامج وملما بالطرق المختصرة لإصدار الأوامر المتعلقة بالرسم في بعدين أو في ثلاثة أبعاد. وكل ما تغير هو تحور شكل القلم من رصاص أو خطاط إلى فارة يمكنك من خلالها توجيهها إلى الأوامر التي تريدها في كل لحظة رسم وتعديل. وهذا يجعلنا وأنا غير متيقين بالضرورة من حقيقة هذه المعلومة أن الإنسان الذي بنى عمائر قوم عاد من خلال حفر بيوتهم في الجبال كانوا يلجأون إلى الاستعانة بالأزميل والمطرقة في تنفيذ تصورهم لبيوتهم مباشرة على حجر الجبال ولم يحتاجوا في تلك المرحلة إلى وضع التصور المبدئي على ورق ولم يستخدموا أقلاما.

       
       إذاً، يبقى الفكر الإبداعي واحدا وتتغير أدوات المعماري كلما تطورت التقنية لتسهل عليه الكثير من الأمور. منها على سبيل المثال، أن المعماري يستهلك كمية كبيرة من الورق في مرحلة وضع الفكرة المبدئية لأنه مضطر في كل مرحلة أن يبدأ في رسم فكرته من الأساس بمجرد أن يلاحظ خطأ أو إشكالية أو تطرأ عليه فكرة جديدة أو معالجة لإحدى زوايا المبنى أو زيادة في مساحة إحدى فراغاته. وهذا الأمر تم تجاوزه بعد ظهور برامج الرسم المعماري باستخدام الحاسوب، حيث يكفي المعماري أن يأخذ نسخة من تصميمه الأولي ليجري عليها التعديلات التي يريدها سواء تعلقت بزيادة مساحة فراغ أو التعديل في شكله أو مكانه.

       هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد كان الرسم ثلاثي الأبعاد إلى جانب أنه يستغرق وقتا طويلا لإنجازه بالرسم اليدوي، فإن المعماري يحتاج لإظهار كل زاوية في المبنى إلى رسم أكثر من منظور ثلاثي الأبعاد وهذا يشتت عين وتركيز المشاهد لها وخصوصا الزبون فهو يحتاج أن ينظر في كل مرة إلى رسم مختلف موضوع في ركن من اللوحة. أو في لوحة مستقلة. وأيضا يأخذ وقتا طويلا من المعماري لإنجاز المطلوب.




       في المقابل فإن برامج الرسم ثلاثي الأبعاد، تتيح للمعماري أن يصمم مشروعه ثم يحوله إلى ثلاثي الأبعاد. ومن يشاهده فقط عليه القيام بعملية تدوير سهلة للمشروع داخل الحاسوب لينظر إليه ككتلة واحدة من جميع الزوايا (من الداخل والخارج) ومن تم يختار الزوايا التي يريدها بضغطة زر. ومن خلال هذا المجسم يستطيع أيضا استخراج المساقط الأفقية والواجهات والقطاعات التي يريدها ووضع جميع الأبعاد والبيانات التي يتطلبها التصميم بكل يسر وسهولة كاسبا الوقت والجهد.

       لهذا علينا اعتبار استخدام الحاسوب وبرامجه في الرسم المعماري هو مرحلة جديدة في تطور أدوات وتقنيات الرسم والإظهار المعماري، لا يمكن تجاهلها وليس بالضرورة تعلمها لمن لا يزال يصر على استخدام الوسائل القديمة في تنفيذ مشاريعه عن طريق الرسم اليدوي.


       كما أن وجه الاعتراض على استخدام الحاسوب من طرف المعماري لا يصح بقدر اعتراض الفنان التشكيلي على ذلك، لأن المنتج المعماري المستهدف هو تنفيذ المبنى وليس رسمه. والرسم المعماري هو وسيلة إيضاح لتوصيل الفكرة للزبون ومن بعده للمقاول الذي سيتولى تنفيذ المبنى. وكل وسيلة تحقق هذه الغاية على أكمل وجه فهي مقبولة. فما بالك عندما تتميز هذه الوسيلة بالكفاءة والجودة والسرعة العالية.

الخلاصة، أن عملية التفكير الإبداعي سواء في مرحلة وضع الفكرة الأولية أو استكمال باقي مراحل التصميم لا تتأثر بالأداة التي يستخدمها المعماري، بقدر ما تتأثر بمخزونه المعرفي وفهمه لطبيعة المشروع الذي يصممه ومدى قدرته فعلا على تقديم حلول إبداعية. وإن لم يمتلك هذه القدرة الإبداعية فلن تنفعه لا يداه ولا قدماه ولا أضخم حاسوب في العالم مجهز بأفضل برامج التصميم والجرافيك.

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...