الثلاثاء، أغسطس 20، 2013

معماريون عرب

رفعت الجادرجي : موجعة .. ولكنها رحلة ملحمية
Rifat Jaderji: Painfull .. but epical Journy
وجع رفعت الجادرجي




د. مصطفى محمد المزوغي

بدعوة كريمة من رابطة الأكاديميين العراقيين بالمملكة المتحدة لحضور احتفالية تكريم المعمار العراقي رفعت كامل الجادرجي، بقاعة الخليلي في كلية الدراسات الشرقية بجامعة لندن، فعزمت على تلبية الدعوة، ودخلت القاعة وكانت هناك بعض الكلمات الافتتاحية، لزمن حتى دخول المعمار الجادرجي، الذي بدأ كلمته في ختام الاحتفالية بأنه لم يتأخر يوما على موعده سوى في موعد الاحتفال بتكريمه.


رفعت الجادرجي يتألم حتى الوجع، هكذا بدا لي في كلمته، عندما صرخ بكل عنف ‘أنا فقط إنسان’ وكأن لسان حاله يرفض ما آلت إليه الأمور عراقيا اليوم من تقطع أوصال وفتن ودمار، فهو يعلن: انا لست مع أي من الفرق أو الطوائف الفكرية أو الثقافية أو العقائدية أو السياسية..

 قصة رفعت الجادرجي المولود في بغداد سنة 1926، الإنسانية لا يمكن فصلها عن رحلته الفكرية المعمارية، فهو المعماري الذي كتب ‘قصة أب’ و ‘شارع طه وهامر سميث’، و ‘الأخيضر والقصر البللوري’ في سجنه المؤبد سنة 1978 والذي خفف عنه الحكم وأفرج عنه سنة 1980. رفعت الجادرجي قصته الصادقة كما روتها للحضور السيدة حرمه بلقيس شرارة، لم يكن لرفعت أن يرويها فالألم يعتصر نفسه ولم يعد يعنيه الأمر .. حين عُرِضت صور تفجير مشاريعه في عهد صدام حسين وما بعده، كان الأمر بمثابة إتهام حضاري للعراق خاصة والإنسانية جميعا دون استثناء.2

 رشيد الخيون الباحث العراقي، يذكرنا بعجز النخبة عن فعل أي شئ في زمن لم يعد مكانا فيه للعقل.. ليس معنى ذلك سيطرة الجنون، بل أن العقل لا يمارس فعله، وهو يجد في الجادرجي فعل العقل الإنساني دون انحيازات، تماما كالعقل الذي صنع العجلة، والعقل الأخر الذي استعملها والعقل الذي وضع أسس معرفية لعلم ما والعقل الأخر الذي قام بترجمتها، تواصل انساني عقلاني.

رحلة رفعت الجادرجي لم تقف بل بدت لي أكثر حماسة بعزمه على تشييد متحف معماري في بغداد، في معرض حديثه في مقابلة موثقة عرضت بالاحتفالية، يذكر الرصيد المعماري الخلاق في شخوص العمارة العراقية كمحمود صبري الذي كان قريبا من فكر الجادرجي، وقحطان عوني، ومحمد مكيه، ويذكر بعقلانية كاملة الفارق في ترحال كل منهم معماريا ، فهو يجدهم مهنيين بالمنهج الأكاديمي، في حين يجد اختلافه عنهم تبني ,جدلية الشكل’ .
نظرية الجدلية التي يتبناها رفعت الجادرجي تبحث في التفاعل بين الحاجة وأدوات وخامات وتقنيات صياغتها ليكون ناتج هذا التفاعل هو الشكل، ولأن تغير الحاجة (نفعيا أو رمزيا أو جماليا) وتغير التقنية قائم وبالتالي فإن محصلة التفاعل تفرز تغير الشكل المادي لهذا التفاعل.

          برصيد يصل إلى 14 كتاب يسعى رفعت الجادرجي لإصدار كتابه ‘وعى الإنسان بسمة الجمال’، حيث يبحث فيه الحاجة إلى صحوة الحس الجمالي، وسؤال الكتاب هل للجمال قاعدة علمية متينة أم هي قاعدة ذاتية ؟، وما الفارق في الإدراك الجمالي بين الغرب و مجتمعاتنا الشرقية؟. الجمال بالنسبة له، هو حس الفرد والوعي بالمثالية (Optimal). هي عملية يعمل على صياغتها الفنان والمتلقي عبر مرحلتي الصياغة والعرض.

تحدث في الاحتفالية أحد طلابه القدامى قائلا لا زال استغراب الأستاذ رفعت الجادرجي في محاضرته الأولى لنا ماثلا أمامي حين وقف أمامنا متسائلا: “كيف يمكن أن نصمم بدون موسيقى” في اليوم التالي أهدى طلابه مجموعة الاسطوانات خاصته.

          يضع المعمار الجادرجي قراءة واعية وفاصلة بقناعته في الفارق بين الحرفي (المهني) والفنان، فالأول رهين السلطة السياسية والقانونية والمهنية وغيرها في حين الفنان على الدوام يقول ‘ ها أندا أنا وليس غيري’.4

حين اقتربت منه قائلا نحن جيل من المعماريين الليبيين الذين عرفناك من خلال مشاريعك وكتبك، وأرجوأن تقبل تقديرنا لرحلتك المهنية الخلاقة، أجابني هذا يثبت قولي أن الفنان يرحل للأخرين رغم قيود كل السلطات فلم أكن يوما حرفيا أو مهنيا.


المعمار رفعت الجادرجي رغم رحلته الفكرية الخلاقة رافقتها معاناة إنسانية من سجن وغربة ومعاناة إلا أن الدرس الذي يجب أن نقف عنده على الدوام: رفعت الجادرجي يحتفل حتى بالفشل حتى لا يجعل لمرارة الفشل طريقا إلى حلقه.

رفعت الجادرجي اليوم قويا.. صلباً رغم كل الوجع.




المصدر/
http://mustafamezughi.wordpress.com/

الاثنين، أغسطس 12، 2013

أخبار

 إيطاليا تشرع في تنفيذ مشروع الطريق الساحلي




فازت شركة ساليني إمبريجيلو الإيطالية بإنشاء طريق ساحلي يمتد من الحدود المصرية إلى الحدود التونسية بطول 1700 كم.

وسيتم البدء في تنفيذ المرحلة الأولى بقيمة 963 مليون يورو أي ما يعادل مليار و 300 مليون دولار أمريكي تموله الحكومة الايطالية وفق اتفاق التعاون والصداقة التي تم التوقيع على الاتفاقية في عام 2008 م. بين الحكومة الايطالية وليبيا.

وتبدأ المرحلة الأولى من الحدود المصرية وحتى مدينة المرج بحوالي 400 كم تشمل 12 جسراً و 8 مناطق خدمية و 6 مواقف للسيارات.



المصدر/





متى يتم دعم جهاز حماية المدينة القديمة بطرابلس



  



الأستاذ/ يوسف خليل الخوجة

تزخر مدينة طرابلس القديمة بالعديد من الآثار المعمارية والتاريخية والفنية التي تحكي قصة عهود مختلفة التي مرت بها المدينة القديمة منذ عهد الفينيقيين في الألف الأولى قبل الميلاد أعقبهم حكم القرطاجيين في القرن السادس قبل الميلاد حيث عرفت في هذه الفترة بمدينة أويا ثم خضعت للنوميديون، ثم بدأ النفوذ الروماني يتغلغل في منطقة المدن الثلاث منذ سنة 106 قبل الميلاد وعرفت في هذه الفترة بـ (تريبوليس)، ثم تمكن الوندال القادمين إليها عبر إسبانيا وشمال أفريقيا من احتلالها سنة 455 م. واستمروا في حكمها حتى سنة 534م. بعدها احتلها البيزنطيون حتى سنة 643 م. حيث تم فتحها من قبل العرب المسلمون بقيادة عمر بن العاص ومنذ ذلك الوقت أطلق عليها اسم إطرابلس ليمتد الحكم العربي الإسلامي عبر عصوره المختلفة حتى سنة 1510م عندما استولى الإسبان على المدينة ثم سلموها إلى فرسان القديس يوحنا القادمين إليها من مالطا سنة 1530م حتى فتحها العثمانيون سنة 1551م. وامتد حكمهم على مرحلتين، انتهت الأولى بتولي الأسرة القره مانللية حكم طرابلس عام 1711م حتى عام 1835م ليعيدها العثمانيون إلى حكمهم حتى سنة 1911م عندما تعرضت البلاد للاحتلال الإيطالي حتى سنة 1943م وبعدها احتلت قوات الحلفاء ليبيا وأصبحت تحت حكم الإدارة البريطانية حتى سنة 1951م عندما نالت ليبيا استقلالها وإقامة المملكة الليبية المتحدة حتى عام 1969م عندما تعرض حكم الملك إلى انقلاب عسكري واستولى الجيش على السلطة في ليبيا حتى ثار الشعب الليبي على الظلم والطغيان وتحققت الحرية والتحرير في ثورة عرفت على الصعيد العالمي بثورة 17 فبراير  2011 م.

وبالنظر إلى هذه الأهمية التاريخية لمدينة إطرابلس القديمة وما تحمله من زخم معماري وفني يوثق للحضارات التي توالت عليها ونتيجة للتطور العمراني المذهل خارج أسوار المدينة العتيقة تعرضت المدينة القديمة للإهمال نتيجة هجرة سكانها الأصليين ووفود الهجرات القادمة للعمل بالمدينة بعد ظهور النفط، حيث لم يستوعب حجم المدينة هذا العدد الهائل من المهاجرين، كما لم تستوعب ثقافة هؤلاء المهاجرين قيمتها التاريخية، إضافة إلى قلة مواردهم الاقتصادية، واعتبارهم إياها منطقة استقرار مؤقت، فلم يهتموا بالترميم والصيانة وزاد الأمر سوءاً إهمال السلطات البلدية لها واعتبارها من المناطق المتخلفة عمرانياً وغضوا النظر عما تمثله من قيمة تاريخية وحضارية للشعب الليبي وإعادة إحيائها وترميم معالمها التاريخية.

وقد تنادت أصوات في ستينيات القرن الماضي للميلاد من الحريصين والمهتمين بالتراث المعماري لمدينة طرابلس القديمة بضرورة اهتمام السلطات البلدية بصيانة وترميم هذه المدينة العتيقة التي تميزت بالحضور والتواصل التاريخي فتم تكوين لجنة لحماية المدينة القديمة سنة 1965م من ضمنها الاستاذ بهجت القره مانللي من مصلحة الاثار ومسعود الزنتوتي من الأوقاف ومحمد قنابة من أعيان البلد وآخرون وسميت باللجنة الدائمة للمحافظة على المدينة القديمة ولم تحدد جهة بعينها الإشراف على هذه اللجنة وكانت مهمة هذه اللجنة حصر المعالم التاريخية وإعداد الخرائط والرسومات ولم تستكمل عملها لقلة الموارد المالية، ثم تبع ذلك عدة لجان كانت جميعها استشارية ولم تستمر هذه اللجان طويلاً باعتبارها محاولات واجتهادات فردية من أشخاص غيورين على تراثنا المعماري، إلى أن تم إنشاء جهاز فني لتنظيم وإدارة المدينة القديمة بقرار رقم 58 سنة 1983م يتبع إدارة المرافق ببلدية طرابلس، إلا أنه فشل في تحقيق الطموحات باعتبار أن المدينة القديمة كانت مصنفة من المناطق المتخلفة عمرانياً ولم تصنف كمدينة تاريخية يجب حمايتها والحفاظ على معالمها التاريخية والمعمارية حيث قام هذا الجهاز بناءً على دراسة قدمتها شركة أجنبية لإحياء المدينة القديمة من خلال وضع تصور لتوسعة شارعين رئيسيين يبدأ الشارع الأول من زنقة الفرنسيس إلى الأربع عرصات إلى جامع الدروج إلى قوس الصرارعي حتى باب الحرية، ويبدأ الشارع الثاني من زنقة الريح إلى سوق الحرارة إلى تقاطع سيدي الحطاب مع كوشة الصفار إلى حومة غريان حتى باب الجديد، وقد بدأ في تنفيذ هذا التصور من باب الجديد وبالتحديد المباني المطلة على سيدي عمران وقد كنت شاهداً على ذلك ولولا تدخل الدكتور عبد الله شيبوب مدير مصلحة الآثار في تلك الفترة وإيقاف أعمال الإزالة لما تبقى من المدينة القديمة شيئا وكأن الأمر مدبر من جهات معينة للقضاء على المدينة القديمة.


وبعد ذلك وضع تصور للمدينة القديمة من قبل شعبة الثقافة بين عامي 83-85م لإنشاء هيكل جديد للمدينة القديمة يقوم بالصيانة الفعلية للمدينة القديمة دون تخصيص مبالغ لتنفيذ ذلك والاعتماد على مواردها الذاتية من إيجارات للعقارات الواقعة داخل نطاق المدينة القديمة ومنح تراخيص مزاولة الانشطة وابرام عقود الانتفاع وغيرها من الأمور الإدارية الأخرى .

في العام 1985م صدر قرار رقم 40 بإنشاء مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس كهيئة علمية ثقافية متخصصة قائم بذاته يعني بتطوير وصيانة المدينة القديمة التاريخية، يعتمد على موارده الذاتية في إنجاز مهامه واختصاصاته الموكلة إليه. إلا أن الإنجاز كان بسيطاً جداً فاستمر التخبط لعدم وجود ميزانية خاصة به وتداولت عليه الجهات الإشرافية تباعاً تحت شركة الألعاب الترفيهية التابعة للضمان الاجتماعي ثم اللجنة الشعبية العامة "سابقاً" ثم المرافق ثم البلدية ثم السياحة ثم الإعلام والثقافة ثم شعبية طرابلس ثم السياحة طرابلس ثم السياحة العامة، مما تطلب من اللجنة الاستشارية لمشروع المدينة القديمة في عام 1994م وضع تصور يدعو إلى وجود جهاز خاص بالمدن التاريخية يكون تبعيته للجنة الشعبية العامة "سابقاً" حتى يكون له مورد مالي وتصبح كافة المدن القديمة تابعة لهذا الجهاز. إلا أن القرار صدر بعد اثنى عشر سنة وذلك عام 2006م تحت رقم 125 ويكون تبعيته للسياحة والصناعات التقليدية فأصبح الكادر الوظيفي لمشروع المدينة القديمة هو المسئول على كافة المدن التاريخية في ليبيا فازداد العبء على العاملين مع عدم توفير الميزانية الخاصة به فأصبح الإنجاز مستحيل. وبعد ثورة 17فبراير 2011م ألحق الجهاز بوزارة الحكم المحلي وفي الآونة الأخيرة سمعنا بأن هناك عدة تصورات منها دمج الآثار مع الثقافة ودمج الجهاز تحت الآثار وذلك في تغييب مقصود للخبرات العاملة في جهاز إدارة المدن التاريخية ويبدو أننا لا نزال نسير بمفهوم تقسيم الكعكة وتفصيل الأجهزة على الأشخاص دون النظر إلى الخبرات والمؤهلات "المتخصصة".


ويمكن القول عبر الرحلة المريرة لمشروع أو جهاز أو مكتب المدينة القديمة فإنه لا يوجد حل في هذه المرحلة لإنقاذ المدينة القديمة سوى التصور التالي:-
يعاد إنشاء مشروع للمدينة القديمة طرابلس يتولى وضع وتنفيذ الخطط والبرامج الثقافية والهندسية والفنية الخاصة بترميم وصيانة المدينة القديمة ويكون تبعيته مباشرة للمجلس المحلي طرابلس وتشكل له لجنة تنفيذية مؤهلة علمياً ومتخصصة من خمس أو ست أعضاء وتكون من الكوادر الشابة القادرة على العطاء وتمتلك القدرة والحماس لتنفيذ برامج هذا المشروع همها الأول إنقاذ المدينة القديمة من الضياع، إلى جانب ذلك تشكيل لجنة استشارية متخصصة في كافة مجالات اختصاصات هذا المشروع وتكون خبرتها في هذا المجال لا تقل عن عشرين سنة وقادرة على العطاء الي جانب هذا كله توفير السيولة المالية التي كان يعاني منها الجهاز طيلة السنوات الماضية . كما يجب ان تتحمل الجهات الاخرى مسئولياتها مثل وزارة الاسكان في توفير مسكن لائق صحيا للسكان الدين يقيمون في مساكن غير صحية بتاتا ,كذلك على وزارة الشؤن الاجتماعية أيضا أن تتحمل مسئولياتها في رعاية السكان ووزارة الكهرباء وكذلك المرافق وشؤون البيئة وترك أمور الترميم العلمية للمباني التاريخية للجهاز.



إن المطالبة بفصل المدينة القديمة بطرابلس عن جهاز إدارة المدن التاريخية راجع لكونها تعتبر المدينة التاريخية الوحيدة المتكاملة والمستمرة بها الحياة منذ ثلاثة الاف سنة مضت وما زالت محافظة على نسيجها المعماري بالرغم من الانهيارات التي تحدث بين الحين والآخر. 

الجمعة، يونيو 14، 2013

اللحظة الفاصلة في مستقبل العمارة الليبية المعاصرة



جمال اللافي


حتى هذه اللحظة لم تتحدد بعد رسالة المعماري الليبي بصورة واضحة وجلية.

حتى هذه اللحظة لم يظهر تأثيره على مراكز اتخاذ القرار في كل ما يمس العمارة الليبية المعاصرة.

حتى هذه اللحظة لا تزال العمارة الليبية تشكو من التجاهل وتفتقد هويتها المعمارية والمبررات العلمية لمسارات تصميمها عند غالب المعماريين والمعماريات.

حتى هذه اللحظة لم يقرر المعماري الليبي الخط الذي يجب أن تسير عليه العمارة الليبية ومستقبلها.

حتى هذه اللحظة يعزف غالبهم عن مجرد فتح باب الحوار الجاد ويكتفي ببعض كلمات المجاملة أو عبارات الإطراء عندما يتعلق الأمر بالتعليق على مشاريع تطرح للنقاش والإثراء.

حتى هذه اللحظة لا يقبل المعماري الليبي مجرد طرح فكرة النقد المعماري لما يقدم اليوم من مشاريع إسكانية وسكنية وعامة، لأن ذلك قد يشمله.

حتى هذه اللحظة لا زالت خياراتنا المعمارية رهينة حالة عاطفية وقراراتنا ارتجالية واجتماعاتنا فرصة للترفيه عن النفس من عناء الروتين اليومي، وصفحاتنا المعمارية محطة عابرة يقف عندها للاستراحة، ثم يمضي في حال سبيله لا يلوي على شئ.

حتى هذه اللحظة لم نر ورش عمل جادة ولا ندوات علمية ولا مؤتمرات بحثية تناقش مستقبل العمارة في ليبيا.

حتى هذه اللحظة لم تقرر أقسام العمارة والتخطيط العمراني في ليبيا إعادة النظر في منهجها الدراسي ولا في آلية التدريس رغم قناعة الجميع بعقمها وتجاوز الزمن لها.

فقط ، ما نراه حتى هذه اللحظة، هو صورة باهتة تكاد تضمحل معالمها يوماً بعد آخر لمشهد معماري فقد مبررات وجوده. وحالة معمارية يفيد التشخيص بأنها ولدت ميتة.

فكم ستستمر هذه اللحظة على حالها في عرف المعماري الليبي، ثواني، دقائق، ساعات، أيام، أسابيع، شهور، سنوات، عقود، قرون، الدهر كله، إلى قيام الساعة؟


لحظة فاصلة في مستقبل العمارة الليبية، يمتلك اتخاذ القرار فيها المعماري الليبي وحده ولا أحد غيره.

الاثنين، يونيو 10، 2013

مقالات



المعمارية/ أمال الإزرملي

من خلال الملاحظة والبحث تجد أن من أهم ما يميز العمارة المحلية في طرابلس هذا التناغم ما بين الداخل والخارج، الكتلة والفراغ، الجماد والحياة.

الأشكال الهندسية الأولية الدائرة والمربع والمثلث تتجلى واضحة في هذه العمارة ، وتكمن قوتها في بساطتها.

الألوان غير موجودة في الصورة، ولكنها موجودة بقوة في حياة ساكني البيت، في فرشهم وملابسهم ووجباتهم الغذائية.

قدرة ساكني البيت على التعبير عن أنفسهم وعن احتياجاتهم واضحة ومباشرة، بسبب صفاء النية والمصالحة الذاتية مع النفس.

النسب والأبعاد جاءت نتيجة تناغم لحجم الأشخاص ووحدات البناء والقدرات الانسانية على البناء.

وجود عنصر النبات حاجة ملحة مادّياً ومعنوياً بالإضافة الى الأجواء الرقيقة التي يوفرها فهو مصدر للأكسجين وللغذاء والدواء .

البيت الليبي التقليدي جاء متوافقاً مع نوعية الحياة التي كانت تعيشها الأسرة الليبية في السابق، حيث أغلب المشاهد كانت خاصة وداخلية. وتقل وتنعدم الحياة العامة في كثير من المشاهد.


في الوقت الحالي أصبحت كثيراً من مشاهد حياتنا عامة!!  مع الصباح الباكر تخرج الأسرة جميعها الأب والأم يعملان والأبناء إلى المدارس، وغير ذلك من التفاصيل التي نعرفها جميعاً.

السؤال: هل يفي البيت التقليدي بمتطلبات الحياة الجديدة؟


المقاهي أصبحت عامة، الحدائق أصبحت عامة (اندثار النباتات المنزلية)، الغذاء والدواء يباع جاهزاً في علب أنيقة، فرش البيت أصبح جاهزاً (اندثار الحرف).

لتكوين رؤية واضحة للبيت الليبي المعاصر، يجب أن نصل إلى مصالحة ذاتية مع أنفسنا لنعرف ماذا نريد؟ ماهي هوية الأسرة الليبية المتحضرة؟ ماهي نشاطاتنا وحركتنا اليومية؟


ويجب أن تتأكد أن بيتك يشكلك ويحدد حركتك ويؤثر في نفسيتك وأخلاقك ويشجعك أو يثنيك عن هواياتك وعملك وأبنائك على العموم . 

الأحد، يونيو 02، 2013

العمارة والمعماري في ليبيا



د. مصطفى محمد المزوغي


نموذج للرصيد المعماري المحلي في ليبيا (لطفا من صفحة الأستاذ خالد العماري)

يلوح في الأفق لقاء سيجمع الوسط المعماري الليبي مع اقتراب نهاية السنة 2012، وكان ان تزامن ذلك مع قراءتي لمقال يبحث في حال العمارة والمعماريين إبان فترة الاتحاد السوفييتي* ، عندما كان تصريح أحد المعماريين الشباب الذي تم توظيفه في أحد مؤسسات الدولة أنداك، ” أنه لم يكن هناك شئ مما تعلمه في مدرسة العمارة مطلوب تطبيقه في العمل”، وتصريح نائب رئيس اتحاد المعماريين السوفييتي يوري جنيدوفسكي، الذي شغلته هموم المعماريين الشباب في سنة 1987، حين أعترف بأن الوضع سيء تحديدا في الجمهورية الروسية، حين يتم إهمال دور العمارة والمعماري المؤثر لدى المسؤولين أو أرباب العمل على حد سواء، الأمر الذي دفع برئيس اتحاد المعماريين أناتولي بوليانسكي بتقديم عدد المؤهلين من المعماريين الذين يتولون سلطة القرار المعماري في مدن وقرى الجمهورية الروسية لم يكن سوى 350 من إجمالي 484 . كما أنه أشار إلى أن القرى في أوكرانيا لا يوجد معماري واحد في سلطة القرار المعماري.
هذا الحال دفع بموجة عزوف من الشباب لدراسة العمارة (التي لا مستقبل لها) حتى أنه تم قفل عدد من مدارس العمارة لعدم وجود طلبة جدد بها.

لاحقا وقبل موعد انعقاد المؤتمر الوطني للمعماريين في روسيا كان عزم الشباب واضحا على رفض وصايات بريجينيف، أو حتى القبول بمحفل النخبة الموجودين في اتحاد المعماريين القائم، إلا أنه لا يمكن اغفال تصريح ايفجنى أس الذي كان صوت رابطة شئون المعماريين الشباب بالاتحاد والذي تشكل ليس في واقع الأمر بواسطة الشريحة الشبابية بل بالجيل الأوسط من المعماريين، فكان أن قال: “أنه لا يؤمن بأي حال في أن العمارة سيكون لها شأن بالتنظيم المهني، بل حتما ستكون هناك عمارة طالما هناك معماريون مبدعون”.

جالانوفا، الصحفية بمجلة العمارة كانت قد حضرت المؤتمر في صيف 1987، وكانت قد لمست أيضا حالة التشاؤم السائدة لدى الوسط المعماري الشبابي حول مقاييس الإدارة. جالانوفا أجرت لقاءً صحفيا مع ليونيد ساخالينو الذي كان ضمن الفئة القليلة التي تجنبت الحديث عن “المقاييس”، بل كان يبحث في طرق عملية وجديدة للنهوض بالوسط المعماري، فكان أن اقترح ان تتشكل ائتلافات من المكاتب المعمارية الصغيرة لتشكل فرق عمل منظمة لها إدارتها المشتركة لمواجهة تحديات العمل المعماري. جالانوفا في اليوم التالي وضعت بخط عريض على صدر صفحتها الأولى في الصحيفة “الذي نحن بحاجة اليه هو إعادة الهيكلة”. لقد عبرت العمارة في روسيا، في ظل الاتحاد السوفييتي، رحلة مضنية ، إلا أنها لم تحول دون أن يحفظ التاريخ المحاولات الفردية الجادة في تقديم عمل معماري خلاق.

يحضرني أيضا رفض فرانك لويد رايت الانضمام إلى المؤسسة الأمريكية للمعماريين مبررا ذلك بأن اهتمامه منصب على العمارة وليس على المهنة، وكذلك قوله حين أصاب نصيبه من الشهرة وذياع الصيت محدثا رئيس المؤسسة الأمريكية للمعماريين “لقد أثبتت المؤسسة خطأي في عدم الانضمام اليها والعمل من خلالها على مبادئ كنت أعمل بشكل مستمر عليها خارج المؤسسة”.

همس إلى الزميل المعماري البريطاني المخضرم بملاحظته حول ما يجري في كواليس المؤسسة الملكية البريطانية للمعماريين من صراعات حول قيادتها، معلقا على تطلع المعماريين الشباب في بلدي للنموذج البريطاني لمؤسسة تنظيم المعماريين.

كتبت يوماً على صفحات التواصل الاجتماعي الإلكترونية سؤال (لم يجانبه اللؤم): ما الذي سيحسم لي القرار في الانضمام إلى هيئة للمعماريين أو هيئة للعمارة؟ ولم يتمكن سؤالي من استفزاز الاجابات المطلوبة بالقدر الذي كان يفعله نقاش له صدى عقائدي أو المشاركة في التعليق على عمل إنشائي يشوبه خلل فادح.

لماذا كان كل هذا التقديم؟

وحده القلق الذي يأبى الرحيل .. فغد اللقاء للمعماريين لم يعلن عن رسالته لكل المعماريين في ليبيا حتى اليوم!. فكان أن جال الخاطر بمحطات محاولات تنظيم العمل المعماري الليبي التي أرست قواعدها محاولات منفردة في طرابلس وبنغازي خلال الستينيات، ومن ثم كانت المحاولات الطموحة لجيل السبعينيات لتأسيس مكاتب أذكر منها تلك الأرضية التي ضمت الأستاذ عبدالمطلب فحيمة، والدكتور محمود دازه والأستاذ فيصل البناني، والمعماري محمد الرتيمي  والمعماري الطاهر الزلوزي، والاستاذ سعيد ابوكامور (رحمه الله)، والأستاذ محسن بن حليم، وغيرهم من الأفراد والجماعات والمكاتب التي لو كتب لها الاستمرار لشكلت محطات معمارية ظاهرة ولأضحت المدارس المهنية الفاعلة لتدريب حديثي التخرج. إلا أنه ما مرت به البلاد من سوء إدارة خلال أربع عقود من دمار للعمارة والمعماري، حال دون تحقيق ذلك.

كانت الثمانينات ومنتصف التسعينيات فترة ركود بائسة للعمل المعماري، بل حتى أن ناتجها كان يصبغه الانجراف التجاري وتحديدا في مشاريع الدولة، إلا أن محاولات جيل من المعماريين يأتي في مقدمتهم الأساتذة محمد القبلاوي وأحمد امبيص وعبدالناصر زرزور، ود. عبدالجواد بن سويسي، والأستاذ حسن بن طاهر، وغيرهم كانت جاهدة في إطار مستوى الوحدة السكنية، ولم يلبث البعض منهم سوى الركون إلى مواقع عملهم تفاديا للصراع الغير متوازن مع نظام جائر وضغوط نفسية وسياسية فاقت قدراتهم على تحملها.

اليوم  تشهد الساحة محاولات مستمرة وأخرى وليدة تحتل أسماء منها مثل الأستاذ جمال اللافي، والأستاذ أسامة عبد الهادي، والأستاذ على بن عامر، والأستاذ خالد العماري، وغيرهم كما يجب التنويه بالروح الشبابية للمعماريين بشار التليسي ومحمد الشريف وحاتم  الشكشوكي، ونسرين الهمشري، وأسيل البوراوي والأختين هاجر وهناء سلامة وغيرهم. الجميع يعمل جاهداً في التفرغ والاستقلالية  في ظل الضغط التقني وتعدد التيارات الفكرية والاساليب المعمارية، والمرء يسعد حقا لوجود الجميع في الساحة لممارسة العمل المعماري من جهة ولصياغة عناوين لمساراته من جهة أخرى.

لم يشهد تاريخ لم شمل الوسط المعماري الليبي في تصوري سوى ثلاثة محطات بارزة، اولها كانت ولادة جمعية العمارة في قسم العمارة والتخطيط العمراني سنة 1972، والتي تم قفلها قسرا في ظروف السابع من ابريل السياسية الاجرامية في حق الفكر الطلابي الحر سنة 1976، تلتها محاولة رسمية اشترك في صياغتها الوسط المعماري في طرابلس الذي شكل ضغط على نقابة المهن الهندسية سنة 1992 لتكوين جسم مستقل لرعاية نشاط العمارة والمعماريين، فكان أن تمت الدعوة للقاء عام أعلن فيه عن ولادة شعبة العمارة والتخطيط العمراني بالنقابة، وكان للأستاذ محمد الرتيمي والأستاذ محمد حمزة والأستاذ محمد القبلاوي دورا في بناء الشعبة، إلاّ أنها لم تدوم طويلا ولم يكن لها نشاطا يذكر، حتى أن نشرتها الأولى لم يتم إصدارها بدعوى مخالفتها للمطروح من سياسات !
كان أيضا محاولة أهلية جادة لتأسيس جمعية للمعماريين تولى الدكتور عبدالجواد بن سويسي ومجموعة من الشباب في أوائل التسعينيات منهم الأستاذ عادل الرمالي، والأستاذ خالد برباش ، والأستاذ صالح المزوغي وغيرهم في بناء هيكل هذه الجمعية إلا أنه لم يبرز نشاطها أو يدوم.

اليوم نرقب في حذر للمحاولة الرابعة بعد محاولة مبتورة في بنغازي لهيئة لم نجد لها صدى فاعل في طرابلس بل أن المحاولات الدؤوبة بين القائمين على تأسيس هيئة العمارة في طرابلس وهيئة المعماريين في بنغازي للم الشمل ودمج الهيئتين لم نتبين لها نتائج ملموسة .

اللقاء المرتقب يجب أن يؤسس على فهم واع وقراءة واضحة لما ينشده الوسط المعماري وحالة العمارة في ليبيا... التجربة الدولية غنية للبعد التاريخي لديها، أما نحن في ليبيا فالعمارة حديثة العهد بالمقارنة، ونحن نملك فرص كبيرة تأتي في مقدمتها تواصل الأجيال... اليوم حريّاً بنا أن نفسح المجال للحوار حول ما ننشده من وراء إعادة البناء ولنعلنه بحرفية. إن ذلك وحده يزرع الثقة في النفس من جديد.


* Catherine Cooke, ‘A Picnic by the Roadside or Work in Hand for the Future?’, in Nostalgia of culture: Contemporary Soviet Visionary Architecture, London, Architectural Association (ed.), 1988, p. 11–25


السبت، يونيو 01، 2013

المعماري والعمارة الليبية



جمال اللافي


تطرق المعماري هاشم الزوي في صفحة ( المعماري والعمارة الليبية- على موقع facebook)، إلى نقطة مهمة جداً وهي غياب التعريف الحقيقي بالمعماريين في ليبيا بالمقارنة بالزخم الإعلامي الذي يحظى به معماريو العالم الغربي وبعض المعماريين العرب، حتى أضحوا نجوماً تشرئب لها الأعناق وتهفو لها العقول، وترى فيما قدموا من أعمال معمارية النموذج الذي ليس هناك بد من الاحتذاء به.

وأعتقد أن دعوته لأن ترفق بجانب كل عضو هيئة تدريس أو معماري، سيرة ذاتية تعرّف به وبأعماله إن وجدت أو أفكاره واتجاهاته المعمارية، هي بداية صحيحة على الطريق لتكوين ملف حقيقي وواعي يشترك في صياغته كل المعماريون الليبيون.

وقد تكون هذه الدعوة تمهيداً لحراك معماري حقيقي يحترم الذات وينظر بعين الإدراك للآخر الذي لا يمكننا أن نتقارن به، ليس لعلو همته وضعف قيمتنا، ولكن لأن الظروف والمعطيات والفرص التي أوجدت ذاك وغيّبت هذا، ليست على نفس القدر من التساوي، حتى تجوز المقارنة.

فما تسنّى لهم من فرص التنافس الشريف والتعبير عن أفكارهم من خلال المسابقات المعمارية، لم يتح للمعماري الليبي. وما تعرض له خلال 42 سنة الماضية من حجر وإقصاء، لم يجرِ عليهم في بلدانهم. وما أتيحت لهم من أسباب الظهور الإعلامي، أغلقت منافذها دونه.

والمقارنة دائماً ما تكون مجحفة بحق أحدهما دون أن تنتقص من قدر الآخر. فما يسعى إليه هذا يرفضه الآخر ويراه سعيا محموماً في الطريق الخاطئ. وما يطرحه هذا لا يمثل بالنسبة للآخر إلاّ انحرافاً عن جادة الصواب. وما يصنعه ذاك لا يمثل لهذا شيئا مذكوراً وإن ناطح بعلوه السحاب. فلكل معماري منهجه، ولكلٍ فكره الذي صاغه عن تجربة عميقة استمدت من التاريخ مرجعيتها ومن الواقع مبرراتها ومن البيئة مقوماتها ومن المستقبل المنشود استشرافها ومن الذات خصوصيتها.

وكلها اتجاهات تسير في خطوط متوازية نحو الإعمار، ولكن قد تواجه إحداها عقبات تعرقل تقدمها في المسير وتؤخرها عن مواكبة الركب، ولكن هذا لا يعني أنها متخلفة. وقد تقف في محطات لتراجع حساباتها، ولكن لا يعني ذلك أنها تعيش حالة سبات. وقد تفتقر لبعض الفرص والحوافز والامكانات، ولكن هذا لا يعني قصوراً في الإدراك وعجزاً عن الإبداع.

لهذا وجب أن تكون القراءة لكل شخصية من واقع الظروف التي صنعتها والمعطيات التي واكبتها والواقع الذي احتواها، قراءة تستشف مكامن الإبداع وإن بدا يسيراً، وعناصر القوة وإن بدت غير مؤثرة. وخط المسير وإن كان متعثرا. ونمط التفكير وإن بدا متواضعاً.

وبهذا نصوغ للأجيال القادمة رموزاً محلية يسيرون على هديها، ومعالم ليبية يسترشدون بها في طريقهم، ومدرسة فكرية يجتمعون تحت لوائها ويتدارسون منهجها بالنقد والتقييم الذي يقود للإثراء ويدفع للإنجاز ويستحق أن يسطر بمداد من ذهب في سجلات تاريخ الحضارة الإنسانية المعاصرة.


هذه المقالة، هي تعلقي على مشاركة م. هاشم الزوي- 2011- 2012.

مصدر الصورة/ صفحة الهيئة الليبية للعمارة

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...