الخميس، نوفمبر 23، 2023

حديث في شجون العمارة

 


 

 جمال الهمالي اللافي

 

   في حديث مع طالب بقسم العمارة والتخطيط العمراني بجامعة طرابلس يُعدُّ نفسه لمشروع التخرج. 

قلت له في سياق حواري معه: على المعماري أن يتخذ له توجهاً معمارياً مُحدداً، حتى لا تضيع جهوده في دهاليز التيه المعماري، يتخبط في مساره، لا يدري أين يقف من تضارب الاتجاهات المعمارية ولا في أي اتجاه يسير في منهجه الفكري والمعماري. 

فردّ قائلاً: كلّا، أُفضّل أن لا اعتمد لنفسي توجهاً معمارياً محدداً، حتى أخوض في جميع الاتجاهات المعمارية، وبعد مضي عشر سنوات عندها فقط سأحدد في أي اتجاه أسير وبأي فكر معماري ألتزم. 

فكان تعقيبي على مقالته هذه: نحن ولله الحمد وُلدنا مسلمين. وقد فرض علينا ديننا منهجاً نسير وفقه، لأن فيه صلاحنا في الدنيا والآخرة. حلل لنا أشياء وحرم علينا أخرى لأن فيها المضرة والإفساد. فهل يصح أن نقول أننا سنجرب كل شيء حتى نصل بعد عشر سنوات إلى قناعة بما يصلُح لنا وما لا نرغب فيه، اتباعاً لأهوائنا. 

هل يصح أن نشرب الخمر، أن نزني، أن نسرق، أن نقتل، أن نتعاطى الربا، أن نغش ونكذب ونخون العهود، فقط لأن هناك أقواماً يفعلون ذلك، ونريد الخوض فيما يخوضون فيه، حتى نصل إلى قناعة بما يصلح لنا منهجاً نسير عليه في هذه الحياة! 

كذلك الحال مع التوجهات الفكرية السائدة في العالم الغربي، فهي تُقصي الدين عن حياة الناس وتأمرهم بالفحشاء والمنكر. وتُحل لهم ما حرّم الله عز وجل. وتحرم عليهم ما أحل الله عز وجل لهم. ثم حولوا هذه الأفكار النظرية إلى واقع ملموس في حياة الناس عبر عمارة وفنون وأداب تعكس ما يقولون وما يريدون أن يوقعوا الناس فيه من شرور، مستندين إلى التأثير القوي لهذه الوسائط، التي تمتلك القدرة على التأثير على عقولهم ومشاعرهم وأحاسيسهم، حتى تصل إلى قناعاتهم الراسخة فتُزلزلها وإلى يقين عقائدهم فتُشكك فيه. 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم:" يولد الإنسان على الفطرة، فأبواه يُهودانه أو يُنصرانه أو يُمجسانه". أو هكذا قال.

 

الأبوان، مادياً هما الوالدين، الأب والأم. ومعنوياً هما التعليم والثقافة. 

فكم من والدين أهملا تحصين الأبناء. وكم من ثقافة وتعليم أفسدا أجيالاً.

حديث في فهم العمارة

 


جمال الهمالي اللافي

    في حوار مع زميل معماري، تطرق فيه إلى التوجه المعماري الغالب على من يطرقون أبواب المكاتب الهندسية لتصميم مشاريعهم المعمارية من البيوت إلى المباني الخدمية. 

قائلاً: أن العمل المعماري هو مصدر ارتزاق، لهذا وجب على المعماري أن يتوافق مع متطلبات السوق الذي يتجه إلى مشاريع الحداثة الغربية (المقصود بها العمارة التي أنتجها الغرب في نهايات القرن التاسع عشر والعشرين وفترة الستينيات منه) بكل إرهاصاتها المعمارية.

واستطرد قائلاً، وهذا الأمر يتطلب من المعماري نسيان التعاطي مع العمارة المحلية التي تمثل من وجهة نظر السوق توجهاً عفا عنه الزمن. 

فقلت له: مسألة النسيان هذه يجب أن تنزعها من رأسك، لأنها تُجافي المنطق السوي، فالمعماري مُلزم باحترام معطيات بيئته المحلية من النواحي الاجتماعية والبيئية والاقتصادية. وتجاهل هذه المعطيات في التصميم تعني أن المعماري يغني خارج السرب ويجدف بعيداً عن الغاية من العمارة ويقوض أُسسها وأعمدتها وأركانها بمعاول الهدم، بالرفض والإقصاء لما هو صالح لحياة الناس والمجتمعات ومعيشتهم السوية.

واستطردت قائلاً: إذا كنا نتحدث عن مواكبة العصر ومستجداته المنهجية والعلمية، فإن العالم الغربي اليوم أصبح يتجه إلى العمارة البيئية تحت مسميات العمارة المستدامة والعمارة الخضراء، التي من غاياتها احترام هوية المجتمعات وحماية البيئة من التلوث الناتج عن سوء التعاطي مع معطيات البيئات المحلية، عندما يتم إقحام ظرف اصطناعية غير ملائمة لها، بقدر ما هي مُضرّة. والاتجاه إلى مشاريع الحداثة وما بعدها وعمارة التفكيك، التي مضى عليها من الزمن مائة عام. أي أنها باختصار شديد صارت من الماضي وعفا عنها الزمن ولفظها الغرب نفسه الذي أنتجها وعاد إلى صوابه. 

بالتالي أضحت العمارة المحلية بحكم تطور المفاهيم وأدواتها هي عمارة العصر. والاستمرار في رفض التعاطي معها يعني أن المجتمع والسوق المعماري لايزال يعيش في دائرة الماضي، بالإضافة لكونهما يعيشان حالة غيبوبة وغفلة وتوهان في دائرة الاغتراب والتمسك بما أثبتت التجارب أنه كان خطأً فادحاً دفعت الإنسانية جمعاء ضريبته من الفساد القيمي والتلوث البيئي.

 

الخلاصة،

كل الطرق يمكنك خوض التجارب في السير فيها واكتشاف دروبها، إلاّ الصراط المستقيم، فمن انحرف عنه ضل وشقى. ولا يسعد إلاّ بالعودة إليه. وهذا الصراط يستوجب دائماً احترام القيم الأخلاقية وتطبيقاتها في الحياة، بما فيها العمارة، فهي قيمة أخلاقية قبل أن تكون تجارة وشطارة. ومسايرة لأهواء ورغبات الناس، في انحرافهم عن جادة الصواب والطريق الحق.

 

وستبقى- دائماً وأبداً- رسالة المعماري عمادها الإصلاح والعمران، لا الإفساد في الأرض ولا الخوض فيما يخوض فيه الناس.


الخميس، أكتوبر 19، 2023

روح العمارة وعمارة الروح

 

مشروع إسكاني من 19 وحدة سكنية

جمال الهمالي اللافي

" نحن نجني من مبانينا ما نزرع فيها من إفكار".

المبانى التي نقوم بتصميمها والمخططات التي نرسم معالمها على الورق تؤثر بصورة مباشرة على المحيط الاجتماعي مثلما تؤثر على سلوك الفرد بصور متفاوتة ما بين التأثير الإيجابي والسلبي، ما بين الشعور بالفخر والدونية، ما بين الإحساس بالراحة النفسية والتوتر، ما بين الوضوح التام والغموض المقلق، ما بين التناسق والانسجام وفوضى العشوائيات، ما بين احترام البيئة والمحيط العمراني والتعدي عليهما.

ما بين هذه الثنائيات يعيش الإنسان أقسى تجربة حياتية وأسعدها في ذات الوقت. فأحلام المعماري والمصمم الحضري ومخطط المدن قد تتحول إلى كابوس مرعب لقاطني مدنهم وعمائرهم. وقد تصبح جنة وارفة الظلال يعيش فيها سكان المشاريع العمرانية والمعمارية أسعد أوقات حياتهم. ما بين المدن المنحطة والأخرى الفاضلة يُسطر المعماري قصته التي يُضمنها فكره المعماري على رقع من الأراضي الممتدة.

فالفكرة المعمارية أو التخطيطية غير المدروسة التي يكون هدفها التميز والتفرد على الأقران بشيء جديد، إنما هي كطعنة الخنجر المسموم في الظهر، يستقبلها الغافل عنها والواثق في المعماري الذي يقف خلفها، من مستعملي هذه المباني وقاطني هذه المناطق والمدن. هذا في أحسن الأحوال، أما أسوأها حين تكون الأفكار نابعة من مخطط مدروس يستهدف الهدم لكل مقومات الحياة السوية بدءاً بالقيم الأخلاقية وانتهاءً بعلاقة الإنسان بمحيطه البيئي والاجتماعي، حتى يفقد الإنسان السيطرة على ذاته ومحيطه ويصبح كمن يصارع هول العواصف الهوجاء في العراء.

نعم، فالمباني بتفاوت أحجامها ووظائفها وعددها أشبه بالمسدس والبندقية والمدفع والدبابة والطائرة الحربية، رهينة بقيم ونوايا حاملها، فقد يكون مجاهداً صادق النية في حماية مجتمعه وقد يكون إرهابياً يمارس قمعه لمجتمعه مستغلاً السلطة المهنية المُخوّلة له. وأعتقد أن هذا التشبية لا يُجانب الحقيقة في شيء.

ليست هذه المقالة تستهدف تقديم النصح والتوجيه للمعماري، ففاقد الشيء لا يعطيه. والمعماري الذي تم برمجته عبر مناهج تغريبية هدامة لكل مقومات وقيم بيئته ومجتمعه لا يقبل النصح ويترفع عنه ويرى فيما تعلمه الكفاية. إنما هي موجهة للمجتمعات التي تدفع ضريبة العيش في مثل هذه العمائر والمدن التي يصممها معماري ومخطط مدن ومصمم حضري تم إعداده وتأهيله بطريقة خاطئة.

الخميس، يونيو 15، 2023

العمارة المحلية

 

العمارة الغدامسية المعاصرة

العمارة المحلية أضحت بضاعة بائرة في زمن الاغتراب.

ومع ذلك نحرص على إنتاجها، لقناعةً بأن الأصيل لن يرضى مشاركة الجموع السباحة في مستنقع الاغتراب الآسن.

وله ومعه نواصل السير في ركابها.


السبت، ديسمبر 24، 2022

العناصر الزخرفية بين الثراء والتجريد المُخل

 


جمال اللافي

يظهر جمال بعض العناصر والمفردات المعمارية في كثافة وجودها ضمن التشكيل الواحد. وينقص جمالها بتقليل هذه الكثافة. يمكننا ملاحظة ذلك في المشغولات المعدنية التي تكلل الدرابزين.

كذلك خلو الباب من تلك التفاصيل التي تزينه واقتصارها على لمسة محدودة، يجعل هذا الباب يفتقر لمسحة الجمال المتكاملة التي تصنعها التفاصيل. ويكون التجريد هنا مخلاً بكمال الجمال.

مثلاً لو أخذنا لوحة مربعة واحدة لزخرفة على القيشاني الذي يزين الحوائط أو لوحة واحدة لبلاطة أرضية مزخرفة مثل التي تظهر في الصورة، فلن نستشعر جمالياتها إلاّ بكثافتها عبر تكرارها بجانب بعضها البعض.

البعض لا يرى في ذلك التجريد بأساً، حيث يرون أن جمال المفردات التراثية جميل دائماً وبشتى الأشكال ولا مانع من اظهاره أحياناً بشكل بسيط وأحياناً أخرى يكون حاملاً للتفاصيل التي أشرت إليها. فالذي يهمهم هنا مثلاً في هذا الباب هو الروح أو الفكرة حتى لو خلت من التفاصيل.

ذلك يتحقق من وجهة نظري، لو كانت معالجة التفاصيل والمفردات المعمارية والفنية والزخرفية مدعومةً بالخبرة والدراية بأصول التعاطي مع موروثنا المعماري والحرفي. وليس سلوكاً اعتباطياً لا تُحمد عواقبه.

البعض طرح هذا السؤال ومعه علامات استفهام كثيرة:

-    هل يمكننا تطوير هذه المفردات والأفكار أو الانتقاء منها أو الغاء بعضها في بعض الاحيان أم لا ويجب دائماً نقلها بحذافيرها؟

الإجابة عنه بسيطة ولا تحتمل التعقيد:

أولاً، في هذا الزمن وبعد قطيعة مع الموروث الثقافي تجاوزت القرن من الزمان، نحتاج كخطوة أولى إلى إعادة التواصل مع هذا الموروث من عدة منطلقات وهي:

1-                الحفاظ على كل ما ثبت صلاحيته لهذا الزمن والتعاطي معه في المشاريع المعاصرة كما هو.

2-       الاستغناء عن كل ما ثبت أن به قصور يعيق تواصله مع هذا الزمن لعدم كفاءة الأداء، سواء كان فراغ معماري أو عنصر تأثيث أو عنصر معماري أو مفردة زخرفية وكل ما في حكمهم.

3-       إصلاح ما يقبل الإصلاح والتعديل إنطلاقاً من فهمنا واستيعابنا العميق للموروث. وليس فقط الرغبة الجامحة في الهروب منه تحت دعاوي الابتكار والتجديد والبعد عن التقليد، حتى نوسم بالمبدعين وليس المقلدين.

ثانياً، كانت مسألة زخرفة عناصر تأثيث المبنى توكل فيما مضى لحرفيين غير اسطى البناء، فمهمته تنتهي عند تصميم وتنفيذ الهيكل وتوصيلات الصرف الصحي و(الكهرباء بعد اكتشافها)، أما صناعة الأبواب وعناصر التأثيث الخشبية وزخرفتها لتتماشى مع روح المبنى فتوكل لحرفي النجارة وهو من يبدع فيها، وعلى هذا المنوال يتولى فني الحداد تصنيع وإبداع زخارف المشغولات المعدنية وكذلك الحجار(ناحت الحجر على شكل بوالات المداخل والأقواس والحليات التي تزينها وتلك التي تزين نهايات المباني، ثم نصل إلى صانعي بلاطات القيشاني، فهم من يتولى إبداع زخرفتها وتنوع أشكالها، شأنه في ذلك شأن باقي الحرفيين، وجميعهم يشكلون فريق واحد يعزف على إيقاع واحد لا نشاز فيه لحن العمارة والفنون المحلية.

وهذا ما لا يتأتى في وقتنا الحاضر، فالمعماريون الليبيين أنفسهم يعزفون ألحاناً شتى سمتها النشاز. ولا وجود حقيقي في وقتنا الحاضر للحرفي المبدع بمختلف جنسياتهم في ورش النجارة والحدادة وصناعة القيشاتي والبلاط. ولا وجود لناحتي الحجر. فإن لم تتولى مسؤولية تزويدهم بالتصميم المطلوب ومتابعة تنفيذه بالشروط والمواصفات الصحيحة، فهم يتولون تنفيذ أعمال مبتذلة وبأدنى المواصفات. وفي كل هذه الورش لا وجود للحرفي الليبي، بدءاً بأسطى البناء وانتهاءً بصانع أقفال الأبواب ومفاتيحها. فجميعها مستوردة من الخارج بتنافر أشكالها وأحجامها وغربتها عن بيئتنا المحلية.

لهذا، لو افترضنا أن هناك جهود مشتركة لإحياء العمارة المحلية، فهي تبدأ من تأسيس قاعدة توثق لكل ما له صلة بفنون العمارة المحلية. ثم التأسيس لكوادر حرفية ليبية ماهرة من خلال مدارس الفنون والحرف الفنية وفق مناهج تؤصل للعمارة والفنون الحرفية المحلية. بعدها، يمكننا إطلاق العنان لهم ليقتبسوها ثم يبدعوا لنا عمراناً وفنوناً حرفية سمتها المحلية، تربط الصلة بين الموروث والواقع المعاش.

وأخيراً، المعماري الليبي اليوم وفي ظل هذا الواقع المتردي للصناعات الحرفية المحلية تحت سطوة البضائع والأفكار المستوردة والمغتربة عن هويتنا المحلية. لا يجد مفراً من ملاءمة التصميم المعماري لمبانيه بحيث يوفق بين الموروث ومتطلبات المجتمع المعاصر وفي الوقت ذاته نقل العناصر والزخارف المحلية كما هي، وإن اجتهد فبحذر شديد، تستوجبه الحاجة الملحة وليس هوس التجديد المُخل.

مواد البناء في العمارة المحلية

 


جمال اللافي

يُساء فهم المعنى الصحيح لمصطلح العمارة المحلية ومتطلباتها عند ربطها بمواد وتقنيات بناء محددة بعينها، كان يستخدمها السلف في البناء، كالبناء بالطين وتقنية ضرب الباب. لهذا وجب التوضيح. 

مواد البناء المحلية، هي كل مادة بناء متاح توفرها محلياً إما جاهزة التصنيع محلياً على شكل قوالب، كالطوب الإسمنتي والياجور. أو الطوب الرملي، قبل أن تتوقف مصانعه عن الإنتاج. وكل ما في حكمهم من مواد بناء تتوغر محليا أو يتم تصنيعها محلياً ولا تستورد من الخارج. أو مواد بناء يتم تصنيعها في موقع البناء على يد عمالة فنية محلية ماهرة، لها دراية تامة بخواص هذه المواد وطرق تجهيز خلطاتها والسمك المناسب لبناء الحوائط الحاملة بها لتكون قادرة على حمل أثقال الأسقف لأمد طويل دون أن تنهار. ويمكن تلخيصها في الآتي: 

شروط مادة البناء المحلية:

1-      تصنع محلياً، سواء في المصانع أو في موقع البناء.

2-      جميع موادها الخام متوفرة محلياً.

3-      العمالة الفنية الماهرة المُصنعة لها محلية، سواء في المصانع أو مواقع البناء.

4-      تتلاءم مع ظروف البيئة المحلية، حيث يتوفر في خواصها كفاءة العزل الحراري والعزل الصوتي والاستدامة. 

يشترط في مواد البناء هذه إلى جانب قدرتها على حمل الأسقف هو قدرتها على العزل الحراري والصوتي، أي أنها تكون قادرة من ضمن خواصها على الاحتفاظ بدرجة حرارة مناسبة داخل الفراغ المعماري(الحجرات) تتلاءم مع حالة تغير الطقس خارجها، صيفاً وشتاءً. وهذا ما يجعل الطوب الإسمنتي المصنع محلياً لا يمتلك خاصية العزل الحراري. وبالتالي فهو يصنف كمادة محلية فاقدة لكفاءة العزل الحراري، مما يتطلب معالجة هذه الأشكالية بعدة طرق ومواد تحقق العزل الحراري والصوتي. 

لهذا أي مادة بناء تستورد من خارج الحدود. كذلك مواد البناء الخام المتوفرة محلياً كالتراب والطين والرمل والحجر، ولا تتوفر لها المصانع ولا العمالة الفنية الليبية القادرة على تصنيعها، بحيث تكون صالحة للبناء بها، فهي لا تصنف ضمن المواد المحلية. ومثال ذلك الطوب الرملي، فبالرغم أن مواده الخام متوفرة محلياً، إلاّ أنها كطوب صالح للبناء تستورد من الخارج. كذلك تقنية ضرب الباب التي كانت تستخدم فيما مضى، وعلى الرغم من إعادة البناء بها في دول أوروبية، إلاّ أن عمالتها الفنية لم تعد متاحة محلياً، لهذا لا يمكن تصنيفهما من مواد البناء أو التقنيات المحلية في وقتنا الحاضر. 

المعماري الليبي، بحكم المنهج الدراسي النظري، الذي تلقاه في كليات وأقسام العمارة، لا يتحمل مسؤولية القصور في الإخلال بأي شرط من شروط توفر المحلية في مواد البناء وتقنياتها. ومسؤوليته في هذه الحالة، ما لم تتاح له خبرة التعاطي مع مواد البناء والعمالة المحلية خلال ممارسته المهنية، تنحصر في توظيف المتاح لديه لخدمة العمارة المحلية في جوانبها الأخرى. 

لهذا كل مادة بناء تحقق العزل الحراري والصوتي وتصنع محلياً، فهي تحقق للمشروع المعماري المُنفّذ بها خاصية المحلية. والمطلوب التنوع في مواد البناء المُصنّعة محلياً والتعاطي مع أكثرها كفاءة في الأداء.

أنماط البيوت التقليدية في ليبيا

المسكن الطرابلسي التقليدي المنزل ذو الفناء " الحوش " جمال الهمالي اللافي مقدمة / يعتبر(...